الرئيسيةبحث

مصطفى الأشرف



في مدينة سيدي عيسى جنوب شرق ولاية مسيلة بمنطقة الحضنة التاريخية والأصيلة ولد مصطفى الأشرف في السابع من شهر مارس في العشرية الثانية من القرن العشرين, أما عن سنة ميلاده بدقة فهناك خلاف حولها إذ يذهب معجم أعلام الجزائر مثلا إلى القول أنها كانت سنة 1919م(1) ، في حين جاء في مقالة"محمد غالم" الموسومة" مصطفى الأشرف وثورة الجزائر"انه ولد سنة1917م. ولست ادري سبب هذا الاختلاف ، خاصة أن الدراستين السالف ذكرها صادرتان عن مخبر الدراسات التاريخية والفلسفية بجامعة منتورى قسنطينة (2)

وأما عن والده فيبدو انه ينتمي إلى أحد أهم أعراش المنطقة ، وإذا كان للألقاب دلالات أحيانا, فان لقب الاشرف يبدو انه يعود إلى أحد القبائل العربية الشريفة, وخصوصا إذا ما ارتبط اللقب بالاسم الذي هو أحد أسماء النبي ،كما أن المكانة التي كان يتبوؤها والده تدل على ما نقول خصوصا وانه كان قاضيا في محكمة عين بوسيف, و نكاد نجزم فيما ذهبنا إليه خاصة أن خزانة والده كانت زاخرة بالكتب الإسلامية والعربية التي نهل منه الطفل الأشرف قبل أن ينال الشهادة الابتدائية حيث كان قد قرأ "المعلقات" كتاب العبر لابن خلدون, بعض أعمال أدباء المهجر أمثال جبران خليل جبران ، وبعض أعمال و رويات جورجي زيدان. وقد كانت البيئة الريفية هذه عاملا بارزا في ربطه بثقافته العربية والإسلامية, التي تبرز في كتاباته المختلفة فيما بعد وخاصة في كتابه المشهور " الجزائر الأمة والمجتمع", وهذا رغم كثير من الانتقادات التي حاولت أن تنفي عنه ارتباطه العربي و الاسلامى, بحكم بعض مواقفه السياسية والإيديولوجية. وأما من ناحية أمه فقد كانت عاصمية, جاءت من بيئة أكثر تحضرا من سيدي عيسى, ودون شك فلم ترضعه حليبا فقط بل وإنما أرضعته تربية وثقافة خاصة وافدة على البيئة التي ولد فيها.وقد تجلى في مطالعاته المختلفة الأولية حيث يقال انه قرأ كلاسيكيات الأدب الفرنسي في مرحلة مبكرة من دراسته, ومن هنا يمكننا الحديث عن مصطفى الأشرف الجامع بين الثقافة العربية والفرنسية (3) ،والجامع بين البيئة الحضرية والبدوية من ناحية الأسرة. وقد مارست هذه الثنائية دورا بارزا وأساسيا في تكوين شخصيته, وهذا ما جعل إحدى الثقافتين تنازعانه يميل تارة هناك وأخرى هنالك ولكن في كل الأحيان كانت الأصالة تشده والمعاصرة تقوده, وهو ينتقد مرة هذه وأخرى تلك. وقد حاول مواصلة دراسته الثانوية بالجزائر العاصمة مابين سنة 1930و 1934موحيث كان من المتفوقين كما يقول محمد غالم:" التحق بثانوية ابن عكنون بالجزائر العاصمة, فكان من الطلبة المتفوقين, فكان دائما ضمن الخمسة الأوائل ، غير أن مشاكل الإقامة ألزمته ...مغادرة الثانوية والالتحاق بمسقط رأسه فنصحه أبوه بالتسجيل في المدرسة الثعالبية - المعهد العربي الفرنسي - حيث زاول دراسته إلى غاية سنة 1940"(4), ويقول معجم أعلام الجزائر أنه تابع دراسته الثانوية و العليا بباريس حيث تحصل من جامعة السر بون على شهادة الليسانس في الأدب . وبعد ذلك عاد إلى الجزائر والتحق بالتدريس ببعض ثانويات الغرب الجزائري فشغل أستاذا للأدب العربي بثانوية مستغانم ثم بثانوية لويس الكبير بمعسكر (5). أما مصطفى الأشرف المناضل السياسي فقد بدأ مبكرا حيث انضم إلى حزب الشعب الجزائري سنة 1939 ليكلف بمهام النوعية، فكتب في هذا الإطاركثيرا من المقالات التي أعطته شهرة واسعة وعرفه المثقفون الجزائريين بالأخص أما الموضوعات التي عالجها فمتنوعة سياسية واقتصادية وتاريخية وقد نشر معظمها في جريدتي البرلمان الجزائري والنجم الجزائري. وقد استقال من التدريس فيما بعد لينظم لحركة الانتصار ليعين سكرتيرا لكتلة حركة الانتصار البرلمانية وقد التحق بجبهة التحرير الوطني مبكرا حيث كلف بكتابة مقالات تدعو إلى الانضمام للجبهة والدفاع عن القضية الجزائرية وقد كان ضمن الجماعة التي اختطفتهم فرنسا في حادثة الطائرة ليطلق سراحه سنة 1961 للأسباب صحية كما قيل .

