محمد العلي شاعر حداثي من السعودية. من مواليد قرية العمران إقليم الأحساء عام 1932 م. ختم القرآن في صغره ورحل إلى النجف وتحصل على درجة علمية، ثم حصل على بكالوريوس اللغة العربية من جامعة بغداد. عمل في صحافة المنطقة الشرقية بالسعودية وقدم فيها رؤى جديدة. كتب القصيدة الحديثة بشكل لافت، وقد اشتهر بقصيدته الكبيرة لا ماء في الماء التي عبر فيها عن مفردات البحر والنوارس والساحل واللآلئ.
محمد العلي متشائم بشأن مستقبل الإصلاح العربي قال الشاعر والمفكر محمد العلي أنّ الأمة العربية تعيش أزمة منذ صدمة الحضارة قبل 250 عاماً وإلى الآن بسبب موت القديم وعدم القدرة على ولادة الجديد. وذكر في محاضرة بعنوان ( خليط الوعي ) ألقاها في الأحساء بتنظيمٍ من منتدى الرميلة و ملتقى الينابيع الهجرية أن ما نعانيه من مشاكل هو أعراض مرضية لهذه الأزمة وأن الأفغاني ومحمد عبده وغيرهما حاولوا إعادة الحياة ولكنهم لم يستطيعوا.
وذكر أن من أعراض هذه الأزمة ارتباك الوعي والعجز عن حل مشكلة القديم والجديد والمادي والمعنوي والأنا والآخر وهذا ما يجعل الوعي العربي ساحة لصراع المتناقضات. وأضاف بأن الفرد العربي يرقب تناقضات العالم في شاشة صغيرة تجعله يقف حائراً أمام هذا التداخل الكوني، وهو لا يمتلك مستوى الوعي الموازي للوعي المنتج لهذه القيم والثقافات و لا يفعل شيئاً سوى انتظار حلول لن تأتي.
وتحدّث العلي عن الأسباب التي أدّت إلى سقوط الحضارة العربية بعد صعودها قائلاً أنها قديمة منذ أن رُوِّج لفكرة الجبر لتبرير تصرفات الحاكم ما أدى لسحق إرادة الجمهور وموتها مضيفاً بأن ما قضى على الحضارة العربية نهائياً في نهاية العصر العباسي هو تسلم الأتراك الحكم والقضاء على أي كتابة تنتقد أمور الحكم. وقال بأن كل ما يثار الآن من حديث حول حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص لن يتحقق لأن الأمة قد سحقت إرادتها مشيراً إلى أن كل التيارات قد فشلت في السابق بسبب غياب المجتمع المالك لإرادته، مضيفاً بأن إرادة التغيير غائبة حتى على مستوى القيادة السياسية ما ينتج عنه تخريج الجامعات لآلاف العاطلين عن العمل.
وعدّ العلي في محاضرته التقديس و القبليّة في جملة معوّقات حركة الوعي لدى العرب قائلاً أن الأحزاب العربية جميعها هي أحزاب قبلية ولا يوجد لدينا أحزاب مدنية فنحن لا نزال نعيش الجاهلية في هذا الجانب. وقال بأنّ تجاهل تاريخ وجذور الفكرة وظروف نشأتها يؤدي إلى الجهل بالأسباب وبالتالي إلى ضعف القدرة على النقد وشدد على أهمية التساؤل عما إذا كان الزمن قد تخطّى بعض الأفكار أم لا، فالكثير من أفكار العلماء العظيمة في زمنٍ ما تفقد قيمتها حين يتخطاها الزمن. وقال بأن اليقين الذي يعني بأن الحقيقة واحدة و التفرد بامتلاكها هو عائق للوعي. وذكر أن التنشئة الاجتماعية، التي تتم عبر اللغة، تبرمج الذهن و تحد من انطلاق التفكير. وأن اللغة والتفكير يولدان معاً، فلا تفكير بلا لغة ولا لغة بلا تفكير. وانتقد العلي تدريس اللغة في الوطن العربي لأنّه لا يتتبّع تطوّر الأفكار ووصف دراسة العلوم الإنسانية بأنها أفضل من دراسة العلوم الهندسية والطبية وذلك لأنها تنمي ملكة المقارنة. وقال بأن الطبيب والمهندس لا ينمّي المعرفة بدون وجود الحس النقدي والتفكير الشّكّي وهو أول ما تفرضه الفلسفة على الإنسان.