تأثرت العمارة المغربية خلال عهد المرابطين و الموحدين بين أعوام 1056 - 1269 م. بفنون العمارة الأندلسية، مع تأثيرات مشرقية. كان للزهاد والصوفيين الذين كانوا مع المرابطين والموحدين بالمغرب آراؤهم في البذخ والترف في البناء، مما أدى إلى الاعتدال في البناء، بعد أن كان قد وصل إلى درجة كبيرة من الإسراف والترف في الزخرف, فكسب الفن الجديد جمالا مميزا رغم بساطته.
فهرس
|
أهم ما يميز هذه العمارة :
وجه المرابطين عنايتهم لبناء المساجد ولا سيما في المدن التي أنشؤوها كمدينتي مراكش و تلمسان.
الموقع/المدينة: مراكش, المدينة العتيقة, المغرب.تاريخ المبنى: القرن 6 الهجري / القرن 12 الميلادي. راعي المبنى: علي ابن يوسف (حكم في الفترة 500 - 537 هجري / 1106 - 1143 ميلادي).
تبدو القبة ضمن البنايات الباقية التي لحقها ضرر كبير، وهي عبارة عن جناح تعلوه قبة، تحتضن صهريجا للمياه المخصصة للوضوء، وتشكل ملحقة لمسجد علي ابن يوسف، الذي أتى على ذكره كافة الإخباريين، واختفى منذئذ. ترتفع هذه القبة، التي يصفها مؤرخو الفن الإسلامي بـ" الرائعة"، وسط صحن محاط بتسعة عشر ميضأة عمومية، كانت مطمورة تحت عدة أمتار من الأنقاض والخرائب، ولم تتم إزالة الأتربة عنها إلا في عامي 1952 - 1953 ميلادي. تضم القبة بمخططها المستطيل (طولها 7.30 أمتار وعرضها 5.50 أمتار)، مستويين متمايزين بوضوح، ويفصل بينهما على ارتفاع حوالي خمسة أمتار شريط زخرفي رقيق أملس وقليل البروز:
- تتكون الزوايا الخارجية للمستوى الأول من أربعة دعامات متينة، وفتحت واجهاته على كل جانب من جوانبه الكبيرة بعقدين مزدوجين ومتجاوزين ومفصصين، وبعقد مفصص على كل واحد من جوانبه الصغرى.
بدئ بإنشائه مع تأسيس مدينة تلمسان غربي الجزائر من قبل يوسف بن تاشفين ( عام 574هـ ) ، و أتم ابنه "علي" بناء الجامع و زخرفته ( عام 530 هـ ).
تتألف القبلية من ( 6 مجازات) ، في كل منها( 13 فتحة)، تشكل الفتحة الوسطى منها المجاز القاطع ، يستند سقف المجاز القاطع إلى صفين من الأقواس حدوة الفرس المدبب ، والأقواس المفصصة، وقد جعلت الأقواس من نوع حدوة الفرس المدبب لأن سقف المجاز أعلى من بقية سقوف القبلية ـ يستند سقف القبلية إلى( 12 صف) من الأقواس حدوة الفرس الدائري العمودية على جدار القبلية ، و تستند الأقواس إلى دعامات آجرية يختلف شكلها حسب عدد الأقواس التي تستند إليها : قوسان ( الدعامة مربعة أو مستطيلة ) ، ثلاثة أقواس ( الدعامة ذات ثلاث رؤوس )، أربعة أقواس ( مصلبة ).
فوق المحراب قبة تتشكل من تقاطع (12 زوجاً) من الأقواس ، وتملا الزخارف الجصية ( نقش الحديدة) الحشوات بين الأقواس ، و في القمة قبة صغيرة مقرنصة ، سطح القبة من الخارج هرمي مكسو بالقرمود، وهذه القبة تشبه قباب جامع قرطبة.
وفي عصر الدولة الزيانية أضيفت قبة أخرى للمجاز القاطع مقابلة لقبة المحراب، كما أضيفت المئذنة ، وجعلت مربعة كالمآذن المغربية، و أضيفت أروقة حول الصحن فصار صغيراً.
