لملك شابور الثاني (309-379) هو الملك الوحيد في التاريخ الساسانيين الذي تم تتويجه وهو في رحم أمه ، وقد تم وضع تاج الملك على بطن أمه ، الطفل شابور وُلِدَ ملكاً ، وأثناء شبابه كانت الإمبراطورية الساسانية تحت سيطرة أمه والنبلاء في الدولة ، فانتشر بين العرب والرومان والأتراك أن ملك الفرس صغير فطعموا في المملكة الساسانية ، ولكن شابور الثاني أثبت نشاطه وفعاليته في الحكم عند بلوغه سن الرشد .
شابور الثّاني في بداية قيادته كان صغيراً ولكنه قاد جيشه جنوباً ضدّ العرب واستطاع تأمين المناطقَ الجنوبيةَ مِنْ الإمبراطوريةِ ، ثمّ بَدأَ حملتَه الأولى ضدّ الرومان في الغربِ ، وحصد نجاحاً مبكّراً بعد حصارِ سنجاره ، على أية حال فتوحاته أوقفتها الهجماتِ الأتراك البدائيين على طول الحدودِ الشرقيةِ للإمبراطورية الساسانية وهدّدتْ هذه الهجماتِ ترانسوكسيانا وهي منطقة حرجة بشكل إستراتيجي يكون فيها سيطرةِ الفرس على طريق الحرير ، بالإضافة إلى أن قوات الملك شابور الثاني العسكرية ما كَانتْ كافيةَ للسيطرة على الأراضي الغربية التي احتلها ، فاضطر إلى توقيع معاهدة سلام مع الإمبراطور البيزنطي كوستنتيوس الثاني (353-361) والتي فيها وافقَ كلا الجانبينَ أَلا يُهاجمَ أراضي بعضهم البعضِ لفترة زمنية محددة .
الملك شابور الثّاني بعد ذلك زَحفَ بجيوشه شرقاً نحو ترانسوكسيانا لمُقَابَلَة الأتراك الشرقيين البدائيين وسَحقَ القبائلَ الآسيويةَ المركزيةَ ، وضَمَّ منطقتهم كمحافظة جديدة في إمبراطوريته .
تبع التوسّعُ الثقافيُ هذا النصرِ ، وإخترقَ الفن الفارسي تركستان ووصل إلى حد ما إلى الصين ، الملك شابور الثّاني بدأ مع الملك البدائي جرمباتيس حملتَه الثانيةَ ضدّ الرومان في 359 م ، وفي هذا الوقتِ بقوته العسكريةِ الكاملةِ ودعمِه من القبائل التركية البدائية كانت الحملة ضد الرومان ناجحة بشكل كبير ، ما مجموعه خمس محافظاتِ رومانيةِ تركها الرومان للفُرْس بعد إكتمال حملتهم ضدهم.
اتبع الملك شابور الثّاني سياسة دينية قاسية وفي عهدِه اكتملت مجموعة النصوص المقدّسة للزرادشتية المسماة أفيستا ، وتمت معاقبة المبتدع والمرتد عن الدين الزرادشتي وتم اضطهاد المسيحيين ، واضطهاد المسيحيين كان ردّ فعل ضدّ المسيحية التي اعتنقتها الإمبراطورية الرومانيةِ مِن قِبل قسطنطين الكبير (324-337)، ولكن الملك شابور الثّاني كان مثل الملك شابور الأول ، كَانَ وِدِّياً نحو اليهود الذين عاشوا في حرية نسبية في عهده ، وكَسبَ اليهود العديد مِنْ الفوائدِ في عهد الملك شابور الثاني .
في الوقت الذي مات فيه الملك شابور الثاني ، الإمبراطورية الساسانية الفارسية كَانتْ أقوى أكثر من أي وقت مضى ، فمع أعدائها في الشرقِ كانت الأوضاع هادئة ، وأرمينيا كانت تحت السيطرةِ الفارسية .