زنا المحارم هو أى علاقة جنسية كاملة بين شخصين تربطهما قرابة تمنع العلاقة الجنسية بينهما طبقا لمعايير ثقافية أو دينية ، وعلى هذا تعتبر العلاقة بين زوج الأم وابنة زوجته علاقة محرمة على الرغم من عدم وجود رابطة دم بينهما, وفى الإسلام تحدد ذوى المحارم في آيات واضحات في القرآن الكريم
أنماط زنا المحارم
وأكثر الأنماط شيوعا هو علاقة الأب بابنته حيث تشكل 75% من الحالات التى تم الإبلاغ عنها و من الانماط الأخري
- النمط المرتبط بالظروف: وهو يحدث بين أخ وأخت ينامان في سرير واحد أو في غرفة واحدة فيقتربان جسديا أكثر من اللازم، وخاصة في مرحلة ما قبل البلوغ والبلوغ. ولهذا جاءت النصيحة النبوية الكريمة بالتفريق بين الأبناء والبنات في المضاجع
- النمط المصحوب باضطراب مرضى شديد: كأن يكون أحد الطرفين سيكوباتيا أو يتعاطى الكحوليات أو مصابا بالفصام أو أي اضطرابات ذهانية أخرى.
- النمط الناتج عن تعشق الأطفال أو الغلمان.(Pedophilia)
- النمط الناتج عن نموذج أبوي مضطرب حيث يشاهد الولد أباه يفعل ذلك أو يعرف أنه يفعله فيتقمصه أو يقلده.
- النمط الناتج عن اضطراب العلاقة الزوجية حيث ترفض الزوجة العلاقة الجنسية فيبحث عنها الزوج في غير محلها (لدى أحد المحارم)
- النمط الناتج عن الاضطراب المرضى الشديد في العلاقات الأسرية بحيث تصبح هذه العلاقات ممزقة بما لا يعطى الإحساس بأي حرمة في أي علاقة
وقد وجد أن ثلث من وقع عليهم اعتداءات جنسية كانوا تحت سن التاسعة من عمرهم ، وأن أكثر الحالات قد تم رصدها كانت في الأماكن الأكثر ازدحاما والأكثر فقرا والأدنى في المستويات الإجتماعية ، وهذه الزيادة ربما تكون حقيقية بسبب التلاصق الجسدى في هذه البيئات المزدحمة أو تكون بسبب وجود هذه الفئات تحت مجهر الهيئات الإجتماعية والبحثية أكثر من البيئات الأغنى أو الطبقات الإجتماعية الأعلى والتى يمكن أن يحدث فيها زنا محارم في صمت وبعيدا عن رصد الجهات القانونية والبحثية
المهم أن هناك عوامل اجتماعية وعوامل نفسية وعوامل بيولوجية تلعب دورا في كسر حاجز التحريم الجنسى فينفلت هذا النشاط ويتجه اتجاهات غير مقبولة دينيا أو ثقافيا . فزنا المحارم يرتبط بشكل واضح بإدمان الكحول والمخدرات ، والتكدس السكانى, والأسر المعزولة عن المجتمع ( أو ذات العلاقات الداخلية بشكل واضح ), والأشخاص المضطربين نفسيا أو المتخلفين عقليا .
