أبو عبدالله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري الربابي التميمي (97 هـ-161 هـ) من بني ثور من الرباب من بني تميم هو أحد أئمة الإسلام يقول عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء «هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه أبو عبد الله الثوري الكوفي المجتهد مصنف كتاب الجامع. قال شعبة وابن عيينة وأبو عاصم ويحيى بن معين وغيرهم: سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث. وقال علي بن الحسن بن شقيق عن عبد الله قال: ما أعلم على الأرض أعلم من سفيان. وقال بشر الحافي: كان الثوري عندنا إمام الناس. وعنه قال: سفيان في زمانه كأبي بكر وعمر في زمانهما».
فهرس
|
هو سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن ثور بن عبد مناة أبو عبد الله الثورى الكوفى.
ولد سنة سبع وتسعين بالكوفة في خلافة سليمان بن عبد الملك.
يقال ان عدد شيوخه ستمائة شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبو هريرة وجرير بن عبد الله وابن عباس وأمثالهم وقد قرأ الختمة عرضا على حمزة الزيات أربع مرات وأما الرواة عنه فخلق فذكر ابن الجوزى أنهم أكثر من عشرون ألفا.
بكر في طلب العلم حتى رآه أبو اسحق السبيعى مقبلا وقال:" وآتيناه الحكم صبيا" قال أبو المثنى: سمعتهم بمرو يقولون قد جاء الثورى قد جاء الثورى وخرجت أنظر اليه فاذا هو غلام قد بقل وجهه(خرج شعره) قال عبد الرازق وغيره عن سفيان قال: ما استودعت قلبى شيئا قط فخاننى.
قال رحمه الله: ليس الزهد بأإكل الغليظ ولبس الخشن ولكنه قصر الأمل وارتقاب الموتقال شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم قيل للفضيل ابن عياض في بعض ما كان يذهب اليه من الورع: من امامك في هذا؟ قال: سفيان الثورى. وعن قطيبه بن سعيد قال: لولا سفيان لمات الورع.
قال : ما بلغنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط الا عملت به ولو مرة؛ قال عطاء الخفاف: ما لقيت سفيان الثورى الا باكيا فقلت: ما شأنك؟ قال: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا قال ابن وهب: رأيت الثورى في المسجد الحرام بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع رأسه حتى نودى لصلاة العشاء. قال على ابن فضيل: رأيت سفيان الثورى ساجدا حول البيت فطفت سبعة أسابيع قبل أن يرفع رأسه. قال يحى القطان: ما رأيت رجلا أفضل من سفيان لولا الحديث كان يصلى ما بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فاذا سمع مذاكرة الحديث ترك الصلاة وجاء.
قال شعبة ابن عيينة وأبوعاصم ويحى بن معين وغيرهم: سفيان الثورى أمير المؤمنين في الحديث قال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان قال ابن عيينه: ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثورى.
قال شعيب بن حرب: قلت لسفيان الثورى حدث بحديث في السنة ينفعنى الله به فاذا وقفت بين يديه وسألنى عنه قلت يارب حدثنى بهذا سفيان فأنجو أنا وتؤخذ فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدى واليه يعود ومن قال غير هذا فهو كافروالايمان قول وعمل ونية ويزيد وينقص وتقدمه الشيخين إلى أن قال يا شعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى المسح على الخفين وحتى ترى أن اخفاء بسم الله الرحمن الرحيم أفضل من الجهر بها وحتى تؤمن بالقدر وحتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر والجهاد ماض إلى يوم القيامة والصبر تحت لواء السلطان جار أو عدل فقلت: يا أبا عبد الله الصلاة كلها قال لا ولكن صلاة الجمعة والعيدين صلى خلف من أدركت وأما سائر ذلك فأنت مخير لا تصل الا خلف من تثق به وتعلم أنه من أهل السنة فاذا وقفت بين يدى الله فقل يارب حدثنى بهذا سفيان بن سعيد ثم خل بينى وبين ربى عز وجل.
ومن أقواله أيضا:
عن عطاء بن مسلم قال: لما استخلف المهدى بعث إلى سفيان فلما دخل خلع خاتمه ورمى به اليه فقال: يا أبا عبد الله هذا خاتمى فاعمل في هذه الأمة بالكتاب والسنة فأخذ الخاتم بيده وقال: تأذن في الكلام يا أمير المؤمنين؟ وقال عبيد: قلت لعطاء: يا أبا مخلد، قال له يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم قال: أتكلم على انى آمن؟ قال: نعم قال: لا تبعث إلى حتى آتيك ولا تعطنى شيئا حتى أسألك قال: فغضب من ذلك وهم به فقال له كاتبه أليس قد أمنته يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى فلما خرج حف به أصحابه فقالوا ما منعك يا أبا عبد الله وقد أمرك أن تعمل بالكتاب والسنة؟ فاستصغر عقولهم ثم خرج هاربا إلى البصرة. قال ابن سعد: وطلب سفيان فخرج إلى مكة فكتب المهدى أمير المؤمنين إلى محمد بن إبراهيم وهو على مكة يطلبه فبعث محمد إلى سفيان فاعلمه ذلك وقال: ان كنت تريد اتيان القوم فاظهر حتى أبعث بك اليهم وان كنت لا تريد ذلك فتوار، قال: فتوارى سفيان فطلبه محمد بن إبراهيم وأمر مناديا فنادى بمكة: من جاء بسفيان فله كذا وكذا فلم يزل متواريا بمكة لايظهر الا لأهل العلم ومن لا يخافه قالوا: فلما خاف سفيان بمكة من الطلب خرج إلى البصرة فقدمها فنزل قرب منزل يحي بن سعيد القطان فقال لبعض أهل الدار أما قربك أحد من أصحاب الحديث؟ قالوا: بلى يحي بن سعيد قال: جئنى به فأتاه به فقال: أنا هنا منذ ستة أيام أو سبعة فحوله يحي إلى جواره وفتح بينه وبينه بابا وكان يأتيه بمحدثى أهل البصرة فيسلمون عليه ويسمعون منه وكان فيمن أتاه جرير بن حازم والمبارك بن فضالة وحماد بن سلمة ومرحوم العطار وحماد بن زيد وغيرهموأتاه عبد الرحمن بن مهدى ولازمه فكان يحي وعبد الرحمن يكتبون عنه تلك الأيام. ولما تخوف سفيان أن يشهر مقامه بالبصرة قرب يحي بن سعيد قال له: حولنى من هذا الموضع فحوله إلى منزل الهيثم بن منصور الأعرجى من بنى سعيد بن زيد مناة بنى تميم فلم يزل فيه فكلمه حماد بن زيد في تنحيه عن السلطان وقال: هذا فعل أهل البدع وما تخاف منهم فأجمع سفيان وحماد على أن يقدما بغداد.
قال ابن المدينى: أقام سفيان في اختفاؤه نحو سنة وقال ابن المهدى: مرض سفيان بالبطن فتوضأ تلك الليلة ستين مرة حتى اذا عاين الأمر نزل عن فراشه فوضع خده بالأرض وقال: يا عبد الرحمن ما أشد الموت ولما غمضته وجاء الناس في جوف الليل وعلموا وقيل: اخرج بجنازته على أهل البصرة بغتة فشهده الخلق وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر الكوفى بوصية من سفيان لصلاحه وكان موته في شعبان سنة احدى وستين ومائة.