الرئيسيةبحث

قرض 1865

قرض سنة 1865 بقيمة 3,387,300 جنيه انجليزي.

لم ينفق إسماعيل شيئا يذكر من قرض سنة 1864 على مرافق البلاد العامة ، بل انفق معظمه على توسيع دائرة أطيانه وأملاكه, واشترى في ذلك الحين "قصر إميرجان" على ضفاف البوسفور ، ليتخذه مقر له عندما ينزل الآستانة ، ولم يكن لولاة مصر قصور خاصة لهذه المدينة ينزلون بها من قبل, ولكن إسماعيل رأى من استكمال مظاهر البذخ ان يكون له قصر فخم لكن بهاء ورواء عن قصور السلاطين, ابتاع ذلك القصر وأنفق المبالغ الطائلة في توسيعه وزخرفته. وفي ذلك العهد بداء ينشئ القصور الفخمة في مصر ، فشرع في أقامه سراي الجيزة المشهورة ، وكان التصميم على أن تكون داراً انيقه ، ثم اتسعت فصارت قصراً فخماً ، وتعددت المباني حولها ، ومدت الطرق الجميلة بين الجيزة والجزيرة ، وأنفقت الأموال جزافاً في سبيل إنشائها. فهذه النفقات الباهظة جعلت إسماعيل يفكر في قرض أخر ، ولن تمضى ثمانية أشهر على القرض الأول. وليس من ضير أن يبتنى ولي الأمر ما شاء من القصور والساريات ، ولكن إذا كانت مالية البلاد لا تسمح بنفقات تلك المباني ، ولا سبيل إلى أقامتها إلا من القروض ، فلا تسوغ الاستدانة لهذا الغرض ، لأنه لا يجوز أن تقترض حكومة رشيدة قرضاً ما لأنفاق قيمته على مثل هذه الكماليات.

وقد جد سبب أخر دعا إسماعيل إلي عقد القرض الثاني ، وهو الأزمة المالية التي أعقبت هبوط أسعار القطن ، ذلك أن انتهاء الحرب الأمريكية الأهلية في أوائل سنة 1865 فتح الأسواق أمام القطن الأمريكي ، فتراجعت أسعار القطن المصري إلى مستواها القديم ، وقد حل الضيق بالأهالي من الفلاحين والملاك ، لأنهم اعتادوا أثناء ارتفاع أسعار القطن أن ينفقوا عن سعة ويستدينوا المال بفوائد فاحشه من المرابين ، علي أمل سداده من ثمن القطن في الموسم المقبل (كما حدث سنة 1919, والتاريخ يعيد نفسه), فلما هبطت أسعار القطن وقعوا في أزمة شديدة غرفت بأزمة سنة 1865, ولم يدروا كيف يوفون ديونهم, فاعتزم إسماعيل أن تتدخل الحكومة في هذه الأزمة ، فحصرت ديون الأهليين وسددتها عنهم للدائنين والمرابين ، علي أن ترجع بها علي المدينين مقسطة علي سبع سنوات بفائدة 7% وخصص لهذه العملية 1,400,000 جنيه. والفكرة في ذاتها فكرة حكيمة تدل علي عطف إسماعيل علي الشعب ، ولكن اقترانها باستدانة قرض جديد من الخارج يفقدها بهائها ، ولاشك في أن إسماعيل لو أتبع التدبير والاقتصاد، لما كانت الحكومة في حاجه إلى هذا القرض الجديد ، ولا الذي سبقه ، فضلاً عن الديون السايرة التي لم يكن يعرف مقدارها، وهي الديون التي كان الخديوي يقترضها بسندات على الخزانة كما سيجيء بيانه.

اقترض إسماعيل قرض سنة 1865 من بنك الأنجلو ، وقدره 3.387.300 جنيه ، ولم يقبض منه سوي 3.000.000 جنيه ورهن في مقابله 365.000 فدان من أملاكه ويسمى هذا الدين (الدائرة السنية الأولي )


مراجع