والمبادرة غالبا ما تأتى من ذكور أكبر سنا تجاه أطفال ( ذكور أو إناث ) ومن هنا يحدث تداخل بين زنا المحارم وبين الإغتصاب ( المواقعة الجنسية ضد رغبة الضحية ), وإن كان هذا لا يمنع من وجود إغواء من الإناث أو الأطفال أحيانا
ويمكن رصد ثلاث أنماط أساسية في حالات زنا المحارم بناءا على المشاعر الناتجة عن هذا السلوك كما يلى:
- النمط الغاضب : حيث تكون هناك مشاعر غضب من الضحية تجاه الجانى ، وهذا يحدث حين تكون الضحية قد أجبرت تماما على هذا الفعل دون أن يكون لديها أى قدرة على الإختيار أو المقاومة أو الرفض ، ومن هنا تحمل الضحية مشاعر الغضب والرغبة في الإنتقام من الجانى . وربما يعمم الغضب تجاه كل أفراد جنس الجانى ، ولذلك تفشل في علاقتها بزوجها وتنفر من العلاقة الجنسية ومن كل ما يحيط بها ، وتصاب بحالة من البرود الجنسى ربما تحاول تجاوزها أو الخروج منها بالإنغماس في علاقات جنسية متعددة ، أو أنها تتعلم أن السيطرة على الرجال تتم من خلال هذا الأمر فتصبح العلاقة الجنسية برجل نوع من سلبه قوته وقدرته ، بل والسيطرة عليه وسلب أمواله . وقد تبين من الدراسات أن 37% من البغايا كنّ فريسة لزنا المحارم ، وهذا يوضح العلاقة بين هذا وذاك
- النمط الحزين : وفى هذه الحالة نجد أن الضحية تشعر بأنها مسئولة عما حدث ، إما بتهيئتها له أو عدم رفضها ، أو عدم إبداء المقاومة المطلوبة ، أو أنها حاولت الإستفادة من هذا الوضع بالحصول على الهدايا والأموال أو بأن تتبوأ مكانة خاصة في الأسرة باستحواذها على الأب أو الأخ الأكبر ، وهنا تشعر بالذنب ويتوجه عدوانها نحو ذاتها ، وربما تقوم بمحاولات لإيذاء الذات كأن تحدث جروحا أو خدوشا في أماكن مختلفة من جسدها ، أو تحاول الإنتحار من وقت لآخر أو تتمنى الموت على الأقل ، وتكون لديها كراهية شديدة لنفسها .
- النمط المختلط : وفيه تختلط مشاعر الحزن بالغضب
حجم الظاهرة
وقد تبين هذا بشكل أكثر دقة في البحث الذى أجراه معهد Unicri ، ومقره في روما عن ضحايا الجريمة وشمل 36 دولة منها مصر والذى نشر ملخص له في التقرير الدولى الذى أصدره المعهد عام 1991 ، حيث تم إجراء مقابلات مع إناث تمثل كل منهن أسرة ، تبين من الإجابات أن 10% من العينة الكلية تعرضن لزنا المحارم ( أحمد المجدوب 2003 ، زنا المحارم ، مكتبة مدبولى ، ص 169, 170 ) .وإن كان هذا يستحق بحثا علميا مدققا . وربما يقول قائل بأن النسبة ربما تزيد عن ذلك حيث أن كثير من الحالات تتردد في الإفصاح عما حدث ، وهذا صحيح ، ولذلك يستلزم الأمر الحذر حين نتحدث عن نسب وأرقام تخص مسألة مثل زنا المحارم في مجتمعاتنا على وجه الخصوص ، ومع هذا تبقى النسب التقديرية مفيدة لتقريب حجم الظاهرة من أذهاننا بشكل نسبى يجعلنا نتعامل معها بما تستحقه من اهتمام
العوامل المساعدة:
- عوامل أخلاقية : ضعف النظام الأخلاقى داخل الأسرة ، أو بلغة علم النفس ضعف الأنا الأعلى ( الضمير ) لدى بعض أفراد الأسرة أو كلهم . وفى هذه الأسرة نجد بعض الظواهر ومنها اعتياد أفرادها خاصة النساء والفتيات على ارتداء ملابس كاشفة أو خليعة أمام بقية أفراد الأسرة ، إضافة إلى اعتيادهم التفاعل الجسدى في معاملاتهم اليومية بشكل زائد عن المعتاد ، مع غياب الحدود والحواجز بين الجنسين ، وغياب الخصوصيات واقتحام الغرف المغلقة بلا استئذان . وفى هذه الأسر نجد أن هناك ضعفا في السلطة الوالدية لدى الأب أو الأم أو كليهما ، وهذا يؤدى إلى انهيار سلطة الضبط والربط وانهيار القانون الأسرى بشكل عام .
- عوامل اقتصادية : مثل الفقر وتكدس الأسرة في غرفة واحدة أو في مساحة ضيقة مما يجعل العلاقات الجنسية بين الوالدين تتم على مسمع وأحيانا على مرأى من الأبناء والبنات ، إضافة إلى مايشيعه الفقر من حرمان من الكثير من الإحتياجات الأساسية والتى ربما يتم تعويضها جنسيا داخل إطار الأسرة . ويصاحب الفقر حالة من البطالة وتأخر سن الزواج ، والشعور بالتعاسة والشقاء مما يجعل التمسك بالقوانين الأخلاقية في أضعف الحالات . وإذا عرفنا – من خلال تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء – أن 30% من الأسر في مصر تقيم في غرفة واحدة بمتوسط عدد أفراد سبعة ، فإن لنا أن نتصور ما يمكن أن يحدث بين هؤلاء الأفراد والذين يوجد فيهم الذكور كما توجد الإناث
- عوامل نفسية : كأن يكون أحد أفراد الأسرة يعانى من مرض نفسى مثل الفصام أو الهوس أو اضطراب الشخصية ، أو التخلف العقلى ، أو إصابة عضوية بالمخ .
