نجم سهيل هو ألمع نجم في مجموعة النجوم المكونة لبرج Carina ،وثاني ألمع نجم في السماء ليلا.
تسهل مشاهدته من نصف الكرة الجنوبي، أما في النصف الشمالي فيظهر في أواخر الصيف باتجاه الجنوب.
طلوع سهيل
اهتم أبناء الجزيرة العربية منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفه منازلها وذلك لارتباطها بحياتهم اليومية في الليل والنهار فهم يعرفون من خلالها دخول الفصول فصول السنة ووقت نزول الأمطار ووقت البرد والحر ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحين متى يحرثون أراضيهم ومتى يبذرون استعدادا لنزول المطر، و أهل البر يعرفون مواسم الرعي و السفر ، و أهل البحر يعرفون مواسم الصيد و السفر . و كذلك استعان به البحارة الصينيون المتوجهون إلى بحار الجنوب، وكلدانيو اريدو (وهي ثغر جنوبي العراق) يتوجهون مسترشدين بالنجم ( سهيل )، الذي كان بمثابة نجم قطبي جنوبي. وكان العرب في الصحراء يسترشدون أيضاً بالنجم ( سهيل ) وهم يتوجهون صوب الجنوب ، و (الثريا) نحو الشمال، كما يدل ( سهيل ) على القبلة في بلاد الشام . و نجم ( سهيل ) الذي تستبشر بطلوعه العرب باديها و حاضرها من ألمع النجوم في السماء ولهذا النجم عده مسميات عند العرب فهم يسمونه البشير اليماني ويسمونه نجم اليمن ويسمونه سهيل اليماني ايضا وسبب نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب، ويظهر مقابلا للنجم القطبي الشمالي ، فهو يشير إلى جهة الجنوب، أما القطب الجنوبي نفسه فهو لا يظهر في سماء الإمارات ،وعلى كل حال لا يوجد نجم معين يدل على اتجاه النجم الجنوبي كما هو الحال في القطب الشمالي. إن كثيرا من الناس عند مراقبتهم طلوع هذا النجم يرون واحدا من نجمين معروفين في كوكبة السفينة ذاتها أحدهما (الوزن) والآخر ( الحضار ) يظهران قبله بأيام قليلة فيحلفون أنهم رأوا سهيلا، ولهذا فقد سمي هذان النجمان ( المحلفان )أو( المحنثان). وبطلوع ( سهيل ) تنكسر حدة الحرارة تدريجيا ويبدأ الجو بالاعتدال ليلا وبعد ( سهيل ) ب 52 يوم يدخل حساب الوسم وهي 52 يوما إذا جاء فيها المطر فانه يكون نافعا بإذن الله للبر والبحر . أما في البر فانه ينبت أنواع كثيرة من النباتات لا تنبت إلا في مطر هذا الوقت وكذلك تنبت الكماه أو الفقع كما هو معروف . وأما فائدة المطر للبحر في فتره الوسم فانه ينتج اللولو بإذن الله في بطون المحار
و سمي بالوسم لأنه يوسم الأرض بالخضرة و العشب و الكلأ.
ويتكون من أربعة منازل ( نجوم ) هي العواء والسماك والغفر والزبانا.
ونجم ( سهيل ) ينقسم إلى أربعة منازل تبدأ بالطرفة ومدتها 13يوما، حيث يصبح الجو لطيفا في الليل مع بقاء الحرارة في ساعات النهار ثم الجبهة وتمتد لمدة 13 يوما وهي أول نجوم فصل الخريف، حيث يبرد الليل ويتحسن الطقس نهارا تليها الزبرة وتستمر لمدة 13يوما وفيها تزداد برودة الليل إلى درجة ينصح بعدم النوم تحت أديم السماء ثم الصرفة وهي آخر نجوم ( سهيل ) وتمتد لمدة 13يوماً وسميت بذلك لانصراف الحر عند طلوعها.