محراب جامع تلمسان كمحراب جامع قرطبة، مضلع يتقدمه قوس حدوة الفرس الدائري يتناوب فيه اللونان الأحمر و الأبيض ، وتزين واجهته الزخارف الجصية وكتابات بالخط الكوفي ، وخط الثلث الذي استعمل هنا و للمرة الأولى في المغرب العربي.
أنشأته ( عام5 24هـ ) أختان قدمتا على فاس مهاجرتين من "القيروان" ، وسعه "علي بن يوسف بن تاشفين" ( سنة 530 هـ ) ، ثم وسع للمرة الأخيرة في عصر السعديين ( عام 1034هـ ).
تتألف القبلية الحالية من( 10 مجازات) موازية لجدار القبلة في كل منها ( 21 فتحة ) ، وهناك مجاز قاطع يصل بين الباب الأوسط للقبلية و المحراب.
السقف جمالونات مكسوة من الخارج بالقرمود الأخضر ، تستند على ( 10صفوف) من الأقواس موازية لجدار القبلية و إلى جدار القبلة ، يتعامد معها صفان من الأقواس يحملان المجاز القاطع.
تستند الأقواس إلى دعامات مربعة ، أما أقواس المجاز القاطع فتستند إلى دعامات مصلبة لأن كل دعامة تحمل ( 4 أقواس) تغطي المجاز القاطع قباب و أقبية غنية بالمقرنصات والزخارف الجصية.
تحيط بالصحن ( 3 أروقة ) في الشرق والغرب والشمال. المئذنة مربعة تحتل جزء من الرواق الغربي.
ابتكر المرابطون نظاما جديدا في تخطيط الأسوار، إذ عمدوا إلى الإكثار من الزوايـا الداخلية والخارجية بالسور، بحيث يتخذ شكل خطوط متعرجة متكسرة، وميزة هذا النظـام أن يـترك الجـند أعـداءهم يتقدمون داخل إحدى الزوايا، ثم يندفعون عليهم من أعلى الأسـوار عـلى الـدروب فيفتكـون بهم فتكا ذريعا، ويشبه هذا النظام "الزمبرك" إذا ضغط عليه ثم ترك اندفع بقوة فيصيب ما يقابله، وما زال قطاع من هذه الأسوار بإشبيلية قائما، ويعـرف باسـم سـور مقارنـة، ويمتد من باب مقارنة حتى باب قرطبة، وتتناثر بعض بقاياه بعد ذلك في حديقة معهد الوادي.
بقي من المنشآت الموحدية عدد من المساجد الكبيرة التي شيدوها في "الرباط" و" مراكش" و"اشبيلية" و" تنمال".
بناه الخليفة الموحدي "عبد المؤمن بن علي" (عام 548هـ) في مدينة " تنمال" بجبال الأطلس.
تتألف القبلية من( 5 مجازات) في كل منها( 9 فتحات) ، تشكل الفتحات الوسطى مجازاً قاطعاً و هي اعرض من الفتحات المجاورة ، يستند السقف إلى أقواس حدوة الفرس المدبب عمودية على جدارالقبلية ، وصف من الاقواس المفصصة مواز لجدار القبلة ، تستند القواس إلى دعامات آجرية ، فوق المحراب قبة وعلى جانبيها في كل ركن قبة ، كما رأينا في العمارة الفاطمية في كل من "الجامع الأزهر" و " جامع الحاكم" بـ"القاهرة".
المحراب مضلع قوسه حدوة الفرس المدبب ، و زينت واجهته بأقواس مفصصة و زخارف جصية ، على يمين المحراب غرفة المنبر وعلى يساره غرفة الإمام و لها باب إلى خارج المسجد.
ترتفع المئذنة فوق المحراب والغرفتين التي على جانبيه وهي على شكل برج مربع كالمآذن المغربية.
على جانبي الصحن رواقان وللمسجد باب شمالي و( 3 أبوا ب) في كل من الشرق و الغرب .
