الرئيسيةبحث

فوزي محسون

فوزي محسون ( 1925- ) مغني سعودي من مواليد جدة، يعتبر فوزي محسون أحد أهم أعمدة الغناء والفن الحجازي على الاطلاق. لقب بسيّد الشجن، لاشتهار تقاسيم ألحانه بالشجن الساكن في حكايا الناس وما يكتنفها من مشاعر الوصل والصد والعتب والوجد. يسمى بسيد درويش الأغنية العربية بالجزيرة العربية، كونه أول من غير في القوالب الفنية والموسيقية السائدة وجدد فيها بالجزيرة العربية. بزغ في الستينات الميلادية من القرن العشرين، وتكمن ريادته في مزج الألحان الموسيقية البديعة من الألوان الحجازية كالدانات والمجارير والحجازي-العدني على آلات العود والقانون والسمسمية بالمفردة الحجازية الدارجة البسيطة، وقد شكلّ في هذا الجانب ثنائي ذهبي مع الشاعرة ثريا قابل ثم مع الشاعر الغنائي صالح جلال. لديه منجز فني وغنائي وموسيقي غزير يتخطى السبعمائة عمل. جايل عمالقة الغناء العربي كعبدالحليم حافظ وتأثر بمحمد عبدالوهاب، وكان أستاذه الأول العملاق المكّي محمد علي السندي وعلي يده تلقى فن الموسيقى والمقامات والأنغام، ويعتبر المحسون أستاذ الأجيال المعروفة في الأغنية السعودية مثل طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر وعبدالمجيد عبدالله.


يعتبر الفنان الراحل من الفنانين الذين اثرو الساحه الغنائيه بالعديد من الأعمال الغنائية الشعبية وقد كان رحمه الله ملحنا من الملحنين الكبار حيث قدم العديد من الأعمال الناجحة وتغنى من الحانه عددا من فنانينا الكبار وقد كذلك العديد من الاغاني الفلوكلوريه الشعبيه كالدانات والمجارير ولم ينسب اي لحن من هذه الألحان الفولكلوريه له بل كان دائما يقول عنها بأنها فولكلور .. وبذلك استحق لقب فارس الفولكلور الأول في السعوديه.


فهرس

من أشهر اقوال فوزي محسون


ما قاله عنه زملاء الفن والمشوار وتلاميذه و اصدقائه ومحبيه بعد وفاته

نبدأ بحبيبه ورفيق دربه الشاعر الأستاذ / صالح جلال رحمه الله

نعوك إلى يا فوزي .... فأسكن جنة المأوى .... إلى دار تقربها... وتحيا فيها ..ما تحيا .... رحمك الله يا فوزي .. بما قد شئت وما تهوى .. أعزي فيك كل الحب ... والأشواق .. والنجوى .. وأحبس دمعة فيها عميق الصبر والسلوى... حبيبي ربنا الغفار ... له التدبير هو الأقوى.


كان يوم غروب شمس الفن الأصيل

بالتأكيد فإن فوزي محسون يرحمه الله من مواليد عام 1925 هـ وتلقى فك الحرف كما يقال في ( كتاب ) الشيخ/ علي هلال بحارة الشام خلف منزله .. وضمتنا بعدئذ المدرسة الرشيدية الأبتدائية.. وفيها اقتربنا وجمعتنا صفوف الدراسه حتى عام 1368 هــ حيث أكملنا المرحلة الدراسية بحصولنا على الشهادة.. وللتقوية في الدراسه انتظمنا طلاباً في مدرسة الإصلاح الليلية حتى أواخر عام 1370هـ حيث بدأنا المرحلة العلمية فالتحق ملازماً بإدارة البرق والبريد والهاتف والسنترال كما كانت تسمى انذاك واستمر في عملة إلى ان احيل للتقاعد في عام 1407 هــ يرحمه الله . وراح فوزي ينمي موهبته بالسماع إلى اغنيات الاستاذ محمد عبدالوهاب فحفظها واجادها وكنا نتحلق حوله نطلبه ان يغني لنا (( الجندول -- ومضناك جفاه مرقده )) .

