الضبع Hyena حيوان من الثدييات تلد وترضع صغارها, وهو حيوان مفترس من الحيوانات التي تعتاش على أكل الجيف وبقايا صيد وفرائس الحيوانات الأخرى لذى لقب بالـ Scavenger وهي تخرج للبحث عن طعامها ليلا منفردا او بمجاميع ، إلا أنه صياد ماهر كذلك ، ويتميز بقوة فكيه الهائلة ، فهو يمكنه سحق العظام بأنيابه.
قائميه الأماميين أعلى من ساقيه الخلفيتين ، ولذلك جسمه يتخذ شكلاً مائلاً
يعيش في أفريقيا وبراري منطقة الشرق الأوسط وتركيا والهند, صوته يسمى عواء وعوائه قبيح مزعج.
هناك عدة أنواع من الضباع:
" مع أن منظرها يشبه الكلاب إلا أن الضباع تنتسب إلى فصيلة أخرى فهي لا تحسن الركض مثل الكلاب وظهرها أشد إنحدارا نحو الوراء وتوجد أربعة أنواع من الضباع : المرقطة والبنية اللون تعيش في سهول أفريقيا وذات الخطوط في شمالي أفريقيا وذئب الأرض كما تسمى توجد في أفريقيا الجنوبية.... "
الحيوان ظلمة الإنسان على مر العصور والأزمان، فقد ذكرت معظم المخطوطات والكتب أن للضبع شخصية مكروهة وله أثر سيىء في النفوس ، ولكن إذا علمنا أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق شيئاً عبثاً في الكون ، وأن كل شيء خلقه بقدرٍ معلوم ولغاية مقدرة بميزان الحكمة لأدركنا أهمية الضبع لا سيما في تنظيف البيئة.
قال عنه الدميري ( 472 ـ 808هـ ) في كتابه ( حياة الحيوان الكبرى )، الضبع معروفة، ولا تقل ضبعة لأن الذكر ضبعان والجمع ضباعين مثل سرحان وسراحين، والأنثى ضبعانة والجمع ضبعات وضباع وهذا الجمع للذكر والأنثى ، ومن أسماء الضبع : جيل, وجعار, وحفصة ومن كناها : أم خنور ، وأم طريق ، وأم عامر ، وأم القبور ، وأم نوفل, والذكر أبو عامر ، وأبو كلدة ، وأبو الهنبر.
والضبع توصف بالعرج، وليست بعرجاء وإنما يتخيل ذلك للناظر، وسبب هذا التخيل لدونة في مفاصلها وزيادة رطوبة في الجانب الأيمن عن الأيسر منها.
وعن صفات الضبع قال:
وهي مولعة ينبش القبور لكثرة شهوتها للحوم بني آدم ، ومتى رأت إنساناً نائماً حفرت تحت رأسه وأخذت بحلقه فتقتله وتشرب دمه. وهي فاسقة، لا يمر بها حيوان من نوعها إلا علاها وتضرب العرب بها المثل في الفساد، فإنها إذا وقعت في الغنم عاثت ، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت لأن كل واحد منهما يمنع صاحبه والعرب تقول في دعائهم: اللهم ضبعاً وذئباً ، أي: أجمعهما في الغنم لتسلم ومنه قول الشاعر:
تفرقت غنمي يوماً فقلت لها: يا رب سلط عليها الذئب والضبعا.
وقيل للأصمعي: هذا دعاء لها أم عليها؟ فقال: دعاء لها.
قصة مجير أم عامر:
روى البيهقي في آخر شعب الإيمان، عن أبي عبيدة أنه سأل يونس ابن حبيب عن المثل المشهور ( كمجير أم عامر )، وأم عامر ( هي الضبع ) فقال:
كان من حديثه أن قوماً خرجوا إلى الصيد في يوم حاراً فبينما هم كذلك إذ عرضت لهم ( أم عامر ) وهي الضبع فطردوها فاتبعتهم حتى ألجأوها إلى خباء أعرابي فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صيدنا. وطريدتنا. قال: كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي ( لأنها استجارت به ). قال: فرجعوا وتركوه ، فقام إلى لقحة فحلبها وقرب إليها ذلك، وقرب إليها ماء فأقبلت مرة تلغ من هذا ومرة تلغ من هذا حتى عاشت واستراحت فبينما الأعرابي نائم في جوف بيته، إذ وثبت عليه ، فبقرت بطنه ، وشربت دمه ، وأكلت حشوته, وتركته فجاء ابن عم له فوجده على تلك الصورة فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها فقال: صاحبتي والله: وأخذ سيفه وكنانته واتبعها فلم يزل حتى أدركها فقتلها وأنشأ يقول:
ومن يصنع المعروف في غير أهله يـلاقي مـا لا قى مجير أم عامر
أدام لـها حين استجـارت بقربه قـراها مـن البان اللقاح الغزائر
وأشبعهــا حتى إذا ما تملأت فرته بـــأنياب لهــا وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من غداً يصنع المعروف مع غير شاكر
الضبع في المنام:
ورؤية الضبع في المنام تدل على كشف الأسرار والدخول فيما لا يعني، والضبع تدل على الخديعة ، ومن ركبها في المنام نال سلطاناً والله أعلم.
