فهرس
|
أوّل المذاهب الإسلامية نشأة وأشدّها تمسكا بالكتاب والسنة، إمامها التابعي الجليل: أبو الشعثاءجابر بن زيد الأزدي العماني (20هـ ت93هـ) أخذ العلم عن كبار الصحابة، أمثال عبد الله بن عبّاس و عائشة أمّ المؤمنين ما وقد قال فيه عبد الله بن عبّاس رصي الله عنه: 'إسألوا جابر، فلو سأله أهل المشرق والمغرب لوسعهم علمه' وهو أوّل من دوّن الحديث في كتاب (ديوان جابر، فُقد عند هجوم المغول على مكتبة بغداد) يرجع تسمية المذهب إلى أحد أئمته المشهورين بالفصاحة والإقدام: عبد الله بن إباض التميميّ، والذي كانت له مراسلات مع الملك الأموي عبد الملك بن مروان ينتقد فيها سلوك الأموين المخالف عن سنة رسول الله، وله مراسلات أيضا مع نافع بن الأزرق أحد زعماء الخوارج، وقد قال في حقّ هذا الأخير: 'اللهم إنّي أبرأ إليك ممّا فعل بن الأزرق' غير أنّ كتّاب المقالات -قديما وحديثا- أبوا إلاّ أن ينسبوا الإباضية إلى الخوارج لأسباب لا تعدو أن تكون عاطفية تارة وسياسية تارة أخرى، وللباحث الكريم المجال مفتوحا للبحث في هذه الفرقة التي خدمت الإسلام إيّما خدمة، على شرط أن يتصف بالموضوعية والإخلاص بأن يطّلع على ما كتبه أصحاب المذهب فهم أحق بالتعريف بأنفسهم.
جابر بن زيد، أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، عبد الله بن إباض، الأئمة الأوائل للمذهب.
الخليل بن أحمد الفراهيدي: مؤسس قواعد العروض وقواعد التجويد، وأستاذ النحوي المعروف سيبويه.
عبد الرحمن بن رستم: مؤسس الدولة الرستمية التي عرفت بالعدل والاقتداء بسنة رسول الله، وعرف خلال فترة حكمها نشاط فكري وعلاقات حسنة بين المذاهب الإسلامية، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على ما في فقه الإباضية من تمسك بتعاليم الدين الحنيف، عكس ما يدّعي المغرضون.
قطب الأئمة: الشيخ امحمد طفيش المزابي الذي عرف بتآليفه العديدة، كتفاسير القرآن الثلاثة، وشرح النيل وشفاء العليل، وله ما يربو عن 360 مؤلفا في مختلف الفنون والعلوم، تخرج على يده العديد من العلماء الذين قادوا الإصلاح في شمال إفريقيا أمثال الشيخ سليمان الباروني قائد الثورة الليبية، ةالشيخ أبي اليقظان أب الصحافة الجزائرية، وغيرهم كثير.
مفدي زكريا: شاعر الثورة الجزائرية، وصاحب الإلياذة الشهيرة، وصاحب قَسَمًا النشيد الوطني الجزائري.
وإنّما ذكرت أولاء لا على سبيل الحصر، فشخصيات الإباضية أكثر من أن يعدّوا وأعمالهم الخالدة كذلك، وإنّما الهدف إعطاء القارئ فكرة عنهم.
قال الشيخ علي يحي معمر : "إن المذهبية في الأمة الإسلامية لا تتحطم بالقوة ولا تتحطم بالحجة . ولا تتحطم بالقانون فإن هذه الوسائل لا تزيدها إلا شدة في التعصب وقوة رد الفعل ، وإنما تتحطم المذهبية بالمعرفة والتعارف والاعتراف ، فبالمعرفة يفهم كل واحد ما يتمسك به الآخرون ، ولماذا يتمسكون به . وبالتعارف يشتركون في السلوك والأداء الجماعي للعبادات ، وبالاعتراف يتقبل كل واحد منهم مسلك الآخر برضى ، ويعطيه مثل الحق الذي يعطيه لنفسه ( اجتهد فأصاب أو اجتهد فأخطأ ) وفي ظل الأخوة والسماح تغيب التحديات ، وتجد القلوب نفسها تحاول أن تصحح عقيدتها وعملها بالأصل الثابت في الكتاب والسنة ، غير خائفة أن يقال عنها تركت مذهبا أو اعتنقت مذهباً . ولن نصل إلى هذه الدرجة حتى يعترف اليوم أتباع جابر وأبي حنيفة ومالك والشافعي وزيد وجعفر وأحمد وغيرهم ممن يقلدهم الناس أن أئمتهم أيضا يقفون في صعيد واحد لا مزية لأحدهم على الآخرين إلا بمقدار ما قدم من عمل خالص."
للمزيد من المعلومات طالعوا: الإباضية بين الفرق الإسلامية والإباضية في موكب التاريخ لعلي يحي معمر. ارجع إلى مقالة إباضية.
هو الإقرار و الاعتقاد الجازم بأن لا إله إلا الله ، فالله عز وجل هو المالك الوحيد الخالق لهذا الكون ، و هو المنفرد بالوحدانية و الألوهية ليس كمثله شيء, و أن محمدا رسول الله, خاتم الأنبياء و أن رسالته حق على العالمين.م
هي ذاته, بحيث لا يجوز الفصل في تلك الصفات التي هي أزلية قديمة و غير محدثة, و إلا وقعنا في الدور, و هو توقف كل واحد من الشيئين على الآخر.
