الرئيسيةبحث

عين تموشنت


نوميديا الكنعانية (الجزائر القديمة أو المغرب الأوسط)

كانت نوميديا القديمة تشمل الجزائر الحالية و الجزء الغربي من الجمهورية التونسية و كانت لها سواحل طويلة تمتد على مسافة 700 ميل(1200 كم) و كان سكانها من الليبيون الذين أسماهم الإغريق ب(النوميديون) وبلادهم ب(النوميداي) .

و سهول نوميديا الساحلية سهول خصبة حيث أقام المستوطنون الفينيقيون فيها مستعمراتهم الساحلية المزدهرة التي كانت تستخدم في الرحلات الطويلة إلى إسبانيا منذ نهاية الألف الثانية ق.م والمتاجرة مع القبائل المحلية حيث كانت توجد على طول كل 30 إلى 40 كم تقريبا من الشاطىء . ويلاحظ أن أسماء الكثير المدن الفينيقية في هذه المنطقة نبدأ بكلمة رأس مثل : راسازوس(أزيفون) ، رو سوقورو(دلس) ، روسجونيي(ماتيفو) ، روسوبسير (تقسبت)،روسوبيقاري(مرسى الحديدي) ...ألخ بالإضافة إلى المستعمرات التي تكاد لا تحصى هي الأخرى ... أنظر (الإمبراطورية الفينيقية 1200-550 ق.م) .

و من القرن الرابع ق.م نجد المؤرخ اليوناني (سكيلاكس ) يصف لنا المدن الواسعة الموجودة في المنطقة الساحلية .

مبنى الكابيتول الروماني في مدينة جميلة(كويكول) / الجزائر

كانت نوميديا الأمازيغية مقسمة إلى قسمين رئيسيين عنما ظهرت مرة أخرى في القرن السادس ق.م وهما: القسم الشرقي وكان تحت سيطرة قبيلة(الماسيلي) وعاصمتها مدينة قرتا (في داخل الجزائر) و القسم الغربي وكان تحت سيطرة قبيلة (الماسايسيلي) وكانت عاصمتها مدينة سيقا(في ساحل ولاية وهران الجزائرية) و كان الحد الفاصل بين المملكتين هو نهر أمبساغا ( نهر رومل في شمال الجزائر الذي يصب في المتوسط) وكانت حدود الماسايسيلي الغربية تنتهي عند نهر مولوخا (نهر الملوية في شمال شرق المغرب الأقصى) .

وقد تعلم النوميديون من الفينيقيين الزراعة و صناعة زيت الزيتون والنبيذ


آثار رومانية من مدينة تبسة / الجزائر

و كانت لقرطاجة تأثير على السكان في الداخل عن طريق التجارة . فقد كان للحضارة البونيقية أثر كبير في المملكة النوميدية، فالامتزاج الثقافي والحضاري يعود منذ وصول الفينيقيين إلى بلاد المغرب العربي ما قبل تأسيس قرطاجة وحتى ما بعد تهديم مدينة قرطاجة ولم يقتصر ذلك على السواحل فقط، بل تسربت الثقافة والحضارة البونيقية إلى الداخل حيث ظهرت معالمها في كامل المدن النوميدية العائدة إلى نهاية القرن الرابع ق.م والتي من بينها دوقة ومكثر بتونس وتبسة وقرتا بالجزائر.


من آثار مدينة تيمقاد الرومانية القرن الثاني م/ الجزائر

أصول البربر الأمازيغيون في شمال أفريقيا :-

ويقول توسفتا عندما غزا يوشع بن نون(خليفة النبي موسى عليه السلام على بني إسرائيل) أرض كنعان أخبر سكان البلاد(الكنعانيين) أن لديهم ثلاثة سبل مفتوحة أمامهم وهي(أن بإستطاعتهم أن يغادروا البلاد ، أو أن يلتمسوا السلام ،أو يعلنون الحرب ضده ) . كان الجرجاشيون من بين غيرهم الذين فضلوا الإنسحاب إلى أفريقيا و يذهب توسفتا قائلا ان العموريون،الكادمونيون،الكنيتيون و الكنيتيزيون بعض من الذين قاموا بتأسيس قرطاجة ، وذهبوا إلى أفريقيا . إن تلك الأحداث تؤرخ من الفترة عندما كان التواصل بين أفريقيا و فينيقيا مستمرا .و إن الأسماء جرجاش و كيناز عادة ما تقابلنا في النقوش القرطاجية .


