الشيخ محمد بن يعقوب الكليني وُلد الكليني في النصف الثاني من القرن الثالث بقرية كُلَين على بعد (38) كيلو متراً من مدينة رَي، الواقعة في جنوب العاصمة طهران.
تولَّى أبوه منذ صغره رعايته وتربيته، حيث علَّمه الأخلاق، وحسن السلوك، والآداب الإسلامية.
وكان خاله له عظيم الأثر في نشأته وتربيته.
فهرس
|
درس العلوم الأوّلية في كُلَين، ودرس علمي الرجال والحديث عند والده وخاله، ثمّ سافر إلى مدينة رَي ـ التي كانت مركزاً مهمّاً من مراكز العلم ـ واطَّلَع على الآراء، والعقائد، والأفكار المتضاربة للمذاهب الإسلامية.
وبعدما صمّم على دراسة علم الحديث والرجال، لغرض ضبط الروايات من جهة، سافر إلى مدينة قم المقدّسة ـ حيث كان فيها الكثير من الرواة والمحدّثين ـ فلم يُرْوَ غليلُه من علم الحديث والروايات في مدينة قم المقدسة، فسافر إلى مدينة الكوفة، وكانت مركز يغص برجالات العلم والفقه والأدب، وقد كان منهم العلَم المعروف ابن عقده، الذي كان يحفظ مِائة ألف حديث بأسانيدها.
خلال دراسته وتجواله في المدن والقرى المختلفة ذَاعَ صِيته، وعندما زار بغداد لم يكن مجهولاً، إذ كانت الشيعة يعتزّون به، وأهل السنّة ينظرون إليه بإعجاب، ويثقون به، لذلك لُقِّب بـ(ثقة الإسلام).
ذُكرت سنة وفاة الشيخ الكلينيّ رحمه الله مرّتين: 328 هـ، و 329 هـ.. وكلتاهما مشهورتان . إلاّ أنّ النجاشيّ أكدّ أن وفاته وقعت سنة تناثر النجوم وهي سنة 329 هـ ، وهي السنة التي تساقطت فيها الشهب بكثرة ملحوظة. ويبقى الثابت في وفاته أنّها كانت قبل الغيبة الكبرى. ودُفن في بغداد بباب الكوفة.. وهو أحد الأبواب الأربعة لقصر المنصور الذي بناه وسط بغداد. وقبر الشيخ الكلينيّ واقع في الجانب الشرقيّ المُسمّى بـ « الرُّصافة » عند طرف جسر الشهداء اليوم، وقد أصبح معروفاً بل مَزاراً معلوماً. وقد ذكر السيّد هاشم البحرانيّ في « روضة العارفين » أنّ جسد الكلينيّ قد رُئي طرياً بكفنه بعد سنوات متمادية، حيث لم يندثر ولم يتعرّض للتآكل.. يشهد بذلك هذه الحادثة، وهي: أنّ بعض حكّام بغداد رأى قبر الكلينيّ ـ عطّر الله مرقده ـ فسأل عنه فقيل: إنّه قبر بعض الشيعة. فأمر هذا الحاكم بهدمه، فحُفر القبر وإذا به يرى فيه جسداً بكفنه لم يتغيّر، وإلى جنبه طفل صغير مدفون بكفنه أيضاً! فأمر الحاكم بدفنه مرّة ثانية، وبنى عليه قبّة.. وهو إلى الآن قبره معروف ومشهود. هذا ما جاء في روضة الواعظين للفتّال النيسابوريّ، أمّا في غيره فقد ورد أنّ بعض حكّام بغداد لمّا رأى إقبال الناس بزيارة الأئمّة عليهم السّلام وتعظيمهم وتشييد قبورهم، حمله النَّصب والبُغض يومَها على التفكير بنبش قبر الإمام موسى الكاظم عليه السّلام قائلاً: إن كان كما يزعم الشيعة من فضله فهو موجود في قبره، وإلاّ مَنَعْنا الناسَ من زيارة قبورهم. فقيل له ـ ولعلّ القائل هو وزيره ـ: إنّ الشيعة يدّعون في علمائهم أيضاً ما يدّعون في أئمّتهم! وإنّ هنا رجلاً من علمائهم المشهورين، واسمه محمّد بن يعقوب الكلينيّ وهو من أقطاب علمائهم، فيكفيك الاعتبار بحفر قبره. فأمر الحاكم بحفر قبر الشيخ الكلينيّ، حتّى إذا كُشف وجد الشيخَ على هيئته كأنّه قد دُفن في تلك الساعة! فأمر الحاكم ببناء قبّة عظيمة عليه وبتعظيمه، وصار القبر فيما بعد مزاراً مشهوراً . رحم الله الشيخ الكلينيّ وأعلى مقامه، ونَفعَنا بذخائره المباركة.