الرئيسيةبحث

كمال حماد


كمال حماد مقاول فلسطيني يحمل الهوية الاسرائيلية ، حكم علية غيابيا يالاعدام رميا بالرصاص ومصادرة أملاكة في غزة في تاريخ 21 5 2000 ، وكان قد فر إلى أسرائيل بعد مقتل يحيى عياش العضو البارز في حماس. وهو يعيش في أسرائيل بشكل سري حيث انة أكثر الجواسيس المطلوبين من قبل المنظمات الفلسطينية.

حياته

يكتنف حياتة الكثير من الغموض حيث انة ولد لعائلة هاجرت من يافا إلى غزة عام 1948 ، وقد عمل في بداية حياتة كسائق دراجة نارية يقوم بتوصيل الطلبات إلى المنازل ، ثم انتقل إلى المقاولات بسرعة واصبح لة اسم حيث انة كان يقوم ببناء الاسكانات الخاصة بالمهجرين إلى غزة خارج حدود المخيمات ، وقد كان منزلة في شارع النصر مكان لالتقاء ضباط الجيش الاسرائيلي ووجهاء المخيمات تحت شعار تحسين ظروف الحياة السكان, وبسبب ان شارع النصر في مدينة غزة منطقة احتكاك مباشر بين الجيش الاسرائيلي والسكان قام باستئجار شقة على شاطئ غزة. تزوج مرتين الاولى لسيدة من غزة والثانية لسيدة سورية ، والغريب انة حصل على هوية أسرائيلية لها و لأختها ايضا التى كانت تسكن معهم في نفس البيت .

محكمة كمال حماد

بعد اغتيال عياش و تكشّف حقيقة ما حدث سريعاً كان زعماء حماس السياسيون يقفون قي بيت عزاء الشهيد يحيى في غزة بجانب أسامة حماد ، صديق الشهيد الذي أخفاه في بيته ينفون الأنباء التي أشارت و لو تلميحاً لتورط أسامة في العملية ، متهمين خال أسامة ، كمال حماد بالتورط في اغتيال يحيى عياش .

و كان واضحاً أن جريمة الاغتيال وقعت في أرض ، هي تحت سيطرة سلطة ، مهما اختلفت الآراء حولها ، فإنها في النهاية مسؤولة عن (أمن) مواطنيها أو على الأقل يجب أن يكون لها (كلمة) ما فيما يحدث في الأرض التي تحت سيطرتها ، حتى لو كان ما يحدث يتم التحكم به عن بعد ، و من طائرة تحلق في أجواء ليست تحت سيطرتها ، كما حدث مع الشهيد يحيى عياش .

تحرّكت السلطة الفلسطينية ، متأخرة جداً ، و أوقفت أسامة حماد و شقيقته كريمة حماد ، و عقدت محكمة أمن الدولة جلسة لها يوم 9/5/1999 في غزة برئاسة العقيد عبد العزيز وادي ، و عضويه : النقيب جمال نبهان ، النقيب : سامي نجم ، للنظر في جريمة اغتيال يحيى عياش .

و نظرت المحكمة في التهم الموجّهة للمتهم الأول كمال عبد الرحمن حماد الفار من العدالة و المتهم الثاني حسام حماد محمد حماد المرافق للمتهم الأول و الفار من العدالة أيضاً و المتهمان الثالث كريمة خالد حماد و الرابع أسامة خالد حماد .

اتهم كمال حماد ، بالسعي و التخابر و التآمر مع المخابرات الصهيونية للقيام بعمل إرهابي استهدف الشهيد المهندس يحيى عياش . و اتهم حسام حماد (الهارب) و كريمة حماد (الموقوفة منذ 22/6/1996) بمساعدة المتهم الأول كمال حماد و تهيئة الظروف لقتل عياش . و اتهم أسامة حماد (الذي أوقف بتاريخ 16/7/1996 أي بعد أكثر من سبعة أشهر من الاغتيال) رفيق المهندس الذي أخفاه تهمة الإهمال مما أدّى إلى مقتل الشهيد عياش و أنه تسبّب من غير قصد في مقتل المهندس .

في تلك الجلسة قال المدعي العام جمال شامية إن عمالة المتهم الأول كمال حماد لجهاز الشين بيت (أحد أذرع أجهزة المخابرات الصهيونية الداخلية) لا تحتاج لإثبات بعد أن رفع حماد دعوى ضد الجهاز الصهيوني يطالب فيها بتعويض 25 مليون دولار لمشاركته في تنفيذ عملية اغتيال يحيى عياش .

و أشار شامية إلى أن حسام حماد و كريمة حماد نفّذا تعليمات كمال حماد ، بجمع معلومات عن عياش و التعاون في زرع جهاز تنصت في الهاتف الخلوي الذي يملكه المتهم الرابع (أسامة حماد) الذي اشتراه بناءاً على طلب كمال حماد (المتهم الأول) .

و أكّد شامية ما كان معروفاً لدى الرأي العام ، من أن جهاز المخابرات الصهيوني تعرّف على صوت الشهيد عياش و الأوقات التي يتصل والده به من خلال تعاون المتهمين الثلاثة (كمال ، حسام ، أسامة) ، و أنه في يوم تنفيذ جريمة الاغتيال اتصل كمال حماد بابن أخته أسامة و طلب منه إبقاء الهاتف النقال مفتوحاً بحجة أن شخصاً يدعى شلومو سيتصل لأسباب تتعلق بالعمل ، و هو بالطبع لم يكن صحيحاً ، فرجال المخابرات الصهيونية كانوا في ذلك اليوم ينتظرون مكالمة الوالد لابنه يحيى خصوصاً و أنه تم فصل الخدمة الهاتفية (التي تتحكم بها "إسرائيل") عن الهاتف الثابت .

كان الكثيرون مستعدين لتقبل الاتهامات لكمال حماد و حسام حماد ، و ربما لكريمة حماد ، و لكن ، و لأسباب كثيرة ، منها ما هو عاطفي ، فإن الأمر كان مختلفاً بالنسبة لأسامة حماد رفيق الشهيد الذي خبأه في منزله .

حتى أن المدعي العام النقيب جمال شامية أشار في تلك الجلسة إلى أن أسامة كان متوجساً من تقرّب خاله كمال حماد إليه ، و طلب من يحيى عدم الإقامة في منزله بسبب ارتباطات خاله المشبوهة ، و لكن المدعي وجه لوماً لأسامة لأنه لم يبلغ تلك المخاوف لقيادته السياسية (مما جعله محل اتهام) .

أثارت لائحة الاتهام التي تلاها المدعي العام شامية جلبة وسط جمهور المحكمة غير المتعود على مثل هذا النوع من المحاكمات التي يكون الرأي العام ، اتخذ فيها مسبقاً قراراً ضد المتهمين .

أسامة حماد احتج على التهم التي وجّهت لشقيقته الأميّة التي لا تجيد القراءة مشيراً إلى أن المخابرات الصهيونية لا يمكن أن تعتمد ، في تنفيذ عملياتها على هذا النوع من الأشخاص .

و كريمة نفسها نفت ما نسب إليها بشدة ، و أمام الهيجان الذي حدث في الجلسة حذّر القاضي وادي من طرد أفراد عائلات المتهمين (أسامة و كريمة) إذا لم يعد الانضباط إلى القاعة ، و قدّم محامي أسامة و كريمة الموكّل من قبل هيئة المحكمة اعتذاراً مشيراً إلى أن الضغط النفسي الذي تعرّض له موكلاه عبّر عن نفسه في ذلك الغضب ..!

و بعيداً عن قاعة المحكمة كان هناك طرف أصدر مسبقاً حكماً على أحد المتهمين بالبراءة ، فحركة حماس ، أصدرت بياناً برأت فيه أسامة حماد من التهم الموجهة إليه ، و هي كما ذكرنا تتعلق بالإهمال و ليس بالعمالة لـ (إسرائيل) .

و جاء بيان حماس قبل يوم واحد من عقد جلسة المحكمة تلك ، في محاولة ، على ما يبدو للتأثير على سير المحكمة ، هي بغض النظر عن مدى استقلاليتها ، و التحفظات على قانونية محاكم أمن الدولة بشكلٍ عام ، فإنه كان لا بدّ من إعطائها فرصة ، فلا يعقل أن يمرّ حادث بجسامة ما تعرّض له عياش دون أن تقول ، محكمة ، أية محكمة كلمة فيه . و أعتقد أنه كان من الأجدر إيراد تحفظات على المحكمة و المطالبة بوضع ضوابط لتكون المحكمة عادلة ، و انتقاد تأخر عقدها .

و برأ بيان حماس عضو الحركة أسامة حماد ، و أشار إلى مزايا أسامة و نقاء سريرته و قبوله إيواء الشهيد يحيى عياش في منزله في ظلّ تلك الظروف الصعبة .

و نوّهت حماس إلى أن أسامة حماد و بعد حادث الاغتيال أخضع لتحقيق من قبل الأمن الوقائي الذي تأكّد من براءة أسامة و التي تأكّدت أيضاً من خلال تحقيق أجرته لجنة مشتركة من كتائب القسام و الأمن الوقائي في غزة .

و لم تعِدْ حماس في بيانها بنشر نتائج التحقيق المشترك ، و باعتقادي أنه ما دام هناك تحفّظ على محكمة السلطة يجب أن لا يترك الرأي العام فريسة لوجهة نظر واحدة هي السلطة في هذه الحالة ، و التي لا تتمتع محاكمها بأية مصداقية ، و من حق الرأي العام أن يعرف نتائج التحقيق الذي شاركت فيه حماس نفسها .

و ذكر البيان أن الشيخ أحمد ياسين وجّه رسالة لرئيس السلطة ياسر عرفات يؤكّد فيها براءة أسامة ، و طالبت حماس بالإفراج عن أسامة حماد ، و أكّدت حرصها على وحدة الشعب الفلسطيني في (هذه المرحلة الدقيقة و تفويت الفرصة على المتربصين بوحدة الصف و الكلمة) .

و لم تقدّم حماس ملاحظات على طبيعة المحكمة و صلاحيتها و مدى نزاهتها و لم تطالب بمحكمة بديلة ذات طابع مدني مثلاً و أكثر استقلالية ، و لم تتقدّم ببيانات البراءة إلى المحكمة التي بدأت في عقد جلساتها بشكل علني .

من جانبه قال العقيد عبد العزيز وادي رئيس المحكمة العسكري ، إن براءة أسامة أو عدمها هي من اختصاص المحكمة ، و قال إن ما أوردته حماس في بيانها يجب أن يقدّم للمحاكمة التي من اختصاصها النظر في ذلك .

و عقدت المحكمة جلسة أخرى لها يوم 14/5/2000 ، و بتاريخ 21/5/2000 عقدت المحكمة جلسة للمداولة و النطق بالحكم، و في تلك الجلسة التي رأسها العقيد عبد العزيز وادي و عضوية النقيب : جمال نبهان ، و النقيب : رسمي النجار ، تمت إدانة جميع المتهمين الأربعة في القضية .

و تلا القاضي وادي حيثيات الحكم ، و قال إنه بشأن المتهمة الثالثة كريمة حماد فإن الأدلة و البيانات تشير إلى أنها قامت بتزويد المتهم الأول كمال حماد بما طلبه منها من معلومات عن الشهيد يحيى عياش و تحركاته ، مشيراً إلى أن ذلك يقع تحت طائلة أحكام المادة 88 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1979 ، و قال إن هيئة المحكمة قرّرت تجريمها مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف و الأعذار المخفّفة التي وجدتها هيئة المحكمة من خلال الوقائع المادية و الأدلة و البيانات التي اقتنعت بها هيئة المحكمة و اطمأن ضميرها .

و فيما يخصّ المتهم الرابع أسامة حماد رفيق الشهيد عياش ، قال وادي إنه ثبت للمحكمة أن المتهم كان على علاقة سيئة بالمتهم الأول خاله كمال حماد ، لمعرفته أنه عميل للموساد ، و بعد أن خبّأ الشهيد عياش في منزله أبقى على تلك العلاقة مع خاله و وافق العمل في شركته و تقبّل منه المساعدة المالية ، و لم يخشَ مخاطر قبول الهاتف النقال منه و استرجاعه في أوقات مختلفة بحجج واهية ، متجاهلاً أحاسيسه التي يقر بأنها كانت تقول له أن يتخذ الحيطة و الحذر . حسب اعترافاته الموجودة في ملف القضية ، و استمر في التعامل مع خاله كمال حماد .

و قال القاضي إن هيئة المحكمة رأت أنه كان من واجب أسامة حماد إبلاغ تنظيمه بما يتوقّعه من مخاطر محدقة بالمهندس الشهيد . و لم تعتبر هيئة المحكمة رسالة الشيخ أحمد ياسين للرئيس عرفات أو بيان حماس ، دليلاً لإعفاء أسامة حماد من مسؤولية الإهمال و قلة الاحتراز ، الأمر الذي أدّى إلى تمكين أجهزة المخابرات الصهيونية و عملائها من الوصول للمهندس و اغتياله .

و بتهمة (الإهمال و قلة الاحتراز) وفقاً (لتطبيق أحكام المادة 212 معطوفة على أحكام المادة 393 بدلالة المادة 235 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1979 ، و الحكم عليه وفق أحكام هذه المواد مع مراعاة مشاركة تنظيمه له في تحمّل المسؤولية التقصيرية عن أمن و سلامة الشهيد يحيى عياش) .

و حكم على أسامة حماد ، صديق الشهيد منذ دراستهما معاً في جامعة بيرزيت ، بالسجن لمدة ثلاث سنوات تبدأ منذ اعتقاله بتاريخ 16/7/1996 .

و بدا أسامة حزيناً لإدراجه و شقيقته ضمن لائحة اتهام ضمّت العميلين كمال و حسام حماد ، و هو رفيق و صديق الشهيد الذي كان مستعداً للتضحية بروحه من أجله .

و لكن الحزن ، و ربما الندم لا يكفي في مثل هذه الحالات ، فقد رحل المهندس ..!



++ الجاسوس يتكلم ++

الجاسوس يتكلّم



الحدث الأبرز في تلك الجلسة التي عقدت بتاريخ 21/5/2000 هي الأحكام التي صدرت على كمال حماد و حسام حماد . و الأهم تجريمهما بالتهم المنسوبة لهما في قضية الاغتيال .

و كما هو متوقع صدر الحكم بإعدام المتهمين كمال و حسام رمياً بالرصاص حتى الموت ، و مصادرة أموالهما المنقولة و غير المنقولة أينما وجدت . بعد أن ثبت لهيئة المحكمة جمع تلك الثروة بطريقة غير مشروعة و أن عملهما مع المخابرات الصهيونية سهّل لهما جمع تلك الثروة (خصوصاً المتهم الأول كمال حماد) .