- الإعلام : وما يبثه ليل نهار من مواد تشعل الإثارة الجنسية في مجتمع يعانى من الحرمان على مستويات متعددة
5-الإدمان : يعد تعاطى الكحوليات والمخدرات من أقوى العوامل المؤدية إلى زنا المحارم حيث تؤدى هذه المواد إلى حالة من اضطراب الوعى واضطراب الميزان القيمى والأخلاقى لدرجة يسهل معها انتهاك كل الحرمات
الآثار النفسية والإجتماعية
- حاول باحثان هما آدم ونيل (1967) أن يدرسا هذا الأمر من الناحية البيولوجية البحتة فقاما بتتبع حالة18 طفلا كانوا ثمرة زواج محارم (أو بالأصح زنا محارم) فوجدا أن خمسة منهم قد ماتوا، وخمسة آخرين يعانون من تخلف عقلي وواحد مصاب بانشقاق في الشفة وسقف الحلق، وهى نسبة مفزعة خاصة إذا عرفنا أن العيوب الخلقية في عامة الأسوياء حوالي2%وأغلبها تكون عيوب غير ملحوظة.
لذلك خلص هذان الباحثان إلى أن زنا المحارم لو انتشر فإنه يمكن أن يؤدى إلى انتهاء الوجود البشرى من أساسه، وربما يكون هذا جزء من الحكمة من التحريم الديني والتجريم القانوني والوصم الاجتماعي.
- تداخل الإدوار واضطرابها كما ذكرنا آنفا مع ما ينتج عن ذلك من مشاعر سلبية مدمرة لكل العلاقات الأسرية كالغيرة والصراع والكراهية والإحتقار والغضب . . ولنا أن نتخيل فتاة صغيرة تتوقع الحب البرئ والمداعبة الرقيقة الصافية من الأب أو الأخ الأكبر أو العم أو الخال أو غيرهم ، فحين تحدث الممارسات الجنسية فإنها تواجه أمرا غير مألوف يصيبها بالخوف والشك والحيرة والإرتباك ، ويهز في نفسها الثوابت ، ويجعلها تنظر إلى نفسها وإلى غيرها نظرة شك وكراهية ، ويساورها نحو الجانى مشاعر متناقضة تجعلها تتمزق من داخلها ، فهى من ناحية تحبه كأب أو أخ أو خال أو عم ، وهذا حب فطرى نشأت عليه ، ومن ناحية أخرى تكتشف إن آجلا أو عاجلا أنه يفعل شيئا غريبا أو مخجلا أو مشينا خاصة إذا طلب منها عدم الإفصاح عما حدث أو هددها بالضرب أو القتل إن هى تكلمت . وهذه المشاعر كثيرا ما تتطور إلى حالة من الكآبة والعزلة والعدوان تجاه الذات وتجاه الآخر ( الجانى وغيره من الرجال ) ، وربما تحاول الضحية أن تخفف من إحساسها بالخجل والعار باستخدام المخدرات أو الإنغماس في ممارسات جنسية مشاعية مبالغة في الإنتقام من نفسها ومن الجانى ( وذلك بتلويث سمعته خاصة إذا كان أبا أو أخا أكبر ) .
- اهتزاز الثوابت : بمعنى اهتزاز معانى الأبوة والأمومة والبنوة والأخوة والعمومة والخؤلة ، تلك المعانى التى تشكل الوعى الإنسانى السليم وتشكل الوجدان الصحيح
- صعوبة إقامة علاقات عاطفية أو جنسية سوية حيث تظل ذكرى العلاقة غير السوية وامتداداتها مؤثرة على إدراك المثيرات العاطفية والجنسية ، بمعنى أنه يكون لدى الضحية ( بالذات ) مشاعر سلبية ( في الأغلب ) أو متناقضة ( في بعض الأحيان ) تجاه الموضوعات العاطفية والجنسية ، وهذا يجعل أمر إقامة علاقة بآخر خارج دائرة التحريم أمرا محوطا بالشكوك والصعوبات . أو يظل طرفا العلاقة المحرمة أسرى لتلك العلاقة فلا يفكرا أصلا في علاقات صحية بديلة .