بناه " عبد المؤمن بن علي" ( عام 541هـ )، ثم هدم بسبب انحرافه عن القبلة ، وأعيد بناءه و أصبح كما هو اليوم ، و ذلك في أيام يعقوب المنصور حولي ( عام 592هـ )، وهذا الجامع من أهم المنشآت الموحدية.
تتألف القبلية من (7 مجازات) في كل منها( 17 فتحة) ، تشكل الوسطى منها المجاز القاطع.
يستند السقف إلى أقواس حدوة الفرس المدبب عمودية على جدار القبلية تستند إلى دعامات ، وهناك صف من الأقٌواس المفصصة متعامد مع هذه الاقواس و مواز لجدار القبلة ويحدد مجاز المحراب ، كما هناك( 6 صفوف) من الأقواس المفصصة موازية لجدار المحراب في الجاز القاطع و الفتحتين على جانبيه ، تحمل قباب خشبة هرمية من الخارج ، و في مجاز المحراب ( 5 قباب ) ، الوسطى فوق المحراب.
الصحن صغير تحيط به( 3 أروقة) والمئذنة في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن ، وتعتبر أقدم مآذن الموحدين وأكملها ، يبلغ ( ارتفاعها 67.5 م ) ، و( طول ضلعها 12.80 م) ، فطول ضلعها أكبر من طول ضلع مئذنة "جامع عقبة بالقيروان" ( 10.60م ) ، كما يقارب ارتفاعها ضعف ارتفاع مئذنة جامع عقبة ، بنيت المئذنة بالحجارة ، و زخرفت وجوهها بالأقواس المفصصة المتداخلة والمتشابكة ، تتخللها النوافذ للإنارة والتهوية و ينتهي القسم السفلي بشرفات ، الدور الثاني اصغر من الأول و تعلوه قبة صغيرة و يصعد إلى المئذنة بمرقاة ( سطح منحدر ) بدلاً من الدرج.
أسس الموحدون مدينة الرباط و أحاطوها بالأسوار وسموها " رباط الفتح" تخليداً لانتصار الأمير يعقوب المنصور على الإسبان في معركة "الأرك" (عام 591 هـ) ، أنشأ " يعقوب المنصور" في مدينة الرباط مسجداً جامعاً كبيراً بلغت أبعاده (180×139 م ) ، ليتسع لألوف الجنود المرابطين ( حكم يعقوب المنصور 580- 595 هـ ) .
تتألف القبلية من( 21مجازا ً) في كل منها (21 فتحة )، تشكل الفتحة الوسطى المجاز القاطع.
مخطط قبلية " جامع حسان" فريد من نوعه إذ يلي جدار القبلية ( 3 صفوف ) من الاقواس موازية له ، تقطعها أقواس المجاز القاطع ، أما صفوف الأقواس في بقية المجازات فهي عمودية على جدار القبلة ، ولقد انشأ ضمن القبلية صحنان صغيران للإنارة والتهوية يمتدان من الشمال إلى الجنوب ، أما الصحن الرئيسي فهو شمال القبلية تحيط به( 3 أروقة) ، ويتوسط الرواق الشمالي مئذنة مربعة تزينها الاقواس المفصصة والمتقاطعة وهذه المئذنة هي ماتبقى من المسجد ، أم بقية أقسام المسجد فقد تهدمت.
بنيت المئذنة بالحجر المنحوت ، طول ضلها (16 م ) وارتفاعها( 44 م ) يصعد إليها بمرقاة ( منحدر) تدورحول القسم المركزي المؤلف من( 6غرف) فوق بعضها ، سقفت هذه الغرف بأقباء مختلفة الأشكال.
من معالم إشبيلية الباقية السور الأمامي الذي بناه وشيده الحاكم" أبو العلا إدريس" عـام 1223م. وحـفر حولـه خندقـا، ومـد منه سور قليل الارتفاع إلى نهر الوادي الكبير بـبرج ضخـم كبـير الأضلاع هـو بـرج الذهب القائم حتى اليوم، وفي مقابل هذا البرج برج ممـاثل لـه عـلى الشاطئ القريب من المدينة يربط بينهما سلسلة حديدية ضخمة تمنع السفن من المرور ليلا في نهر الوادي الكبير حماية للمدينة من التسلل إليه عبر النهر.