القاضي العسكري عبد العزيز وادي قال إنه ثبت للمحكمة بالأدلة القاطعة التي لا يشوبها أي شك ارتكاب المتهم الأول كمال حماد و الثاني حسام حماد ، الفارين من وجه العدالة لفعلة التخابر مع الموساد الصهيوني و تقديم كافة التسهيلات التي طلبها الموساد لوضع العبوة الناسفة في جهاز الهاتف النقال الذي اشتراه كمال حماد و وضعه بتصرّف ابن شقيقته أسامة حماد بسبب معرفته بوجود الشهيد عياش في منزل أسامة مختبئاً . (يلاحظ هنا عدم الدقة لدى المحكمة في تحديد اسم جهاز الأمن الصهيوني المسؤول عن تنفيذ اغتيال عياش و هو الشاباك ، بينما جهاز الموساد مختص بالعمل الاستخباري الخارجي ، و إن كان هناك تعاون وثيق بين أجهزة المخابرات و وحدات الجيش الصهيوني المختلفة) .

و ثبت لهيئة المحكمة أن خطة الموساد كان إجبار عياش أو ذويه على استخدام الهاتف النقال في الوقت المناسب لاغتيال عياش و هو ما حدث في الساعة السابعة من يوم 15/1/1996 ، عندما اتصل والد عياش و تعطّل أثناء المكالمة الهاتف الثابت ، فاتصل والد عياش به على الهاتف النقال ، و هذا ما كان ينتظره الموساد ، حيث فجّرت العبوة الناسفة و استشهد المهندس .

و لا نعرف إذا كان العميلان كمال و حسام ، كانا يتابعان مجريات المحكمة ، أو يهمهما قرارها ، فهما اختارا مصيرهما عندما قررا الفرار إلى تل أبيب و منحهما بطاقات هوية صهيونية ، و ربما قبل ذلك بكثير عندما ارتبطا بأجهزة الأمن الصهيونية ، و لكن على الأقل فإن كمال حماد وهو المجرم الرئيس في قضية اغتيال عياش كان مشغولاً بأموره الخاصة في تل أبيب بعد أن اتهم حكومة (إسرائيل) بالتخلي عنه .

من الصعب معرفة الأسباب التي أدّت لكمال حماد و هو المقاول الثري للتورّط مع الشاباك في عمل مثل اغتيال عياش ، و لا يمكن من خلال معرفة ما أُجري معه من الأحاديث التي أدلى بها للصحافة الصهيونية بعد هروبه من غزة (و تخلّي الشاباك عنه) أن تعطي صورة عن تلك النوعية من (البشر) التي لا تكتفي بالتعامل مع العدو بل تعمل على المشاركة في أعمال شكّلت صدمات لا تنسى للوعي الجمعي كاغتيال يحيى عياش ، الرمز الفلسطيني الذي لا يتكرّر بسهولة .

و لكنها يمكن أن تعطي صورة لما سيكون عليها العميل ، ربما أي عميل ، بعد أن يؤدّي ما طلب منه ، و لا يبقى له أي فائدة ترجى . مثلاً نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت يوم الجمعة 22/8/1997 ، عما جرى في يوم 15/1/1996 عندما انفجر الجهاز الخليوي في جسد عياش .

تقول الصحيفة إن كمال حماد ، كان في يافا و بعد ساعتين من الاغتيال ظهر في موقع للبناء في شارع (مخلول - يوفي 5) و حضر للموقع للإشراف على البناء الذي تقوم به شركته ، و سمع النبأ من الراديو في ساعات بعد الظهر ، و كما هو متوقع فإنه أحد المعنيين الرئيسين في الحادث .

و حسب رواية الصحيفة فإنه سارع للاتصال بزوجته الشابة سامية و طلب منها مغادرة غزة و القدوم إليه على الفور إلى تل أبيب ، و لأنه كان ، من قبل الحادث ، يخطّط للسفر إلى أمريكا لزيارة ولده أيمن الذي أرسله للدراسة هناك ، و لكنه ، حسب الصحيفة بدّد (أيمن) النقود التي كانت معه ، و يريد كمال الوقوف بنفسه على أوضاع ابنه .

و كان قرار السفر الفوري أكثر ما يناسب شخصاً في مثل وضعه ، فصعد و زوجته الشابة سامية على أول طائرة متجهة إلى أمريكا قبل أن يعرف أحد تورّطه في اغتيال المهندس .

تقول الصحيفة إن كمال ، الذي اختفى في الولايات المتحدة ، كان عليه أن يواجه (الضربة القاسية التي ألمت به ، لقد توقف المقاول الثري في منتصف مشروع بناء) .

و تضيف : (لقد فوجئ أصحاب المشروع حين اتضح لهم أن المقاول هرب إلى الخارج في منتصف مشروع بناء ، و فوجئ أصحاب المشروع حين اتضح لهم أن المقاول هرب إلى خارج البلاد في أعقاب مقتل المهندس) .

كمال حماد كان في أمريكا بعد حادث الاغتيال المدوّي و الذي تردّد رجع صداه في العالم العربي و في العالم و ربما لم تخلُ صحيفة أو وسيلة إعلام تهتم بالسياسية بموضوع عنه . و في غزة تم اعتقال عددٍ من أقاربه منهم شقيقه محمود و ابن أخيه أكرم حماد و أخ زوجته الثانية عبلة .

و أفرجت السلطة عن شقيقه محمود الذي اتضح للسلطة أنه ليس له علاقة بحادث الاغتيال و لم يكن يعلم به ، و حسب الصحيفة فإن السلطة طلبت من محمود المغادرة من (أجل سلامته) ، فأخذ عائلته المكوّنة من زوجتين و 12 ابناً و انتقل للسكن في بيتٍ كان شقيقه كمال بناه في يافا ، و لم تكن حياته هانئة في يافا فسكان الحي الذي سكن فيه لم يقبلوا أن يعيش بينهم أفراد من عائلات (المتعاونين) ، و هي التسمية التي يطلقها الإعلام الصهيوني على عملاء أجهزة الأمن الصهيونية من الفلسطينيين و العرب ، فانتقل ، في نهاية حزيران 1996 إلى فندق ثم دبّر نفسه في سكن آخر .

و قرّرت زوجة كمال حماد الأولى فاطمة البقاء في غزة ، أما زوجته الثانية عبلة فغادرت غزة ، على الأغلب بسبب مضايقات تعرّضت لها بسبب زوجها الفار ، و انتقلت للعيش ، منفصلة عن زوجها ، في (إسرائيل) .

و حسب تقديرات يديعوت ، لدى نشر تقريرها في أواخر آب 1997 فإن نحو (70) فرداً من عائلة حماد انتقلوا للعيش في (إسرائيل) مغادرين غزة . و في ذلك التقرير ذكرت الصحيفة أن ابن كمال حماد أيمن غادر الولايات المتحدة ، و أصبح متجولاً في العالم ، و أما كمال فإن ديونه تزايدت ، و لم يكن في نية أية جهة في (إسرائيل) مساعدته في سداد ديونه التي تتزايد ، فباع أملاكه ، في يافا بخسارة ، و كانت أملاكه التي قدّرها الصحافيان بعشرين مليون دولار قد صودرت . و كان حماد ، المقاول الثري سابقاً و العميل لأحد أقوى ، أو أنشط ، أجهزة المخابرات في العالم يدخل (في وضع نفسي سيئ ، بسبب الحالة التي وصل إليها و بسبب فقدان عقاراته و ممتلكاته) . و أصبح نموذجاً لما يمكن أن يشير إليه الفلسطينيون ، بأنه النهاية المتوقعة (لكلبٍ باع ضميره و خان شعبه و فقد شرفه) .

و كانت الأزمة التي يعيشها حماد تتصاعد ، و ذهبت طلباته من (إسرائيل) بتعويضه على الأقل عن أملاكه التي صودرت في غزة ، أدراج الرياح ، و في 4/11/1999 كان يتم إخلاءه من الشقة التي سكن بها ، بعد أن وصلت أزمته المالية منتهاها . و لم يعد قادراً على دفع أجرتها .

و اختار أن يدلي بحديث للصحافي (يوأب ليمور) من صحيفة معاريف العبرية نشرت في نفس ذلك اليوم ، في محاولة منه للفت الرأي العام الصهيوني ، على ما يبدو ، لمأساته .

قال حماد : (لقد أصدرت دولة "إسرائيل" ضدّي حكماً بالإعدام و الآن تريد أن تدوس على الجثة ، لقد قدّمت حياتي من أجل الدولة و اليوم أجد نفسي في الشارع مع عائلتي ، هل هذا هو الأسلوب الصحيح ؟ فكّرت بأن الحديث يدور عن دولة سليمة و لكن كلّ شيء كان مجرّد خدعة ، توصلت إلى حالة افتقدت فيها إلى النقود لدفع إيجار الشقة و من أجل توفير لقمة الخبز لأولادي و تعليمهم ، لماذا يفعلون بي هكذا ؟) .

و يقول الصحافي الذي أجرى المقابلة إن كمال حماد يعيش في خوفٍ دائم على حياته و لهذا رفض التقاط صور له . و وجّه حماد شكواه ضد (إدارة تأهيل المتعاونين) في مكتب رئيس الحكومة الصهيونية . التي خدعته طوال الوقت كما قال في حديثه للصحيفة . و أهانته باستمرار و كذبت عليه و لم تلتزم بالدفع له .

و يقول حماد عن هذه الإدارة (إن ما يفعلونه بي أكثر سوءاً من التنكيل إنه قتل ، قال لي كبار في الشاباك إن على هذه الدولة أن تقبّل قدميك ، و لكن بدلاً من ذلك ينكلون بي و بعائلتي ، لم أكن أفكّر حتى في أسوأ أحلامي أن هذا سيحدث و لكن هذا الكابوس ينمو و يكبر يوماً إثر يوم) .

و تحدّث حماد عن علاقته مع أجهزة الأمن الصهيونية ، و حسب قوله فإنه في منتصف الثمانينات من القرن العشرين ، نظّم لقاءات في بيته في غزة بين قادة الإدارة المدنية الصهيونية و كبار في أجهزة الأمن الصهيونية و بين وجهاء من غزة لطرح ما يسميه مشاكل السكان .

و كانت هذه اللقاءات تجري ضمن سياسة (إسرائيل) وقتها بفتح قنوات اتصال مع القيادات المحلية الفلسطينية ، و كانت قبلاً استبدلت صيغة الحكم العسكري بالإدارة المدنية . لتجميل الاحتلال و مشاركة السكان المحليين في إدارة (احتلالهم) . و كانت هذه المحاولات المتتالية جوبهت من قبل الحركة الوطنية الفلسطينية في وقتها ، و تم تقديم شهداء و جرحى و أسرى لإفشال مخطّطات الاحتلال تلك .

و يكشف حماد أنه خلال تلك المرحلة طلب منه أن يبني مساكن للاجئين ، و ذلك لإخلاء المخيمات ، و هي التي عرفت بمشاريع توطين اللاجئين التي كانت كلما تطرح تجابه من اللاجئين أنفسهم و الحركة الوطنية .

و من أجل ذلك ، حصل حماد على تمويلٍ لمشروعه الذي اقترحته عليه (إسرائيل) ، من بنك (إسرائيلي) و دون فائدة ، و لكن المشروع لم ينفّذ بعد أن هُدّد من قبل الفلسطينيين .

و يبدو أن حماد كلّف بأمورٍ أخرى كثيرة من قبل (إسرائيل) ، و أصبح أحد ممثلي (الزعامات المحلية) المرتبطة مع الاحتلال الصهيوني ، و بصفته هذه ذهب إلى تونس ، مقر منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ، و لم يفصح في المقابلة عن الهدف من تلك الزيارة ، و لكنه كشف للصحيفة أنه بعد إحدى اللقاءات في تونس و أثناء عودته انتظره رجال الأمن الصهيوني و أخبروه أنهم (اعتقلوا خلية خطّطت لقتلي ، و أعطاني الجيش جهاز إنذار في البيت و وعدني بأن تصل القوات بعد دقيقة من الضغط على جهاز الإنذار) . و هذا التدبير الأمني الصهيوني كانت استخدمته (إسرائيل) مع عملاء آخرين لها كانت حياتهم مهددة من قبل المقاومين الفلسطينيين .

و أصبح واضحاً أن حماد أصبح عميلاً مهماً لدى (إسرائيل) ، و توسعت علاقاته ، و حسب قوله للصحيفة العبرية فإنه استضاف في بيته موشي آرنز وزير الحرب الصهيوني اليميني و رئيس الحكومة إسحاق رابين و وزير الخارجية شمعون بيرس و جنرالات آخرين في جيش الاحتلال .

و يدّعي حماد في المقابلة أنه أقام (نوعاً من العلاقات) مع قادة السلطة الفلسطينية الذين نظر معظمهم إلى علاقاته مع (إسرائيل) بالإيجاب ..!

و زوّدت (إسرائيل) حماد بكلاشينكوف و مسدسات ، و عن تلك الفترة يقول حماد : (أولادي كانوا يتجوّلون في البيت في غزة و البنادق في أيديهم) . و معنى ذلك أن حماد كان عميلاً معروفاً لـ (إسرائيل) بشكلٍ واضح للفلسطينيين ، و أن أقرباءه لا شك يعرفون حقيقته و من ضمنهم ابن شقيقته أسامة حماد رفيق يحي عياش .

و يشعرنا كمال حماد أنه كان خائفاً جداً على نفسه في تلك الفترة إلى درجة أه بدأ يتردّد على الولايات المتحدة ليلد له ولداً هناك يستطيع الحصول على الجنسية الأمريكية ، و يستطيع ، بذلك ، الذهاب إلى هناك في حالة أي طارئ ، و هو ما فعله بالفعل بعد استشهاد يحيى عياش .

و في تلك المقابلة التي تحدّث فيها حماد لأول مرة بعد أن كان حديث الصحافة العربية و العالمية لدوره في اغتيال عياش ، حاول أن يقدم (روايته) لما حدث ، فقال كمال إنه خلال إحدى رحلاته للولايات المتحدة علم أن ابن شقيقته أسامة تم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية بدعوى أنه درّب استشهادياً ، و فوجئ كمال بأن (إسرائيل) تطلب منه التدخل ليمارس تأثيره ، كما يقول ، على السلطة للإفراج عن أسامة .

و يعترف كمال أنه لم يفهم سبب طلب (إسرائيل) ذلك ، و هو أمر من الصعب فهمه فعلاً إذا أخذت الأمور بظواهرها ، فأسامة عضو معروف في حماس و (إسرائيل) تطالب ، ليلاً و نهاراً ، السلطة باعتقال نشطاء حماس .

