مارية القبطية هي أم المؤمنين، مارية بنت شمعون القبطية، أي المصرية، زوجة لرسول الإسلام محمد، أنجبت للرسول ، ثالث أبنائه الذكور، إبراهيم و الذي توفي وهو طفل صغير.
و هى من قرية حفن بمحافظة المنيا بصعيد مصر، أهداها للرسول الملك المقوقس الرومانى حاكم مصر سنة 7 هجريةـ ومعها أختها سيرين بنت شمعون (التي أهداها لشاعره حسان بن ثابت والتي أنجبت له ولده عبد الرحمن بن حسان) وألف مثقال ذهباً وعشرين ثوباً و بغلته دلدل و شيخ كبير يسمى مابور. كان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثة لحامل رسالة الرسول إليه، و لكن كما يبدو من تاريخ قيرس، المعروف لدى العرب بالمقوقس، مع المصريين بإن أبوها، كان مناوئا للسلطة الدينية للمقوقس.[بحاجة لمصدر]
فهرس |
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة سبع من الهجرة. وذكر المفسرون أن اسمها مارية بنت شمعون القبطية، بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول وبين المشركين في مكة، بدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام ، وكتب الرسول كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، واهتم بذلك إهتماماً كبيراً، فاختار من أصحابه من لهم معرفة و خبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس ،المقوقس ملك مصر و النجاشي ملك الحبشة. تلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوا رداً جميلا، ما عدا كسرى ملك فارس ، الذي مزق الكتاب.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة ، وكان معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول إلى مصر وبعد ان دخل على المقوقس الذي رحب به. واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له " يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه".
واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: " إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء و الأخبار بالنجوى وسأنظر"
أخذ المقوقس كتاب النبي وختم عليه، وكتب إلى النبي :
" بسم الله الرحمن الرحيم:لمحمد بن عبدالله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد
فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك".
وكانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين بنت شمعون. وفي طريق عودة حاطب إلى المدينة، عرض على ماريه وأختها الإسلام ورغبهما فيه، فاعتنقاه.
وفي المدينة، أختار الرسول مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعره الكبير حسان بن ثابت الأنصاري . كانت ماريه بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة بنت أبي بكر، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الإسلام بها. وقالت عائشة:" ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة -أو دعجة- فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان ، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا" .
وبعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد أولاده ما عدا فاطمـة الزهراء رضوان الله عليها. ولدت مـارية في "شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة"، طفلاً جميلاً يشبه الرسول ، وقد سماه إبراهيم، " تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن " وبهذه الولادة أصبحت مـارية حرة .
وعاش إبراهيم ابن الرسول سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الإسلام ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، " وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة"، وحزنت مارية حزناً شديداً على موت إبراهيم.
لمـارية ا شأن كبير في الآيات المباركة وفي أحداث السيرة النبوية. "أنزل الله عز وجل صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم". وقد توفي الرسول عنها وهو راض عن مـارية، التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر، وعدت من أهله، وكانت مـارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول ، كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها.
عاشت مـارية ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في السنة السادسة عشر من محرم. دعا عمر بن الخطاب - - الناس وجمعهم للصلاة عليها. فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية القبطية، وصلى عليها سيدنا عمر في البقيع، ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم.