وبهذا المفهوم فقد بدأت قبل نزول القرآن الكريم على يد مزدك الفارسي النيسابوري المقتول سنة 523 وقد أظهر المزدكية وكان من تعاليمه شيوعية المال والنساء لأنهما سبب كل حرب وبلاء . وكان من طقوس دينه إقامة حفلات الجنس الجماعي في ليالي الأعياد التي يجتمع فيها الناس ، ثم تطفئ الأنوار ( ويختلط الرجال بالنساء) طيلة الليل ، وهو التعبير التراثي عن حفلات الجنس الجماعي .وأدت هذه الطقوس بالذات إلى كثرة أتباعه ، وذلك ما أكده البيروني في كتابه( الآثار الباقية ) والبغدادي في كتابه ( الفرق بين الفرق ) . كان تغلغل المزدكية أكبر خطر تعرضت له الدولة الأموية بعد فتح فارس وتحولها إلى مسرح لمقاومة الحكم الأموي ، ثم العباسي فيما بعد . وترتب على هذا الصراع السياسي والقومي انتشار وتغلغل تعاليم المزدكية سراً إلى العراق وجنوبها ، ومنها حفلات الجنس الجماعي التى مارستها طوائف ومذاهب شتى . ونشأت دعوة الكيسانية بمبادىء عقيدية مزدكية برغم ان منشئها من ذرية الامام على بن ابى طالب ، وبهذه العقيدة المزدكية نجحت دعوة الكيسانية الشيعية في تجميع مئات الألوف من أهل فارس تحت شعار " الرضا من آل محمد" ولتحقيق أمل الفرس والشيعة في تدمير الأمويين ، وربما إقامة دولة فارسية وإعادة الدين المزدكي . ونجح أبو مسلم الخراساني في إقامة الدولة العباسية ، وكان يأمل من خلالها في استرجاع ملك فارس وعقيدة المزدكية ولكن أسرع الخليفة العباسي المنصور بقتل أبي مسلم الخراساني سنة 137هـ فأجهض آمال المزدكية السياسية والدينية . وكان أتباع أبي مسلم منتشرين في بغداد وفي فارس ، وقد دارت الحرب بين المزدكية والعباسيين في نفس العام الذي شهد اغتيال أبي مسلم الخراساني ، إذ أعلن أنباع أبى مسلم ( الأبو مسلمية ) ألوهية أبي مسلم وابنته فاطمة وقادهم سنباذ سنة 137هـ ، وهزمه الخليفة المنصور العباسي ، ثم ثاروا بقيادة استاذيس ثم بقيادة المقنع الخراساني ، ثم بقيادة الخرَّمية في عهد الرشيد ، وكانت أقوى ثوراتهم في خلافة المعتصم بقيادة بابك الخرمي الذي كاد يقضي على الدولة العباسية ، واستمرت الحرب عشرين عاماً ، حتى قضى عليه الأفشين قائد المعتصم سنة 220هـ ، وكان الأفشين نفسه مزدكياً فقتله المعتصم ، مما يدل على تغلغل عقيدة المزدكية في البلاط العباسي . ولذلك كانت الدولة العباسية تطارد عملاء المزدكية في بغداد والعراق بتهمة الزندقة وتهمة الزنا.
3 ـ ولم تمت المزدكية بانهيار قوتها العسكرية ، فآثروا حسبما قال البغدادي في (الفرق بين الفرق) اعتناق الإسلام ظاهرا ولكنهم استمروا على عاداتهم القديمة ، كالاجتماع في ليالي الأعياد، حيث يطفئون المصابيح ويختلط رجالهم ونساؤهم في حفلات جنس ماجنة . والذي لم يفطن إليه مؤرخو (الفرق الإسلامية) أن المزدكية نشروا تعاليمهم خلال طوائف التشيع والتصوف، كما أصابوا معتقدات المسلمين في مقتل حين تخصص شيوخهم في رواية الأحاديث وصناعتها وتشويه الإسلام والنبي عليه السلام من خلالها .
