الكون بدأ بانفجار كبير (Big bang) . وهذا الإنفجار من شدته جعل الكون في حركة دائمة مازالت حتي اليوم . لكن العلماء ليسوا متأكدين ما إذا كان الكون سيتوقف أو يغير اتجاهه أو سيظل علي حركته للأبد . ولايعرف ماذا كان عليه هذا الكون قبل مولده منذ 10 إلى 20 بليون سنة . ففي حوالي الجزء 10-43 من الثانية كانت المادة الموجودة حالياً في الكون مركزة بكثافة عالية جداً و كان قطر الكون ككل 10-33 جزءا من السنتيمتر وهو أصغر من نواة الذرة (قطر النواة يبلغ 10-13 سنتيمتر) بمليارات المليارات من المرات .فعندما بلغت درجة الحرارة 10+15 كالفن بعد 10-9 ثانية أصبح الكون مكونا من الكواركات واللبتونات والفوتونات . ومع استمرار تبريد الكون اتحدت الكواركات لتكوين البروتونات والنيوترونات التي انضمت لبعضها البعض لتشكيل نوى الذرات ، وعندما أصبح الزمن ثانية واحدة ، كانت درجة حرارة الكون أكثر من 10 بليون درجة( 1000 مرة أحرّ من مركز الشمس ) ويتكون معظمه من فوتونات وإلكترونات ونيوترينوات ( جمع نيوترينو ) neutrino ،.وهي جسيمات خفيفة للغاية لاتتأثر إلا بالقوة النووية الضعيفة. و عندما إنخفضت درجة الحرارة إلى أقل من 10 بليون درجة ، أصبحت البروتونات حوالي سبعة أضعاف النيترونات .
فهرس
|
لما أصبح الزمن دقيقتين من بداية الكون و درجة الحرارة حوالي البليون درجة ،بردت البروتونات والنيوترونات و اتحدت معا مشكلة نوى ذرية لعنصري الهيليوم والدوتريوم الموجودين حاليا . وكانت كثافة الكون منخفضة جدا مما أدى لتكوين عناصر أثقل ّ بدمج نيوترون إلى نواة الهليوم التي تحتوي علي بروتونين ونيوترونين. وبعد الدقائق الثلاث ظهرت النوى و بعد ثلاثمائة ألف سنة ولدت الذرات الأولى ، وانخفضت درجات الحرارة إلى 3000 كلفن وتكونت ذرات الهيدروجين . وبعد برودة الكون ظهرت الذرات المتعادلة atoms Neutral وتجمعت مكونة غيوماً غازية أشبه بالضباب الكثيف . ومنذ حوالي مائة بليون (أي مليار) سنة ظهرت النجوم الأولى داخل زوابع هائلة من الغبار تنصهر داخلها ذرات الهيدروجين والهيليوم التي تولدت منها العناصر الثقيلة بعد مليارات السنين .ولما بلغ الكون خمس حجمه الحالي تشكلت المجرات الفتية galaxies Yourg من مجموعة من النجوم . ولما بلغ الكون نصف حجمه الحالي ولدت التفاعلات النووية في النجوم كل العناصر الثقيلة التي تكونت منها الكواكب الأرضية حولها. ولما بلغ ثلثي حجمه الحالي تكونت منظومتنا الشمسية.
إن وصف الكون بأنه مسطح يعني أن القواعد التقليدية للهندسة تنطبق عليه، إذ يسافر الضوء في خطوط مستقيمة وليست منحنية لكن ألبرت إينشتاين قال : إن كوننا محدب ؟ .لكن علماء الفلك منذ بعض الوقت يقوبزن أن الكون يتخذ شكلا مسطحاحسب خريطة خلفية الموجات الكونية متناهية الصغر التي صممها فريق دولي يرئاسة البروفيسور الإيطالي باولو دي بيرنارديس باستخدام تلسكوب حساس للغاية علق في منطاد هوائي على ارتفاع أربعين ألف متر فوق القطب الجنوبي . وقد أتم المنطاد رحلته فوق القارة المتجمدة يناير عام 1999. ونشرت نتائج الدراسة مجلة نيتشر العلمية . وفيها أن الكون مسطح في ظل كثافة عالية وأنه لن ينهار إلى قطع صغيرة
اكتشف مؤخرا اشعاع الموجة الصغرى الكونية (Cosmic Microwave Background.)CMB حيث المايكرويف موجة كهرومغناطيسية قصيرة جدا . ويطلق أيضا علي اشعاع الموجة الصغرى الكونية ، أشعة الخلفية الكونية CBR( Cosmic Background Radiation), التي تتكون من "أقدم ضوء" في الكون، وهو حولنا في كل مكان و قادم من زمن بعد الانفجار الكبير (Big bang ) بـ 380 ألف سنة. فالخصائص المتباينة لخلفية الموجة الصغرى الكونية تكشف ملامح نشوء الكون. وكان القمر الصناعي (كوب ) (مكتشف الخلفية الكونية) التابع لوكالة الفضاء الأمريكية قد أطلق عام 1989. لاكتشاف هذه الخلفية الكونية التي تعتبر صدى" الانفجار العظيم . حسب نظرية تقول بأن الكون نشأ عن انفجار هائل قبل حوالي 14 مليار عام. حيث ساهم في الحصول على أول قياسات