كان بار بوالديه .. ويى في اخيه ( عبدالعزيز محسون) المثالية كلها لا يبرم امراً إلا بإستشارته فأحتضن موهبته الفنيه ونماها واشرف عليها ورعاها كان معلمه الأول اخيه عبدالعزيز .. وفر له كل شيء .. الراديوو .. صندوق الغناء كما كنا نسيمه .. الكتب وكل شيء واختار له اصدقاؤه .

وبدأت مسيرته الفنيه في عام الف وثلاثمائه وسبعون هجرية الف وتسعمائة وثلاثة وخمسون .. محدود التغني بما حفظ من الألحان وظهرت فترة الأسطوانات التي تبث على آلة (البيكاب) كتطور متميز فاقبل عليه اصحاب الشركات .. فسجل كثيراً من الاغاني الفولكلوريه والعاطفيه بصوته واعطى الحانه للأخرين الذين تواجدو في تلك الايام في الساحه الفنية وانتشر وذاع صيته ودخل إلى عالم النجومية في عام 1380 واصبح اسمه على كل لسان وانتاجه غزيراً وتجاوبه ملموساً.

احبه كل الناس لما يتمتع به من خلق وتحلى بالصبر واحس بمسئولية هوايته وفنه لا يغني مجساً او موالا او كلاما هابط المستوى يمضي وقتاً في تخير ما يغنيه لا يظهر اعماله الفنيه الا بعد ان يسعمها إلى اصدقائه وقبلهم اخيه عبدالعزيز وزملائه الفنانين .

غنى للناس في افراحهم بلا مقابل .. وشارك اللمسات الفنيه دون مردود .. لم يكن مادياً ابداً .. ولا حقودا ولا حسوداً لا ينم في أحد .. ولا يشترك في شيء ال بعد دراسة متأنيه .. كان له عالمه الخاص به .. اذ يستمع إلى نفسه فيطرب ويحلق بعيداً ويتسائل هل اجاد ... ويى على نفسه بإجاده اخرى . اذكر انه يوم ان جاءت سيدة الغناء المرحومة ام كلثوم ذهب وبشجاعه فنيه ليقابلها .. في فندق قصر الكندرة . وعندما عاد بعد مقابلتها قال .. اليوم عرفت الكثير مما ينبغي ان يكون عليه الفنان.

هذا فوزي محسون .. الأنسان .. البار .. الفنان .. الصورة .التي جسدت المعاني .. والمواقف انغاماً والحاناً والتعامل والتجاوب الذي هلعت له القلوب يوم رحيله .. هذا وهكذا عاش .. حبيبي .. وصديقي .. لم يمت فوزي متشائماً ولا مريضاَ بل مات كما يمووت الناس ولقي وجه رب كريم الحسنه لانه رحمه الله ارتفع في حياته عن النقايض .. وسعى إلى الأجاده ونال ما تمنى .

هذه كلمة حق متواضعه فيما كان عليه لصديقي ورفيقي ذو الفضل الذي لا ينكره إلا مكابر وليس في حياته من تكبر عليه ولا بعد مماته من يعكر صفو ذكرياته ويوم أن شيع جثمانه إلى مثواه الأخير في مقبرة المعلا في مكه المكرمه التي احبها واوصى ان يدفن بها كان يوم غروب شمس الفن الأصيل.


