الرئيسيةبحث

قسطانية

علم أوكسيتانيا
علم أوكسيتانيا

قُسْطَانِيَة أو أوكسيتانيا (Occitània) ملقبة ايضا ببلاد الاوك (le pays d'Oc)هي فضاء لغويي و ثقافي في جنوب فرنسا حيث يتكلم باللغة الاوكسيطانية حاليا أو في ماض قريب.

اوكسيتانيا في تعريفها الحالي تشمل الثلث الجنوبي لفرنسا, أي 32 ولاية, ماعدا منطقة البرانس الشرقية القطلونية و الجزء الباسكي لالبرانس الأطلانطية. حوالي ثلاثة عشر مليون نسمة يسكنون اوكسيطانيا منهم ثمانية ملايين ذوي اللغة الاوكسيطانية٫ لكن لا يتكلمها الا ثلاثة إلى اربعة ملايين شخص على شكل إحدى لهجاتها الست. يجب أيضا إضافة منطقتين خارج فرنسا إلى أوكسيطانيا وهما سهل أران في إسبانيا ذو الحكم الذاتي داخل منطقة قطلونية ذاث الحكم الذاتي حيث اللغة االاوكسيطانية تشكل لغة رسمية وبعض القرى في السهول العليا لمنطقة البييمونتي الإيطالية.

تارخيا٬ الفضاء الاوكسيطاني كان تقريبا في كل وقت معارض للفضاء الفرنسي٫ و ذالك لإختلاف الشعوب المستطينة والظروف السياسية٬ وذالك حتى قبل ميلاد اللغة الاوكسيطانية في حوالي 800−850 حيث يمكن حصي مالا يقل عن خمس محاولات لإنشاء مملكة الأكيتان مستقلة عن المماليك الفرنجية ما بين سنة 555 و852 بعد الميلاد.

في هذا النطاق يدخل تصدي أود دوق الأكيتان للعرب تحت قيادة السمح بن مالك الخولان حاكم الأندلس في معركة تولوز سنة 721 ٬ حيث حقق نصرا ساحقا ضد جيوش المسلمين اللتي كانت تحاصر المدينة٬ بعد هذه المعركة انسحبت قوات المسلمين إلى نربونة أين توفي السمح بن مالك على كل إحتمال متؤثرا بجراحه. هذا النصر دعم إستقلالية الدوق إتجاه كارل مارتل زعيم الفرنجة في الشمال٬ الذي أبى أن يمد يد العون إلى الدوق حين كان العرب يحاصرون تولوز٬ آملا منه في هزيمة منافسه أود حتى يتمكن من الإستلاء على أراضيه. أود كان على وعي أن التهديد الحقيقي يكمن في مطامع الفرنجة أكثر من الوجودالإسلامي في نواحي نربونة٬ فما لبث أن عقد معاهدة صلح مع عثمان ابن موسى المأمر على منطقة قطلونيا من طرف حاكم الأندلس, أمنت للدوق حدوده الجنوبية, حتى يتسنى لهذا الأخير حماية أراضيه من التدخل الفرنجي.و لتوطيد هذه المعاهدة زوج أود إبنته لمباجة للأمير البربري ابن موسى. لكن الأمور لم تهدأ طويلا٬ حيث ما لبث أن أعلن هذا الأخير إستقلاله عن حاكم الأندلس عبد الرحمان الغافقي٬ الذي سار إليه سريعا فهزمه وأرجع مناطق شرقي البرانس تحت حكمه٬ و واصل مسيرته غربا متوغلا في أراضي دوق الأكيتان الذي إتهمه عبد الرحمان الغافقي بالتؤامر مع ابن موسى. لم يستطع أود هذه المرة أن يردالعرب٬ فبعد هزيمتهٕ في معركةٕ دامية قرب نهرٕالغارون إستول عبد الرحمان على مدينة برديلة و سقطت قلاع الدوق الواحدة تلوى الأخرى٬ فلم يجد أود منفذا آخر من غير اللجوء إلى عدوه كارل مارتل طالبا منه العون٬ هذا الأخير إستغل الوضعية الحرجة لأود ليبسط سلطانه على دوقية الأكيتان المتمردة مقابل مواجهة جيش عبد الرحمان٬ الأمر الذي أنهى آمال الدوق بإنشاء مملكة مستقلة فمشا حليفي الوضع سويا لمواجهة جيش المسلمين في واقعة بواتيه الشهيرة٬ التي إتهت بإنتصار كارل مارتل و مقتل عبد الرحمان الغافقي أثناء المعركة في أكتوبر من سنة 732.في العصور اللاحقة٬ أعتبر كارل مارتل بطل المسيحية الذي وضع حدا لتقدم العرب خلال غالية٬ لكن بحوثا تاريخية حديثة تثبت أن أود كان هو الذي أوقف الجيوش العربـيةـالبربرية 11 سنة من قبل في معركة تولوز٬ وذالك إستنادا لمؤلفات ابن حيان )987 -1076 ( و ابن الأثير )1160 -1233 ( و المقري )1591 -1632 ( التي تصادف وصفهم لمعركة بلاط الشهاداء حيثيات معركة تولوز الدامية و التي بقي المسلمون يحيون ذكراها كل عام أربعة مائة بعد وقوعها.

لكن سرعان ما أعاد دوقات الأكيتان محاوالاتهم الإستقلالية٬ و خاصة إبتادأ من سنوات 920-950 من طرف كونتات تولوز الذين حكموا بلادا واسعة وغنية على إتصال وثيق بحضارة الأندلس المجاورة. كانت اوكسيطانيا سابقة في أوروبا في إزدهار العلوم والتقنيات٬إلى جانب نشأة الفن الشعري المعروف بشعراء التروبادور٬الذين تغنوا بالحب العذري مع ما يصاحبه من أخلاق نبيلة ومشاعر رفيعة.

في هذا الجو من الإنفتاح و التسامح تنامت الحركة الدينية المعروفة بحركة الكاثار التي أستعملت كذريعة للحملة كاثار الصليبية في سنة 1209 وإقامة محاكم التفتيش )1229 ( وأخيرا ضم أراضي تولوز لممتلاكات ملك فرنسا )1271 ( والذي سبق ضم أقاليم الأكيتان والبروفانس مؤديا إلى إندثار الحضارة الأكسيطانية مع الوقت مع الهيمنة التدريجية للثقافة الفرنسية و لاحقا إنتشار اللغة الفرنسية جنوبي فرنسا.

حاليا تشهد أوكسيطانيا نهضة ثقافية مصحوبة أحيانا بمطالب سياسية٬ من خلال إنتشار المدارس المزدوجة اللغة فرنسية-أوكسيطانية و ظهور فرق المسرح المعبرة باللغة المحلية والأغنية الوكسيطانية ذات الصيت الواسع٬ مع تنامي الشعور لدى السكان والسلطات المحلية بالانتماء إلى منطقة ذات شخصية على الأقل ثقافية خاصة٬ فعلى المثال لافتات شوارع تولوز مكتوبة بللغتين الفرنسية و الأوكسيطانية٬ لكن مع هذا يظل الإنفتاح في النظام المركزي الفرنسي بعيدا عن نظيره الإسباني في أقاليم قطالونية أو بلاد الباسك على سبيل المثال.