دقيقة لخلفية الموجة الصغرى الكونية. والتي أطلق عليها "صدى" الانفجار العظيم ، عندما نشأ الكون عن انفجار هائل قبل حوالي 14 مليار عام. واعتبر العلماء أن خلفية الموجة الكونية الصغرى عبارة عن الاشعاع الذي تكون عندما برد الكون لدرجة أوجدت ذرات الهيدروجين. فقبل هذا الوقت كان الكون شديد السخونة . فلو كان قد حدث "تزاوج" بين المادة والاشعاع وقتها لأصبح الكون معتما وغير شفاف. فالذبذبات التي سجلها القمر الصناعي كوب في الخلفية الاشعاعية للموجة الكونية الصغرى ترجع إلى المراحل الاولى التي تكون منها الكون . حبث ظهرت بذور المجرات في شكل سحب هائلة من الغاز الساخن الذي تشكل منه الكون المبكر وقتها . وقاس القمر كوب درجات حرارة هذه الخلفية الاشعاعية ( 2.725 درجة فوق الصفر المطلق) عن طريق الطيف الالكترومغناطيسي. ف"خلفية الموجة الصغرى الكونية" تعد "أقدم ضوء" في الكون، وهو حولنا في كل مكان وهو قادم من زمن يلي الانفجار الكبير بـ 380 ألف سنة. وخلفية الموجة الكونية الصغرى هي الاشعاع الذي تكون عندما برد الكون لدرجة أمكن معها تواجد ذرات الهيدروجين. ويقول البروفسور لارس برجستروم، عضو لجنة نوبل للفيزياء، إن اكتشاف خلفية الموجة الصغيرة الكونية يحتوي على قدر هائل من المعلومات عن منشأ ومصير الكون. ويمثل انجازا هاما باتجاه فهم أعمق للكون الوليد. ولاسيما وانها تتكون طاقة أكبر من أي مصدر اشعاعي آخر بالكون ومفهوم الإنفجار الكبير لم يكن واضحا للفلكيين لكن اتضح من خلال الإكتشافات التي تجمعت من النظريات والملاحظات طوال القرن العشرين لتفسير نشوء الكون حسب الفرضيات التي بينت تمدد الكون ووفرة الهيليوم والديتريم deuterium والأشعة الكونية الخلفية .وفي عام 1970 كان واضحا أن الموجة الصغري الكونية ساخنة من ناحية وباردة من الجانب الآخر العكسي وهذا الإختلاف في درجة الحرارة يطلق عليه ثنائي القطب "dipole".
العلماء يقولون إن القوانين الأساسية قد تكون عرضة للتغيير مع تقدم عمر الكون . وهذا الافتراض العلمي الجديد حول نظريات حديثة مثيرة للجدل . سيعيد النظر في الثوابت كثبات سرعة الضوء . ويقول رئيس فريق البحث العالم جون ويب، في جامعة نيوساوث ويلزالأسترالية، أن سرعة الضوء قد اختلفت عند وصولها إلى الارض . وأنه ربما كانت هناك أبعاد أخرى في الكون لا نعرف عنها شيئا . و فريق العلماء في افتراضهم يستندون إلى تجارب مراقبة الضوء من خلال جرم شبيه بنجم لامع يبث طاقة تزيد عشرة تريليونات مرة عما تبثه الشمس في الثانية الواحدة، ويمر عبر سحابة امتصت الضوء القادم من شبيه النجم ، بعض المواد الموجودة بها كالمغنيسيوم والزنك والهيدروجين ، وقارن العلماء نتائج هذا الامتصاص مع منظور على الارض فظهرت اختلافات ضئيلة غير مفسرة . فقد تكون سرعة الضوء قد اختلفت عند وصولها إلى الارض التي تبعد تريليونات التريليونات من الكيلومترات عن السحابة، وهي مسافة لا يمكن تخيلها فقد تمكن العلماء أخيرا من إبطاء سرعة الضوء،حتى وصل نقطة الصفر في الحركة، كما نجحوا في تخزينه وإطلاقه من جديد . فالضوء إنه أسرع ما في الكون، إذ يسير بسرعة 297 ألف كيلومتر في الثانية، ويبطئ قليلا عند مروره ببعض عناصر المادة مثل الزجاج والماء مما ينتج عنه ظاهرة انكسار الضوء، وهي الأساس في تصنيع وقياس العدسات .و العلماء قد تمكنوا بنجاح من إيقاف حزمة من الضوء بعد أن أدخلوها في غرفة غازية صغيرة خاصة . وقاموا بتبريد غاز مكون من ذرات الصوديوم المحتجزة مغناطيسيا عند درجة قريبة جدا من الصفر المطلق ( يعادل - 273 درجة مئوية ) وهذه خطوة تمهد السبيل أمام تطوير أجهزة الكومبيوتر والاتصالات لتعمل أكثر كفاءة . وكانت الدكتورة ليني فسترجارد هاو من جامعة هارفرد الأمريكية قد فاجأت العالم منذ عامين عندما نجحت في إبطاء سرعة الضوء لتصل ستين كيلومترا في الساعة من خلال تمريره عبر صوديوم مثلج، ثم نجحت في إبطائه ليصل إلى نحو كيلومتر وستة أعشار في الساعة، أي أبطأ من سرعة سير الإنسان العادي.