يكمل كمال حماد : (بناء على طلب الشاباك بدأت بتشغيل أسامة لديّ ، قلت لـ (الإسرائيليين) إنه لا يستطيع العمل لدي ، لأن بناتي يخرجن بلباس قصير و هو رجل متديّن ، لكنهم قالوا إن كل شيء سيكون على ما يرام) .

ربما كان كمال حماد لا يعرف تفاصيل خطة الشاباك بالتخلص من يحيى عياش ، و لكن رجال الشاباك ، كانوا ينفّذون الخطة بدقة شديدة ، فبعد أن طلبوا من كمال حماد العمل على الإفراج عن ابن شقيقته أسامة و تشغيله معه طلبوا منه أن يولي أسامة مهمة نقل و شحن البيض من المزرعة التي يملكها ، ثم طلبوا منه أن يعطيه هاتفاً نقالاً لمساعدته في العمل و هذا ما تم فعلاً .

يقول حماد ، بعد وقتٍ قصير تعطّل الهاتف النقال و أرسل إلى التصليح ، و لا يتحدّث عن تفاصيل محدّدة عن ذلك ، و يقول إنه تم إعادة الجهاز ، و بعد إعادته استدعاه الشاباك إلى تل أبيب بدعوى أن خطراً حقيقياً على حياته في غزة .

كان ذلك مساء يوم الخميس ، أي قبل يوم واحد من اغتيال المهندس ، و في صباح اليوم التالي ، حيث كانت خطة الاغتيال تستكمل خطوطها الأخيرة ، يقول كمال حماد : (جلست مع رجال الشابك لتناول الطعام و رأيت أنهم جميعاً فرحون ، بعد ذلك صعدت إلى غرفتي لآخذ قسطاً من الراحة و فجأة اتصلوا بي و قالوا لي إنه يجب أن أسافر على عجل ، الآن و فوراً ، مع زوجتي إلى الولايات المتحدة) .

و يشير حماد إلى أن (إسرائيل) لم تسمح له بالدخول إلى غزة ، فالتقى بزوجته في أحد الكيبوتسات القريبة من غزة ، و كانت زوجته في حالة ذهول .

و حسب روايته فإنه خلال كل هذا الوقت لم يكن يعرف ماذا جرى فعلاً في غزة ، يقول حماد : (بعد أن وصلت يافا من أجل ترك سيارتي و السفر سألني أحدهم عما إذا كنت سمعت الأخبار و قال لي إنهم اغتالوا يحيى عياش) .

و ليس مستبعداً أن يكون الشاباك أخفى عنه حقيقة خطة اغتيال يحيى عياش ، و كلام حماد يذكّر بما قاله عميل آخر بعد ذلك بسنوات و هو علان بني عودة الذي استخدم لقتل أحد قادة حماس العسكريين : إبراهيم بني عودة ، فكلاهما لم يخفِ علاقته بالاحتلال ، و لكنهما أنكرا بمعرفتهما بتفاصيل المهمتين اللتين استخدما لأجلهما ، اغتيال يحيى عياش و إبراهيم بني عودة ، من أبرز أعضاء الجناح العسكري لحماس و اللذان قتلا بطريقة متشابهة في عمليتين لم تعترف (إسرائيل) بمسئوليتها عنهما حتى الآن .

يتابع حماد روايته قائلاً إنه اتصل فوراً مع أخيه في غزة و بعد عدة دقائق اتضح له أن الاغتيال تم في بيت أخته و أن الاغتيال (تم من وراء ظهري و دون علمي ، لقد استخدموني و استغلوني و في لحظة واحدة دمّروا عالمي) .

تسلّم حماد نقوداً من الشاباك قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة و لكنه فوجئ هناك بأن (بطاقة الائتمان خاصتي ألغيت رغم أنه كان لي نقود في بنك في (إسرائيل) ، و حين قرّرت العودة إلى (إسرائيل) ، اقتحم رجال شرطة الـ : أف.بي.آي غرفتي في الفندق في لاس فيجاس و فتشوني تفتيشاً دقيقاً ثم تركوني أغادر) .

و عندما وصل إلى مطار بن غوريون في اللد كان رجال من الشاباك في انتظاره ، أخذوه إلى فندق و قالوا له : (لا داعي للقلق لأن كل شيء سيسير على ما يرام و أن دولة "إسرائيل" ستهتم بكل احتياجاتي ، و قال لي أحد أفراد الشاباك إن القليل من "الإسرائيليين" فعلوا ما فعلته للدولة) .

و يبدو أن الشاباك لم يفِ بما وعد (في البداية كان كل شيء على ما يرام ، اهتم الشاباك بتوفير بيتٍ لي ، و إخراج عائلتي من غزة) . و بدأت المشاكل بينه و بين الشاباك كما يقول عندما بدأ يطلب تعويضات عن خسائره ، و لكن يبدو أن لا أحد استمع إليه (الآن أجد نفسي في الشارع دون نقود و دون مستقبل ، لقد خوزقوني و استخدموني دون علمي ، و الآن خوزقوني ثانية ، إن ما يفعلونه بي هو جريمة) .

في تلك المقابلة أرسل حماد عدة رسائل منها ما هو إلى مستخدميه السابقين في الخيانة ضد شعبه ، للوقوف بجنبه و مساعدته ، و رغم أن (إسرائيل) لم تعترف بالمسؤولية عن اغتيال عياش ، حتى أنه في نفس المقابلة التي أجريت معه ، تم تعريف كمال حماد (بالمقاول من غزة الذي حسب الأنباء الأجنبية ساعد (إسرائيل) في اغتيال المهندس يحيى عياش) . إلا أن مكتب رئيس حكومة (إسرائيل) إيهود باراك ، وقتها ، عقب ، وفقاً لراديو الجيش الصهيوني ، بغضب على أقوال حماد لصحيفة معاريف .

و حسب الراديو فإن التعقيب كان أنه ليس صحيحاً أن (إسرائيل) لم تساعد كمال حماد و لم تقدّم له أموالاً ، و لكن (إسرائيل) قدّمت أموالاً بدّدها حماد على أمورٍ مظهرية .

و حسب الراديو فإن (إسرائيل) قدّمت لحماد (ثلاث شقق سكنية و مبلغاً كبيراً من المال ، كما كان حماد يتلقّى مبلغاً إضافياً شهرياً ، و أن حماد أنفق المال على مشتريات تنطوي على إسراف و بهرجة بدل استخدامه للأغراض التي خصّص لها كالتعليم و السكن و الرعاية الصحية له و لأسرته) .

و الرسالة الثانية التي وجّهها حماد ، بعد أن خرج عن صمته ، ادعاءه ببراءته من دم المهندس يحيى عياش ، رغم اعترافه الواضح بعمالته لـ (إسرائيل) و سرده لتاريخ تلك العلاقة ، و سواء كان صادقاً في ذلك أم لا ، فإن الرد على هذه الرسالة جاء متوقعاً ، فالدكتور محمود الزهار أحد قادة حركة حماس السياسيين ، عقّب على حديث كمال حماد لصحيفة معاريف ، معتبراً أنه المجرم رقم واحد المسؤول عن اغتيال يحيى عياش .

و قال الزهار ليومية الحياة الجديدة الفلسطينية (7/11/1999) ، إن كلام حماد أنه لم يكن يعرف بأن الهاتف النقال الذي استخدم في عملية الاغتيال ملغوماً ، هو كذب و افتراء . و أكد الزهار أن موقف حماس من القضية واضحٌ و هو أن العميل كمال حماد هو المتورط الرئيسي في الاغتيال و هو ما أكدته أيضاً حسب أقوال الزهار النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق التي تشكّلت من حماس و جهاز الأمن الوقائي .

و لم يترك الزهار مناسبة حديث كمال حماد لصحيفة معاريف دون الإشارة إلى أن وضع كمال حماد أصبح مثل الكلب (الذي يحرس صاحبه ثم يتركه صاحبه دون طعام ، و أن هذا هو مصير كل من يختار هذا الطريق) . و رأى آخرون في مثل العميل كمال حماد ، نموذجاً و درساً لكل الذين يتعاونون مع الاحتلال ضد أبناء شعبهم .

و هي عبرة مستخلصة من تجارب كلّ الشعوب ، و لكن لا يكفي أن يعتبر بها الأفراد ، فعلى الجماعات أيضاً ، أن تراكم بها خبراتها ، كي لا تلدغ من نفس الجحر أكثر من مرة ، و هو ما كان يحصل ، للأسف ، دائماً في الحالة الفلسطينية .




العام 2000


حوكموا في المحكمة العسكرية الخاصة في سجن السرايا- غزة



كمال عبد الرحمن حماد 49 بيت لاهيا مقاول بناء فار من وجه العدالة- صدر حكم غيابي بحقه 21/5/2000 التخابر والتآمر مع الموساد الاسرائيلي - الاعداد والتخطيط لاغتيال المهندس يحيى عياش الذي استشهد بتاريخ 15-1-96 اعدام رمياً بالرصاص ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة

حسام حماد محمود حماد 30 بيت لاهيا مرافق كمال فار من وجه العدالة 21/5/2000 مساعدة وتسهيل مهمة كمال حماد لاغتيال المهندس اعدام رمياً بالرصاص ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة


كريمة خالد محمد حماد 29 بيت لاهيا ربة منزل 22/6/96 21/5/2000 مساعدة وتسهيل مهمة كمال حماد لاغتيال المهندس يحيى عياش عدم المسؤولية عن اعمالها بسبب الضغوط المادية والمعنوية افرج عنها بتاريخ 15-3-00


اسامة خالد محمود حماد 35 بيت لاهيا مدقق حسابات 17/3/96 21/5/2000 الاهمال وقلة الاحتراز مما سهل مهمة كمال لاغتيال المهندس يحيى عياش

++ محكمة كمال حماد ++

محكمة


بعد اغتيال عياش و تكشّف حقيقة ما حدث سريعاً كان زعماء حماس السياسيون يقفون قي بيت عزاء الشهيد يحيى في غزة بجانب أسامة حماد ، صديق الشهيد الذي أخفاه في بيته ينفون الأنباء التي أشارت و لو تلميحاً لتورط أسامة في العملية ، متهمين خال أسامة ، كمال حماد بالتورط في اغتيال يحيى عياش .

و كان واضحاً أن جريمة الاغتيال وقعت في أرض ، هي تحت سيطرة سلطة ، مهما اختلفت الآراء حولها ، فإنها في النهاية مسؤولة عن (أمن) مواطنيها أو على الأقل يجب أن يكون لها (كلمة) ما فيما يحدث في الأرض التي تحت سيطرتها ، حتى لو كان ما يحدث يتم التحكم به عن بعد ، و من طائرة تحلق في أجواء ليست تحت سيطرتها ، كما حدث مع الشهيد يحيى عياش .

تحرّكت السلطة الفلسطينية ، متأخرة جداً ، و أوقفت أسامة حماد و شقيقته كريمة حماد ، و عقدت محكمة أمن الدولة جلسة لها يوم 9/5/1999 في غزة برئاسة العقيد عبد العزيز وادي ، و عضويه : النقيب جمال نبهان ، النقيب : سامي نجم ، للنظر في جريمة اغتيال يحيى عياش .

و نظرت المحكمة في التهم الموجّهة للمتهم الأول كمال عبد الرحمن حماد الفار من العدالة و المتهم الثاني حسام حماد محمد حماد المرافق للمتهم الأول و الفار من العدالة أيضاً و المتهمان الثالث كريمة خالد حماد و الرابع أسامة خالد حماد .

اتهم كمال حماد ، بالسعي و التخابر و التآمر مع المخابرات الصهيونية للقيام بعمل إرهابي استهدف الشهيد المهندس يحيى عياش . و اتهم حسام حماد (الهارب) و كريمة حماد (الموقوفة منذ 22/6/1996) بمساعدة المتهم الأول كمال حماد و تهيئة الظروف لقتل عياش . و اتهم أسامة حماد (الذي أوقف بتاريخ 16/7/1996 أي بعد أكثر من سبعة أشهر من الاغتيال) رفيق المهندس الذي أخفاه تهمة الإهمال مما أدّى إلى مقتل الشهيد عياش و أنه تسبّب من غير قصد في مقتل المهندس .

كان عقد المحكمة مهماً ، ففي النهاية يجب أن تكون هناك رواية (رسمية) فلسطينية لما حدث ، و لهذا لم يتوقّف الكثيرون عند النصوص القانونية التي يحاكم بموجبها المتهمون الأربعة ، و كان يمكن أن يكون عقد المحكمة لجلساتها حدثاً ، و لكن ضعف ثقة الرأي العام الفلسطيني بالجهاز القضائي الفلسطيني و توالي الأحداث و الملل من متابعة دهاليز العملية السلمية عكس نفسه على الاهتمام بقضايا داخلية كثيرة ، و معرفة الكثير من أسرار حادث الاغتيال ، أدّى إلى عدم إبلاء المحاكمة الاهتمام الكافي .

في تلك الجلسة قال المدعي العام جمال شامية إن عمالة المتهم الأول كمال حماد لجهاز الشين بيت (أحد أذرع أجهزة المخابرات الصهيونية الداخلية) لا تحتاج لإثبات بعد أن رفع حماد دعوى ضد الجهاز الصهيوني يطالب فيها بتعويض 25 مليون دولار لمشاركته في تنفيذ عملية اغتيال يحيى عياش .

و أشار شامية إلى أن حسام حماد و كريمة حماد نفّذا تعليمات كمال حماد ، بجمع معلومات عن عياش و التعاون في زرع جهاز تنصت في الهاتف الخلوي الذي يملكه المتهم الرابع (أسامة حماد) الذي اشتراه بناءاً على طلب كمال حماد (المتهم الأول) .

و أكّد شامية ما كان معروفاً لدى الرأي العام ، من أن جهاز المخابرات الصهيوني تعرّف على صوت الشهيد عياش و الأوقات التي يتصل والده به من خلال تعاون المتهمين الثلاثة (كمال ، حسام ، أسامة) ، و أنه في يوم تنفيذ جريمة الاغتيال اتصل كمال حماد بابن أخته أسامة و طلب منه إبقاء الهاتف النقال مفتوحاً بحجة أن شخصاً يدعى شلومو سيتصل لأسباب تتعلق بالعمل ، و هو بالطبع لم يكن صحيحاً ، فرجال المخابرات الصهيونية كانوا في ذلك اليوم ينتظرون مكالمة الوالد لابنه يحيى خصوصاً و أنه تم فصل الخدمة الهاتفية (التي تتحكم بها "إسرائيل") عن الهاتف الثابت .

