ولد صمويل باركلى بيكيت في 13 أبريل 1906 بدبلن في أيرلندا لأبوين من البروتستانت وهو الإبن الثانى لهما، كان من صغره متفوقاً في دراسته ومهتماً بالرياضة خاصة لعبة الكريكيت وكان يهوى مشاهدة الأفلام الأمريكية الصامتة كأفلام شارلى شابلن وبوستر كيتون وكان أثر هذه السينما الصامتة كبيراً على أدبه فيما بعد. في عام 1923 التحق بيكيت بكلية ترينيتى بدبلن وتخصص في الآداب الفرنسية والإيطالية وحصل على الليسانس فيهما عام 1927.
فى عام 1928 توجه بيكيت إلى باريس وعمل أستاذاً للغة الإنجليزية بإحدى المدارس هناك، وفى هذه الأثناء تعرف بيكيت على الأديب الأيرلندى الكبير جيمس جويس (1882 - 1941) صاحب رواية (يوليسيس) وأصبح عضواً بارزاً في جماعته الأدبية وصديقاً شخصياً له.
عام 1930 كتب بيكيت دراسة عن الروائى الفرنسى مارسيل بروست (1871 - 1922) صاحب رواية البحث عن الزمن المفقود ثم عاد إلى أيرلندا ليقوم بتدريس الفرنسية بكلية ترينيتى لكنه لم يفضل العمل الأكاديمى وسرعان ماقدّم استقالته.
فى عام 1933 توفى أبوه (ويليام بيكيت) وترك له ميراثاً صغيراً، وفى هذه الأثناء كتب المجموعة القصصية (وخزات أكثر من ركلات) وقصصها تدور عن مغامرات طالب أيرلندى يدعى بيلاكوا. في عام 1935 كتب روايته الأولى (مورفى) وبطلها شخصية مضطربة وحائرة بين الشهوة الجنسية وهدفه في الوصول للعدم العقلى بعيداً عن الواقع.
وذات مرة حينما كان يسير في شوارع باريس توجه إلى بيكيت شحاذ مستجدياً صدقة فرفض، فطعنه الشحاذ بسكين وكاد يموت بيكيت، نجا بيكيت من الموت ويقال أن جيمس جويس بنفسه كان يعتنى به في المستشفى، وفى التحقيق لم يتهم بيكيت الشحاذ بأى شئ وكان قد سأله (الشحاذ) عن سبب محاولته تلك فقال الشحاذ: لاأعرف ياسيدى. هذه الجملة التى استخدمها بيكيت كثيراً في مسرحياته خاصة (فى انتظار جودو) على لسان الصبى.
فى عام 1937 تعرف على طالبة البيانو الفرنسية سوزان ديكوفو دوميسنيل التى ظلت رفيقة عمره وزوجته في وقت لاحق.
وكان بيكيت في أيرلندا حينما اندلعت نيران الحرب العالمية الثانية فعاد إلى فرنسا واشترك في صفوف المقاومة هناك (كمراسل ومترجم) لكن بعد تقدم الألمان واكتشافهم للخلية التى يعمل بها هرب بيكيت وسوزان إلى جنوب فرنسا إلى بلدة روسيليان وعمل بيكيت مزارعا،ً وفى هذا الوقت كتب روايته (وات) التى تدور حول البطل وات الذى يقوم برحلة إلى بيت السيد نوت ويعمل عنده ويقضى أيامه في محاولة التعرف على عالم السيد نوت اللغز وشخصية السيد نوت المعقدة.
وبعد هزيمة الألمان عام 1945 عاد بيكيت وسوزان واستقرا في باريس.
فى عام 1946 كتب روايته (ميرسيه وكاميه) وتدور حول عجوزين يتواعدان للقيام برحلة إلى الريف وما أن يصلا هناك حتى يشعران بالحنين للمدينة ويستمر هذا الإرتحال المتواصل. ثم بعد ذلك كتب بيكيت ثلاثيته الروائية الشهيرة (مولوى)(مالونى يموت)(اللامسمى)، كتب الروايات باللغة الفرنسية ثم ترجمها إلى الإنجليزية، وبيكيت معروف بميله للغة الفرنسية رغم أنها لغته الثانية ويقول في ذلك : أفضل الفرنسية لأنك تستطيع الكتابة من خلالها بدون أسلوب.