عمر الكون من 10 – 20 بليون سنة وكان الكون الولي حارا جدا وكثيف وكان اشبه بحالة جسيم في معجل accelerator أو مفاعل نووي . فالكون كلما كان يتمدد كان يبرد . لهذا متوسط الطاقة لمكوناته من الجسيمات تقل بالزمن . فكل الجسيمات العالية الطاقة كانت قد تولدت خلال الثلاث دقائق الأولي . حيث في هذا الوقت كانت المكونات الساسية للكون قد تكونت بما فيها العناصر العالية وا لأشعة . و تعتبر الثقوب السوداء نهاية تطورية للنجوم وكتلتها 10 – 15 كتلة الشمس . فلو أن نجما كبيرا انفجر سيخلف وراءه مستعرا أعظم supernova وكتلة محترقة هائلة من بقايا النجم والبقايا سوف تتقلص غلي ذاتها بفعل الجاذبية وكانت وكالة الطيران والفضاء الأمريكية( ناسا) قد أطلقت مركبة سويفت من قاعدة كيب كارنيفال بولاية فلوريدا الأمريكية. لتتبع ودراسة أقوى الانفجارات في الكون منذ الانفجار الكوني الكبير. و ا لعلماء بواسطة تليسكوب يعمل بالأشعة السينية وآخر يعمل بالأشعة فوق البنفسجية سيتعرفون على ميلاد الثقوب السوداء التي تظهر نتيجة نفاد طاقة نجم فيقوم باجتذاب كل المواد من حوله حيث تندفع إلى مركز الثقب الأسود بسرعة كبيرة وتشير النظرية إلى أن نجما عملاقا متوسط العمر قد يشهد انهيارا كارثيا من الداخل عندما لا تكفي التفاعلات النووية في قلبه لدعم كتلته. فمعظم هذه الانفجارات يقع على مسافة هائلة من الأرض، ويأمل العلماء أن يتمكنوا من دراستها من أجل فهم طبيعة النجوم الأولى التي لمعت في سماء الكون المترامي وقال بروفيسور آلان ويلز، من جامعة ليسيستر: "إذا حدث انفجار مشابه في مكان قريب نسبيا من كوكبنا، فسوف ينتج قدرا من أشعة جاما قد يصل بكميات كبيرة إلى سطح الأرض".مما يؤدي إلى الإضرار بالحياة الطبيعية على كوكب الأرض نتيجة الأشعة والجزيئات الكونية التي ستضرب الأرض بعد أسابيع، وربما شهور، ولن تبقي على الأرض أي أثر للحياة". لأن هذه الجزيئات تستطيع التخلل إلى أعماق سحيقة تحت الماء وتحت الأرض
نشرت مجلة ( نيتشر) أن علماء فلك أمريكيين توصّلوا لفهم "الفوضى" الأصلية في النظام الشمسي . وما أدّى إلى انفجار النيازك قبل 3.9 مليار سنة، و تكوين أخاديد عميقة، يمكن رؤيتها على سطح القمر، و تأخر ظهور الحياة على الأرض؟ . ولماذا انزاح كلّ من الزهرة وزحل عن مداريهما وأصبح مساراهما بيضاويا اليوم؟ ولماذا يتقاسم الزهرة مداره مع آلاف النيازك التي تتعقبه و تتخطاه حول الشمس؟ فّالشمس والكواكب تكوّنت قبل 4.6 مليار سنة، من خلال اصطدام جاذبي لسحابة من الغاز والغبار والجليد. و كانت قوة الجاذبية كافية لدرجة أبعدت الكواكب أورانوس ونبتون وزحل عن الشمس.أدّى هذا التغيّر إلى إطالة الزمن الذي استغرقته هذه الكواكب لإكمال دورتها حول نجمها، وفي لحظة ما، استغرقت دورة زحل ضعف الزمن الذي استغرقه الزهرة لإكمال دورته. وبفعل جاذبيتهما المتبادلة، بدأ الكوكبان في الانزياح عن مداريهما لإكمال دورة بيضاوية يمكن ملاحظتها هذه الأيام.و هذه الظاهرة جعلت كوكبي أورانوس ونبتون أكثر خفّة. مما دفع الكوكبين بطريقة ما إلى خارج النظام الشمسي في حلقة الحطام، مما أدّى إلى انتشاره وانفجار النيازك وتأثيره على الأرض والقمر.
