غياث الدين بن مسعود بن محمد الكاشي (المتوفي سنة 839 هـ/1436 م) من أعظم من اشتهر في القرن التاسع الهجري بالحكمة و الرياضيات و الفلك و النجوم و غيرها.
ولد في مدينة كاشان -قاشان- في بلاد فارس و كان يقيم فيها مدة، ثم ينتقل إلى مكان آخر .
درس الكاشي النحو والصرف والفقه والمنطق، ثم درس الرياضيات وتفوق فيها. ولا غرابة في ذلك، فإن والده كان من أكبر علماء الرياضيات والفلك. وقد عاش الكاشي معظم حياته في سمرقند، وفيها بنى مرصداً سماه "مرصد سمرقند". حيث توجه إلى سمرقند بدعوة من اولغ بك الذي كان يحكم البلاد آنذاك ، و الذي كما قيل أنه كان محبا للعلماء شغوفا بالعلم ، و هناك في سمرقند وضع أكثر مؤلفاته التي كانت سببا في تعريف الناس به .
و بالرغم من ما للكاشي من شهرة كبيرة في الأزياج و المراصد والرياضيات و غيرها و من مكانة علمية جديرة بالتقدير فإنه لم يعرف حقه في كتب التراجم و التاريخ ، بل قد أهمل شأنه كشأن غيره الكثيرين من المفكرين البارزين في الإسلام . و هو من الذين لهم فضل كبير في مساعدة (اولغ بك ) في إثارة همته للعناية بالرياضيات و الفلك ، و أحد الثلاثة الذين اشتهروا باهتمامهم بالعلوم الرياضية و الفلكية ، و هم :( غياث الدين الكاشي ) و قاضي زاده رومي و علي القوشي ، الذين اشتغلوا في مرصد ( سمرقند ) و اشتركوا فيه ، و عاونوا (اولغ بك ) في اجراء الإرصاد و عمل الأزياج ، و كان هذا المرصد إحدى عجائب زمانه فقد زود بالأدوات الكبيرة و الألات الدقيقة .
و اشتهر الكاشي في علم الهيئة . كما أنه شرح كثيراً من إنتاج علماء الفلك الذين اشتغلوا مع نصير الدين الطوسي في مرصد "مراغة"، كما حقق جداول النجوم التي وضعها الراصدون في ذلك المرصد. وقدر الكاشي تقديراً دقيقاً ما حدث من كسوف للشمس خلال ثلاث سنوات (بين 809 هــ و811 هـ/1407 و1409 م). وهو أول من اكتشف أن مدارات القمر و عطارد إهليليجية.
أما في الرياضيات، فقد ابتكر الكاشي الكسور العشرية، ويقول سمث في كتابه "تاريخ الرياضيات" : "إن الخلاف بين علماء الرياضيات كبير، ولكن غالبيتهم تتفق على أن الكاشي هو الذي ابتكر الكسر العشري". كما وضع الكاشي قانوناً خاصاً بتحديد قيس أحد أضلاع مثلث انطلاقا من قيسي ضلعيه الآخرين و قيس الزاوية المقابلة له بالإضافة إلى قانون خاص بمجموع الأعداد الطبيعية المرفوعة إلى القوة الرابعة. ويقول كارادي فو في حديثه عن علماء الفلك المسلمين : "ثم يأتي الكاشي فيقدم لنا طريقة لجمع المتسلسلة العددية المرفوعة إلى القوة الرابعة، وهي الطريقة التي لا يمكن أن يتوصل إليها بقليل من النبوغ".
و ألف الكثير من المؤلفات بالعربية و الفارسية ،
و زاد على ذلك من البراهين الرياضية و الأدلة الفلكية مما لم يوجد في الأزياج التي عملت قبله .
و أيضا في ما يخص هذا المؤلف "مفتاح الحساب" قال عبد الله الدفاع : "وكان كتابه "مفتاح الحساب" منهلاً استقى منه علماء الشرق والغرب على حد سواء، واعتمدوا عليه في تعليم أبنائهم في المدارس والجامعات عدة قرون، كما استخدموا كثيراً من النظريات والقوانين التي أتى بها وبرهنها وابتكرها" كما أنه له كتاب "رسالة عن إهليليجي القمر وعطارد".