كان الكثيرون مستعدين لتقبل الاتهامات لكمال حماد و حسام حماد ، و ربما لكريمة حماد ، و لكن ، و لأسباب كثيرة ، منها ما هو عاطفي ، فإن الأمر كان مختلفاً بالنسبة لأسامة حماد رفيق الشهيد الذي خبأه في منزله .

حتى أن المدعي العام النقيب جمال شامية أشار في تلك الجلسة إلى أن أسامة كان متوجساً من تقرّب خاله كمال حماد إليه ، و طلب من يحيى عدم الإقامة في منزله بسبب ارتباطات خاله المشبوهة ، و لكن المدعي وجه لوماً لأسامة لأنه لم يبلغ تلك المخاوف لقيادته السياسية (مما جعله محل اتهام) .

أثارت لائحة الاتهام التي تلاها المدعي العام شامية جلبة وسط جمهور المحكمة غير المتعود على مثل هذا النوع من المحاكمات التي يكون الرأي العام ، اتخذ فيها مسبقاً قراراً ضد المتهمين .

أسامة حماد احتج على التهم التي وجّهت لشقيقته الأميّة التي لا تجيد القراءة مشيراً إلى أن المخابرات الصهيونية لا يمكن أن تعتمد ، في تنفيذ عملياتها على هذا النوع من الأشخاص .

و كريمة نفسها نفت ما نسب إليها بشدة ، و أمام الهيجان الذي حدث في الجلسة حذّر القاضي وادي من طرد أفراد عائلات المتهمين (أسامة و كريمة) إذا لم يعد الانضباط إلى القاعة ، و قدّم محامي أسامة و كريمة الموكّل من قبل هيئة المحكمة اعتذاراً مشيراً إلى أن الضغط النفسي الذي تعرّض له موكلاه عبّر عن نفسه في ذلك الغضب ..!

و بعيداً عن قاعة المحكمة كان هناك طرف أصدر مسبقاً حكماً على أحد المتهمين بالبراءة ، فحركة حماس ، أصدرت بياناً برأت فيه أسامة حماد من التهم الموجهة إليه ، و هي كما ذكرنا تتعلق بالإهمال و ليس بالعمالة لـ (إسرائيل) .

و جاء بيان حماس قبل يوم واحد من عقد جلسة المحكمة تلك ، في محاولة ، على ما يبدو للتأثير على سير المحكمة ، هي بغض النظر عن مدى استقلاليتها ، و التحفظات على قانونية محاكم أمن الدولة بشكلٍ عام ، فإنه كان لا بدّ من إعطائها فرصة ، فلا يعقل أن يمرّ حادث بجسامة ما تعرّض له عياش دون أن تقول ، محكمة ، أية محكمة كلمة فيه . و أعتقد أنه كان من الأجدر إيراد تحفظات على المحكمة و المطالبة بوضع ضوابط لتكون المحكمة عادلة ، و انتقاد تأخر عقدها .

و برأ بيان حماس عضو الحركة أسامة حماد ، و أشار إلى مزايا أسامة و نقاء سريرته و قبوله إيواء الشهيد يحيى عياش في منزله في ظلّ تلك الظروف الصعبة .

و نوّهت حماس إلى أن أسامة حماد و بعد حادث الاغتيال أخضع لتحقيق من قبل الأمن الوقائي الذي تأكّد من براءة أسامة و التي تأكّدت أيضاً من خلال تحقيق أجرته لجنة مشتركة من كتائب القسام و الأمن الوقائي في غزة .

و لم تعِدْ حماس في بيانها بنشر نتائج التحقيق المشترك ، و باعتقادي أنه ما دام هناك تحفّظ على محكمة السلطة يجب أن لا يترك الرأي العام فريسة لوجهة نظر واحدة هي السلطة في هذه الحالة ، و التي لا تتمتع محاكمها بأية مصداقية ، و من حق الرأي العام أن يعرف نتائج التحقيق الذي شاركت فيه حماس نفسها .

و ذكر البيان أن الشيخ أحمد ياسين وجّه رسالة لرئيس السلطة ياسر عرفات يؤكّد فيها براءة أسامة ، و طالبت حماس بالإفراج عن أسامة حماد ، و أكّدت حرصها على وحدة الشعب الفلسطيني في (هذه المرحلة الدقيقة و تفويت الفرصة على المتربصين بوحدة الصف و الكلمة) .

و لم تقدّم حماس ملاحظات على طبيعة المحكمة و صلاحيتها و مدى نزاهتها و لم تطالب بمحكمة بديلة ذات طابع مدني مثلاً و أكثر استقلالية ، و لم تتقدّم ببيانات البراءة إلى المحكمة التي بدأت في عقد جلساتها بشكل علني .

من جانبه قال العقيد عبد العزيز وادي رئيس المحكمة العسكري ، إن براءة أسامة أو عدمها هي من اختصاص المحكمة ، و قال إن ما أوردته حماس في بيانها يجب أن يقدّم للمحاكمة التي من اختصاصها النظر في ذلك .

و عقدت المحكمة جلسة أخرى لها يوم 14/5/2000 ، و بتاريخ 21/5/2000 عقدت المحكمة جلسة للمداولة و النطق بالحكم، و في تلك الجلسة التي رأسها العقيد عبد العزيز وادي و عضوية النقيب : جمال نبهان ، و النقيب : رسمي النجار ، تمت إدانة جميع المتهمين الأربعة في القضية .

و تلا القاضي وادي حيثيات الحكم ، و قال إنه بشأن المتهمة الثالثة كريمة حماد فإن الأدلة و البيانات تشير إلى أنها قامت بتزويد المتهم الأول كمال حماد بما طلبه منها من معلومات عن الشهيد يحيى عياش و تحركاته ، مشيراً إلى أن ذلك يقع تحت طائلة أحكام المادة 88 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1979 ، و قال إن هيئة المحكمة قرّرت تجريمها مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف و الأعذار المخفّفة التي وجدتها هيئة المحكمة من خلال الوقائع المادية و الأدلة و البيانات التي اقتنعت بها هيئة المحكمة و اطمأن ضميرها .

و فيما يخصّ المتهم الرابع أسامة حماد رفيق الشهيد عياش ، قال وادي إنه ثبت للمحكمة أن المتهم كان على علاقة سيئة بالمتهم الأول خاله كمال حماد ، لمعرفته أنه عميل للموساد ، و بعد أن خبّأ الشهيد عياش في منزله أبقى على تلك العلاقة مع خاله و وافق العمل في شركته و تقبّل منه المساعدة المالية ، و لم يخشَ مخاطر قبول الهاتف النقال منه و استرجاعه في أوقات مختلفة بحجج واهية ، متجاهلاً أحاسيسه التي يقر بأنها كانت تقول له أن يتخذ الحيطة و الحذر . حسب اعترافاته الموجودة في ملف القضية ، و استمر في التعامل مع خاله كمال حماد .

و قال القاضي إن هيئة المحكمة رأت أنه كان من واجب أسامة حماد إبلاغ تنظيمه بما يتوقّعه من مخاطر محدقة بالمهندس الشهيد . و لم تعتبر هيئة المحكمة رسالة الشيخ أحمد ياسين للرئيس عرفات أو بيان حماس ، دليلاً لإعفاء أسامة حماد من مسؤولية الإهمال و قلة الاحتراز ، الأمر الذي أدّى إلى تمكين أجهزة المخابرات الصهيونية و عملائها من الوصول للمهندس و اغتياله .

و بتهمة (الإهمال و قلة الاحتراز) وفقاً (لتطبيق أحكام المادة 212 معطوفة على أحكام المادة 393 بدلالة المادة 235 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1979 ، و الحكم عليه وفق أحكام هذه المواد مع مراعاة مشاركة تنظيمه له في تحمّل المسؤولية التقصيرية عن أمن و سلامة الشهيد يحيى عياش) .

و حكم على أسامة حماد ، صديق الشهيد منذ دراستهما معاً في جامعة بيرزيت ، بالسجن لمدة ثلاث سنوات تبدأ منذ اعتقاله بتاريخ 16/7/1996 .

و بدا أسامة حزيناً لإدراجه و شقيقته ضمن لائحة اتهام ضمّت العميلين كمال و حسام حماد ، و هو رفيق و صديق الشهيد الذي كان مستعداً للتضحية بروحه من أجله .

و لكن الحزن ، و ربما الندم لا يكفي في مثل هذه الحالات ، فقد رحل المهندس ..!



++ الجاسوس يتكلم ++

الجاسوس يتكلّم


الحدث الأبرز في تلك الجلسة التي عقدت بتاريخ 21/5/2000 هي الأحكام التي صدرت على كمال حماد و حسام حماد . و الأهم تجريمهما بالتهم المنسوبة لهما في قضية الاغتيال .

و كما هو متوقع صدر الحكم بإعدام المتهمين كمال و حسام رمياً بالرصاص حتى الموت ، و مصادرة أموالهما المنقولة و غير المنقولة أينما وجدت . بعد أن ثبت لهيئة المحكمة جمع تلك الثروة بطريقة غير مشروعة و أن عملهما مع المخابرات الصهيونية سهّل لهما جمع تلك الثروة (خصوصاً المتهم الأول كمال حماد) .

القاضي العسكري عبد العزيز وادي قال إنه ثبت للمحكمة بالأدلة القاطعة التي لا يشوبها أي شك ارتكاب المتهم الأول كمال حماد و الثاني حسام حماد ، الفارين من وجه العدالة لفعلة التخابر مع الموساد الصهيوني و تقديم كافة التسهيلات التي طلبها الموساد لوضع العبوة الناسفة في جهاز الهاتف النقال الذي اشتراه كمال حماد و وضعه بتصرّف ابن شقيقته أسامة حماد بسبب معرفته بوجود الشهيد عياش في منزل أسامة مختبئاً . (يلاحظ هنا عدم الدقة لدى المحكمة في تحديد اسم جهاز الأمن الصهيوني المسؤول عن تنفيذ اغتيال عياش و هو الشاباك ، بينما جهاز الموساد مختص بالعمل الاستخباري الخارجي ، و إن كان هناك تعاون وثيق بين أجهزة المخابرات و وحدات الجيش الصهيوني المختلفة) .

و ثبت لهيئة المحكمة أن خطة الموساد كان إجبار عياش أو ذويه على استخدام الهاتف النقال في الوقت المناسب لاغتيال عياش و هو ما حدث في الساعة السابعة من يوم 15/1/1996 ، عندما اتصل والد عياش و تعطّل أثناء المكالمة الهاتف الثابت ، فاتصل والد عياش به على الهاتف النقال ، و هذا ما كان ينتظره الموساد ، حيث فجّرت العبوة الناسفة و استشهد المهندس .

و لا نعرف إذا كان العميلان كمال و حسام ، كانا يتابعان مجريات المحكمة ، أو يهمهما قرارها ، فهما اختارا مصيرهما عندما قررا الفرار إلى تل أبيب و منحهما بطاقات هوية صهيونية ، و ربما قبل ذلك بكثير عندما ارتبطا بأجهزة الأمن الصهيونية ، و لكن على الأقل فإن كمال حماد وهو المجرم الرئيس في قضية اغتيال عياش كان مشغولاً بأموره الخاصة في تل أبيب بعد أن اتهم حكومة (إسرائيل) بالتخلي عنه .

من الصعب معرفة الأسباب التي أدّت لكمال حماد و هو المقاول الثري للتورّط مع الشاباك في عمل مثل اغتيال عياش ، و لا يمكن من خلال معرفة ما أُجري معه من الأحاديث التي أدلى بها للصحافة الصهيونية بعد هروبه من غزة (و تخلّي الشاباك عنه) أن تعطي صورة عن تلك النوعية من (البشر) التي لا تكتفي بالتعامل مع العدو بل تعمل على المشاركة في أعمال شكّلت صدمات لا تنسى للوعي الجمعي كاغتيال يحيى عياش ، الرمز الفلسطيني الذي لا يتكرّر بسهولة .

و لكنها يمكن أن تعطي صورة لما سيكون عليها العميل ، ربما أي عميل ، بعد أن يؤدّي ما طلب منه ، و لا يبقى له أي فائدة ترجى . مثلاً نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت يوم الجمعة 22/8/1997 ، عما جرى في يوم 15/1/1996 عندما انفجر الجهاز الخليوي في جسد عياش .

تقول الصحيفة إن كمال حماد ، كان في يافا و بعد ساعتين من الاغتيال ظهر في موقع للبناء في شارع (مخلول - يوفي 5) و حضر للموقع للإشراف على البناء الذي تقوم به شركته ، و سمع النبأ من الراديو في ساعات بعد الظهر ، و كما هو متوقع فإنه أحد المعنيين الرئيسين في الحادث .

و حسب رواية الصحيفة فإنه سارع للاتصال بزوجته الشابة سامية و طلب منها مغادرة غزة و القدوم إليه على الفور إلى تل أبيب ، و لأنه كان ، من قبل الحادث ، يخطّط للسفر إلى أمريكا لزيارة ولده أيمن الذي أرسله للدراسة هناك ، و لكنه ، حسب الصحيفة بدّد (أيمن) النقود التي كانت معه ، و يريد كمال الوقوف بنفسه على أوضاع ابنه .

و كان قرار السفر الفوري أكثر ما يناسب شخصاً في مثل وضعه ، فصعد و زوجته الشابة سامية على أول طائرة متجهة إلى أمريكا قبل أن يعرف أحد تورّطه في اغتيال المهندس .

تقول الصحيفة إن كمال ، الذي اختفى في الولايات المتحدة ، كان عليه أن يواجه (الضربة القاسية التي ألمت به ، لقد توقف المقاول الثري في منتصف مشروع بناء) .

و تضيف : (لقد فوجئ أصحاب المشروع حين اتضح لهم أن المقاول هرب إلى الخارج في منتصف مشروع بناء ، و فوجئ أصحاب المشروع حين اتضح لهم أن المقاول هرب إلى خارج البلاد في أعقاب مقتل المهندس) .

كمال حماد كان في أمريكا بعد حادث الاغتيال المدوّي و الذي تردّد رجع صداه في العالم العربي و في العالم و ربما لم تخلُ صحيفة أو وسيلة إعلام تهتم بالسياسية بموضوع عنه . و في غزة تم اعتقال عددٍ من أقاربه منهم شقيقه محمود و ابن أخيه أكرم حماد و أخ زوجته الثانية عبلة .