أطلق من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان صاروخ روسي يحمل المرصد الأوروبي (إنتيجرال جاما-راي) وهو تلسكوب ضخم يطلق عليه "قناص الثقوب السوداء" . حيث سيراقب الثقوب السوداء والنجوم الاصية والظواهر الفضائية كأشعة جاما، التي تصدر عن طاقة قوية للغاية. ،نتيجة انفجارات يشاهَد وميضها في السماء بواقع مرة واحدة في اليوم، والتي تختفي في غضون ثواني فقط. . ولا يعرف متى سيقع الوميض ثانية . ومن مهام المرصد إنتيجرال أيضا ... دراسة كيفية تكوُّين العناصر بالكون ولا سيما عنصرا الهيدروجين والهيليوم اللذين تكونا في الإنفجار الكبير . عكس بعض العناصر كالذرات الثقيلة التي تشكلت داخل النجوم.فحين ننظر الي كوب ماء فإن الهيدروجين الموجود فيه قد تكوَّن منذ ملايين السنين ابان الإنفجار الكبير ، لكن الأكسيجين به تشكل في أحد النجوم بلفضاء لينتهي به المطاف في كوب الماء علي الأرض. وكان العلماء مؤخرا قد شاهدوا بواسطة تلسكوب "سويفت" أبعد انفجار كوني عند حافة الكون المنظور. وكان لأشعة جاما التي تصدر قدرا هائلا من الطاقة الإشعاعية في غضون دقائق تعادل ما تصدره شمسنا خلال 10 مليارات سنة!. وتظهر بشكل مفاجئ من حين آخر في أرجاء الكون. وكانت هذه الانفجارات الإشعاعية قد رصدها عدد من المراصد الأرضية في 4 سبتمبر 2005 واستمرت 3 دقائق. وهذه المراصد منتشرة في أربع قارات. وكان الانفجار إشارة إلى "موت" نجم عملاق تحول إلى ثقب أسود. وكان بعد الانفجار الإشعاعي الأخير عن كوكب الأرض بما يعادل 13 مليار سنة ضوئية . وعلي مسافة أبعد ب500 مليون سنة ضوئية من أبعد انفجار كوني مسجل من قبل .وهذه نتيجة مذهلة لأنها سوف تمكن علماء الفلك من معرفة المزيد عن الأجرام السماوية وظواهرها على هذه الأبعاد الكونية الهائلة ومعرفة المزيد عن المرحلة الأولية في عمر الكون. فالانفجار الكوني الأخير جاء من فترة أعقبت تشكل النجوم والمجرات بعد نحو مليار سنة من" الانفجار الكبيرالذي كان في بداية نشوء الكون. فدراسة الانفجارات الكونية البعيدة التي تقع على أطراف الكون المنظور تمكن العلماء من معرفة كيفية تطور الكون بعد نشوئه. ويعتقد العلماء أن النجوم في "طفولة" الكون.كانت نجوما أضخم بكثير عن النجوم الموجودة الآن. وأخيرا ... فعلماء الفلك يلهثون بلا كلل ولا ملل ليصطادو ا قدرا هائلا من المعلومات عن منشأ ومصير الكون . و ليصلوا الي فهم أعمق لهذا الكون الوليد. من خلال التفتيش بواسطة الأقمار الصناعية والتلسكوبات الفضائية العملاقة بحثا عن مكنونات الكون . فالجاذبية تجعل كوكبنا في مداره حول الشمس وتثبت اقدامنا لتقف فوق سطحه . والقوة الكهرومغناطيسية تسير حياتنا الحديثة حيث تعطينا الكهرباء التي تولد الضوء وتدير الكومبيوترات والتلفزيونات والتليفونات. وهذا يتطلب منا تغيير فهمنا للفضاء والزمن والمادة . ففي متاهة هذا الكون لعل العلماء فيه يهتدون !! .
مصدر :
مقال بمجلة العلم لأحمد محمد عوف