ترتبط السياسة العسكرية (بالإنجليزية: Militarism) بالفكر السياسي و العسكري معاً ، ولها ارتباط أيضا بمدى تغير العلاقات الدولية وما ينتج عنها من صراعات على مختلف نطاقات المجتمع الدولي. فمعنى ذلك أن مفهوم السياسة العسكرية مفهوم ثنائي التركيب، ومعاصر التكوين فلو تم البحث في العلوم السياسية لم يستدل على مصطلح يظهر مفهوم السياسة العسكرية مع أنه مفهوم يرتبط أساساً ببعض النظم السياسية الموجودة في المجتمع الدولي المقترنة بالقوة العسكرية . فمن وجهة نظر الدراسة أن العلوم السياسية لم تضع الأسس النظرية لدراسة علم مستقل يطلق عليه علم السياسة العسكرية لان السياسة العسكرية ترتبط بوجود القوة العسكرية ، وليس للقوة العسكرية طابع الثبات الذي يتميز به باقي موضوعات علم السياسة كالدستور والحكومة والتنشئة السياسية والمشاركة السياسية ، وغيرها من الموضوعات التي يركز عليها علم السياسة ؛ ومعنى ذلك أن القوة العسكرية والعلاقات الدولية لا يتمتعا بطابع الثبات فهم دائما عرضه للتغير المفاجئ تبعاً للتغير الدائم في الوسائل العسكرية والتكتيكية خوفا من الخلل الذي يمكن أن يحدث في العلاقات الدولية بين أعضاء المجتمع الدولي ، والذي يؤدي بدوره إلى التوترات والصراعات الدولية . فالسياسة العسكرية ترتبط بالنطاقات الوطنية والإقليمية والعالمية لأن معاييرها تنبع من اندماج الفكر السياسي مع الفكر العسكري ، وأيضا نتيجة اندماج الاستراتيجيات السياسية المتخصصة مع الاستراتيجية العسكرية والتي ينتج عنها الاستراتيجية القومية ، وذلك من اجل تحديد مسار السياسة الدفاعية للدولة وبالتالي فموضوع السياسة العسكرية يأخذ اهتمام العلوم السياسية والعلوم العسكرية في الوقت الراهن من خلال منظور سياسة الدفاع Defense Policy ، وهى السياسة التي تهدف إلى رسم وتطوير كافة الوسائل الكفيلة بتأمين الحفاظ على السيادة الوطنية ، ويتم تخطيط سياسة الدفاع وفقا لإرادة الحكام التي تحاول مواجهة كل خطر يهدد الدولة ومصالحها الحيوية ، ومن هنا ارتبطت سياسة الدفاع بمفهوم سياسة التسليح التي ترتبط بالخطط التي ترسمها الدولة من خلال تزويد قواتها المسلحة في زمن السلم بأحدث الأسلحة والمعدات وتأمين الحاجات التسليحية لتلك القوات في زمن الحرب بكمية ونوعية تتناسبان مع التسليح المعادى وتطوره . فكل دولة في المجتمع الدولي لها سياسة عليا تحاول من خلالها تأمين مصالحها القومية ، وتحاول تحقيق طموحاتها سواء كانت تلك الطموحات عادلة ومشروعة أم كانت عدوانية وغير مشروعة ، ومهما كانت طبيعة السياسة العليا للدولة فإن تطبيقها في عالم تحكمه الصراعات والإرادات المتعاكسة يبقى مرهوناً بمدى قوة الدولة وقدراتها السياسية والاقتصادية والبشرية والعلمية بالإضافة إلى القدرات العسكرية التي تتجسد بامتلاك قوات مسلحة كاملة التجهيز وقادرة على ردع الخصوم والانتصار عليهم ، ومن المؤكد أن بناء القوات المسلحة والحفاظ على قوتها هو عمل بالغ التعقيد ، ويعتمد على عدة عوامل مادية ومعنوية وبشرية وفنية ، وتتم عملية التسليح وفق سياسة متكاملة ترتبط بثلاثة تدابير وهما: "الهدف"، "الخطة"، "الإمكانيات" وتشارك في إعدادها أجهزة عليا بالدولة تضم خبراء من العسكريين والسياسيين والاقتصاديين ، ولكل من يستعان بخبراته في شأن تحقيق التدابير السابقة من اجل وضع الخطط التي تتلاءم مع الأوقات الراهنة والمستقبلية مع حصر كافة الإمكانات المتاحة والتي يمكن الحصول عليها من خلال برمجة مراحل زمنية للحصول على الأسلحة واستيعابها ويتركز دور الخبراء العسكريين عند وضع سياسة التسليح حول المسائل الفنية فهم لا يناقشون أهداف تلك السياسة بل يركزون اهتمامهم على امتلاك القوة العسكرية اللازمة لتحقيق تلك الأهداف وتأمين متطلبات بناء التشكيلات المقاتلة ورفع مستوى قدراتها القتالية، وفى الوقت نفسه يقوم الخبراء العسكريون بدراسة الإمكانيات الاقتصادية والبشرية بهدف تطابق الإمكانات المتاحة وتناسبها مع أهداف سياسة التسليح ، ومدى سد احتياجات بناء القوات المسلحة . وبالتالي فان دور الخبراء العسكريين وأدوار الخبراء المتخصصين يعتبرا ذات نسق متكامل من حيث رغبة العسكريين في الحصول على أفضل الأسلحة والمعدات في أقصر وقت ممكن ، ومن جهة أخرى رغبة الخبراء الآخرين لتحقيق مطالب العسكريين مع الوضع في الاعتبار القدرات المتاحة والانعكاسات المتوقعة . ولذلك فان أدوار الخبراء السياسيون والاقتصاديون تشمل مناقشة أهداف سياسة التسليح أي مناقشة حاجة الدولة لامتلاك قوة مسلحة من حجم معين كما تشمل دراسة إمكانيات تأمين الموارد المالية والتكنولوجية والصناعية والبشرية اللازمة لبناء تلك القوة والانعكاسات السلبية أو الإيجابية الناجمة عن جهود التسليح وتأثيرها على أوضاع الدولة الاقتصادية والمالية والسياسية ، وتحديد مدى كفاءة الصناعة الوطنية في الإنتاج الحربي مع الوضع في الاعتبار الظروف السياسية أو المالية التي تمنع الحصول على أفضل الأسلحة من دولة صناعية متقدمة أو عدم قدرة الدولة لاستيعاب الأسلحة المتطورة وصيانتها والحقيقة أن محور السياسة العسكرية التي تنبع منها سياسة الدفاع والتسليح يلاحقها دائماً التعارض الدائم بين ما يسعى إليه العسكريون من أجل تحقيق الفاعلية القصوى للقوات المسلحة ، وما يطرحه السياسيون والاقتصاديون والخبراء الآخرين من تعديلات نابعة عن الإمكانات المتوافرة التي يمكن تكريسها للتسليح ؛ ولهذا أصبحت السياسة العسكرية لآي دولة مرتبطة في إعداد خططها بالعديد من الأهداف .