معبد بلقيس قد يصبح أعجوبة الدنيا الثامنة
لاتزال الآثار اليمنية تدهش العالم حتى اليوم ، على الرغم من أن جزءاً كبيراً من هذه الآثار لايزال مطموراً تحت الأرض ، حيث يعتقد علماء الآثار إن إزالة التراب عنها قد يعيد النظر في الحضارات القديمة ، حتى أن عالماً أمريكياً قال إن التنقيب عن عرش الملكة بلقيس التي حكمت اليمن لسنوات طويلة قد يجعله ثامن عجائب العالم . ويراهن الأثريون اليمنيون على موسم التنقيب الحالي الذي يبدأ في اليمن من خريف العام وحتى ربيع العام الذي يليه بمشاركة العديد من البعثات الأثرية التي ستصل إلى البلاد لإماطة الغموض الذي يلف مصير العديد من المواقع الأثرية الغنية ، أبرزها محرم بلقيس بمحافظة مأرب ، التي تعمل فيه البعثة الأثرية للمؤسسة الإمريكية لدراسة الإنسان . بحسب وكيل وزارة الثقافة والسياحة ،رئيس الهيئة العامة للآثار البروفسور يوسف محمد عبدالله ؛ فإن البعثة الأثرية للمؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان التي ستبدأ أعمال موسمها التنقيبي الثالث في مطلع فبراير( شباط ) القادم في محرم بلقيس في محافظة مأرب تعد من أهم البعثات بالنظر إلى أهمية الموقع الذي ستنقب فيه وما يزخر به من آثار ، حيث يعد معبد بلقيس أكبر معبد تأريخي قديم في الجزيرة العربية ، وظل متنسكاً للسبئيين منذ أوائل الألف الأول قبل الميلاد وحتى القرن الرابع بعد الميلاد . وكانت البعثة الأمريكية قد قامت خلال الموسمين الماضيين بإزاحة الرمال وتحديد موقع العمل الأثري بإستخدام أحدث الأجهزة في مجال الاستشعار من بعد ، الأمر الذي جعل رئيس الهيئة العامة للآثار يؤكد أن أعمال هذه البعثة تحظى بدعم عدد من الجهات ، منها الجانب الهولندي الذي ينتظر أن يقدم منحة مالية لمواصلة أعمال التنقيب في هذا الموقع في الوقت الذي تبحث فيه المؤسسة الأمريكية من جانبها عن التمويل اللازم لمواصلة أعمالها التنقيبية. ويجيء الإهتمام الإمريكي بالتنقيب عن آثار مملكة سبأ في اليمن ، وتحديداً في محرم بلقيس إمتداداً لنشاطات مؤسس المؤسسة الإمريكية لدراسة الإنسان ويندل فليبس ، الذي بدأ التنقيب عن معبد بلقيس في أوائل الخمسينات من القرن العشرين. المصادر التأريخية والأثرية تشير إلى أن معبد ( أوام ) هو المعبد الرئيسي للإله ( المقة ) إله الدولة السبئية ، حيث يقع المعبد على مسافة 10 كيلومترات إلى الجنوب من مدينة مأرب ، ويطلق العامة على أطلاله ( محرم بلقيس ) ، حيث تدل المعلومات الأولية على أن تاريخ بناء هذا المعبد يعود إلى زمن المكرب السبئي " ، والذي يدعى آل ذرح بن سمه علي " الذي قام بتسوير حائط المعبد. ويحتل معبد ( أوام ) مكانة مميزة بين بقية معابد الإله المقه سواءً تلك المشيدة في مأرب ، أو تلك المنتشرة في أماكن بعيدة عن حاضرة الدولة السبئية كمعبد المقه في صرواح ومعربم في المساجد جنوب مأرب ، ومعبد " هيران " في عمران ، ومعبد " ميفعم " بالقرب من خمر وغيرها. وتمثلت هذه الأهمية بأنه كان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ ، وكان لازماُ على الشعوب والقبائل التي ضمت إلى الدولة السبئية زيارة معبد ( أوام ) وتقديم القرابين والنذور لإله المقه سيد ( أوام ) تعبيراً عن الخضوع والولاء للدولة السبئية. وإضافة إلى ذلك كان معبد أوام من أشهر الأماكن التي يحج إليها اليمنيون وغير اليمنيين - وهو حج له شعائره وطقوسه الخاصة به - وكانت زيارات الحجيج تجرى في مواسم محددة من كل عام ، فقد كان هناك مواسم الحج الجماعي الذي يجري خلال شهر ( ذأبهي ) ، أما موسم الحج الفردي الذي يختلف شعائره وطقوسه عن الحج الجماعي، فقد كان يجري خلال شهر ( ذي هوبس ). وتبرز النقوش النذرية والقرابين الكثيرة المقدمة في معبد أوام الدور الهام للمعبد باعتباره المكان المقدس الذي يتم فيه تلقي أوامر وتعليمات الإله ، وفيه يقدم الناس قرابينهم ونذورهم للإله المقه إيفاء لنذر سابق ، أو لغرض الحصول على طلبات تمس مختلف نواحي حياتهم مثل وفرة المحصول ، كثرة الولادات ، الصحة والعافية ، السلامة ، الإنتصار على الأعداء وغيرها من الأمور اليومية للناس في تلك الفترة . وظل معبد أوام مكاناً مقدساً تمارس فيه العبادات إلى بداية النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، ويبدو أن المعبد هجر بعد ذلك ، وهو ما يتوافق مع ظهور العبادات ( إله السماء والأرض ) وعبادة الرحمن ( رحمنن ). وكشفت التنقيبات الجزئية التي أجرتها المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان والتي نفذتها بعثة برئاسة ويندل فليبس العام 1951 - 1952 عن المخطط الأولي لمعبد أوام ، والذي أظهر أن المعبد يتكون من سور بيضاوي ، حيث تقدر أبعاد المنطقة الواقعة داخل السور بـ 100 متر طولاً و 75 متراً عرضاً ، وإرتفاع السور بين 9- 9.50 متر ، وسمك جدار السور ما بين 3.90 متر إلى 4.30 متر، ويوجد في الجهة الغربية منه انقطاع في بناء السور بعرض 88 سم وهو بمثابة باب في تلك الجهة ، بينما يوجد المدخل الرئيسي للمعبد في الجهة الشمالية الشرقية من السور ، ويتكون هذا المدخل من فناء مستطيل أبعاده 23.97 × 19.15 متر ، والفناء محاط بأعمدة حجرية يبلغ طولها ما بين 5.30 - 4.95 متر ، وللمدخل باب واحد يؤدي إلى داخل الفناء البيضاوي ، وله ثلاثة أبواب تطل إلى الخارج على بناء آخر ، وحائط المدخل مزين بزخارف على شكل نوافذ وببعض الأشكال الهندسية المتنوعة. وقد عثر أثناء التنقيب على عشرات النقوش وعلى مجموعة من التماثيل ، كما عثر أيضاً على عدة ألوان ومناضد حجرية مزخرفة.