هو قول باللسان و تصديق بالقلب, و عمل صالح بالجوارح, إن الإباضية لا يجيزون الفصل بين القول و العمل, فالدين و الإسلام, و الإيمان, أسماء لشيء واحد, و هو طاعة الله عز وجل, و تطبيق شريعته, عقيدة و عملا في حياة المسلم المؤمن.
لنتأمل قول الحق: (يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون, كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)
وقول القرآن: (و العصر, إن الإنسان لفي خسر, إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر)
إن الإباضية يجزمون بامتناع رؤية الله في الدنيا و الآخرة, اعتمادا على الأدلة الشرعية و العقلية, بحيث لو أمكن رؤية الله, لكان جسما متحيزا موجودا في مكان ما, و هذا تجسيم و تجزئة لصفات الله, يقول الله عز و جل: لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار'' فالرؤية قد تكون بغير البصر ، يقول الله عز و جل: ’’أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ’’, و إنما يعني بهذا العلم و اليقين, و لا يريد بهذا الرؤية الحسية البصرية، والآيات في ذلك صريحة إلى أبعد الحدود مثل: 'لن تراني'، 'لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار' وهذه من صفات كمال الله، فإن اتصف بعكسها جاز أن يتصف الله بعدم العلم أيضا مثلا، حاشاه عن ذلك، الله عمّا يصفون.
إن للإنسان حرية الإختيار المرتبطة بالكسب, أي أن للإنسان قدرة نسبية على الفعل, الله عز و جل هو الذي خلق فيه القدرة, فليس هناك أي تعارض بين إرادة الله الخالقة لكل شيء, و كسب الإنسان, فالله يعذب على المقدور. يقول الله: لا يكلف الله نفسا إلا و سعها
إن قضية العدل و الوعد و الوعيد مرتبطة بعدالة الله المطلقة, بحيث يأخذ كل ذي حق حقه, فالله سينفذ وعده: الجنة ، ووعيده: جهنم, في حق المؤمن و الفاسق و الكافر, و من هنا, فإن المؤمنين ، سيخلدون في الجنة, لقول القرآن: أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون , أما الكفار و فجار المسلمين غير التائبين, فإن مصيرهم هو العذاب الأبدي, اعتمادا على قول القرآن: و من يعص الله و رسوله و يتعد حدوده, ندخله نارا خالدا فيها و له عذاب مهين
إن الإباضية يرون أن شفاعة الرسول لن تكون لمن مات و هو مصر على الكبائر, و إنما تكون للمسلمين عامة للتخفيف عنهم يوم الحساب ثم التعجيل بهم لدخول الجنة. يقول النبي :ليست الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي , و يقول الله: ما للظالمين من حميم و لا شفيع يطاع
إن الإباضية يرون أن المسلم إذا ضيع الفرائض الدينية, أو ارتكب كبائر دون أن يتوب إلى الله توبة نصوحا, يعد عاصيا ، فتسميه في هذه الحالة فاسقا لأنه ليس بمؤمن و لا بمشرك, فلا تخرجه عن ملة الإسلام, و يطلق عليه كافرا كفر نعمة, و يرون أن تارك الصلاة الفرائض و خاصة الصلاة كافر كفر نعمة, و لا يغفر ذنبه إلا بالتوبة, حتى و لو مات شهيدا و هو مصر على الكبائر, فإن ذلك لا يغني عنه شيئا, لأن الكافر لا يقبل منه عمل.
إن الإباضية يقولون بأن القرآن هو كلام الله المنزل فإن قصد به صفة الكلام فلا شك أنه غير مخلوق ،اما إذا قصد به الحروف فهو لا شك أنه فعل من الله انشأه بعد أن لم يكن و هو بالتالي مخلوق يقول الله عز و جل : إنا جعلناه قرآنا عربيا و قال في غير القرآن من الخلق: ’’ و جعلنا الليل و النهار آيتين ’’
يقصد بهما الحب و إيجاب الترحم و الإستغفار لكل المسلمين الصالحين سلوكا ، أما البراءة فهي عكس ذلك ، بحيث توجب هجرة من جاهر بالكفر, ثم أصر على المعاصي و لم يتب ، و هي تنطبق على الكافرين جملة و عصاة المسلمين الذين خرجوا عن الدين الصحيح ، فإذا تابوا توبة خالصة, فإن حقوقهم تعاد إليهم. فالإباضية و بنو مزاب عقائديا, اعتمدوا على هذا الركن الإسلامي, الذي استطاعوا به أن يقوا مجتمعاتهم من انتشار الآفات الإجتماعية.
مما لا جدال فيه أن مشكلة السلطة, أي الخلافة تعد أول مشكلة خطيرة ظهرت في الإسلام بعد وفاة الرسول ، إذ مزقت وحدة المسلمين إلى يومنا هذا, و من هنا فإن الإباضية, يرون أنه لا يجوز في أي حال من الأحوال أن تبقى الأمة الإسلامية بدون إمام أو سلطان ، مهما كانت الظروف السياسية و الإجتماعية ، و إلا لا تقام الحدود الإسلامية, و بالتالي, لايجوز الخروج عن الإمام العادل, سواء أكان إباضيا أم غير إباضي.