فهرس
|
قُلب الدين حکمتيار ( گلبدين حکمتيار: بالباشتو) من مواليد عام 1947 و مؤسس الحزب الإسلامي الأفغاني، يعتبر أحد قادة المجاهدين الأفغان لا سيما إبان الغزو السوفياتي لأفغانستان بين 1979 و 1989. تلالاء نجمه بعد تأسيس جماعته الجهادية لمحاربة الغزاة الروس بأفغانستان و عقب إنسحاب الجيش السوفياتي عام 1989، أصبح رئيس وزراء أفغانستان فی التسعينيات من القرن المنصرم وسط إحتفال ضخم أقيم بکابول و لکنه جر البلاد إلی حرب أهلية بمشارکة قادة آخرين من المجاهدين الأفغان. يصفه البعض بأفغانستان أنه مدبر الحروب الأهلية بالبلاد و شخصية مثيرة للجدل و قد قاتل المجاهدين أنفسهم قبل محاربة الجنود الروس فی فترة الجهاد. تطلبه الإدارة الأمريکية حياً أو ميتاً بعد محاولاته المتکررة من أجل إسقاط حکومة کرزي و وضعت وزارة الخارجية الأمريکية هو و حزبه ضمن القائمة السوداء أو الإرهاب فی 19 فبراير 2003. يتقن حکمتيار عدة لغات و من بينها اللغة العربية و قد بثت قناة الجزيرة القطرية شريطاً مصوراً له قبل عام و هو يتحدث باللغة العربية بطلاقة.
ينحدر من قبيلة خروتی و قد وُلد ببلدة إمام صاحب فی ولاية کندز شمال أفغانستان عام 1947 و و صفه ممثل عشيرة خروتی بـ الرجل الشجاع و الذکي. إلتحق حکمتيار بمدرسة عسکرية بکابول ثم درس الهندسة المدنية و هو خريج جامعة کابول و نال علی لقب المهندس بعد تخرجه من الجامعة. إلتحق حکمتيار بمجموعة الشباب المسلم عام 1970 کما أعلن إنضمامه للحزب اليساري الديمقراطي الشعبی بأفغانستان. مارس حکمتيار نشاطه کـعضو بارز بالحزب حتی 1972 لکن القضاء الأفغاني إتـهمه بالضلوع فی قتل أحد نشطاء الحزب اليساري و قضی عليه بالسجن لمدة عامين و لکن مع تسلم الرئيس داؤد خان زمام السلطة من الملک ظاهر شاه فی 1973، هرب حکمتيار إلی باکستان حيث إنضم هو بـ عدد من المنشقين الأفغان هناک و قرر عقد اتصالات مع الجهاز المخابراتي الباکستاني الـ آی إس آی.
أسس حکمتيار خلال منفاه بباکستان جماعة الحزب الإسلامي فی 1975 لمناهضة نظام الرئيس داؤد خان بأفغانستان. إستقر مقر الحزب الإسلامي فی بداية الآوان بمنطقة ناصر باغ و مخيم شمشاتو للاجئين الأفغان بباکستان حيث کان جاهزاً للعمل و القيام بمهمة ما داخل الأراضی الأفغانية. أسس حکمتيار بعد مخاض حزبه المعارض شبکة إجتماعية و سياسية داخل المخيمات لإدارة کافة الشوؤن من المدارس إلی السجون و لکن بمبارکة مباشرة من المخابرات الباکستانية.