أبرز أعماله الفنية

مهما عني تغيب ---

كلمات ثريا قابل -- الحان فوزي محسون

ما عشقت غيرك -

كلمات ثريا قابل -- الحان فوزي محسون

عتبي عليك --

كلمات صالح جلال -- الحان فوزي محسون

يانائم الليل الطويل ---

كلمات صالح جلال -- الحان فوزي محسون

حيارى -- كلمات صالح جلال -- الحان فوزي محسون

غادي -- كلمات بدر بن عبدالمحسن -- الحان فوزي محسون

شعاع الصباح-- كلمات لطفي زيني -- الحان فوزي محسون

نور الصباح -- كلمات لطفي زيني -- الحان فوزي محسون

اهات --- كلمات لطفي زيني == الحان فوزي محسون

روح احمد الله ==

كلمات صالح جلال -- الحان فوزي محسون

صفحتي في الحب بيضا --- كلمات صالح جلال -- الحان فوزي محسون

يقول المولع-- فلكلور --- الحان فوزي محسون

ماشي اسمه مضى--- صالح جلال --الحان فوزي محسون

من سنين == كلمات صالح جلال -- الحان حسن عراز

يوم اللقاء -- كلمات صالح جلال--الحان فوزي محسون

اعذار --- كلمات يوسف رجب -- الحان فوزي محسون

مشاوير الهوى --- كلمات صالح جلال -- الحان حسن تمراز

شوية حب --- كلمات صالح جلال --- الحان فوزي محسون

ناعم يا ندى-- كلمات بدر بن عبدالمحسن == الحان فوزي محسون

قديمك نديمك --- كلمات المنتظر --- الحان فوزي محسون

يا طير --- فلكلور -- الحان فوزي محسون

سبحانه -- كلمات صالح جلال -- الحان فوزي محسون

قف بوادي النخيل --- كلمات سعيد الهندي -- الحان فوزي محسون

مجرور -- كلمات صالح جلال -- الحان فوزي محسون

اسرار --- كلمات يحيي كتوعه --- الحان فوزي محسون

ياحبيباً في فؤادي -- سعيد الهندي -- الحان فوزي محسون

يلي انت بكره مسافر --

كلمات صاحل جلال -- الحان فوزي محسون

متعدي وعابر سبيل-- كلمات صالح جلال - الحان فوزي محسون

في ظلال البان -- كلمات سعيد الهندي -- الحان فوزي محسون

حاول كده وجرب --- كلمات ثريا قابل -- الحان فوزي محسون

طال النوى -- كلمات سعيد الهندي -- الحان فوزي محسون

رد السلام-- كلمات سعيد الهندي -- الحان فوزي محسون

ياللي تمكن هواك كلمات ثريا قابل == الحان فوزي محسون

ليش عني تغيب -- ثريا قابل -- الحان فوزي محسون

مين فين فتن بيني وبينك == صالح جلال -- الحان فوزي محسون

اهو يقول لك ثريا قابل -- الحان فوزي محسون

ما تبغى تهدا تروق -- كلمات عبدالعزيز شكري -- الحان فوزي محسون

وادي الدواسر --- كلمات سعيد الهندي-- فوزي محسون

تبغى الصراحه كلمات يوسف رجب -- الحان فوزي محسون

ابغى تذكار == صالح جلال -- الحان فوزي محسون

مين طغاك --- كلمات ثريا قابل -- الحان فوزي محسون

يا متعدي -- صالح جلال --- حسن تمراز

سألتك ايها الطلل سعيد الهندي -- الحان فوزي محسون

احب البدر من صغري -- سعيد الهندي == الحان فوزي محسون

ايكون لنا حلو الغزل -- سعيد الهندي -- الحان فوزي محسون

يامن في قلبي غلا -- ثريا قابل == الحان فوزي محسون

اديني عهد الهوى -- كلمات ثريا قابل - الحان فوزي محسون

من بعد مزح ولعب -- كلمات ثريا قابل -- الحان فوزي محسون

شهر المحبة / رمضانيه صالح جلال == حسن تمراز

بلاد النور / عن الحج صالح جلال -- الحان حسن تمراز

انتصار والله انتصار / للمنتخب لصالح جلال -- الحان حسن تمراز


أغنية ( من بعد مزح ولعب )