و يبدأ مع طلوع (سهيل) تقويم خاص لأهل الخليج يعرف ب (الدرور) و بالرغم من الاختلاف في تحديد الموعد الدقيق لطلوع (سهيل) فهو بين 15 أغسطس إلى 28 أغسطس ، فإن هذه الفروقات بسيطة حيث أنها لا تقلل من فعالية التقويم ، و تطابقها مع حالة الجو و البحر و مواعيد الزرع و الحصاد ، و هذا التقويم ببساطة يقسم السنة على ثلاثة أقسام كل قسم مائة يوم كل عشرة أيام منها يسمى(در) : المائة الأولى مع منتصف أغسطس و فيها انكسار حدة الحر و اعتدال الجو و هبوب الرياح النشطة (هبوب رياح الأكيذب في در الستين، و در الثمانين مشهور برياحه الشمالية القوية ) و يكون ظهور( سهيل) فيها في آخر الليل ، و المائة الثانية مع نهاية نوفمبر و فيها ميل الجو للبرودة و تناوب هطول الأمطار بإذن الله ( الوسمي ، أربعين المريعي يبدأ في در الأربعين ) و يكون ظهور( سهيل) فيها من منتصف الليل إلى آخره ، و المائة الثالثة مع بداية مارس و فيها بداية الدفء ثم ارتفاع درجة الحرارة (رياح النعايات في در العشر، و رياح السرايات في در الثلاثين ) و يكون ظهور( سهيل) فيها من بداية الليل إلى آخره ثم يتقدم ظهوره تدريجياً و تقل فترة مكوثه في السماء ، و مع أواسط المائة الثالثة (أوائل مايو) يغيب (سهيل ) عن الظهور في السماء حيث يكون في الفترة السابقة متألقاً في الجهه الغربية مساءاً بعد غروب الشمس، و يكون متزامناً مع الشمس يغرب معها في يوم 12 مايو بحدود الساعة 18:50 دقيقة مساءاً ثم يتقدمها في الغروب بعد ذلك و يكون متزامنا معها لفترة فيغيب عن الظهور ، و في أواسط أغسطس ( 15 أغسطس) يطلع مع طلوع الشمس بحدود الساعة 05:50 صباحاً ثم يتقدمها في الطلوع ليظهر قبيل الفجر، و في هذه الفترة فترة غياب سهيل يقع موسم الغوص الكبير في الخليج .
وقد لاحظ المهتمون إن ظهوره يمثل علامة في تحول الظروف الجوية.وكانت العرب تقول "إذا طلع سهيل برد الليل وخيف السيل وكان للحوار الويل"، لأنه يفصل عن أمه وكان العربي إذا أراد ذلك أخذ بأذن الحوار واستقبل به سهيلا يريه إياه ثم يحلف بألا يرضع من أمه بعد يومه، ذلك بحجة أن أيام الحر والكلفة قد انتهت وبدأت أيام البرد ولطيف الهواء.و مع بداية ( سهيل ) يبدأ منخفض الهند الموسمي بالتراجع جنوبا، وتبدأ تهب رياح قوية يطلق عليها هبايب ( سهيل ) تعمل على تلطيف الجو. و يبدأ الغزو النسبي الحاد للرطوبة المرتفعة من بداية أغسطس و تتزامن ذروتها مع طلوع نجم ( سهيل ) و تستمر إلى منتصف سبتمبر بما يطلق عليه (وعكة سهيل).
تقول العرب في أساطيرها : إن سهيلا والشعرى كانا زوجين, فانحدر سهيل فصار يمانيا, فاتبعته الشعرى العبور فعبرت المجرة فسميت العبور, وأقامت الغميصاء فبكت لفقد سهيل حتى غمصت عيناها فسميت غميصاء لأنها أخفى من الأخرى. وأثبتت مخطوطات من القرن السابع عشر أن المحور الأكبر للكعبة المشرفة يتجه نحو نقطة شروق نجم سهيل بينما المحور الأصغر يتجه ناحية شروق الشمس في منتصف الصيف ، ولما كان "سهيل" نجما عملاقا وجبارا ، وأبيض اللون ، ويعد ألمع النجوم في السماء بعد نجم "الشعرى اليمانية" فقد كان الفلكيون المسلمون في العصور الوسطى يحددون اتجاه القبلة بواسطة هذه المعلومات الجغرافية ، حتى أن إحدى الدراسات في علم الفلك الحديث أكدت أن نجم "سهيل" ونجوم"بنات النعش" لعبت دورا كبيرا في تحديد اتجاهات القبلة في البلدان الإسلامية المترامية الأطراف في عهد النهضة الإسلامية. وهنالك رياح تسمى برياح "السهيلي" تهب من جهة "سهيل اليماني" وهو مابين الغرب والجنوب ، وهذا الهواء لا يكون به سموم إلا إذا ذهب نهارا في أيام الصيف قرب الظهيرة
لطلوع سهيل تقول العرب
: إذا طلع سهيل طاب الليل (أي يبدأ الجو بالاعتدال ليلا).
