فرسطاء مدينة في جبل نفوسة بليبيا ، جنوب غرب مدينة طرابلس بمسافة 260 كيلومتر ، وتقع على خط عرض ( 31.51 ) درجة وخـط طـول (11.23 ) درجة ، ويحدها من الشرق مدينة طمزين ، ومن الغرب مدينة كاباو ، ومن الشمال تيجي ، و الحمادة الحمراء جنوباً
ويبلغ تعداد سكانها حالياً بعد انتقالهم إلى الموقع الجديد للمدينة نهاية ستينات القرن الماضي حوالي خمسة الآف نسمة فقط ، يتكلمون اللغة الامازيغية كلغة أصلية بالاضافة إلى اللغة العربية كلغة رسمية في الدوائر الحكومية والمدارس
يرجع تسمية هذه المدينة بهذا الاسم لأنها تظهر للناظر إليها من ناحية الشرقية للجبل المقابل لها واجهتين ، ويسود هذه المدينة طابع ريفي هادئ وبسيط ، الأمر الذي إنعكس على نفوس سكانها الطيبين ، وهذا ما يلمسه الزائر من الكرم والبشاشة والعفوية في الترحاب والمعاملة الحسنة ، تتمتع مدينة فرسطاء بطبيعة جبلية رائعة تتناثر عليها أشجار الزيتون فوق ثناياه ، وأشجار النخيل في نواحي الوادي وغيرها من الاشجار كالتين والكرم . وتسترخي مدينة فرسطاء الأثرية في منتصف الجبل على شكل هرم ، بيوتها متلاصقة وشوارعها ضيقة . وفي قمة هذا الهرم يقع أهم معالمها الأثرية وهو القصر ( غسرو بالامازيغية ) .
يعتبر من أبرز المعالم الأثرية بالمدينة ، حيث كان هذا القصر يستخدم قديماًً لحفظ مواد التموين الزائدة عن الحاجة اليومية لسكان المدينة ، من شعير وقمح وزيتون وتمر وزيت وملح .. الخ .
يعود بنائه إلى أكثر من إحدى عشر قرناً من الزمن ، ويقع القصر في أعلى المدينة القديمة أي في نهاية الهرم عند تلاقي الوجه الشرقي بالوجه الغربي من المدينة ، ويطل على وادي يفصل بين فرسطاء وطمزين من ناحية الشرق ،
ويوجد بالقصر مدخل ( الباب الرئيسي ) من ناحية الجنوب الشرقي له ، ويرتفع سوره حوالي ( 15 م ) ،
والقصر مستطيل الشكل مبني من الحجارة والجبس والطين الأحمر ، وأسقفه من جذوع النخيل وأغصان الزيتون ونوع خاص من التربة الطينية التي لا تتسرب منها المياه إلى الداخل ، وكل أبوابه وأقفالها من الخشب المُصنّع محلياً ،
وينقسم القصر من الداخل إلى شارعين : إلى اليسار المسمى بالشارع السفلي ويحتوى على غرف للخزن على جهة اليسار ، وعلى دورين أو ثلاثة أدوار . والأخر إلى اليمين ويسمى بالشارع العلوي
ويوجد في بداية غرف خزن من ناحية اليمين فقط بدورين ، وينقسم الشارع العلوي إلى شارعين إحداهما إلى اليمين ويوجد به غرف خرن من الجهتين وبثلاث أدوار ودورين إلى نهاية الشارع ، والآخر إلى اليسار ويقع مرتفعاً قليلاً عن الشارع الأيمن ، وتوجد غرف خزن من الجهتين بدورين . ويوجد به باب للتهوية يفتح إلى الخارج في منطقة مرتفعة من القصر يمكن من خلاله رؤية أجزاء من المدينة ، كما يوجد في نهاية الشارع ساحة تتم فيها عملية المقايضة .
ويوجد كذلك عند مدخل القصر غرفة الحارس التي يوجد فيها مفاتيح جميع الغرف ، وكان حارس القصر يتقاضى نصيباً معيناً من الشعير عن كل غرفة خزن يقوم بحراستها .
ويقابل غرفة الحارس صهريج ( ماجن ) تتجمع فيه مياه الأمطار التي تنحدر من أسقف القصر. ويبلغ عدد غرف الخزن بالقصر حوالي 103 غرفة ، والصالح منها إلى حد الآن 89 غرفة والباقي تهدم وبقي ركامها إلى حد الآن يشكو قلة الصيانة .
كل غرفة من غرفه مقسمة بحسب المُراد تخزينه ، فالزيت والتمور والتين تخزن في خوابي ( جرار كبيرة مصنوعة من الفخار ) ، والحبوب البقوليات والملح تخزن في أحواض بنيت داخل الغرفة . ومن الناحية الشرقية للقصر منارة عالية تهدمت بعض أجزائها كانت تستعمل قديماً للمراقبة ، حيث يستطيع المراقب منها النظر حتى 80 كم ، والواقف أمام باب القصر يشاهد أسقف البيوت المتراصة على شكل انسيابي جميل ، وتتخذ تلك الأسقف لنشر التمور والتين فوقها لتجفيفها قبل عملية التخزين .
وتقع بالقرب من القصر معالم أثرية يبدو أنها كانت لمعابد تعود لفترة قبل مجيء الإسلام ، ولا يُعلم عن طبيعة إنشائها وإستعمالها حينها.