من بعد مزح ولعب

أهو صار حبك صحيح

وأصبحت مغرم عيون

وأمسيت قلبي طريح

أخجل إذا جات عيني

صدفه في عينك وأصير

مربوك وحاير بأمري

من فرحي أبغى أطير


توحشني وأنت بجنبي

وأشتاق إليك لو تغيب

وأحسد عليك حتى نفسي

وأخشى يمسك غريب


وأنا الذي كنت أهرج

والكل حولي سكوت

صرت أتلام وأسكت

وأحسب حساب كل صوت


والله يا أغلى عمري

في عيوني مالك مثيل

تساوي الروح وتغلى

وتكون عنها بديل

<< حسين النجمي - جريدة الرياض - السعودية >> لقب بسيد الشجن فهو من أعمدة الفن في المملكة العربية السعودية ومدرسة مستقلة استقى منها الجيل الحالي العديد من الثقافات التي أثرت ساحاتهم الابداعية وكذلك الكبار أمثال طلال مداح وعبادي الجوهر ومحمد عبده وعبدالمجيد عبدالله . فوزي محسون من مواليد مكة المكرمة عام 1925، بدأ مشواره الفني في عام 1370ه، وغنى عبر الاسطوانات التي كانت تسمى في تلك الفترة (البيكاب) ونجح نجاحا منقطع النظير فأقبلت عليه شركات الإنتاج وتهافتت عليه لتقديم أعماله للناس الذين أحبوه وشغفوا به، من ألقابه أيضا سيد درويش الخليج اللقب الذي أطلقه عليه الموسيقار سراج عمر فالجمل التي كانت يغنيها ويهتم بها محسون لم تكن تخرج عن دائرة الشعبية المفهومة للكل بالإضافة إلى صوته الحنون الذي عشقه الجميع .

نجح في عام 1380نجاحا كبيرا فقدم العديد من الأغاني التي اشتهرت وقدمته كصوت سعودي بارز .

وأولى أغانيه كانت للفنان لطفي زيني الذي قدمه محسون للساحة بأغنية (نور الصباح) التي لحنها وقدمها للإذاعة السعودية .


من أغانيه الشهيرة : (قديمك نديمك) والتي تقول كلماتها :


قديمك نديمك

لو الجديد أغناك

يالي سابح في نعيمك

فين نصيبي من هواك


و

وسبحانو وقدروا عليه

وخلوك تنسى أحبابك

ولابتسأل علينا خلاص

قفلت في وجهنا بابك

ولاعاد زلة أو طله

يحقلكم لنا الله


كون مع الشاعرة ثريا قابل وصالح جلال ولطفي زيني وطلال مداح رفقة فنية طويلة وقدموا من خلالها مجموعة من الأغاني التي رسمت للغناء في الحجاز لونا اخر واستقى من أستاذه السندي الكثير من المعلومات الفنية والثقافة التي أهلته لدخول المضمار بقوة .

من بعد مزح ولعب

صار حبك صحيح

وأصبحت مغرم عيون

وأمسيت وقلبي طريح

وأخجل إذا جات عيني

صدفه في عينك وأصير

مربوك وحاير بأمري

من فرحي أبغى أطير

وأنا الذي كنت أهرج

والكل حولي سكوت

صرت أتلام وأسكت

وأحسب حساب كل صوت


غنى أيضا اللون المجرور وتهادت إليه الجماهير وأحبوه بشكل جنوني بعد رائعته :

ماس ورد الخد

في وادي قبا

هب الصبا

والسمر قد طاب


وعن فوزي محسون الإنسان، الكلام يطول والشرح لن يفيه حقه فقد عرف بطيبته الزائدة وحنانه الذي يغدقه على الجميع وكان يغني في الأفراح بلا مقابل ولم يكن حقودا أو حسودا وبقي ودودا للكل حتى رحيله .

غنى له العديد من الفنانين مجموعة من أغانية التي لاقت استحسان الجميع ومنهم الفنان عبدالمجيد عبدالله الذي قدم له ألبوما غنائيا كاملا وغنى فيه وسبحانه وحاول كده وجرب وعشقته والهوى لو تمنى ورسخت هذه الأعمال في ذاكرة الناس وأحبوا عبدالمجيد كثيرا من خلالها وللأمانة فقد كلف إنتاج هذه العمل مبلغ 16ألف ريال فقط وجنت منه الشركة الفنية التي أنتجته أرباحا طائلة فاقت المليون ونصف المليون وذلك لما تتمتع به أغانيه من عمق في التعبير افتقدته الأغنية في الوقت الحالي .

كانت تربطه علاقة جدا مميزة مع الفنان الراحل طلال مداح وقدما مع بعضهما جملة من التعاونات الفنية وكان يمده بجديده دائما وله العديد من الأغاني التي حفظت في المكتبة الموسيقية .

من صفاته الفنية أيضا حبه للأدب والقراءة بشكل مخيف فحتى النكت التي كان يلقيها كانت تطرح في قالب أدبي شيق يعجز الإنسان عن وصفها كما وصفه بذلك سراج عمر، بيتوتي لايحب الخروج ويستمع لنفسه من حين لآخر ليرى ماذا قدم طوال مشواره الفني وما هو الذي يجب عليه أن يقدمه في الفترة القادمة .