جماعة الحزب الإسلامي بزعامة المهندس قلب الدين حکمتيار تدعو إلی تطبيق الشريعة المحمدية بلا منازع. حارب الحزب الإسلامي أحزابه المتحالفة بسبب إختلافات متعددة و قد تلقی الحزب دعماً مباشراً من باکستان و المملکة العربية السعودية و عمل مع المجاهدين الأجانب لا سيما العرب ممن دخلوا أفغانستان لمقاتلة القوات السوفياتية. تسلم حکمتيار ملايين الدولارت من المخابرات الأمريکية الـ سی آی أی عبر الجهاز المخابراتی الباکستانی الـ آی إس ای إبان الغزو السوفياتی لأفغانستان. وصف الرئيس الأمريکی السابق رونالد ريغن حکمتيار و قادة آخرين من الأفغان بـ رجال يستحقون التقدير. يقول البعض أن سبب تقديم آی إس آی الباکستانی مساعدات و تبرعات کثيرة و مباشرة لحکمتيار و توفير حماية لازمة له يرجع إلی کونه قائداً ميدانياً شجاعاً و مؤثراً و مناهضاً للوجود العسکري السوفياتی بأفغانستان و لکن البعض الآخر يصف إمکانياته الجهادية بالمتواضعة و عدم وجود عسکري مشهود له قط داخل الأراضی الأفغانية دفعه إلی تلقی دعم عسکری من الرئيس الباکستانی الراحل ضياء الحق. تعرض حکمتيار فی الأونة الأخيرة لإنتقادات لاذعة بسبب إتخاذه أسلوباً متضارباً و متغيراً فيما يتعلق الأمر بمقاومة الغزاة و دوره بالحرب الأهلية فی البلاد لاحقاً. أمر حکمتيار بشن هجمات متکررة علی الأحزاب الأفغانية المتناحرة سعياً لإضعافهم و تعزيز مکانته الشخصية مستخدماً الفراغ السياسيی الذی خلفه الإنسحاب الروسي من أفغانستان. حاول حکمتيار القبض علی القائد أحمد شاه مسعود فی 1976 بباکستان بتهمة التجسس. أصدرت منظمة أطباء بلا حدود المستقرة بباريس تقريراً تتهم فيه مقاتلی حکمتيار بخظف و سرقة قافلة مکونة من 96 حصاناً تنقل إمدادات طبية و أموالاً إلی شمال أفغانستان فی 1987 و أضاف التقرير أن السيد تيري نيکيت أحد منسقی المساعدات الإنسانية المکلف بنقل المعونات إلی القری الأفغانية هناک، لقی حتفه بأيدی مقاتلين مواليين لحکمتيار فی 1986. يشير بعض التقارير الإستخباراتية أيضاً أن الصحفيين الأمريکيين "لی شبيرو و جيم لندالوس" اللذين کانا يرافقان حکمتيار عام 1087 لم يُقتلا بنيران الجيش السوفياتی کما أدعی أنصار حکمتيار بل ماتا إثر إندلاع إشتباک بين قوات قلب الدين حکمتيار و مقاتلين من حزب متناحر آخر و تشير التقارير أيضاً إلی مفاوضات سرية جرت بين قادة الحزب الإسلامي و مليشيات محلية شمالی أفغانستان. تعرض حکمتيار لإنتقاد سافر آخر و هو تلقيه 600 مليون دولار من أمريکا بذريعة محاربة الجنود السوفيات و لکنه لم يحقق أي إنجاز علی الصعيد الميداني للمعارک الطاحنة ضد الروس بل أنفق الأموال فی سبيل تدريب مقاتلين أجانب من مختلف دول العالم و القضاء علی الآخرين من المجاهدين الأفغان و تبنی إستراتيجيةً مناهضةً للغرب و رغم تلقيه کافة المساعدات الأمريکية، تسلم حکمتيار أيضاً دعماً لا يستهان به من السعودية. حذر الرئيس الباکستانی الراحل ضياء الحق حکمتيار من مغبة تبنيه أسلوباً مناهضاً لباکستان بل لمح إليه أن باکستان هی التی صنعته زعيماً و قائداً أفغانياً معروفاً و باکستان ستقضی عليه متی و أين و کيف شاءت.
مع إقتراب المجاهدين الأفغان إلی أبواب کابول و تسلمهم زمام السلطة فی البلاد، أعن الإسلاميون فی أفغانستان و باکستان عن رغبتهم لترشيح حکمتيار کزعيم جديد و موحد لأفغانستان التی تحررت آنذاک. إتهم "آلفرد مکوی" مؤلف کتاب تجارة الهيرويين فی جنوب شرق آسيا جهاز المخابرات الأمريکية بالوقوف وراء حکمتيار و دعم أنشطة تجارة المخدرات الخاصة به و توفير مناعة لازمة له مقابل مقاومته للقوات السوفياتية بأفغانستان.