4 ـ وجدير بالذكر أن الدعوة العباسية كانت تصطنع الأحاديث لإقامة دولتها ثم لتدعيم خلافتها ، وتعلم المزدكية على أيديهم هذه الحرفة حين كانوا متحالفين معا، فلما حدث الشقاق بينهما تفرغ بعض شيوخ المزدكية في حرب الإسلام عن طرق صناعةالأحاديث . وفطنت الدولة العباسية أبان قوتها لهذا الأسلوب، وإكشفت أحدهم وهوعبد الكريم بن أبي العوجاء أكبر راوية للأحاديث في عصر الخليفة أبي جعفر المنصور ، والذي كان يصنع الأحاديث(الصادقة بأسانيد قوية) وقد قتله محمد بن سليمان والي الكوفة سنة 155 هـ ، وقد قال قبيل مقتله بأنه وضع أربعة آلاف حديث يحرم فيها الحلال ويحل بها الحرام .(تاريخ المنتظم لابن الجوزي8 /184 ) ولم يتعرف أحد على تلك الأحاديث ، كما لم يتعرف أحد على باقي أعوان ذلك الشيخ المزدكي . ثم تساهلت الدولة العباسية فتخصص أحبار المزدكية في صناعة الحديث النبوى وأصبحت كتبهم مقدسة بتأثير أتباعهم العارفين والمغفلين،مع أن آثار المزدكية تتناثر بين سطورها في خبث تسئ للإسلام والرسول عليه السلام ، ومنها ذلك الحديث الذي يفتري أن النبي محمدا عليه السلام كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وبغسل واحد ، وأن أصحابه كانوا يتحدثون بينهم أن النبي قد أعطي قوة ثلاثين رجلا في الجماع ، وقد أثبته البخاري في كتابه. والبخاري فارسي الأصل اسمه الحقيقي ابن برزويه ، وقد عاش شبابه وصدر حياته في بخارى معقل المزدكية ، والتى لا تزال إلى الآن منبع القومية الفارسية والكراهية للعرب . وقد افترى البخاري في (صحيحه ) في كتاب النكاح حديثاً يقول: ( أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال ، فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا ) والملامح المزدكية واضحة في ذلك الحديث المفترى لأنه دعوة عامة للجنس الجماعي ، فأي رجل وامرأة توافقا فلهما الحق أن يتعاشرا ثلاث ليال ويمكن أن ينفصلا أو أن يستمرا ، دون زواج ودون طلاق ودون عدة أو نفقة أو وجع قلب . والأمثلة الأخرى كثيرة في أثر المزدكية في مجال الحديث والسنة .. ولا داعى للتفصيل خوفا على قلوب العذارى..!!..
5 ـ وقد إزدهر أثر المزدكية في بعض فرق الشيعة فيما يخص حفلات الجنس الجماعي . ولقد استطاع المزدكية إدراك ثأرهم الحربي من الدولة العباسية من خلال ثورة الزنج التي أثارها (علي بن محمد) الذي انتسب للشيعة الزيدية واستمرت ثورته جنوب العراق فيما بين ( 255 ـ 270 هـ) وكان يقول بحكم السيف وقتل أطفال المسلمين وإباحة نسائهم ، وحين كان يستولي على مدينة يبادر بسبي نساء الأشراف ويطلق عليهم جنوده الزنوج لاغتصابهن في حفلات ماجنة ، وبعدها يتم بيعهن بأبخس الأثمان ، وكانت إحداهن تباع بالدرهم والدرهمين ، وذلك ما ذكره الملطي في كتابه ( التنبيه والرد: 33 ) والمسعودي في (مروج الذهب 4 /146) . وقد أخمد العباسيون ثورة الزنج ، ولكن دعوة المزدكية كانت قد تغلغلت في منطقة جنوب العراق وفيما بين نجد إلى الخليج .
6 ـ لذلك وجد فيها مجرمو أهل المنطقة مسوغاً دينياً لاستحلال الأموال والنساء، وكانوا قبل ذلك يحترفون قطع الطريق على الحجاج ونهبهم وقتلهم وسبي نسائهم ، فجاءتهم الدعوة المزدكية تبيح لهم نفس الإجرام بمذهب ديني ينتسب للشيعة الإسماعيلية الفاطمية. وذلك ما طبقه القرامطة ، الذين ظهروا في السنوات الأخيرة من حياة المؤرخ الطبري فحكى عنهم في تاريخه عجائب في سفك الدماء، ذكر بعضها في أحداث سنة 290 هـ حين تناوبوا اغتصاب فتاة من الأشراف ، وظلت في حوزتهم إلى أن ولدت طفلاً لم تعرف أباه فيهم . ويقول الملطي (الذي عاش قريباً من هذه الفترة) أن القرامطة قد قالوا باشتراكية الأموال والنساء والأولاد والأبدان ، وأن ذلك هو حقيقة الإيمان عندهم (.. حتى لو طلب رجل منهم من امرأة نفسها أو طلب ذلك من رجل أو من غلام فامتنع عليه فهو كافر عندهم حلال الدم ، أما إذا أمكن من نفسه فهو مؤمن فاضل ، والمفعول به من الرجال والنساء أفضل عندهم من الفاعل ، حتى يقوم الرجل منهم من فوق المرأة التي ليست زوجته فيقول لها : طوبى لك يا مؤمنة.!! ) .. (المالطي : التنبيه والرد21: 22 .) وظلت القرامطة يفسدون في المنطقة إلى أن قضى عليهم أعراب المنتفق بعد قرون.
