علم الدلالة أو السيمانطيقا أو السيمانتيك Semantics : علم لغوي حديث، يبحث في الدلالة اللغوية، والتي يلتزم فيها حدود النظام اللغوي والعلامات اللغوية، دون سواها، ومجاله: "دراسة المعنى اللغوي على صعيد المفردات والتراكيب".
فهرس
|
أولى الفلاسفة اليونانيون اهتماماً كبيراً لقضية الدلالة في أبحاثهم. ومن أهم القضايا الدلالية التي تناولها اليونان بالدراسة، قضية العلاقة بين اللفظ ومعناه والتي تعارضت فيها نظريتان. ترى الأولى أن العلاقة بين اللفظ ومعناه طبيعية، وترى الثاني أن العلاقة ناجمة عن عرف واصطلاح وتراضٍ بين البشر. ونجد أفلاطون وهو أشهر من يمثل الاتجاه الأول في حواره كراتيل من "أن للألفاظ معنى لازماً متصلاً بطبيعتها أي أنها تعكس –إما بلفظها المعبر وإما ببنية اشتقاقها –الواقع الذي تُعَبِّرُ عنه." أما الاتجاه الثاني، فيمثله آرسطو إذ يعد الناطق بهذه النظرية القائلة لأن "للألفاظ معنى اصطلاحياً ناجماً عن اتفاق وعن تراضٍ بين البشر."
ظهرت بدايات هذا العلم عند العرب والمسلمين وقد برع الكثيرون منهم مثل: ابن خلدون، والجرجاني والسكاكي وغيرهم، والذي وصلوا إلى دراسة معنى الكلمة (الدال والمدلول)، ومعنى الجملة (الإشارة، والإستدلال)، وتناوله اللغويون الغربيون المحدثون بالبحث والدراسة في أواسط القرن المنصرم؛ حتى غدا اليوم علماً متكاملاً يدرس في أكثر جامعات العالم.
ويرجع أول ظهور لدراسة علمية خاصة بالدلالة إلى أواخر القرن التاسع عشر هي تلك التي قام بها اللغوي الفرنسي ميشال بريال MICHEL BREAL حين كتب بحثاً بعنوان "مقالة في السيمانتيك Essai de semantique وذلك سنة 1897. فميشال بريال هو "أول من استعمل المصطلح "سيمانتيك" لدراسة المعنى". وقد كانت دراسة المعنى عنده منصبة على اللغات الهندية الأوروبية مثل اليونانية واللاتينية والسنيكريتية وعدَّ بحثه آنذاك ثورة في دراسة علم اللغة، وأول دراسة حديثة خاصة بتطور معاني الكلمات. وهذا يعني أن الدراسة الدلالية عنده كانت "مقصورة في الواقع على الاشتقاق التاريخي." وفي سنة 1923 ظهر كتاب آخر تحت عنوان "معنى المعنى" الذي ألفه الإنجليزيان أوجدن Ogdan وريتشاردز Richards. وقد جاء هذا الكتاب نتيجة التأثير الكبير الذي أحدثه ميشال بريال إذ كان بمثابة الموجه إلى قضية هامة تعنى بالمعنى هي السيمانتيك.