الضبع في العلم الحديث:
الضبع من المملكة الحيوانية، من شعبة الحبليات شعيبة ( تحت شعبة ) الفقاريات، من طائفة الثدييات ، رتبة اللواحم الأرضية ، من العائلة الضبعية ، والعشيرة الضبعية.
ويتميز الضبع بجسم ممتلىء ورأس كبير وعنق غليظ وخطم قوي ، والأطراف الأمامية مقوسة قليلاً وأطول من الأطراف الخلفية ، والظهر محدب والأقدام ذات أربعة أصابع ، والأذن مستعرضة فوق القاعدة ومدببة الطرف يكسوها شعر خفيف ، والعيون منحرفة الوضع وذات بريق مخيف.
والضبع حيوان كريه ذو أثر سيىء في النفوس وهو في الحقيقة مظلوم في ذلك ولكن يرجع ذلك إلى العنق الغليظ الثابت والذنب المكسو بخصل من شعر قوي خشن. والفراء المكون من شعر طويل خشن أيضاً ولون الشعر الداكن وكل هذه الصفات الظاهرية تطبعه بطابع يبعث البغض له، ويثير الريبة فيه والاشمئزاز منه.
والضباع حيوانات ليلية ذات أصوات مزعجة تشيع الضحك البشع، وهي أكولة نهمة وتنبعث منها رائحة كريهة ، ومشيتها عرجاء تقريباً ليس فيها ما يعجب.
ولهذه الحيوانات غدد لعابية كبيرة، وعلى اللسان نتوءات قرنية والمريء متسع كما أن لها غدداً على منطقة الشرج.
والأنياب في الضباع غليظة قوية وكذلك الأضراس الأمامية، لتصلح لطحن العظام. وفي تكوين أسنان الضباع ما يمكنها من أكل بقايا الغذاء التي تتخلف عن حيوانات أخرى كالعظام وغيرها ، وكذلك لها من قوة عضلات الفكين ما يجعلها أقوى فكاك الحيوانات طراً.
الضبع والليل:
وأحب الأماكن إلى الضباع الأراضي الزراعية المكشوفة القريبة من المناطق الصخرية ، وهي حيوانات ليلية لا تخرج من جحورها إلا بعد المغرب ولا تبارحها نهاراً إلا مرغمة وتحت ستار الظلام ، تخرج أفراداً وجماعات صغيرة يسمع عويلها وهي تتجول طلباً للصيد أو سعياً وراء الجيف وأصوات الضباع المخططة ليست بشعة بالقدر الذي يصوره الناس ولو أنها كريهة لا يسيغها السمع ، ولكن عويل الضباع الرقط بشع مخيف حقيقة، إذ هو عبارة عن ضحك مبحوح يبعث على الرعب.
الضبع والاتزان البيئي:
الضبع من اللواحم الأرضية الأكولة والنهمة المهمة في عملية الاتزان البيئي ، فقد وهبه الله سبحانه وتعالى من الصلاحيات ما يجعله من الكانسات للجيف، ومنظفات البيئة من العظام والجلود الجافة وهي البقايا التي لا تقدر عليها اللواحم والسباع الأخرى ، ورقبته القصيرة وسيقانه الطويلة وظهره المحدب وسعيه طوال الليل ولمسافات طويلة وعدم خوفه من السباع الأخرى والكلاب تجعله ينظف أكبر مساحة ممكنة من تلك البقايا التي يسبب بقاؤها في البيئة احتباساً لمكوناتها.
ورغم هذا الدور المهم يظلمه الناس دائماً ويقارنون بينه والسبع في المقولة الشعبية ( سبع ـ أي: رابح ) ـ لا ضبع ( أي خسران )!!.