سماهيج قرية عريقة بالبحرين ورد ذكرها في العديد من المصادر التاريخية والخرائط الجغرافية، فقد ورد في معجم البلدان: ذكر سماهيج بفتح أوله، وآخره جيم، كأنه جمع سمهج اللبن إذا خلط بالماء.
وقال الحموي: سماهيج جزيرة في البحر تدعى بالفارسية ماش ماهي فعربته العرب.
وتنقل المصادر التاريخية القديمة أن كلمة سماهيج كانت تطلق على جزيرة المحرق وقد جاء في الخرائط اللتي تعود لسنة 1765 م إشارات إلى منطقة سماهيج وهي المحرق حاليا، حيث كان اسم المنطقة أراذوس ومن ثم سماهيج حتى إستقر على الأسم الحالي المحرق. وكانَ اسم سماهيج معروفاَ منذ العهد الجاهلي وكانت القبيلة التي تسكنها آنذاك قبيلة عبد قيس, وقد وردت كلمة سماهيج في بعض المصادر والتراجم العربية والاوربية والسريانية والخرائط الجغرافية في عدت مسميات منها (مسماهيج, سماهوي, سماهي, مسمهيج و مسمهج)ولوحظ في بعض الخرائط للمؤرخين والرحالة الأوربيين أن المسميات السابقة تشير إلى الجزيرة ذاتها وهي سماهيج. كما أن هناك جملة من الشعراء قديماً تغنوا ببساتين سماهيج وجملة من المؤرخين أيضا تحدثوا عنها وعن رجالاتها في كتبهم مثل العلامة الشيخ يوسف العصفور البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين, ومن الباحثين حديثاً من لديهم آراء حول سماهيج التاريخية الباحث البحريني د.علي أكبر بوشهري، ويمكن الاطلاع على شخصية المحدث السماهيجي الشيخ عبدالله بن صالح السماهيجي البحراني في كتاب أعلام الثقافة الاسلامية للباحث البحريني د.سالم النويدري تدلك على وجود سماهيج التاريخية آنذاك, والموقف الوطني للمحدث السماهيجي تجاه شعبه ووطنه وجهاده ضد الخوارج واليعاربة في منفاه ببهبهان. تعرضت جزيرة سماهيج قديماً للعديد من الضربات والهجمات من قبل الخوارج والغزاة أهمها مجزرة السماهيجيين على يد العمانيون في عام 1737م وأطلق على هذه الحادثة "عبيد الصلاح" وراح ضحيتها العشرات من الشهداء السماهيجين, ولا زالت قبور الشهداء موجودة إلى وقتنا الحاضر في جانب من جوانب مقبرة سماهيج حيث لايدفن في هذا الجانب أحد كما هو متعارف عليه لأنه يخص "عبيد الصلاح".
عندما جاءت الأسرة الحاكمة "آل خليفة" إلى البحرين أحبوا هذه المنطقه فحطو رحالهم شمال سماهيج حيث أنها من أجمل مناطق البحرين قديما قبل أن ينتقلو في العصر الحالي إلى منطقة الرفاع ويستقرو فيها.
ثم تم إطلاق اسم المحرق (بفتح الميم)على الجزيرة في عام 1225هـ \ 1810 مـ وأصبحت تسمى جزيرة المحرق (بضم الميم) في الوقت الحالي.
كان أهل سماهيج يدينون بالنصرانية قبل الإسلام التي تسربت إليهم من شبه الجزيرة العربية، التي انتشرت آنذاك وكان أشهر مراجعها -صنعاء، نجران، قطر وعدن- وذلك عبر القوافل التجارية المبشرين بها، كما إن للمناذرة أثراً في انتشارها بعد أن دانوا بها وامتدت نفوذهم إلى البحرين, وكان المذهب النسطوري هو المذهب السائد في البحرين الذي أخذوه من الحيرة عن طريق رجال دينهم الذين جاءوا المنطقة للتبشير به. (والنسطورية نسبة إلى نسطوريوس بطريرك القسطنطينية الذي قال بطبيعة واحدة للمسيح وأنكر على العذراء لقب الرب فطرده مجمع افسس).