7 ـ وظهر التصوف في القرن الثالث الهجري وبدأ في الانتشار يحمل بعض شيوخه تعاليم المزدكية في الجنس الجماعي . وقد ذكر ابن الجوزي في كتابه (تلبيس إبليس :358 ) ظهور الشيخ الصوفي ابن خفيف البغدادي في شيراز بفارس ، وقد كان يحضر درسه الألوف من الرجال والنساء ، وكان ذلك في القرن الرابع الهجري ، وحدث أن مات أحد أصحابه من الصوفية فدخل بأصحابه على المرأة المتوفى عنها زوجها ، وحولها نساء من الصوفية من أتباعه ، وبعد أن قام بتعزيتها قال لها : (هاهنا غير ؟ ( أي هل يوجد غرباء؟ ) فقالت : لاغير ، قال لها : فما معنى إلزام النفوس آفات الغموم وتعذيبها بعذاب الهموم ؟ ولأي معنى نترك الامتزاج ؟ لتلتقي الأنوار وتصفو الأرواح ويقع الاخلافات وتنزل البركات ) أي لماذا الهموم والغموم ، واقترح عليها الامتزاج أي ممارسة الجنس (لتلتقي الأنوار) حيث يعتقد كالمزدكية وجود نور إلهي في داخل كل إنسان ، يلمع ويضئ عند الجنس ، وحينئذ (يقع الاخلافات) أي تنجب النساء خلفة وذرية . ونتابع القصة ، إذ وافقت النساء ، ( فاختلط جماعة الرجال بجماعة النساء طول ليلتهم) ويذكر ابن الجوزى أن حفلات الجنس الجماعية هذه قد انتشرت في فارس وبلغ خبرها السلطان عضد الدولة البويهي المتحكم في الخلافة العباسية والمتوفى سنة 372 هـ ، فقبض على جماعة منهم وضربهم فشرد جموعهم . ولكن بضعف البويهيين ثم بضعف السلاجقة بعدهم ازداد التصوف انتشارا ، وانتشرت معه حفلات الجنس الجماعي ، وذلك ما يتردد بين سطور كتاب "تلبس إبليس" لابن الجوزي حيث يتحدث عن شيوخ عصره في العراق في القرن السادس الهجري إذ تسلطوا على خداع النساء فاجتذبوهن بفنون الماكياج والزى وحفلات الغناء يقول ( فما دخلوا بيتاً فيه نسوة فخرجوا إلا على فساد قلوب النسوة على أزواجهن ) ..( والناس يقولون إذا أحب الله خراب بيت تاجر عاشر الصوفية) ..( .. إذ تتغير المرأة على زوجها ، فإن طابت نفس الزوج سمي بالديوث وإن حبسها طلبت الطلاق والتحقت بالصوفية تنتقل من شخص لآخر في رعاية الشيخ حيث يقال " تابت فلانة وألبسها الشيخ الخرقة ، وصارت من بناته ) ( راجع تلبس إبليس360 ، 363 ، 356 ) أي أنهم اخترعوا مصطلحات جديدة للجنس الجماعي منها التوبة ، أي إعتناق التصوف ودخول الطريق الصوفي،وأن تكون المرأة بنتاً للشيخ الصوفي يستحلها هو وأتباعه تحت مصطلحات جديدة ، يقول ابن الجوزى : (فإن قبّلها قالوا رحمة ، وإن اختلى بها قالوا ابنته في الطريق ) أما إذا اختلى بها المريدون وفسقوا بها فهي (مؤاخاة )، لأنهم جميعاً إخوانها في الطريق .