و أفرجت السلطة عن شقيقه محمود الذي اتضح للسلطة أنه ليس له علاقة بحادث الاغتيال و لم يكن يعلم به ، و حسب الصحيفة فإن السلطة طلبت من محمود المغادرة من (أجل سلامته) ، فأخذ عائلته المكوّنة من زوجتين و 12 ابناً و انتقل للسكن في بيتٍ كان شقيقه كمال بناه في يافا ، و لم تكن حياته هانئة في يافا فسكان الحي الذي سكن فيه لم يقبلوا أن يعيش بينهم أفراد من عائلات (المتعاونين) ، و هي التسمية التي يطلقها الإعلام الصهيوني على عملاء أجهزة الأمن الصهيونية من الفلسطينيين و العرب ، فانتقل ، في نهاية حزيران 1996 إلى فندق ثم دبّر نفسه في سكن آخر .

و قرّرت زوجة كمال حماد الأولى فاطمة البقاء في غزة ، أما زوجته الثانية عبلة فغادرت غزة ، على الأغلب بسبب مضايقات تعرّضت لها بسبب زوجها الفار ، و انتقلت للعيش ، منفصلة عن زوجها ، في (إسرائيل) .

و حسب تقديرات يديعوت ، لدى نشر تقريرها في أواخر آب 1997 فإن نحو (70) فرداً من عائلة حماد انتقلوا للعيش في (إسرائيل) مغادرين غزة . و في ذلك التقرير ذكرت الصحيفة أن ابن كمال حماد أيمن غادر الولايات المتحدة ، و أصبح متجولاً في العالم ، و أما كمال فإن ديونه تزايدت ، و لم يكن في نية أية جهة في (إسرائيل) مساعدته في سداد ديونه التي تتزايد ، فباع أملاكه ، في يافا بخسارة ، و كانت أملاكه التي قدّرها الصحافيان بعشرين مليون دولار قد صودرت . و كان حماد ، المقاول الثري سابقاً و العميل لأحد أقوى ، أو أنشط ، أجهزة المخابرات في العالم يدخل (في وضع نفسي سيئ ، بسبب الحالة التي وصل إليها و بسبب فقدان عقاراته و ممتلكاته) . و أصبح نموذجاً لما يمكن أن يشير إليه الفلسطينيون ، بأنه النهاية المتوقعة (لكلبٍ باع ضميره و خان شعبه و فقد شرفه) .

و كانت الأزمة التي يعيشها حماد تتصاعد ، و ذهبت طلباته من (إسرائيل) بتعويضه على الأقل عن أملاكه التي صودرت في غزة ، أدراج الرياح ، و في 4/11/1999 كان يتم إخلاءه من الشقة التي سكن بها ، بعد أن وصلت أزمته المالية منتهاها . و لم يعد قادراً على دفع أجرتها .

و اختار أن يدلي بحديث للصحافي (يوأب ليمور) من صحيفة معاريف العبرية نشرت في نفس ذلك اليوم ، في محاولة منه للفت الرأي العام الصهيوني ، على ما يبدو ، لمأساته .

قال حماد : (لقد أصدرت دولة "إسرائيل" ضدّي حكماً بالإعدام و الآن تريد أن تدوس على الجثة ، لقد قدّمت حياتي من أجل الدولة و اليوم أجد نفسي في الشارع مع عائلتي ، هل هذا هو الأسلوب الصحيح ؟ فكّرت بأن الحديث يدور عن دولة سليمة و لكن كلّ شيء كان مجرّد خدعة ، توصلت إلى حالة افتقدت فيها إلى النقود لدفع إيجار الشقة و من أجل توفير لقمة الخبز لأولادي و تعليمهم ، لماذا يفعلون بي هكذا ؟) .

و يقول الصحافي الذي أجرى المقابلة إن كمال حماد يعيش في خوفٍ دائم على حياته و لهذا رفض التقاط صور له . و وجّه حماد شكواه ضد (إدارة تأهيل المتعاونين) في مكتب رئيس الحكومة الصهيونية . التي خدعته طوال الوقت كما قال في حديثه للصحيفة . و أهانته باستمرار و كذبت عليه و لم تلتزم بالدفع له .

و يقول حماد عن هذه الإدارة (إن ما يفعلونه بي أكثر سوءاً من التنكيل إنه قتل ، قال لي كبار في الشاباك إن على هذه الدولة أن تقبّل قدميك ، و لكن بدلاً من ذلك ينكلون بي و بعائلتي ، لم أكن أفكّر حتى في أسوأ أحلامي أن هذا سيحدث و لكن هذا الكابوس ينمو و يكبر يوماً إثر يوم) .

و تحدّث حماد عن علاقته مع أجهزة الأمن الصهيونية ، و حسب قوله فإنه في منتصف الثمانينات من القرن العشرين ، نظّم لقاءات في بيته في غزة بين قادة الإدارة المدنية الصهيونية و كبار في أجهزة الأمن الصهيونية و بين وجهاء من غزة لطرح ما يسميه مشاكل السكان .

و كانت هذه اللقاءات تجري ضمن سياسة (إسرائيل) وقتها بفتح قنوات اتصال مع القيادات المحلية الفلسطينية ، و كانت قبلاً استبدلت صيغة الحكم العسكري بالإدارة المدنية . لتجميل الاحتلال و مشاركة السكان المحليين في إدارة (احتلالهم) . و كانت هذه المحاولات المتتالية جوبهت من قبل الحركة الوطنية الفلسطينية في وقتها ، و تم تقديم شهداء و جرحى و أسرى لإفشال مخطّطات الاحتلال تلك .

و يكشف حماد أنه خلال تلك المرحلة طلب منه أن يبني مساكن للاجئين ، و ذلك لإخلاء المخيمات ، و هي التي عرفت بمشاريع توطين اللاجئين التي كانت كلما تطرح تجابه من اللاجئين أنفسهم و الحركة الوطنية .

و من أجل ذلك ، حصل حماد على تمويلٍ لمشروعه الذي اقترحته عليه (إسرائيل) ، من بنك (إسرائيلي) و دون فائدة ، و لكن المشروع لم ينفّذ بعد أن هُدّد من قبل الفلسطينيين .

و يبدو أن حماد كلّف بأمورٍ أخرى كثيرة من قبل (إسرائيل) ، و أصبح أحد ممثلي (الزعامات المحلية) المرتبطة مع الاحتلال الصهيوني ، و بصفته هذه ذهب إلى تونس ، مقر منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ، و لم يفصح في المقابلة عن الهدف من تلك الزيارة ، و لكنه كشف للصحيفة أنه بعد إحدى اللقاءات في تونس و أثناء عودته انتظره رجال الأمن الصهيوني و أخبروه أنهم (اعتقلوا خلية خطّطت لقتلي ، و أعطاني الجيش جهاز إنذار في البيت و وعدني بأن تصل القوات بعد دقيقة من الضغط على جهاز الإنذار) . و هذا التدبير الأمني الصهيوني كانت استخدمته (إسرائيل) مع عملاء آخرين لها كانت حياتهم مهددة من قبل المقاومين الفلسطينيين .

و أصبح واضحاً أن حماد أصبح عميلاً مهماً لدى (إسرائيل) ، و توسعت علاقاته ، و حسب قوله للصحيفة العبرية فإنه استضاف في بيته موشي آرنز وزير الحرب الصهيوني اليميني و رئيس الحكومة إسحاق رابين و وزير الخارجية شمعون بيرس و جنرالات آخرين في جيش الاحتلال .

و يدّعي حماد في المقابلة أنه أقام (نوعاً من العلاقات) مع قادة السلطة الفلسطينية الذين نظر معظمهم إلى علاقاته مع (إسرائيل) بالإيجاب ..!

و زوّدت (إسرائيل) حماد بكلاشينكوف و مسدسات ، و عن تلك الفترة يقول حماد : (أولادي كانوا يتجوّلون في البيت في غزة و البنادق في أيديهم) . و معنى ذلك أن حماد كان عميلاً معروفاً لـ (إسرائيل) بشكلٍ واضح للفلسطينيين ، و أن أقرباءه لا شك يعرفون حقيقته و من ضمنهم ابن شقيقته أسامة حماد رفيق يحي عياش .

و يشعرنا كمال حماد أنه كان خائفاً جداً على نفسه في تلك الفترة إلى درجة أه بدأ يتردّد على الولايات المتحدة ليلد له ولداً هناك يستطيع الحصول على الجنسية الأمريكية ، و يستطيع ، بذلك ، الذهاب إلى هناك في حالة أي طارئ ، و هو ما فعله بالفعل بعد استشهاد يحيى عياش .

و في تلك المقابلة التي تحدّث فيها حماد لأول مرة بعد أن كان حديث الصحافة العربية و العالمية لدوره في اغتيال عياش ، حاول أن يقدم (روايته) لما حدث ، فقال كمال إنه خلال إحدى رحلاته للولايات المتحدة علم أن ابن شقيقته أسامة تم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية بدعوى أنه درّب استشهادياً ، و فوجئ كمال بأن (إسرائيل) تطلب منه التدخل ليمارس تأثيره ، كما يقول ، على السلطة للإفراج عن أسامة .

و يعترف كمال أنه لم يفهم سبب طلب (إسرائيل) ذلك ، و هو أمر من الصعب فهمه فعلاً إذا أخذت الأمور بظواهرها ، فأسامة عضو معروف في حماس و (إسرائيل) تطالب ، ليلاً و نهاراً ، السلطة باعتقال نشطاء حماس .

يكمل كمال حماد : (بناء على طلب الشاباك بدأت بتشغيل أسامة لديّ ، قلت لـ (الإسرائيليين) إنه لا يستطيع العمل لدي ، لأن بناتي يخرجن بلباس قصير و هو رجل متديّن ، لكنهم قالوا إن كل شيء سيكون على ما يرام) .

ربما كان كمال حماد لا يعرف تفاصيل خطة الشاباك بالتخلص من يحيى عياش ، و لكن رجال الشاباك ، كانوا ينفّذون الخطة بدقة شديدة ، فبعد أن طلبوا من كمال حماد العمل على الإفراج عن ابن شقيقته أسامة و تشغيله معه طلبوا منه أن يولي أسامة مهمة نقل و شحن البيض من المزرعة التي يملكها ، ثم طلبوا منه أن يعطيه هاتفاً نقالاً لمساعدته في العمل و هذا ما تم فعلاً .

يقول حماد ، بعد وقتٍ قصير تعطّل الهاتف النقال و أرسل إلى التصليح ، و لا يتحدّث عن تفاصيل محدّدة عن ذلك ، و يقول إنه تم إعادة الجهاز ، و بعد إعادته استدعاه الشاباك إلى تل أبيب بدعوى أن خطراً حقيقياً على حياته في غزة .

كان ذلك مساء يوم الخميس ، أي قبل يوم واحد من اغتيال المهندس ، و في صباح اليوم التالي ، حيث كانت خطة الاغتيال تستكمل خطوطها الأخيرة ، يقول كمال حماد : (جلست مع رجال الشابك لتناول الطعام و رأيت أنهم جميعاً فرحون ، بعد ذلك صعدت إلى غرفتي لآخذ قسطاً من الراحة و فجأة اتصلوا بي و قالوا لي إنه يجب أن أسافر على عجل ، الآن و فوراً ، مع زوجتي إلى الولايات المتحدة) .

و يشير حماد إلى أن (إسرائيل) لم تسمح له بالدخول إلى غزة ، فالتقى بزوجته في أحد الكيبوتسات القريبة من غزة ، و كانت زوجته في حالة ذهول .

و حسب روايته فإنه خلال كل هذا الوقت لم يكن يعرف ماذا جرى فعلاً في غزة ، يقول حماد : (بعد أن وصلت يافا من أجل ترك سيارتي و السفر سألني أحدهم عما إذا كنت سمعت الأخبار و قال لي إنهم اغتالوا يحيى عياش) .

و ليس مستبعداً أن يكون الشاباك أخفى عنه حقيقة خطة اغتيال يحيى عياش ، و كلام حماد يذكّر بما قاله عميل آخر بعد ذلك بسنوات و هو علان بني عودة الذي استخدم لقتل أحد قادة حماس العسكريين : إبراهيم بني عودة ، فكلاهما لم يخفِ علاقته بالاحتلال ، و لكنهما أنكرا بمعرفتهما بتفاصيل المهمتين اللتين استخدما لأجلهما ، اغتيال يحيى عياش و إبراهيم بني عودة ، من أبرز أعضاء الجناح العسكري لحماس و اللذان قتلا بطريقة متشابهة في عمليتين لم تعترف (إسرائيل) بمسئوليتها عنهما حتى الآن .

يتابع حماد روايته قائلاً إنه اتصل فوراً مع أخيه في غزة و بعد عدة دقائق اتضح له أن الاغتيال تم في بيت أخته و أن الاغتيال (تم من وراء ظهري و دون علمي ، لقد استخدموني و استغلوني و في لحظة واحدة دمّروا عالمي) .

تسلّم حماد نقوداً من الشاباك قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة و لكنه فوجئ هناك بأن (بطاقة الائتمان خاصتي ألغيت رغم أنه كان لي نقود في بنك في (إسرائيل) ، و حين قرّرت العودة إلى (إسرائيل) ، اقتحم رجال شرطة الـ : أف.بي.آي غرفتي في الفندق في لاس فيجاس و فتشوني تفتيشاً دقيقاً ثم تركوني أغادر) .

و عندما وصل إلى مطار بن غوريون في اللد كان رجال من الشاباك في انتظاره ، أخذوه إلى فندق و قالوا له : (لا داعي للقلق لأن كل شيء سيسير على ما يرام و أن دولة "إسرائيل" ستهتم بكل احتياجاتي ، و قال لي أحد أفراد الشاباك إن القليل من "الإسرائيليين" فعلوا ما فعلته للدولة) .

و يبدو أن الشاباك لم يفِ بما وعد (في البداية كان كل شيء على ما يرام ، اهتم الشاباك بتوفير بيتٍ لي ، و إخراج عائلتي من غزة) . و بدأت المشاكل بينه و بين الشاباك كما يقول عندما بدأ يطلب تعويضات عن خسائره ، و لكن يبدو أن لا أحد استمع إليه (الآن أجد نفسي في الشارع دون نقود و دون مستقبل ، لقد خوزقوني و استخدموني دون علمي ، و الآن خوزقوني ثانية ، إن ما يفعلونه بي هو جريمة) .

في تلك المقابلة أرسل حماد عدة رسائل منها ما هو إلى مستخدميه السابقين في الخيانة ضد شعبه ، للوقوف بجنبه و مساعدته ، و رغم أن (إسرائيل) لم تعترف بالمسؤولية عن اغتيال عياش ، حتى أنه في نفس المقابلة التي أجريت معه ، تم تعريف كمال حماد (بالمقاول من غزة الذي حسب الأنباء الأجنبية ساعد (إسرائيل) في اغتيال المهندس يحيى عياش) . إلا أن مكتب رئيس حكومة (إسرائيل) إيهود باراك ، وقتها ، عقب ، وفقاً لراديو الجيش الصهيوني ، بغضب على أقوال حماد لصحيفة معاريف .