فى عام 1947 كتب بيكيت مسرحيته الشهيرة (فى انتظار جودو) والمسرحية تدور حول شخصيات معدمة مهمشة ومنعزلة تنتظر شخص يدعى (جودو) ليغير حياتهم نحو الأفضل وبعد فصلين من اللغو والأداء الحركى والحوار غير المتواصل لايأتى جودو أبداً، المسرحية محملة برموز دينية مسيحية هذا غير اعتمادها المكثف على التراث الكلاسيكى الغربى، والمسرحية تعبر بصدق وببشاعة عن حال إنسان مابعد الحرب العالمية الثانية والخواء الذى يعانى منه العالم إلى الآن.
فى عام 1951 كتب المجموعة القصصية الرائعة (قصص ونصوص من أجل لاشئ)، تم نشر مسرحية (فى انتظار جودو) عام 1952 وفى العام اللاحق تم عرض المسرحية في باريس ولاقت نجاحاً باهراً، ومن هذه اللحظة أصبح بيكيت مشهوراً ومعروفاً في كل أنحاء العالم.
توفى أخوه الأكبر فرانك عام 1954 وكانت قد توفت أمه عام 1950. عام 1954 كتب مسرحية (نهاية اللعبة) وصاغها في فصلين ثم عاد وجعلها من فصل واحد وتم عرضها في لندن بنفس العام، والمسرحية تدور حول شخصيات مصابة بالعمى والشلل وتعيش في صناديق القمامة أو مكتوب عليها العمل الدائم دون الحصول على راحة، والمسرحية مثلها مثل (فى انتظار جودو) فقيرة في الديكور وفى عدد الشخصيات ومعظم النقاد يرون أن هذه المسرحية أعلى من (في انتظار جودو) من جهتى المضمون والتكنيك المسرحي، رغم تفوق شهرة الثانية.
1958 كتب مسرحية (شريط كراب الأخير) وعرضت بلندن بنفس العام والمسرحية تتميز بخصوصيتها الشكلية لأنها تقوم على المونولوج فقط وبطلها شخص واحد يستمع إلى مذكراته التى سجلها على شرائط، مضمون المسرحية يدور أيضاً حول العزلة والشيخوخة والعجز النفسى.
فى نهاية الخمسينيات توجه بيكيت للكتابة الإذاعية فكتب لإذاعة البى بى سى أعمال مهمة ومتميزة مثل (كل الساقطين)، (الجمرات)، (الأيام السعيدة).
فى 25 مارس عام 1961 تزوج بيكيت من رفيقته سوزان في حفل صغير بلندن.
1963 كتب بيكيت مسرحية بإسم (مسرحية) وسيناريو فيلم قصير بإسم (فيلم) أخرجه المخرج الذى تخصص في إخراج أفلام تلفزيونية عن أعمال بيكيت (ألان شنايدر) وقام ببطولته النجم الأمريكى (بوستر كيتون)، بيكيت توجه إلى أمريكا (للمرة الوحيدة في حياته) ليشرف على الفيلم الذي حصل على جائزة النقاد في مهرجان فينيسيا عام 1965.
عام 1966 كتب العمل الإذاعى (قل يا جو).
عام 1969 حصل بيكيت على جائزة نوبل للأدب، ولما سمعت زوجته بالخبر قالت : إنها كارثة، واختفى بيكيت تماماً ولم يذهب لحفل تسليم الجائزة.
1972 كتب مسرحية (ليس أنا) التى عرضت في نفس العام. وفي العام 1977 كتب أعمال جزء من مونولوج (صحبة).
قضى بيكيت فترة الثمانينات منعزلاً في بيته الهادئ وكان أحياناً يتردد على مقهى قريب ليلتقى برفقة أدبية صغيرة وفى عام 1989 ماتت زوجته سوزان وبعدها بشهور في 22 ديسمبر 1989 مات بيكيت بعد تعرضه لأزمة في جهازه التنفسى.
يعد بيكيت أهم كتاب القرن العشرين في مجالات المسرح والرواية وهو بأدبه الممتد لفترة 60 عاماً يعبر أصدق تعبير عن مشاكل انسان هذا العصر.