8 ـ وتحت شعار المؤاخاة دارت حفلات الجنس الجماعي في العراق ثم في مصر في العصر المملوكي . وابن الجوزي ( ت 597 ) الفقيه المؤرخ في العصر العباسى هو أول من تكلم عن المؤاخاة ومدلولها الجنسي ، إذ يقول: ( وبلغنا أنهم يؤاخون النساء ويخلون بهم ) أى الخلوة بهن ويقول ( ومن الصوفية قوم أباحوا الفروج ( أى استباحوا الزنا ) بادعاء الأخوة ، فيقول أحدهم للمرأة : تؤاخيني على ترك الاعتراض فيما بيننا ) أي اخترعوا عقداً للزنا تحت اسم المؤاخاة بين الرجال والنساء أساسه أن يستمتع الرجل بالمرأة دون أي التزام نحوها ودون أن يعترض عليها إذا رآها مع غيره ودون أن تعترض عليه إذا رأته مع غيرها، أي عقد يبيح ممارسة الجنس الجماعي ، وذلك في إطار نفس الطريقة الصوفية وكون الجميع أبناء للشيخ وأخوة فيما بينهم ، بعد أن " تابت المرأة" والتحقت بالطريق الصوفي .
9 ـ وفي العصر المملوكي سيطر التصوف على مصر فانتشر معه مصطلح المؤاخاة كستار للجنس الجماعي ، ونتتبع ذلك خلال سطور التاريخ عبر القرون :
10 ـ وما لبثت أشهر الطرق الصوفية المصرية في القرن العاشر الهجرى أن احترفت ذلك الجنس الجماعي وتسلطوا به على النساء ، يقول الشيخ الشعراني عن أتباع الطرق الأحمدية ( احمد البدوى ) و البرهامية ( إبراهيم الدسوقى ) والقادرية ( عبد القادر الجيلانى ) : ( الفقراء الأحمدية والبرهامية والقادرية يأخذون العهد على المرأة ، ثم يصيرون يدخلون عليها في غيبة زوجها ) فماذا كانوا يفعلون معها في غيبة زوجها ؟ نعرف الاجابة من الشعراني نفسه الذى أخذ يحذرا أتباعه قائلا : ( إياك أن تمكن جاريتك أن يأخذ أحد من الفقراء الأحمدية أو البرهانية عليها العهد إلا مع المحافظة على آداب الشريعة ، فإن كثيراً من الفقراء( أى شيوخ التصوف ) يعتقد أنه صار والدها يجوز له النظر إليها ، وترى هى كذلك أنها صارت ابنته .. وقد حدث مثل ذلك لبعض إخواننا ورأى صاحبه يفعل الفحشاء في زوجته :) (الشعراني كتاب لواقح الأنوار323 ، 180 ، 360 )
11 ـ وفي غير حفلات الجنس السرية كان للطرق الأحمدية حفلات علنية للغناء والسماع اشتهرت بشعار "البساط الأحمدي " وقد ذكر الشعراني في كتابه لطائف المنن (ص 321) أن النساء كن يجتمعن مع الرجال في تلك الحفلات حيث يزول التحرج والكلفة ، مما استوجب استنكار الشعراني، وقد تسرب في الضمير الشعبي المثل القائل " خلي البساط احمدي" دليلا على حرية القول والفعل، وذلك ما كان يحدث علناً وقت سيادة النقاب والحجاب ، وإذا فما كان يحدث في الخفاء تحت شعار المؤاخاة ومحبة الفقراء يمكن تقديره .
12 ـ على أن القرن التاسع الهجري شهد مولد مصطلح آخر كان ستارا لحفلات الجنس الجماعي ‘ وهو وعظ النساء ، وقد بدأ به الشيخ أحمد الزاهد الذي ازدحمت زاويته بالنساء اللائي جئن لكي يتعلمن على يده "حقوق الزوج وآداب الجماع". وبسبب شهرته وكثرة زبائنه أقام زوايا أخرى. واشتهر أحمد الزاهد بالسرية والمداراة فيما يخص طريقه الصوفي ، فأثار عليه نقمة الفقهاء من خصومه ، وقد كان شيخا للشعرانى ، وقد تعلم الشعراني على يده ألا يستحي (من تعليم النساء آداب الجماع ) ، واعترف باختلاطه بالنساء في الموالد بحجة إقرائهن القرآن والبخاري ، ولكن الشعراني يعترف بما هو أخطر، وهو أن النساء كن يعترفن له سراً أثناء تعليمه لهن آداب الجماع وقد سجل بنفسه اعترافاً لإحداهن لا يمكن أن تفصح عنه لزوجها المسكين ، مما يدل على أن تعليم آداب الجماع استلزم انفتاحا هائلا بين الشيخ الشعراني ومريداته ، فالمرأة الشرقية تخجل من الخوض في الموضوعات الجنسية مع الغرباء، إذ لابد من علاقة خاصة جداً تجعل لسانها ينطلق بالاعترافات الساخنة والحميمة. ( راجع ما كتبه الشعراني في لواقح الأنوار 288 ) .