و حسب الراديو فإن التعقيب كان أنه ليس صحيحاً أن (إسرائيل) لم تساعد كمال حماد و لم تقدّم له أموالاً ، و لكن (إسرائيل) قدّمت أموالاً بدّدها حماد على أمورٍ مظهرية .

و حسب الراديو فإن (إسرائيل) قدّمت لحماد (ثلاث شقق سكنية و مبلغاً كبيراً من المال ، كما كان حماد يتلقّى مبلغاً إضافياً شهرياً ، و أن حماد أنفق المال على مشتريات تنطوي على إسراف و بهرجة بدل استخدامه للأغراض التي خصّص لها كالتعليم و السكن و الرعاية الصحية له و لأسرته) .

و الرسالة الثانية التي وجّهها حماد ، بعد أن خرج عن صمته ، ادعاءه ببراءته من دم المهندس يحيى عياش ، رغم اعترافه الواضح بعمالته لـ (إسرائيل) و سرده لتاريخ تلك العلاقة ، و سواء كان صادقاً في ذلك أم لا ، فإن الرد على هذه الرسالة جاء متوقعاً ، فالدكتور محمود الزهار أحد قادة حركة حماس السياسيين ، عقّب على حديث كمال حماد لصحيفة معاريف ، معتبراً أنه المجرم رقم واحد المسؤول عن اغتيال يحيى عياش .

و قال الزهار ليومية الحياة الجديدة الفلسطينية (7/11/1999) ، إن كلام حماد أنه لم يكن يعرف بأن الهاتف النقال الذي استخدم في عملية الاغتيال ملغوماً ، هو كذب و افتراء . و أكد الزهار أن موقف حماس من القضية واضحٌ و هو أن العميل كمال حماد هو المتورط الرئيسي في الاغتيال و هو ما أكدته أيضاً حسب أقوال الزهار النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق التي تشكّلت من حماس و جهاز الأمن الوقائي .

و لم يترك الزهار مناسبة حديث كمال حماد لصحيفة معاريف دون الإشارة إلى أن وضع كمال حماد أصبح مثل الكلب (الذي يحرس صاحبه ثم يتركه صاحبه دون طعام ، و أن هذا هو مصير كل من يختار هذا الطريق) . و رأى آخرون في مثل العميل كمال حماد ، نموذجاً و درساً لكل الذين يتعاونون مع الاحتلال ضد أبناء شعبهم .

و هي عبرة مستخلصة من تجارب كلّ الشعوب ، و لكن لا يكفي أن يعتبر بها الأفراد ، فعلى الجماعات أيضاً ، أن تراكم بها خبراتها ، كي لا تلدغ من نفس الجحر أكثر من مرة ، و هو ما كان يحصل ، للأسف ، دائماً في الحالة الفلسطينية .



العام 2000


حوكموا في المحكمة العسكرية الخاصة في سجن السرايا- غزة


كمال عبد الرحمن حماد 49 بيت لاهيا مقاول بناء فار من وجه العدالة- صدر حكم غيابي بحقه 21/5/2000 التخابر والتآمر مع الموساد الاسرائيلي - الاعداد والتخطيط لاغتيال المهندس يحيى عياش الذي استشهد بتاريخ 15-1-96 اعدام رمياً بالرصاص ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة


حسام حماد محمود حماد 30 بيت لاهيا مرافق كمال فار من وجه العدالة 21/5/2000 مساعدة وتسهيل مهمة كمال حماد لاغتيال المهندس اعدام رمياً بالرصاص ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة


كريمة خالد محمد حماد 29 بيت لاهيا ربة منزل 22/6/96 21/5/2000 مساعدة وتسهيل مهمة كمال حماد لاغتيال المهندس يحيى عياش عدم المسؤولية عن اعمالها بسبب الضغوط المادية والمعنوية افرج عنها بتاريخ 15-3-00


اسامة خالد محمود حماد 35 بيت لاهيا مدقق حسابات 17/3/96 21/5/2000 الاهمال وقلة الاحتراز مما سهل مهمة كمال لاغتيال المهندس يحيى عياش

كمال حماد مقاول فلسطيني يحمل الهوية الاسرائيلية ، حكم علية غيابيا يالاعدام رميا بالرصاص ومصادرة أملاكة في غزة في تاريخ 21 5 2000 ، وكان قد فر إلى أسرائيل بعد مقتل يحيى عياش العضو البارز في حماس. وهو يعيش في أسرائيل بشكل سري حيث انة أكثر الجواسيس المطلوبين من قبل المنظمات الفلسطينية.


حياتة يكتنف حياتة الكثير من الغموض حيث انة ولد لعائلة هاجرت من يافا إلى غزة عام 1948 ، وقد عمل في بداية حياتة كسائق دراجة نارية يقوم بتوصيل الطلبات إلى المنازل ، ثم انتقل إلى المقاولات بسرعة واصبح لة اسم حيث انة كان يقوم ببناء الاسكانات الخاصة بالمهجرين إلى غزة خارج حدود المخيمات ، وقد كان منزلة في شارع النصر مكان لالتقاء ضباط الجيش الاسرائيلي ووجهاء المخيمات تحت شعار تحسين ظروف الحياة السكان, وبسبب ان شارع النصر في مدينة غزة منطقة احتكاك مباشر بين الجيش الاسرائيلي والسكان قام بأستجار شقة على شاطئ غزة. تزوج مرتان الاولى لسيدة من غزة والثانية لسيدة سورية ، والغريب انة حصل على هوية أسرائيلية لها و لأختها ايضا التى كانت تسكن معهم في نفس البيت .



++ محكمة كمال حماد ++

بعد اغتيال عياش و تكشّف حقيقة ما حدث سريعاً كان زعماء حماس السياسيون يقفون قي بيت عزاء الشهيد يحيى في غزة بجانب أسامة حماد ، صديق الشهيد الذي أخفاه في بيته ينفون الأنباء التي أشارت و لو تلميحاً لتورط أسامة في العملية ، متهمين خال أسامة ، كمال حماد بالتورط في اغتيال يحيى عياش .

و كان واضحاً أن جريمة الاغتيال وقعت في أرض ، هي تحت سيطرة سلطة ، مهما اختلفت الآراء حولها ، فإنها في النهاية مسؤولة عن (أمن) مواطنيها أو على الأقل يجب أن يكون لها (كلمة) ما فيما يحدث في الأرض التي تحت سيطرتها ، حتى لو كان ما يحدث يتم التحكم به عن بعد ، و من طائرة تحلق في أجواء ليست تحت سيطرتها ، كما حدث مع الشهيد يحيى عياش .

تحرّكت السلطة الفلسطينية ، متأخرة جداً ، و أوقفت أسامة حماد و شقيقته كريمة حماد ، و عقدت محكمة أمن الدولة جلسة لها يوم 9/5/1999 في غزة برئاسة العقيد عبد العزيز وادي ، و عضويه : النقيب جمال نبهان ، النقيب : سامي نجم ، للنظر في جريمة اغتيال يحيى عياش .

و نظرت المحكمة في التهم الموجّهة للمتهم الأول كمال عبد الرحمن حماد الفار من العدالة و المتهم الثاني حسام حماد محمد حماد المرافق للمتهم الأول و الفار من العدالة أيضاً و المتهمان الثالث كريمة خالد حماد و الرابع أسامة خالد حماد .

اتهم كمال حماد ، بالسعي و التخابر و التآمر مع المخابرات الصهيونية للقيام بعمل إرهابي استهدف الشهيد المهندس يحيى عياش . و اتهم حسام حماد (الهارب) و كريمة حماد (الموقوفة منذ 22/6/1996) بمساعدة المتهم الأول كمال حماد و تهيئة الظروف لقتل عياش . و اتهم أسامة حماد (الذي أوقف بتاريخ 16/7/1996 أي بعد أكثر من سبعة أشهر من الاغتيال) رفيق المهندس الذي أخفاه تهمة الإهمال مما أدّى إلى مقتل الشهيد عياش و أنه تسبّب من غير قصد في مقتل المهندس .

كان عقد المحكمة مهماً ، ففي النهاية يجب أن تكون هناك رواية (رسمية) فلسطينية لما حدث ، و لهذا لم يتوقّف الكثيرون عند النصوص القانونية التي يحاكم بموجبها المتهمون الأربعة ، و كان يمكن أن يكون عقد المحكمة لجلساتها حدثاً ، و لكن ضعف ثقة الرأي العام الفلسطيني بالجهاز القضائي الفلسطيني و توالي الأحداث و الملل من متابعة دهاليز العملية السلمية عكس نفسه على الاهتمام بقضايا داخلية كثيرة ، و معرفة الكثير من أسرار حادث الاغتيال ، أدّى إلى عدم إبلاء المحاكمة الاهتمام الكافي .

في تلك الجلسة قال المدعي العام جمال شامية إن عمالة المتهم الأول كمال حماد لجهاز الشين بيت (أحد أذرع أجهزة المخابرات الصهيونية الداخلية) لا تحتاج لإثبات بعد أن رفع حماد دعوى ضد الجهاز الصهيوني يطالب فيها بتعويض 25 مليون دولار لمشاركته في تنفيذ عملية اغتيال يحيى عياش .

و أشار شامية إلى أن حسام حماد و كريمة حماد نفّذا تعليمات كمال حماد ، بجمع معلومات عن عياش و التعاون في زرع جهاز تنصت في الهاتف الخلوي الذي يملكه المتهم الرابع (أسامة حماد) الذي اشتراه بناءاً على طلب كمال حماد (المتهم الأول) .

و أكّد شامية ما كان معروفاً لدى الرأي العام ، من أن جهاز المخابرات الصهيوني تعرّف على صوت الشهيد عياش و الأوقات التي يتصل والده به من خلال تعاون المتهمين الثلاثة (كمال ، حسام ، أسامة) ، و أنه في يوم تنفيذ جريمة الاغتيال اتصل كمال حماد بابن أخته أسامة و طلب منه إبقاء الهاتف النقال مفتوحاً بحجة أن شخصاً يدعى شلومو سيتصل لأسباب تتعلق بالعمل ، و هو بالطبع لم يكن صحيحاً ، فرجال المخابرات الصهيونية كانوا في ذلك اليوم ينتظرون مكالمة الوالد لابنه يحيى خصوصاً و أنه تم فصل الخدمة الهاتفية (التي تتحكم بها "إسرائيل") عن الهاتف الثابت .

كان الكثيرون مستعدين لتقبل الاتهامات لكمال حماد و حسام حماد ، و ربما لكريمة حماد ، و لكن ، و لأسباب كثيرة ، منها ما هو عاطفي ، فإن الأمر كان مختلفاً بالنسبة لأسامة حماد رفيق الشهيد الذي خبأه في منزله .

حتى أن المدعي العام النقيب جمال شامية أشار في تلك الجلسة إلى أن أسامة كان متوجساً من تقرّب خاله كمال حماد إليه ، و طلب من يحيى عدم الإقامة في منزله بسبب ارتباطات خاله المشبوهة ، و لكن المدعي وجه لوماً لأسامة لأنه لم يبلغ تلك المخاوف لقيادته السياسية (مما جعله محل اتهام) .

أثارت لائحة الاتهام التي تلاها المدعي العام شامية جلبة وسط جمهور المحكمة غير المتعود على مثل هذا النوع من المحاكمات التي يكون الرأي العام ، اتخذ فيها مسبقاً قراراً ضد المتهمين .

أسامة حماد احتج على التهم التي وجّهت لشقيقته الأميّة التي لا تجيد القراءة مشيراً إلى أن المخابرات الصهيونية لا يمكن أن تعتمد ، في تنفيذ عملياتها على هذا النوع من الأشخاص .

و كريمة نفسها نفت ما نسب إليها بشدة ، و أمام الهيجان الذي حدث في الجلسة حذّر القاضي وادي من طرد أفراد عائلات المتهمين (أسامة و كريمة) إذا لم يعد الانضباط إلى القاعة ، و قدّم محامي أسامة و كريمة الموكّل من قبل هيئة المحكمة اعتذاراً مشيراً إلى أن الضغط النفسي الذي تعرّض له موكلاه عبّر عن نفسه في ذلك الغضب ..!

و بعيداً عن قاعة المحكمة كان هناك طرف أصدر مسبقاً حكماً على أحد المتهمين بالبراءة ، فحركة حماس ، أصدرت بياناً برأت فيه أسامة حماد من التهم الموجهة إليه ، و هي كما ذكرنا تتعلق بالإهمال و ليس بالعمالة لـ (إسرائيل) .

و جاء بيان حماس قبل يوم واحد من عقد جلسة المحكمة تلك ، في محاولة ، على ما يبدو للتأثير على سير المحكمة ، هي بغض النظر عن مدى استقلاليتها ، و التحفظات على قانونية محاكم أمن الدولة بشكلٍ عام ، فإنه كان لا بدّ من إعطائها فرصة ، فلا يعقل أن يمرّ حادث بجسامة ما تعرّض له عياش دون أن تقول ، محكمة ، أية محكمة كلمة فيه . و أعتقد أنه كان من الأجدر إيراد تحفظات على المحكمة و المطالبة بوضع ضوابط لتكون المحكمة عادلة ، و انتقاد تأخر عقدها .

و برأ بيان حماس عضو الحركة أسامة حماد ، و أشار إلى مزايا أسامة و نقاء سريرته و قبوله إيواء الشهيد يحيى عياش في منزله في ظلّ تلك الظروف الصعبة .

و نوّهت حماس إلى أن أسامة حماد و بعد حادث الاغتيال أخضع لتحقيق من قبل الأمن الوقائي الذي تأكّد من براءة أسامة و التي تأكّدت أيضاً من خلال تحقيق أجرته لجنة مشتركة من كتائب القسام و الأمن الوقائي في غزة .

و لم تعِدْ حماس في بيانها بنشر نتائج التحقيق المشترك ، و باعتقادي أنه ما دام هناك تحفّظ على محكمة السلطة يجب أن لا يترك الرأي العام فريسة لوجهة نظر واحدة هي السلطة في هذه الحالة ، و التي لا تتمتع محاكمها بأية مصداقية ، و من حق الرأي العام أن يعرف نتائج التحقيق الذي شاركت فيه حماس نفسها .

و ذكر البيان أن الشيخ أحمد ياسين وجّه رسالة لرئيس السلطة ياسر عرفات يؤكّد فيها براءة أسامة ، و طالبت حماس بالإفراج عن أسامة حماد ، و أكّدت حرصها على وحدة الشعب الفلسطيني في (هذه المرحلة الدقيقة و تفويت الفرصة على المتربصين بوحدة الصف و الكلمة) .