وقد كان لنصارى البحرين مطرنة "مرجعية" في قطر و التي يطلق عليها بالآرامية "بيت قطرايا"، وتمتد نفوذ هذه المطرنة إلى ما يتجاوز قطر الحالية ويتبعها عدد من الأسقفيات تخضع كلها لرئيس أساقفة فارس, وكانت أي أزمة أو خلاف يحدث في فارس تلقي بظلالها على الأسقفيات التابعة لها وعلى بيت قطرايا "قطر".
وقد كانت أول أسقفية معتمده لدى بيت قطرايا أي "مطرنة قطر" هي أسقفية مسماهيج وكانت تعد أهم الأسقفيات النسطورية، ويظهر أنها أقدم أسقفية في المنطقة، ويديرها الاسقف "باتاي".
ويبدو من محاضر الجلسات لدى المطرنة في قطر وأسقفية سماهيج أنه حدث خلاف بين المطرنة "المرجعية" والأسقفيات في المنطقة، وعلى أثر ذلك الخلاف تم توبيخ الأسقف "باتاي" وخلعه من منصبه بإجماع المجمع الكنيسي عام 410 م (أي قبل الإسلام بمئتي سنة) وعين بدلاً منه الأسقف "إيليا". وقد كان لذلك الخلاف أثره أيضا على الرهبان التابعين لأسقفية سماهيج الذين كانوا دائما يشتكون من سوء معاملة الأسقف "إيليا" لهم، فتمرد بعض الرهبان على الاسقفية، ومنهم راهب آثر إعتزال المجموعة وقتها لمكان نائي عن السكن وبنى له ديراً خاصاً به للتعبد فيه، ولما كان هو الوحيد في تلك المنطقة فقد أصبح معلما فيها وأطلق على المنطقة اسم دير الراهب (أي الراهب الذي اعتزل الأسقفية في سماهيج) وكان ذلك عام 410م والذي أصبح في الوقت الحاضر "مسجد الراهب" بقرية "الدير".
اشتهرت سماهيج بمزارعها وبساتينها والتي بلغ عددها إلى زمن قريب 30 بستانا، وبلغ عدد عيون المياه العذبة فيها 51 الا انها قد اندثرت بسبب الردم وتزايد الاستهلاك وحفر الابار الارتوازية، اما الكواكب "جواجب" بالعامية وهي ينابيع المياه العذبة التي تخرج من بين الشعاب الصخرية في البحر فقد كانت منتشرة على ساحل هذه القرية و قدرت بستة عشر كوكبا وقد إندثروا واحد تلو الآخر وإختفى أثرهم ولم يصمد آخرها حتى العام 1990م.
فسماهيج الآن يحدها في الشمال الغربي قرية الدير ومن الجنوب قرية قلالي ومن الغرب مطار البحرين الدولي, وكان لسماهيج في الشمال الشرقي طبيعة جغرافية ساحرة وواجهه رائعة وفي منتهى الجمال بلونها الأخضر الذي كان يميزها بكثرة البساتين والعيون والينابيع العذبة, وذلك المنظر المهيب يكاد لايخلوا من البحارة وهواة الصيد من الصباح والمساء على سواحلها. وكانت تتمتع الواجهه الشرقية بمعالم حضارية ورموز بحرية قديمة اعتاد عليها البحارة منذ العصور المتأخرة وورثها الأجيال, وتعد هذه المعالم الحضارية بالنسبة للأهالي مصدر حياة وكفاح لما فيها من مصائد الأسماك والمحميات الطبيعية الا أن لمشروع جزر أمواج الذي يحدها الآن من الشرق آثاره الضارة والسلبية على المنطقة فقد حجمت سماهيج وأصبحت أسيرت الجزر الصناعية ولم تعد سواحلها كما السابق مما ادى إلى هجرة الأسماك والحيوانات البحرية إلى العمق, علاوة على تغير الصورة بالكامل لذلك المشهد الطبيعي البحري الجميل المليء بالمساكر والحظور والمصائد البحرية.
حيث غدت سماهيج اليوم قرية صغيرة في جزيرة المحرق وتتمثل في الفرجان أو الأحياء التالية:
1 - فريج الوسطي
2 - فريج الجنمة
3 - فريج الحياك
4 - فريج البر
5 - فريج الدفنة
6 - فريج الدختر
7 - فريج الشرقي "الكوفة"
8 - فريج الخرافيش
9 - حي السيدة زينب بسماهيج(ع)وهو أحدثها