13 ـ ويكون عسيرا إذا حاولنا تبرئة الشعراني من معنى الخلوة بالنساء الذي كان شائعاً في عصره ، لأن مجرد الخلوة كان يعني ممارسة الفعل الجنسي ، أو بعض مستلزماته و مقدماته ، لأن الخلوة كانت تعني حرية الشيخ الصوفي في القول وفي الفعل مع(ابنته في الطريق ) . ونكتفي بالاستشهاد على ذلك بما قاله الشعراني مفتخراً بشيخه عبد القادر السبكي ، ونذكر النصَّ كما هو مع تقديم الاعتذار للقارئ، يقول عنه وكان يتكلم بالكلام الذي يُستحى منه عرفاً ، (أى يتكلم كلاما فاحشا بذيئا ) وخطب مرة عروساً ، فرآها ، فأعجبته ، فتعرى لها بحضرة أبيها وقال : أنظري أنت الأخرى حتى لا تقولي بعد ذلك بدنه خشن أو فيه برص ، ثم مسك ذكره وقال : انظري ، هل يكفيكِ هذا ؟ و إلا فربما تقولي هذا ذكره كبير لا أحتمله ، أو يكون صغيراً لا يكفيك ، فتقلقي مني وتطلبي زوجاً أكبر آلة مني )( الطبقات الكبرى للشعراني 2/166 ) ومهما اختلفنا في تقييم موقف الشيخ عبد القادر السبكي فلا ينبغي إهمال ذلك الفتح الجديد في حقوق العروس المخطوبة قبل الزواج وفق التشريع الصوفي . لقد تصرف الشيخ عبد القادر السبكي بتلقائية وعفوية حين جمعه أول لقاء مع عروسه ، ونحسبه قد تعامل معها وفق ما تعود مع الأخريات في الخلوة ،خصوصا وهن بناته طبقاً لمصطلح المؤاخاة . وإذا استغربنا هذا الكلام في عصرنا ، فإن عصر الشعراني كان يستسيغه ، بل كان من مفاخر الشيخ الصوفى أن يقال عنه هذا الكلام ، ولذا ذكر الشعرانى كل ما نتحرج منه ضمن مناقب شيوخه تبعا لذوق عصره الهابط. وإذا كان العرف في عصر الشعرانى يستحى من كلام الشيخ عبد القادر السبكى ولذلك لم يجرؤ الشعرانى على ذكر أقاويل الشيخ السبكى ، فكيف لنا أن نتخيل حياته التى كان كلامه الفاحش انعكاسا لها . و ذكر الشعرانى في ترجمة الشيخ وحيش أنه كان يعيش مع العاهرات ليقوم بالشفاعة في الزبائن ليحميهم من العذاب يوم القيامة وفقا لعقيدة التصوف في قدرة الولى الصوفى على الشفاعة يوم الدين ، وأنه أدمن فعل الفاحشة علنا مع كل حمارة يراها في القاهرة يركبها أحد الفلاحين. يقول الشعرانى عنه : ( سيدي على وحيش.. كان من أعيان المجاذيب أرباب الأحوال ، وله كرامات وخوارق .. وكان الشيخ وحيش يقيم في خان بنات الخطا (أي بنات الهوى) وكان كل من خرج يقول له : قف حتى أشفع فيك عند الله قبل أن تخرج ، فيشفع فيه ... وكان إذا رأى شيخ بلد أو غيره يُنزله من على الحمارة ، ويقول له : امسك لي رأسها حتى أفعل فيها ، فإن أبى شيخ البلد تسمَّر في الأرض ولا يستطيع أن يمشي خطوة ، وإن أطاع حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه ): راجع الطبقات الكبرى للشعراني 2/135 ) .