و قال الشاعر عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة: عمرك الله كيف يلتقيان أيها المنكح الثريا سهيلا وسهيل إذا استقل يمان هي شامية إذا ما استقلت
Canopus سهيل
سهيل نجم لامع من القدر الأول ( تقسم أقدار النجوم المرئية إلى ستة أقدار أوضحها النجوم من القدر الاول و أخفتها من القدر السادس ) يبعد عن الأرض ما يقارب 313 سنة ضوئية ، يبعد ستة ساعات و نصف عن الخط المرجعي الذي يحوي نقطة الإعتدال الربيعي يتعامد على دائرة العرض 53 درجة جنوباً، ثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية ، ينتمي هذا النجم إلى كوكبة "السفينة" التي تقع في أقصى جنوبي السماء وتتكون من "45" نجماً، حيث تقسم هذه الكوكبة إلى أربعة أقسام هي: الكوثل أي مؤخرة السفينة، وبيت الإبرة والشراع والقاعدة التي يقع ضمنها هذا النجم .ويمكن معرفة (سهيل) على امتداد المثلث الذي رأسه (يد الجوزاء في مجموعة الصياد ) و ضلعاه (الشعرى اليمانية ) و (الشعرى الشامية) نجده في بقعة خالية من النجوم اللامعة. ان نجم ( سهيل ) كمعظم نجوم السماء يختفي عن الأنظار فترة من السنة ثم يعود إلى الظهور فترة أخرى تبدأ في صبيحة الرابع والعشرين من اغسطس من كل عام، ثم يأخذ ظهوره بالتقدم يوما بعد يوم إلى ان يرتقي وسط السماء منتصف الليل في نهاية ديسمبر ثم يظهر بعد غروب الشمس في الأفق الجنوبي الغربي مع نهاية مارس و بعدها يختفي لفترة او (يستتر) حتى يطلع من جديد قبيل شروق الشمس في 24 أغسطس في دولة الإمارات و الدول التي في عرضها ، ويكون أقصى ارتفاع له في الإمارات عن الأفق الجنوبي حوالي 12 درجة تقريبا، و ظهوره يستمر حتى نهاية فصل الشتاء في منطقة الجزيرة العربية. وبسبب موقعه في أقصى الجنوب فإن رؤيته في شمال الجزيرة العربية نادرة وغير ممكنة في البلاد التي تتجاوز دائرة العرض "40" درجة شمالا.
تسمى النجوم والبروج التي تقع إلى جنوب خط الاستواء بالنجوم أو البروج الجنوبية أو اليمانية (نسبة إلى اليمن كما سماها عرب الجزيرة العربية في الماضي لأن اليمن تقع إلى الجنوب منهم). وكذلك فالنجوم التي تقع إلى الشمال من خط الاستواء السماوي تسمى النجوم الشمالية أو الشامية (نسبة إلى بلاد الشام التي تقع إلى شمال الجزيرة العربية). فالنجوم الجنوبية ترى من نصف الكرة الشمالي قريبة من الأفق الجنوبي للسماء، فيُرى ( سهيل ) في بلاد الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية ومصر في الأفق الجنوبي وباتجاه الجنوب تماماً، بينما لا يُرى ( سهيل ) من تركيا أو أوروبا، ويُرى في الصومال أو استراليا في كبد السماء.
و بما أن الجزيرة العربية تقع على حدود 12 درجة شمالأ عند جنوب اليمن إلى 30 درجة شمالأ عند العراق ، و تقع الإمارات على دائرة عرض 25 درجة شمالاَ في المتوسط ، و بناءا على الحسابات الفلكية فإن نجم ( سهيل ) يكون مقترناً بالشمس وقت طلوعها في الإمارات بتاريخ 12 أغسطس أي يكون مماساً للأفق الجنوبي ذلك الوقت ، ثم يتقدم عن الشمس حتى يصل إلى ارتفاع 5 درجات فوق الأفق الجنوبي عند طلوع الشمس (وهي أقل مسافة عن الشمس للنجم المرئي ) يوم 24 أغسطس ، و يكون بعد هذا الوقت مرئياً وقت الشفق الصباحي قبل طلوع الشمس بمدة لا تقل عن 20 دقيقة .
و قد قمت بعدد من اللقاءات و الاتصالات للمهتمين بالموضوع في الأمارات و السعودية و لم أتأكد منهم من حصول رؤيته في عروض الإمارات في 16 أغسطس و لا حتى في18 أغسطس مما هو متعارف عليه عند البعض في الإمارات كموعد لرؤية (سهيل). حيث أنه في يوم 18 أغسطس يكون ارتفاع( سهيل) ما يقارب 3 درجات عن الأفق وقت طلوع الشمس ، و قبل ذلك بحدود 12 دقيقة يكون بمستوى الأفق من الناحية الحسابية. و بالتالي يظهر (سهيل) في الإمارات بتاريخ 24 أغسطس ، و يكون من المستحيل رؤيته قبل تاريخ 12 أغسطس . أما في جنوب اليمن ففرصة رؤيته تكون متوفرة ابتدأ من 1 أغسطس ، و في شمال الجزيرة العربية فيمكن مشاهدته ابتدأ من 9 سبتمبر .