المسجد الجامع بالقصبة الذي أسسه "أبو يعقوب يوسف"، وعليه تقوم اليوم كاتدرائية إشبيلية. لمـا خلفـه ابنـه أبـو يوسـف يعقـوب أمر والي إشبيلية بالإشراف على إتمام مشروع أبيه وإكمـال بنـاء مئذنـة تجاوز في ارتفاعها مئذنة قرطبة، ولم يتم المئذنة إلا بعد انتصار أبي يوسـف يعقـوب المنصـور عـلى جـيوش قشتالة فـي موقعـة الأرك فـي 10 يوليـو عام 1195م/ 591هــ. وارتفعت المئذنة في رشاقة مشرفة على سهول إشبيلية. ويزين كل جـدار مـن جـدران المئذنـة شـبكتان من المعينات البارزة تختلف في كل وجه من وجوها، وتحتل المنطقة الوسطى بين الشبكتين أقواس متجاوزة ومفصصة في غاية الروعة والجمال. ثـم أمـر" أبـو يوسف" بصنع التفاحات الأربع المذهبة لتتوج المئذنة، ورفعت في السفود البارز بـأعلى قبة المئذنة، ثم أزيحت عنها الأغشية التي كانت تغطيها في احتفال حضره الحاكم وولـي عهـده النـاصر وجميع بنيه وأشياخ الموحدين والقاضي وأعيان المدينة، وذلك في ربيع الآخر عام 594هـ/ 1197م. فبهرت ببريقها ولألأتها عيون الحاضرين.
ومن ساحة هذا المسجد الأخير كانت تتشعب كل طرق المدينة مؤدية إلى الأبواب المفتوحة بالأسوار، ومن العجيب حقا أن نرى اليوم بعض الطرق تحتفظ بتخطيطها القديم، إذ تمتد من طرف إلى آخر بالمدينة مارة بالمسجد.
ولمـا سـقطت إشبيلية في يد "فرناندو الثالث" ملك قشتالة، تحول المسجد الجامع إلى كنيسة ماريـا، وظـل المسجد قائما على تلك الحال دون أن تصيب عمارته أضرار جسيمة، ومع ذلك فقـد أقيمـت به عدة مصليات، منها المصلى الملكي، وتلاحقت عليه بعد ذلك المصائب على أثـر الزلـزال، فـاضطر المجـلس الكنسـي بإشـبيلية إلـى اتخاذ قرار بهدمه وبناء كاتدرائية مكانه، وبالفعل هدم الجامع، ووضع حجر الأساس في البناء الجديد عام 804هـ/ 1402م، وقـد ظـل بهـو الجـامع -المعروف ببهو البرتقال- محتفظا بسلامته إلى حد كبير حتى تهدمت مجنبته الغربية عام 1026هـ/ 1618م.
مئذنة "جيرالدا بإشبيلية" أمـا المئذنـة فقـد تحـولت بعـد سـقوط إشـبيلية عـام 1246م. إلى برج للنواقيس ملحق بالكنيسـة ثـم سـقطت تفاحاتها الذهبية على أثر زلزال عام 756هـ/ 1355م. ثم أزالت إحـدى الصـواعق الجـزء العلوي من المئذنة عام 899هـ/ 1494م. كما سقط جزء آخر منهـا فـي زلـزال عـام 909هــ/ 1504م. وأقام الأسبان مكان هذا الطابق العلوي طابقا جديدا من البناء عام 974هـ/ 1567م، نصب في أعلاه عام 975هـ/ 1568م. تمثال من البرونز يدور مع الرياح، ومن هنا أطلق عليه اسم خيرالديو أو دوارة الهواء، وتحول هذا الاسم إلى "خيرالدا"، وأصبح يطلق منذ أوائل القرن الثامن عشر على البرج بأكمله.