و لم تقدّم حماس ملاحظات على طبيعة المحكمة و صلاحيتها و مدى نزاهتها و لم تطالب بمحكمة بديلة ذات طابع مدني مثلاً و أكثر استقلالية ، و لم تتقدّم ببيانات البراءة إلى المحكمة التي بدأت في عقد جلساتها بشكل علني .

من جانبه قال العقيد عبد العزيز وادي رئيس المحكمة العسكري ، إن براءة أسامة أو عدمها هي من اختصاص المحكمة ، و قال إن ما أوردته حماس في بيانها يجب أن يقدّم للمحاكمة التي من اختصاصها النظر في ذلك .

و عقدت المحكمة جلسة أخرى لها يوم 14/5/2000 ، و بتاريخ 21/5/2000 عقدت المحكمة جلسة للمداولة و النطق بالحكم، و في تلك الجلسة التي رأسها العقيد عبد العزيز وادي و عضوية النقيب : جمال نبهان ، و النقيب : رسمي النجار ، تمت إدانة جميع المتهمين الأربعة في القضية .

و تلا القاضي وادي حيثيات الحكم ، و قال إنه بشأن المتهمة الثالثة كريمة حماد فإن الأدلة و البيانات تشير إلى أنها قامت بتزويد المتهم الأول كمال حماد بما طلبه منها من معلومات عن الشهيد يحيى عياش و تحركاته ، مشيراً إلى أن ذلك يقع تحت طائلة أحكام المادة 88 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1979 ، و قال إن هيئة المحكمة قرّرت تجريمها مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف و الأعذار المخفّفة التي وجدتها هيئة المحكمة من خلال الوقائع المادية و الأدلة و البيانات التي اقتنعت بها هيئة المحكمة و اطمأن ضميرها .

و فيما يخصّ المتهم الرابع أسامة حماد رفيق الشهيد عياش ، قال وادي إنه ثبت للمحكمة أن المتهم كان على علاقة سيئة بالمتهم الأول خاله كمال حماد ، لمعرفته أنه عميل للموساد ، و بعد أن خبّأ الشهيد عياش في منزله أبقى على تلك العلاقة مع خاله و وافق العمل في شركته و تقبّل منه المساعدة المالية ، و لم يخشَ مخاطر قبول الهاتف النقال منه و استرجاعه في أوقات مختلفة بحجج واهية ، متجاهلاً أحاسيسه التي يقر بأنها كانت تقول له أن يتخذ الحيطة و الحذر . حسب اعترافاته الموجودة في ملف القضية ، و استمر في التعامل مع خاله كمال حماد .

و قال القاضي إن هيئة المحكمة رأت أنه كان من واجب أسامة حماد إبلاغ تنظيمه بما يتوقّعه من مخاطر محدقة بالمهندس الشهيد . و لم تعتبر هيئة المحكمة رسالة الشيخ أحمد ياسين للرئيس عرفات أو بيان حماس ، دليلاً لإعفاء أسامة حماد من مسؤولية الإهمال و قلة الاحتراز ، الأمر الذي أدّى إلى تمكين أجهزة المخابرات الصهيونية و عملائها من الوصول للمهندس و اغتياله .

و بتهمة (الإهمال و قلة الاحتراز) وفقاً (لتطبيق أحكام المادة 212 معطوفة على أحكام المادة 393 بدلالة المادة 235 من قانون العقوبات الفلسطيني لعام 1979 ، و الحكم عليه وفق أحكام هذه المواد مع مراعاة مشاركة تنظيمه له في تحمّل المسؤولية التقصيرية عن أمن و سلامة الشهيد يحيى عياش) .

و حكم على أسامة حماد ، صديق الشهيد منذ دراستهما معاً في جامعة بيرزيت ، بالسجن لمدة ثلاث سنوات تبدأ منذ اعتقاله بتاريخ 16/7/1996 .

و بدا أسامة حزيناً لإدراجه و شقيقته ضمن لائحة اتهام ضمّت العميلين كمال و حسام حماد ، و هو رفيق و صديق الشهيد الذي كان مستعداً للتضحية بروحه من أجله .

و لكن الحزن ، و ربما الندم لا يكفي في مثل هذه الحالات ، فقد رحل المهندس ..!



++ الجاسوس يتكلم ++


الحدث الأبرز في تلك الجلسة التي عقدت بتاريخ 21/5/2000 هي الأحكام التي صدرت على كمال حماد و حسام حماد . و الأهم تجريمهما بالتهم المنسوبة لهما في قضية الاغتيال .

و كما هو متوقع صدر الحكم بإعدام المتهمين كمال و حسام رمياً بالرصاص حتى الموت ، و مصادرة أموالهما المنقولة و غير المنقولة أينما وجدت . بعد أن ثبت لهيئة المحكمة جمع تلك الثروة بطريقة غير مشروعة و أن عملهما مع المخابرات الصهيونية سهّل لهما جمع تلك الثروة (خصوصاً المتهم الأول كمال حماد) .

القاضي العسكري عبد العزيز وادي قال إنه ثبت للمحكمة بالأدلة القاطعة التي لا يشوبها أي شك ارتكاب المتهم الأول كمال حماد و الثاني حسام حماد ، الفارين من وجه العدالة لفعلة التخابر مع الموساد الصهيوني و تقديم كافة التسهيلات التي طلبها الموساد لوضع العبوة الناسفة في جهاز الهاتف النقال الذي اشتراه كمال حماد و وضعه بتصرّف ابن شقيقته أسامة حماد بسبب معرفته بوجود الشهيد عياش في منزل أسامة مختبئاً . (يلاحظ هنا عدم الدقة لدى المحكمة في تحديد اسم جهاز الأمن الصهيوني المسؤول عن تنفيذ اغتيال عياش و هو الشاباك ، بينما جهاز الموساد مختص بالعمل الاستخباري الخارجي ، و إن كان هناك تعاون وثيق بين أجهزة المخابرات و وحدات الجيش الصهيوني المختلفة) .

و ثبت لهيئة المحكمة أن خطة الموساد كان إجبار عياش أو ذويه على استخدام الهاتف النقال في الوقت المناسب لاغتيال عياش و هو ما حدث في الساعة السابعة من يوم 15/1/1996 ، عندما اتصل والد عياش و تعطّل أثناء المكالمة الهاتف الثابت ، فاتصل والد عياش به على الهاتف النقال ، و هذا ما كان ينتظره الموساد ، حيث فجّرت العبوة الناسفة و استشهد المهندس .

و لا نعرف إذا كان العميلان كمال و حسام ، كانا يتابعان مجريات المحكمة ، أو يهمهما قرارها ، فهما اختارا مصيرهما عندما قررا الفرار إلى تل أبيب و منحهما بطاقات هوية صهيونية ، و ربما قبل ذلك بكثير عندما ارتبطا بأجهزة الأمن الصهيونية ، و لكن على الأقل فإن كمال حماد وهو المجرم الرئيس في قضية اغتيال عياش كان مشغولاً بأموره الخاصة في تل أبيب بعد أن اتهم حكومة (إسرائيل) بالتخلي عنه .

من الصعب معرفة الأسباب التي أدّت لكمال حماد و هو المقاول الثري للتورّط مع الشاباك في عمل مثل اغتيال عياش ، و لا يمكن من خلال معرفة ما أُجري معه من الأحاديث التي أدلى بها للصحافة الصهيونية بعد هروبه من غزة (و تخلّي الشاباك عنه) أن تعطي صورة عن تلك النوعية من (البشر) التي لا تكتفي بالتعامل مع العدو بل تعمل على المشاركة في أعمال شكّلت صدمات لا تنسى للوعي الجمعي كاغتيال يحيى عياش ، الرمز الفلسطيني الذي لا يتكرّر بسهولة .

و لكنها يمكن أن تعطي صورة لما سيكون عليها العميل ، ربما أي عميل ، بعد أن يؤدّي ما طلب منه ، و لا يبقى له أي فائدة ترجى . مثلاً نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت يوم الجمعة 22/8/1997 ، عما جرى في يوم 15/1/1996 عندما انفجر الجهاز الخليوي في جسد عياش .

تقول الصحيفة إن كمال حماد ، كان في يافا و بعد ساعتين من الاغتيال ظهر في موقع للبناء في شارع (مخلول - يوفي 5) و حضر للموقع للإشراف على البناء الذي تقوم به شركته ، و سمع النبأ من الراديو في ساعات بعد الظهر ، و كما هو متوقع فإنه أحد المعنيين الرئيسين في الحادث .

و حسب رواية الصحيفة فإنه سارع للاتصال بزوجته الشابة سامية و طلب منها مغادرة غزة و القدوم إليه على الفور إلى تل أبيب ، و لأنه كان ، من قبل الحادث ، يخطّط للسفر إلى أمريكا لزيارة ولده أيمن الذي أرسله للدراسة هناك ، و لكنه ، حسب الصحيفة بدّد (أيمن) النقود التي كانت معه ، و يريد كمال الوقوف بنفسه على أوضاع ابنه .

و كان قرار السفر الفوري أكثر ما يناسب شخصاً في مثل وضعه ، فصعد و زوجته الشابة سامية على أول طائرة متجهة إلى أمريكا قبل أن يعرف أحد تورّطه في اغتيال المهندس .

تقول الصحيفة إن كمال ، الذي اختفى في الولايات المتحدة ، كان عليه أن يواجه (الضربة القاسية التي ألمت به ، لقد توقف المقاول الثري في منتصف مشروع بناء) .

و تضيف : (لقد فوجئ أصحاب المشروع حين اتضح لهم أن المقاول هرب إلى الخارج في منتصف مشروع بناء ، و فوجئ أصحاب المشروع حين اتضح لهم أن المقاول هرب إلى خارج البلاد في أعقاب مقتل المهندس) .

كمال حماد كان في أمريكا بعد حادث الاغتيال المدوّي و الذي تردّد رجع صداه في العالم العربي و في العالم و ربما لم تخلُ صحيفة أو وسيلة إعلام تهتم بالسياسية بموضوع عنه . و في غزة تم اعتقال عددٍ من أقاربه منهم شقيقه محمود و ابن أخيه أكرم حماد و أخ زوجته الثانية عبلة .

و أفرجت السلطة عن شقيقه محمود الذي اتضح للسلطة أنه ليس له علاقة بحادث الاغتيال و لم يكن يعلم به ، و حسب الصحيفة فإن السلطة طلبت من محمود المغادرة من (أجل سلامته) ، فأخذ عائلته المكوّنة من زوجتين و 12 ابناً و انتقل للسكن في بيتٍ كان شقيقه كمال بناه في يافا ، و لم تكن حياته هانئة في يافا فسكان الحي الذي سكن فيه لم يقبلوا أن يعيش بينهم أفراد من عائلات (المتعاونين) ، و هي التسمية التي يطلقها الإعلام الصهيوني على عملاء أجهزة الأمن الصهيونية من الفلسطينيين و العرب ، فانتقل ، في نهاية حزيران 1996 إلى فندق ثم دبّر نفسه في سكن آخر .

و قرّرت زوجة كمال حماد الأولى فاطمة البقاء في غزة ، أما زوجته الثانية عبلة فغادرت غزة ، على الأغلب بسبب مضايقات تعرّضت لها بسبب زوجها الفار ، و انتقلت للعيش ، منفصلة عن زوجها ، في (إسرائيل) .

و حسب تقديرات يديعوت ، لدى نشر تقريرها في أواخر آب 1997 فإن نحو (70) فرداً من عائلة حماد انتقلوا للعيش في (إسرائيل) مغادرين غزة . و في ذلك التقرير ذكرت الصحيفة أن ابن كمال حماد أيمن غادر الولايات المتحدة ، و أصبح متجولاً في العالم ، و أما كمال فإن ديونه تزايدت ، و لم يكن في نية أية جهة في (إسرائيل) مساعدته في سداد ديونه التي تتزايد ، فباع أملاكه ، في يافا بخسارة ، و كانت أملاكه التي قدّرها الصحافيان بعشرين مليون دولار قد صودرت . و كان حماد ، المقاول الثري سابقاً و العميل لأحد أقوى ، أو أنشط ، أجهزة المخابرات في العالم يدخل (في وضع نفسي سيئ ، بسبب الحالة التي وصل إليها و بسبب فقدان عقاراته و ممتلكاته) . و أصبح نموذجاً لما يمكن أن يشير إليه الفلسطينيون ، بأنه النهاية المتوقعة (لكلبٍ باع ضميره و خان شعبه و فقد شرفه) .

و كانت الأزمة التي يعيشها حماد تتصاعد ، و ذهبت طلباته من (إسرائيل) بتعويضه على الأقل عن أملاكه التي صودرت في غزة ، أدراج الرياح ، و في 4/11/1999 كان يتم إخلاءه من الشقة التي سكن بها ، بعد أن وصلت أزمته المالية منتهاها . و لم يعد قادراً على دفع أجرتها .

و اختار أن يدلي بحديث للصحافي (يوأب ليمور) من صحيفة معاريف العبرية نشرت في نفس ذلك اليوم ، في محاولة منه للفت الرأي العام الصهيوني ، على ما يبدو ، لمأساته .

قال حماد : (لقد أصدرت دولة "إسرائيل" ضدّي حكماً بالإعدام و الآن تريد أن تدوس على الجثة ، لقد قدّمت حياتي من أجل الدولة و اليوم أجد نفسي في الشارع مع عائلتي ، هل هذا هو الأسلوب الصحيح ؟ فكّرت بأن الحديث يدور عن دولة سليمة و لكن كلّ شيء كان مجرّد خدعة ، توصلت إلى حالة افتقدت فيها إلى النقود لدفع إيجار الشقة و من أجل توفير لقمة الخبز لأولادي و تعليمهم ، لماذا يفعلون بي هكذا ؟) .

و يقول الصحافي الذي أجرى المقابلة إن كمال حماد يعيش في خوفٍ دائم على حياته و لهذا رفض التقاط صور له . و وجّه حماد شكواه ضد (إدارة تأهيل المتعاونين) في مكتب رئيس الحكومة الصهيونية . التي خدعته طوال الوقت كما قال في حديثه للصحيفة . و أهانته باستمرار و كذبت عليه و لم تلتزم بالدفع له .

و يقول حماد عن هذه الإدارة (إن ما يفعلونه بي أكثر سوءاً من التنكيل إنه قتل ، قال لي كبار في الشاباك إن على هذه الدولة أن تقبّل قدميك ، و لكن بدلاً من ذلك ينكلون بي و بعائلتي ، لم أكن أفكّر حتى في أسوأ أحلامي أن هذا سيحدث و لكن هذا الكابوس ينمو و يكبر يوماً إثر يوم) .