بعد سقوط حکومة الرئيس نجيب الله، إستولی مقاتلو تحالف الشمال علی کابول، الأمر الذی دفع أنصار حکمتيار إلی قصف و تدمير العاصمة. تم التوصل إلی إتفاقية سلام بين أحمد شاه مسعود و حکمتيار فی 25 مايو 1992 و الذی نص علی تعيين حکمتيار کـرئيس وزراء أفغانستان و لکن الإتفاقية المبرمة تناقضت عقب إتهام أنصار حکمتيار بإطلاق صاروخ علی طائرة صبغة الله مجددی الأمر الذی جمع بين أحمد شاه مسعود، عبد الرشيد دوستم و البروفيسور برهان الدين ربانی علی مائدة واحدة و إعلان حرب شاملة ضد مقاتلی الحزب الإسلامی و لکن حکمتيار غير من تکتيکاته الحربية و تحالفاته الحزبية و أعلن عن تشکيل تيار جديد مع عبد الرشيد دوستم و حزب الوحدة الإسلامي الشيعي فی 1994. إستولی أنصار التحالف الجديد علی کابول و حاربوا مقاتلی أحمد شاه مسعود و برهان الدين ربانی سعياً لإنقاذ البلاد من الإنقسام. دمرت الأحزاب الأفغانية المتناحرة بين 1992 و 1996 أکثر من 70% من أنحاء کابول و قتلت أکثر من 50000 شخص، معظمهم من المدنيين العزل خلال الحرب الأهلية التی إندلعت فی البلاد. أدی الإقتتال الداخلی و تناحر الأحزاب إلی تشويه صورة قادة المجاهدين لدی الشعب الأفغانی و الحکومة الباکستانية و لکن مع مرور الزمن و بالتحديد فی يونيو 1996، أعلن حکمتيار و برهان الدين ربانی عن تشکيل حکومة تقاسم السلطة فی البلاد، حيث أصبح حکمتيار رئيس وزراء أفغانستان و للمزيد من المعلومات يرجی الرجوع إلی الحرب الأهلية الأفغانية )1996- 1992(.
لم يتمکن حکمتيار و برهان الدين ربانی من الحکومة علی البلاد إلا بضعة أشهر بعد أن تعرضت حکومتهم لمخاطر و حتی الإسقاط بيد مجموعة أخری تسمی نفسها حرکة طالبان. إستطاعت طالبان أن تشدد قبضتها علی کابول فی سبتمبر 1996 و سقطت حکومة المجاهدين. إنضم معظم مقاتلو الحزب الإسلامی إلی طالبان و فی باکستان تسلمت الحرکة کافة مخيمات التدريب من الحزب الإسلامي و سلمتها فی وقت لاحق إلی جماعة جيش الصحابة الباکستانية. هرب حکمتيار إلی إيران لاحقاً من حيث إستمر فی ترأسه للحزب الإسلامي و للمزيد من المعلومات يرجی الرجوع إلی الحرب الأهلية الأفغانية )2001 و 1996(.
عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001 وما أعقبها من حرب شنتها الولايات المتحدة على القاعدة و طالبان بأفغانستان، حکمتيار ذو علاقات وطيدة مع أسامة بن لادن لا سيما فی التسعينيات من القرن الفائت أعلن معارضته الشديدة للحرب الأمريکية علی أفغانستان و إنتقد باکستان بشدة بسبب دعمها للولايات المتحدة. بعد الغزو الأمريکي لأفغانستان و سقوط حرکة طالبان، رفض حکمتيار إتفاقية 5 ديسمبر 2001 ألمبرمة أممياً و التی تم التوصل إليها بألمانيا و وصفها بـ "حکومة منصوبة أمريکياً". أغلقت کافة مکاتب الحزب الإسلامي فی 10 فبراير 2002 بإيران و تم نفی حکمتيار من هناک بناءاً علی طلب من السلطات الإيرانية و منذ ذالک الحين لم يحدد مکانه بالضبط و لکن أشارت بعض التقارير إلی إمکانية وجوده بجمهورية تونس العربية بشمال أفريقيا. فی مايو 6 لعام 2002، أطلقت طائرة MQ-1 المفترسة صاروخاً من طراز AGM-114 و من إنتاج لاک هيد مارتين و هو صاروخ من نوع جو – أرض بإتجاه موکب من السيارات و لکن الصاروخ طاش و لم يصب ألهدف بل وقع قرب مدرسة محلية هناک و أودی بحياة عدد من المدنيين. تتهم الولايات المتحدة حکمتيار بالوقوف وراء دعوة عناصر طالبان إلی الوحدة و تسوية الصفوف و محاربة قوات التحالف بأفغانستان، کما تتهمه بتقديم مکافأة و جوائز نقدية لمن يقتل أو يجرح الجنود الأمريکان. وصف الحکوميون بإدارة حامد کرزي المدعومة أمريکياً حکمتيار بـ مجرم حرب، کما يشتبه بتورطه فی محاولة فاشلة نُفذت فی 5 سبتمبر 2002 لإغتيال الرئيس الأفغانی حامد کرزي و لکن عملية القتل إستهدفت الآخرين و أوقعت عدداً من قتلی و جرحی. أصدر حکمتيار فی سبتمبر 2002 شريطاً يدعو الناس للجهاد ضد القوات الأمريکية بأفغانستان و فی 25 ديسمبر 2002، وردت أنباء کشفت عنها وکالة الإستخبارات الأمريکية أن حکمتيار يسعی الإنضمام إلی تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن و نقلت الوکالة إعتراف حکمتيار بالقول أنه مستعد لمساعدة إخوانه بالقاعدة و لکنه نفی تقديم أی دعم أو تشکيل تحالف مع تنطيم القاعدة أو حرکة طالبان ضمن شريط مصور آخر أصدره فی 1 سبتمبر 2003 بل أشاد بالهجمات التی تستهدف القوات الأمريکية و الناتو فی البلاد. وصفت وزارة الخارجية الأمريکية فی بيان مشترک أصدرته فی 19 سبتمبر 2003 قلب الدين حکمتيار بـ "إرهابی عالمي" و قد ترجم البعض هذا الوصف أنه يعنی تجميد کافة الممتلکات و الأموال الخاصة بحکمتيار داخل الأراضی الأمريکية و خارجها بأسرع وقت ممکن و کما طالبت أمريکا لجنة الأمم المتحدة لشوؤن الإرهاب بملاحقة و تطبيق الدعوی القضائية هذه، کما إعتبرت حکمتيار مساعداً لبن لادن فی الوقت نفسه. توصل حکمتيار إلی هدنة مع عدد من القادة المحليين فی جلال آباد، کنر، لوکر و سروبي فی أکتوبر 2003 و أعلن أن هولاء يجب عليهم محاربة الغزاة الکفرة فقط و فی مايو 2006، أصدر حکمتيار تسجيلاً مصوراً خص به فضائية الجزيرة القطرية و إتهم فيه إيران بالوقوف وراء دعم أمريکا للحرب فی أفغانستان و أعلن عن إستعداده لدعم تنظيم القاعدة و أسامة بن لادن و محاربة القوات الغازية فی البلاد، کما إتهم أمريکا مباشرة بالوقوف خلف الصراعات فی العراق، فلسطين و أفغانستان و فی سبتمبر 2006 أوردت وکالات أنباء عالمية أخباراً تفيد بإحتجازه لکن الأنباء تم نفيها فی وقت لاحق و فی يناير 2007، نقلت شبکة سي إن إن الأمريکية عن حکمتيار إعترافه بمساعدة زعيم القاعدة أسامة بن لادن بالهروب من جبال تورة بورة فی 2001 و توفير ملاذ آمن له من قبل أنصاره و لکن إذاعة الـ بی بی سی فنقلت عن مقابلة له فی ديسمبر 2006 أجرتها معه قناة جيو تي في الباکستانية إعترافه بمساندة بن لادن و الدکتور أيمن الظواهري و قادة کبار آخرين من القاعدة بالهروب من کهوف تورة بورة و نقلهم إلی مکان آمن.