أما بعد الاستقلال فكان رجل الدولة الكبير الذي تولى مناصب عدة أهمها: 1-سفير الجزائر في الأرجنتين سنة 1965. 2-ممثلا للجزائر في اليونسكو. 3- وزيرا سنة1977. 4-أحيل على التقاعد سنة 1986. 5-عضوا بالمجلس الاستشاري سنة 1992. دون أن ننسى تولية إدارة مجلة المجاهد سنة 1962 بعيد الاستقلال مباشرة.

أما عن أعماله العلمية فهي على النحو التالي كما جاء في معجم أعلام الجزائر:

1- الأزمنة المعاصرة في أكتوبر 1956. 2-أغاني فتيات العرب عام1953 م . 3- الجزائر الآمة والمجتمع عام 1956 م وهو مجموعة مقالات كتبت في مراحل متباعدة، كتب بعضها في ا لفترة الاستعمارية بينما كتب البعض الآخر منها بعد الاستقلال منها: الفصل الثاني: المعنون بالوطنية في البوادي والأرياف و الذي كتب في مارس 1955 م . الفصل الثالث: المعنون: الجوانب النفسية في الغزو الاستعماري وقد كتبه في جانفي 1976 م .

الفصل الرابع : وقد كتبه في شهر فيفري ومارس سنة 1956 م ، وكان بعنوان مسيرة الجزائر نحو الحرية .

الفصل الخامس : وقد كتب في جوان 1955 م بعنوان مسيرة القومية التحريرية إلى الوحدة . الفصل السادس : الاتجاه الثوري في المدن منذ 1830 م وتنظيم المقاومة والكفاح وقد كتب في سبتمبر ، أكتوبر سنة 1956 م .

الفصل السابع : الخط الثابت في سلوك الاستعمار سياسيا و عسكريا وقد كتب في ديسمبر سنة 1960 وجانفي سنة 1961 م . الفصل الثامن : الجوانب المجهولة من الثورة الجزائرية وقد كتب في جويلية من عام 1961 م . الفصل التاسع: الجزائر المستقلة من النكسة إلى الوحدة وقد كتبه في 7 أوت من عام 1962 م . الفصل العاشر: وقائع و أفاق ثورية وقد كتبه في 24 أوت 1962 م .

أما الفصل الأخير فكان بعنوان نظرات اجتماعية حول الحركة القومية وحول الثقافة في الجزائر.

في حين أن الفصل الأول عنون ببين الاستعمار والإقطاعية فقد صدر في شهر أفريل سنة 1954 م ، أما المقدمة فقد جاءت في ما يقارب الأربعين صفحة تشكل ملخص عام لمجمل الآراء التي نادى بها الأشرف وقد أنهى كتابتها في 22 جانفي 1965 م ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل مقالات الكتاب كتبت قبل هذا التاريخ ماعدا الفصل الثالث الذي كتب في جانفي 1976 كما أشرنا سابقا وأضيف إلى الطبعة التي بين أيدينا و الصادرة عن المؤسسة الوطنية للكتاب عام 1981 م .