وفي رحيله رثاه صديقه ورفيق دربه الشاعر صالح جلال بنص فيه الكثير من الألم حيث قال :

نعوك إلي يافوزي فاسكن جنة المأوى

ماتحيا .. إلى دار تقر بها وتحيا فيها

رحمك الله يافوزي بما قد شئت وماتهوى

والنجوى اعزي فيك كل الحب والأشواق

<< أميمة الفردان - جريدة الشرق الأوسط - لندن >>

مسكون بعشق الكلمة الحجازية، ملتصق بترابها.. فوزي محسون الذي رسمت كلمات أغنياته ملامح ابن الحجاز في الأحياء الشعبية كان «سيد درويش الأغنية السعودية» كما وصفه الموسيقار سراج عمر، فقد عبر عن مفردات البيئة الحجازية البسيطة، من خلال الكلمات التي كانت تخطها أنامل الكاتبة ثريا قابل، ورفيق المشوار صالح جلال، ولم يكتف بذلك بل امتد في عطائه ليعبر عن التراث الغنائي النجدي من خلال السامريات التي غناها لخالد الفيصل مثل «بشروني عنك»، يضاف إلى ذلك كما ذكر سراج عمر «كانت البدايات أيضا من خلال الأغنيات التي تغنى بها فوزي لبدر بن عبد المحسن مثل (ناعم يا ندى)، ومحمد العبد الله الفيصل». كتاب الشيخ علي هلال بحارة الشام، أحد احياء مدينة جدة، لم يكن إلا أول الغيث الذي انهمر، ليسيل أودية إلى الرشيدية الابتدائية، ومنها إلى الانتظام الليلي في مدرسة الإصلاح، وليفتح الآفاق الواسعة أمام الشاب فوزي محسون، القارئ النهم لأمهات الكتب، لتصقل لغته الراقية وقدرته على التحدث والمناقشة، ولتضيف لجمال أخلاقه وسماحته حسن التعبير، الذي انعكست آثاره على تكوين شخصيته الفنية، من خلال حرصه في اختيار الكلمة واللحن، ومطاردة أصحاب الكلمة الجميلة التي تعبر عن روح الحجاز وبساطة ساكنيه، كما عبرت عن ذلك الشاعرة السعودية ثريا قابل، التي وصفته بـ«الطيب والمثقف جدا»، مما جعل من بيته منتدى أدبيا، ومجلسا للأنس والطرب، يجتمع فيه أهل الفن والثقافة، على قدم المساواة، تلبية لداعي السمر. فوزي محسون الملازم بإدارة البريد، هو ابن أحد كبار موظفي المصلحة محسون أفندي، العاشق للتراث الغنائي القديم، فبين الغرف من التراث اليمني والعدني، وتراقص المستمعين على إيقاع المجرور، صفقت الأيادي لفوزي منتشية بطرب الدانات الحجازية «ماس ورد الخد في وادي قبا .. هبت صبا والسمر قد طاب»، وبدأت رحلة المحسون نحو خميلة الفن المعقود بجدائل الأصالة في العام 1370هـ، من خلال تلحين كلمات للفنان الراحل لطفي زيني عقيلي، ولتسجل «نور الصباح» كأول أغنية للإذاعة بصوت «أبو إبراهيم» كما كان يكنى، وقد كانت البداية الفعلية له من باب التلحين، الذي ساهم في انتشار بعض الفنانين وشهرتهم، وربما كانت واحدة من أبرز الأغاني التي لاقت رواجا لقيثارة الشرق طلال مداح، يقول مطلعها «كلام البارحة اتغير/ وصار اليوم شي تاني/ وضح له الحب واتأكد/ وصالحني وراضاني». ولم يكتف «صوت الذكريات»، باختيار الجملة الموسيقية الملتصقة، بحميمية البيئة الداخلية لجدة، التي كان يصوغها في قالب محبب، مستفيدا من معلمه الفنان محمد علي سندي، الذي تعرف من خلاله على طريقة الغناء والمقامات، باحثا عن مجالس الطرب، ومستمعا لكل الألوان الفلكلورية والتراثية القديمة، بل تجاوزه إلى دفء الكلمة المعبرة عن الواقع الحياتي واليومي للبسطاء، من خلال الكلمات الدارجة التي ساهمت إلى حد كبير في انتشار أغنياته مثل «مين فتن بيني وبينك/ من كدى خلك كدى/ مين سبب هذا الخصام/ شي ما شفته بعينك/ ولا شي تملك دليله/ كيف تصدق دى الكلام»، ليسطع نجمه في العام 1380هـ من خلال الحضور الكثيف له عبر الأصوات الغنائية التي لحن لها، أو في الحفلات، أو من خلال بث أغانيه في الإذاعة والتلفزيون، مضافا إلى ذلك إقباله الشديد على تسجيل الأغاني الفلكلورية والعاطفية على آلة «البيكاب» الأسطوانات التي كانت رائجة وقتها.