و تحدّث حماد عن علاقته مع أجهزة الأمن الصهيونية ، و حسب قوله فإنه في منتصف الثمانينات من القرن العشرين ، نظّم لقاءات في بيته في غزة بين قادة الإدارة المدنية الصهيونية و كبار في أجهزة الأمن الصهيونية و بين وجهاء من غزة لطرح ما يسميه مشاكل السكان .

و كانت هذه اللقاءات تجري ضمن سياسة (إسرائيل) وقتها بفتح قنوات اتصال مع القيادات المحلية الفلسطينية ، و كانت قبلاً استبدلت صيغة الحكم العسكري بالإدارة المدنية . لتجميل الاحتلال و مشاركة السكان المحليين في إدارة (احتلالهم) . و كانت هذه المحاولات المتتالية جوبهت من قبل الحركة الوطنية الفلسطينية في وقتها ، و تم تقديم شهداء و جرحى و أسرى لإفشال مخطّطات الاحتلال تلك .

و يكشف حماد أنه خلال تلك المرحلة طلب منه أن يبني مساكن للاجئين ، و ذلك لإخلاء المخيمات ، و هي التي عرفت بمشاريع توطين اللاجئين التي كانت كلما تطرح تجابه من اللاجئين أنفسهم و الحركة الوطنية .

و من أجل ذلك ، حصل حماد على تمويلٍ لمشروعه الذي اقترحته عليه (إسرائيل) ، من بنك (إسرائيلي) و دون فائدة ، و لكن المشروع لم ينفّذ بعد أن هُدّد من قبل الفلسطينيين .

و يبدو أن حماد كلّف بأمورٍ أخرى كثيرة من قبل (إسرائيل) ، و أصبح أحد ممثلي (الزعامات المحلية) المرتبطة مع الاحتلال الصهيوني ، و بصفته هذه ذهب إلى تونس ، مقر منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ، و لم يفصح في المقابلة عن الهدف من تلك الزيارة ، و لكنه كشف للصحيفة أنه بعد إحدى اللقاءات في تونس و أثناء عودته انتظره رجال الأمن الصهيوني و أخبروه أنهم (اعتقلوا خلية خطّطت لقتلي ، و أعطاني الجيش جهاز إنذار في البيت و وعدني بأن تصل القوات بعد دقيقة من الضغط على جهاز الإنذار) . و هذا التدبير الأمني الصهيوني كانت استخدمته (إسرائيل) مع عملاء آخرين لها كانت حياتهم مهددة من قبل المقاومين الفلسطينيين .

و أصبح واضحاً أن حماد أصبح عميلاً مهماً لدى (إسرائيل) ، و توسعت علاقاته ، و حسب قوله للصحيفة العبرية فإنه استضاف في بيته موشي آرنز وزير الحرب الصهيوني اليميني و رئيس الحكومة إسحاق رابين و وزير الخارجية شمعون بيرس و جنرالات آخرين في جيش الاحتلال .

و يدّعي حماد في المقابلة أنه أقام (نوعاً من العلاقات) مع قادة السلطة الفلسطينية الذين نظر معظمهم إلى علاقاته مع (إسرائيل) بالإيجاب ..!

و زوّدت (إسرائيل) حماد بكلاشينكوف و مسدسات ، و عن تلك الفترة يقول حماد : (أولادي كانوا يتجوّلون في البيت في غزة و البنادق في أيديهم) . و معنى ذلك أن حماد كان عميلاً معروفاً لـ (إسرائيل) بشكلٍ واضح للفلسطينيين ، و أن أقرباءه لا شك يعرفون حقيقته و من ضمنهم ابن شقيقته أسامة حماد رفيق يحي عياش .

و يشعرنا كمال حماد أنه كان خائفاً جداً على نفسه في تلك الفترة إلى درجة أه بدأ يتردّد على الولايات المتحدة ليلد له ولداً هناك يستطيع الحصول على الجنسية الأمريكية ، و يستطيع ، بذلك ، الذهاب إلى هناك في حالة أي طارئ ، و هو ما فعله بالفعل بعد استشهاد يحيى عياش .

و في تلك المقابلة التي تحدّث فيها حماد لأول مرة بعد أن كان حديث الصحافة العربية و العالمية لدوره في اغتيال عياش ، حاول أن يقدم (روايته) لما حدث ، فقال كمال إنه خلال إحدى رحلاته للولايات المتحدة علم أن ابن شقيقته أسامة تم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية بدعوى أنه درّب استشهادياً ، و فوجئ كمال بأن (إسرائيل) تطلب منه التدخل ليمارس تأثيره ، كما يقول ، على السلطة للإفراج عن أسامة .

و يعترف كمال أنه لم يفهم سبب طلب (إسرائيل) ذلك ، و هو أمر من الصعب فهمه فعلاً إذا أخذت الأمور بظواهرها ، فأسامة عضو معروف في حماس و (إسرائيل) تطالب ، ليلاً و نهاراً ، السلطة باعتقال نشطاء حماس .

يكمل كمال حماد : (بناء على طلب الشاباك بدأت بتشغيل أسامة لديّ ، قلت لـ (الإسرائيليين) إنه لا يستطيع العمل لدي ، لأن بناتي يخرجن بلباس قصير و هو رجل متديّن ، لكنهم قالوا إن كل شيء سيكون على ما يرام) .

ربما كان كمال حماد لا يعرف تفاصيل خطة الشاباك بالتخلص من يحيى عياش ، و لكن رجال الشاباك ، كانوا ينفّذون الخطة بدقة شديدة ، فبعد أن طلبوا من كمال حماد العمل على الإفراج عن ابن شقيقته أسامة و تشغيله معه طلبوا منه أن يولي أسامة مهمة نقل و شحن البيض من المزرعة التي يملكها ، ثم طلبوا منه أن يعطيه هاتفاً نقالاً لمساعدته في العمل و هذا ما تم فعلاً .

يقول حماد ، بعد وقتٍ قصير تعطّل الهاتف النقال و أرسل إلى التصليح ، و لا يتحدّث عن تفاصيل محدّدة عن ذلك ، و يقول إنه تم إعادة الجهاز ، و بعد إعادته استدعاه الشاباك إلى تل أبيب بدعوى أن خطراً حقيقياً على حياته في غزة .

كان ذلك مساء يوم الخميس ، أي قبل يوم واحد من اغتيال المهندس ، و في صباح اليوم التالي ، حيث كانت خطة الاغتيال تستكمل خطوطها الأخيرة ، يقول كمال حماد : (جلست مع رجال الشابك لتناول الطعام و رأيت أنهم جميعاً فرحون ، بعد ذلك صعدت إلى غرفتي لآخذ قسطاً من الراحة و فجأة اتصلوا بي و قالوا لي إنه يجب أن أسافر على عجل ، الآن و فوراً ، مع زوجتي إلى الولايات المتحدة) .

و يشير حماد إلى أن (إسرائيل) لم تسمح له بالدخول إلى غزة ، فالتقى بزوجته في أحد الكيبوتسات القريبة من غزة ، و كانت زوجته في حالة ذهول .

و حسب روايته فإنه خلال كل هذا الوقت لم يكن يعرف ماذا جرى فعلاً في غزة ، يقول حماد : (بعد أن وصلت يافا من أجل ترك سيارتي و السفر سألني أحدهم عما إذا كنت سمعت الأخبار و قال لي إنهم اغتالوا يحيى عياش) .

و ليس مستبعداً أن يكون الشاباك أخفى عنه حقيقة خطة اغتيال يحيى عياش ، و كلام حماد يذكّر بما قاله عميل آخر بعد ذلك بسنوات و هو علان بني عودة الذي استخدم لقتل أحد قادة حماس العسكريين : إبراهيم بني عودة ، فكلاهما لم يخفِ علاقته بالاحتلال ، و لكنهما أنكرا بمعرفتهما بتفاصيل المهمتين اللتين استخدما لأجلهما ، اغتيال يحيى عياش و إبراهيم بني عودة ، من أبرز أعضاء الجناح العسكري لحماس و اللذان قتلا بطريقة متشابهة في عمليتين لم تعترف (إسرائيل) بمسئوليتها عنهما حتى الآن .

يتابع حماد روايته قائلاً إنه اتصل فوراً مع أخيه في غزة و بعد عدة دقائق اتضح له أن الاغتيال تم في بيت أخته و أن الاغتيال (تم من وراء ظهري و دون علمي ، لقد استخدموني و استغلوني و في لحظة واحدة دمّروا عالمي) .

تسلّم حماد نقوداً من الشاباك قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة و لكنه فوجئ هناك بأن (بطاقة الائتمان خاصتي ألغيت رغم أنه كان لي نقود في بنك في (إسرائيل) ، و حين قرّرت العودة إلى (إسرائيل) ، اقتحم رجال شرطة الـ : أف.بي.آي غرفتي في الفندق في لاس فيجاس و فتشوني تفتيشاً دقيقاً ثم تركوني أغادر) .

و عندما وصل إلى مطار بن غوريون في اللد كان رجال من الشاباك في انتظاره ، أخذوه إلى فندق و قالوا له : (لا داعي للقلق لأن كل شيء سيسير على ما يرام و أن دولة "إسرائيل" ستهتم بكل احتياجاتي ، و قال لي أحد أفراد الشاباك إن القليل من "الإسرائيليين" فعلوا ما فعلته للدولة) .

و يبدو أن الشاباك لم يفِ بما وعد (في البداية كان كل شيء على ما يرام ، اهتم الشاباك بتوفير بيتٍ لي ، و إخراج عائلتي من غزة) . و بدأت المشاكل بينه و بين الشاباك كما يقول عندما بدأ يطلب تعويضات عن خسائره ، و لكن يبدو أن لا أحد استمع إليه (الآن أجد نفسي في الشارع دون نقود و دون مستقبل ، لقد خوزقوني و استخدموني دون علمي ، و الآن خوزقوني ثانية ، إن ما يفعلونه بي هو جريمة) .

في تلك المقابلة أرسل حماد عدة رسائل منها ما هو إلى مستخدميه السابقين في الخيانة ضد شعبه ، للوقوف بجنبه و مساعدته ، و رغم أن (إسرائيل) لم تعترف بالمسؤولية عن اغتيال عياش ، حتى أنه في نفس المقابلة التي أجريت معه ، تم تعريف كمال حماد (بالمقاول من غزة الذي حسب الأنباء الأجنبية ساعد (إسرائيل) في اغتيال المهندس يحيى عياش) . إلا أن مكتب رئيس حكومة (إسرائيل) إيهود باراك ، وقتها ، عقب ، وفقاً لراديو الجيش الصهيوني ، بغضب على أقوال حماد لصحيفة معاريف .

و حسب الراديو فإن التعقيب كان أنه ليس صحيحاً أن (إسرائيل) لم تساعد كمال حماد و لم تقدّم له أموالاً ، و لكن (إسرائيل) قدّمت أموالاً بدّدها حماد على أمورٍ مظهرية .

و حسب الراديو فإن (إسرائيل) قدّمت لحماد (ثلاث شقق سكنية و مبلغاً كبيراً من المال ، كما كان حماد يتلقّى مبلغاً إضافياً شهرياً ، و أن حماد أنفق المال على مشتريات تنطوي على إسراف و بهرجة بدل استخدامه للأغراض التي خصّص لها كالتعليم و السكن و الرعاية الصحية له و لأسرته) .

و الرسالة الثانية التي وجّهها حماد ، بعد أن خرج عن صمته ، ادعاءه ببراءته من دم المهندس يحيى عياش ، رغم اعترافه الواضح بعمالته لـ (إسرائيل) و سرده لتاريخ تلك العلاقة ، و سواء كان صادقاً في ذلك أم لا ، فإن الرد على هذه الرسالة جاء متوقعاً ، فالدكتور محمود الزهار أحد قادة حركة حماس السياسيين ، عقّب على حديث كمال حماد لصحيفة معاريف ، معتبراً أنه المجرم رقم واحد المسؤول عن اغتيال يحيى عياش .

و قال الزهار ليومية الحياة الجديدة الفلسطينية (7/11/1999) ، إن كلام حماد أنه لم يكن يعرف بأن الهاتف النقال الذي استخدم في عملية الاغتيال ملغوماً ، هو كذب و افتراء . و أكد الزهار أن موقف حماس من القضية واضحٌ و هو أن العميل كمال حماد هو المتورط الرئيسي في الاغتيال و هو ما أكدته أيضاً حسب أقوال الزهار النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق التي تشكّلت من حماس و جهاز الأمن الوقائي .

و لم يترك الزهار مناسبة حديث كمال حماد لصحيفة معاريف دون الإشارة إلى أن وضع كمال حماد أصبح مثل الكلب (الذي يحرس صاحبه ثم يتركه صاحبه دون طعام ، و أن هذا هو مصير كل من يختار هذا الطريق) . و رأى آخرون في مثل العميل كمال حماد ، نموذجاً و درساً لكل الذين يتعاونون مع الاحتلال ضد أبناء شعبهم .

و هي عبرة مستخلصة من تجارب كلّ الشعوب ، و لكن لا يكفي أن يعتبر بها الأفراد ، فعلى الجماعات أيضاً ، أن تراكم بها خبراتها ، كي لا تلدغ من نفس الجحر أكثر من مرة ، و هو ما كان يحصل ، للأسف ، دائماً في الحالة الفلسطينية .




العام 2000


حوكموا في المحكمة العسكرية الخاصة في سجن السرايا- غزة

كمال عبد الرحمن حماد 49 بيت لاهيا مقاول بناء فار من وجه العدالة- صدر حكم غيابي بحقه 21/5/2000 التخابر والتآمر مع الموساد الاسرائيلي - الاعداد والتخطيط لاغتيال المهندس يحيى عياش الذي استشهد بتاريخ 15-1-96 اعدام رمياً بالرصاص ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة

حسام حماد محمود حماد 30 بيت لاهيا مرافق كمال فار من وجه العدالة 21/5/2000 مساعدة وتسهيل مهمة كمال حماد لاغتيال المهندس اعدام رمياً بالرصاص ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة


كريمة خالد محمد حماد 29 بيت لاهيا ربة منزل 22/6/96 21/5/2000 مساعدة وتسهيل مهمة كمال حماد لاغتيال المهندس يحيى عياش عدم المسؤولية عن اعمالها بسبب الضغوط المادية والمعنوية افرج عنها بتاريخ 15-3-00


اسامة خالد محمود حماد 35 بيت لاهيا مدقق حسابات 17/3/96 21/5/2000 الاهمال وقلة الاحتراز مما سهل مهمة كمال لاغتيال المهندس يحيى عياش