المسرح الروماني في في مدينة قالما من القرن الثاني م / الجزائر

و يقول التلمود اليهودي أن الكنعانيين في أفريقيا طلبوا من الإسكندر الأكبر( في القرن الرابع ق.م) أن يعيد إليهم بلادهم ، التي سلبت من أجدادهم على يد يوشع بن نون. ونجد إن تلك الأحداث أخذت مكانا في كتب دينية يهودية أخرى مثل يوبيليس و إينوخ .

و إننا نجد آباء الكنيسة المسيحيون (النصارى) يقرون بتلك الأحداث كما يقول القديس المسيحي جيروم الذي أستشهد بالتلمود في دعم كلامه الذي يقول أن الجرجاشيين أسسوا مستعمرات لهم في أفريقيا ، والقديس أوغسطين في القرن الخامس م الذي وصف السكان الأصليين في نوميديا ب (الكنعانيين) حسب إعترافهم و إقرارهم له. و من الجدير بالذكر أن هؤلاء الجرجاشيون هم من القبائل الكنعانية العربية و هم من قام بتأسيس مدينة عكا الساحلية الشهيرة في فلسطين . لخريط ة، “إذا سألت أ حد سكان هذا البلد عن هويته، سيقول لك بلسانه البونيقي إنه كنعانيممعبد..”. اللسان البونيقي الذي يشير إليه اوغسطين هو التسمية الرومانية للغة الكنعانية، أي لغة “قرطاجنة”، فقد دأ

و كان النوميديون و باقي القبائل البربرية في شمال أفريقيا من أصول كنعانية كما ذكر المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس في القرن السادس م حيث ذكر أن العبرانيين بعد خروجهم من مصر إتجهوا صوب أرض كنعان حينها توفي النبي موسى عليه السلام و خلفه يوشع بن نون عليه السلام . ويواصل بروكبيوس أن الكنعانيين لم يستطيعوا مقاومة الغزو العبري ففروا إلى مصر ثم إلى شمال أفريقيا و كان يستدل بنقش مكتوب باللغة الفينيقية موجود قرب مدينة تيجسيس(عين البرج) في نوميدياالجزائريةوبالضبط بولاية ام البواقي. حيث تجد أن ذلك المؤرخ يصف المغاربة بأنهم أبناء عمومة القرطاجيين الفينيقيين .

وقد أكتشف ذلك النقش أخيرا حيث يقول)) إننا خرجنا من ديارنا لننجو بأنفسنا من قاطع الطريق يشوع بن نون، بعد أن قتل منا في عشية واحدة عشرة آلاف إنسان )) . وذلك يثبت صدق ما قاله المؤرخ البيزنطي بوروكوبيس .

ومما يجدر ذكره، ونحن بصدد الحديث عن الكنعانيين انّ ابن خلدون المؤرخ العربي المغربي الكبير وكثير ممن درس تاريخ المغرب يؤكدون بأن الأمازيغ ـ أصل وأقدم سكان المغرب العربي كافةـ هم من الكنعانيين. دعوا بذلك نسبة إلى جدهم (مازيغ بن كنعان)، ارتحلوا من ربوع الشام إلى شمالي إفريقيا عن طريق مصر.

وقد أطلق اللاتينيون(الرومان)، ومن والاهم، اسم (البربر) على الأمازيغ وما زالوا يعرفون به إلى اليوم. هذا وأن معظم البربر يعتقدون بأنهم مشارقة الأصل.

كان هؤلاء الكنعانيون المغاربة بما فيهم النوميديين ينقسمون إلى عشائر متعددة وقبائل صغيرة محلية، حضارتهم كنعانية ترتكز على الزراعة. و إن ذلك يفسر لنا سر التقارب الكبير بين الفينيقيين و البربر الأمازيغ في شمال أفريقيا فالفينيقيون هم كنعانيو سواحل لبنان و سوريا بينما البربر هم من الكنعانيين الذين هربوا من بلادهم فلسطين في عهد الغزو العبراني بعد موت النبي موسى عليه السلام لها فالأصل الواحد المشترك الكنعاني و الروح الشرقية و الحنين إلى الجذور المشتركة إذا كانت هي السبب . ولم يسجّل فيها التاريخ بما في ذلك الذي كتبه( الرومان الغرباء) الذين استعمروا المنطقة في وقت لاحق ، معركة أو نزاعًا كبيرًا بين الطرفين.و في عصر قرطاجة أستمر الحال كما هو و كان البربر يقفون بجانبها ضد أعدائها من الأجانب من أغريق أو رومان.