وقد شكلت الثنائيات في الحياة الفنية لـ«صوت الذكريات»، دورا مهما ومنعطفا لم يثر فقط الرحلة الفنية لفوزي محسون، بل عملت على ثراء الفن السعودي، منها تلك التي جمعته مع طلال مداح في أكثر من عمل فني كما ذكر الموسيقار سراج عمر «له علاقة متميزة مع طلال، كان يخصه بكل تفصيل من التفاصيل اللحنية لأعماله»، ولم تكتف تلك الثنائية التي جمعت صوت الذكريات بصوت الأرض، بمستوى اللحن فقط وإنما تجاوزتها، لتثري جلسات الطرب، بحسب تعبير سراج «تشاركا في ثنائيات غنائية، من خلال جلسات السمر» وصفته ثريا قابل بالقول «كان انفعاليا في أدائه، يتماهى مع الكلمة والجملة اللحنية، يغني من القلب». «صوت لا يتكرر» كلمة أوجزت رحلة إنسانية معجونة بالعشق، تحسَّس بوادرها الأولى بالرعاية جميل قمصاني، مدير المدرسة الإصلاحية، من خلال الأناشيد التي كان يرددها الطالب فوزي محسون، ولتصقل الموهبة من خلال الأخ الأكبر عبد العزيز محسون، الذي تولى الرعاية الفنية له، والذي يحكي قصة النسيان أو التناسي لتراث غنائي كبير، مرددة أمواجه «سبحانه وقدروا عليك/ وخلوك تنسى أحبابك / ولا بتسأل علينا خلاص/ قفلت في وجهنا بابك» ساهمت في ترسيخه، شخصية يصفها سراج عمر «فوزي إنسان بيتوتي ضحوك، مبتسم ببراءة وطيبة، ويطرح النكتة بقالب أدبي، ولا يمكن أن يتفوه بكلمة غير سوية»، والذي تعاون معه في تلحين بعض الأغاني، مثل «دنيا العيون»، التي حققت نجاحا كبيرا، وتغنت بها الفنانة التونسية عايدة بو خريص، بحسب كلام الناقد الفني محمد رجب، وأغنية «من فينا ياهل ترى» التي تغنى بها الفنان عبد المجيد عبد الله في بداياته.

«أخاف أن ينساني الناس بعد موتي».. هذه الكلمات لفوزي محسون في واحد من لقاءاته. في الوقت الذي تتسابق فيه الدول للارتقاء بحضاراتها، من خلال توثيق فنها وفنانيها، يغيب صاحب القلب الطيب بين زرقة البحر، في لحظة غروب للفن الأصيل، يستغل فيه تراث فني كبير، بدون أن ينسب لصاحبه، الذي عمل على تطوير الأغنية الشعبية، ولتضيع الحقوق الفكرية والأدبية لذاكرة الحجاز، في حين ظل صوت الذكريات واثقا من إرث فني، تتعاقب الأجيال على ترديده، ولسان حاله يقول «لا لا وربي»، لتحصد أغانيه المراكز الأولى، بأداء المخضرمين من فناني العصر الحديث، على مستوى الكلمة واللحن، فيما ترك لسان حال محبيه يردد متأملا في الجهات المعنية بإعادة وتوثيق هذا التراث «عتب عليك كله عشم / عتبي على نفسي أنا».

اقرأ أيضاً

فوزي محسون .. ظاهرة الأغنية السعودية الفنية http://www.aawsat.com/details.asp?section=25&issue=10664&article=457528