"لما كنت طالبة شيوعية، ومنحدرة من عائلة مسيحية أرثوذكسية، إلا أنها لبنانية بالصميم، أنا منخرطة في الحرب، منذ مراهقتي المبكرة، ضد كل ما يجسد هذا الوجود الغريب في أرضي، ودفعت من حريتي ثمناً لخوضي هذه الحرب، إذ أودعت في الزنزانة بلا محاكمة، ومن دون أن يتسنى لي معرفة سنوات العقوبة المفروضة علي".
هكذا تحدثت سهى بشارة في مذكراتها.. انها زهرة الجنوب التي ولدت عام 1967، في الجنوب اللبناني، بدأت نضالها السياسي مناضلة في الحزب الشيوعي اللبناني، كانت تدرس الرياضيات في الجامعة قبل عام واحد من تنفيذها عمليتها الفدائية، قررت ترك الدراسة والتوجه للجنوب للعمل كمدرسة لرقص الباليه، لم يكن ذلك قرارا شخصيا، وإنما بتكليف من قيادتها في الحزب الشيوعي اللبناني، تمهيدا لاغتيال العميل أنطوان لحد قائد ما سمي وقتها بجيش لبنان الجنوبي الموالي لإسرائيل، بعد فترة قصيرة من عملها في مدرسة مرجعيون، وطدت سهى بزوجه العميل، حيث عملت سهى على إعطاء دروسا خاصة لأبنائها.
وفي مساء الاثنين 17 / 11 / 1988، دعت زوجة الجنرال لحد "مدرسة الباليه" سهى بشارة لشرب الشاي معها، رأت سهى في هذه الدعوة اللحظة المناسبة لتنفيذ المهمة المكلفة بها، وبالفعل توجهت سهى إلى منزل العميل أنطوان لحد، وتحدثت مع زوجته حتى وصل المنزل.
تحكي قائلة: "كانت الساعة لم تبلغ الثامنة مساءً بعد، وبدا أنطوان لحد، الجالس عن يميني، يواصل كلامه، وللحظة وقع نظره علي وأخذ يرمقني بشيء من الفضول، جذبتُ نحوي الحقيبة الموضوعة لدى قدمي، وكنتُ هادئة هدوءاً غريباً، دسستُ يدي في الفتحة مشيرة إلى زوجته بأني جلبتُ لها المفاتيح والشرائط المسجلة التي طلبتها مني، وفي خفية عن الأنظار، قبضت يمناي بشدة على أخمص المسدس. وفيما أنا جالسة، أخرجتُ قبضتي المسلحة بالمسدس من الحقيبة، وببرودة أعصاب، وللحال صوبت، بذراعي اليمنى، نحو قائد الميليشيا، وأسندتُ معصمي بيسراي .. وعلى التخمين، صوبتُ نحو القلب..".
وعندما سألوها لماذا قتلتيه، ردت سها بكل هدوء وتحد، ولم يكن عمرها يتجاوز 21 عاما في ذلك الوقت "إنما هو الذي يقتلنا.. أنا عضو في المقاومة اللبنانية وأنتمي للحزب الشيوعي اللبناني".
أعتقلت سهى .. وتم نقلها إلى الكيان الصهيوني للتحقيق معها، وبعد حملة ضغط دولية سلمها الكيان الصهيوني لعملاء جيش لبنان الجنوبي بغرض الانتقام منها، وقضت سهى عشر سنوات في سجن الخيام، حتى تم الإفراج عنها في عام 1998.
سهى واحدة من الفتيات العربيات الخنساوات المقاومات اللواتي ضربن أروع أمثال البطولة والفداء، وأثبتن لهؤلاء .. الذين لا يرون الرجولة إلا في الشارب أو اللحية أو شيء آخر، أن الرجولة الحقيقية هي الموقف، ورفض الظلم والذل والانكسار.