- اضطراب التكيف: حيث تضطرب صورة العلاقة بين الشخصين وتتشوه فتبتعد عن تلك العلاقة بين الأخ وأخته أو بين الأب وابنته وتستبدل بعلاقات يشوبها التناقض والتقلب وتترك في النفس جروحا عميقة. إضافة إلى ذلك فإن كلا الطرفين المتورطين يجدان صعوبة في إقامة علاقات زوجية طبيعية مع غيرهما نظرا لتشوه نماذج العلاقات. ولا يقتصر اضطراب التكيف على العلاقات العاطفية أو الجنسية فقط وإنما يحدث اضطراب يشمل الكثير من جوانب الحياة للطرفين.
- الشعور بالذنب وبالعار والخجل مما يمكن أن يؤدى إلى حالات من الاكتئاب الشديد الذي ربما يكون من مضاعفاته محاولة الانتحار.
- فقد البكارة أو حدوث حمل مما ينتج عنه مشكلات أخلاقية أو اجتماعية أو قانونية خطيرة.
- كثيرا ما يتورط أحد الطرفين أو كليهما بعد ذلك في ممارسة الجنس بشكل مشاعي فتتجه الفتاة التي انتهكت حرمتها مثلا إلى ممارسة البغاء.
الوقاية
إذا كانت الوقاية مهمة في كل المشكلات والأمراض فإنها هنا تحظى بأهمية استثنائية ، حيث أن وقوع زنا المحارم سوف يترك آثارا ربما يصعب تماما معالجتها ، لذلك يصبح من الضرورى بمكان وضع الوسائل الوقائية التالية في الإعتبار :
- الإهتمام بالمجموعات الهشة : مثل الأماكن المزدحمة والفقيرة والمحرومة ، خاصة في حالة وجود تكدس سكانى ، أو أشخاص مضطربين نفسيا أو مدمنى خمر أو مخدرات . والإهتمام هنا يعنى اكتشاف عوامل الخطورة والعمل على معالجتها بشكل فعّال .
- إشباع الإحتياجات : خاصة الإحتياجات الأساسية من مسكن ومأكل وملبس واحتياجات جنسية مشروعة ، حيث أن المحرومون من إشباع احتياجاتهم( خاصة الجنسية ) يشكلون مصادر خطر في الأسرة والمجتمع ، وهذا يجعلنا نأخذ خطوات جادة لتشجيع الزواج على كل المستويات بحيث نقلل – قدر الإمكان – عدد الرجال والنساء الذين يعيشون تحت ضغط الحرمان لسنوات طويلة كما هو الحال الآن . وطبقا للبيان الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن حوالى تسعة ملايين مواطن تجاوزوا الخامسة والثلاثين دون أن يتزوجوا منهم حوالى ثلاثة ملايين ونصف المليون أنثى والباقى ذكور ، فلنا أن نتصور مايمكن أن يحدث نتيجة لهذا الوضع غير الطبيعى حيث أنهم قضوا نيفا وعشرين عاما منذ أن دخلوا مرحلة البلوغ التى يبدأ فيها إحساس الإنسان بحاجة جديدة هى الجنس دون أن تتاح لهم الفرصة للحصول على الإشباع المشروع أى عن طريق الزواج. والمشكلة تتضاعف إذا عرفنا أن في مصر خمسة ملايين شخص يعانون من البطالة ، وهؤلاء العاطلون المحرومون من الزواج يتعرضون ليل نهار لمثيرات جنسية عنيفة في البيت والشارع ووسائل الإعلام ، وهم في نفس الوقت يفتقدون الحاجز الأخلاقى الذى يمنعهم من تجاوز الحدود الدينية والأخلاقية .
- مراعاة الآداب العامة داخل الأسرة : مثل الإستئذان قبل الدخول ، ومراعاة الخصوصيات في الغرف المغلقة ، والتفرقة بين الأولاد والبنات في النوم ، وعدم ظهور الأم أو البنات بملابس كاشفة أو خليعة تظهر مفاتن الجسد أمام المحارم ، والتزام قدر معقول من التعامل المحترم بعيدا عن الإبتذال والتساهل . كما يجب تجنب المداعبات الجسدية بين الذكور والإناث في الأسرة ، وعدم نوم الأبناء أو البنات في أحضان أمهاتم أو ابائهن خاصة بعد البلوغ .
- تقليل عوامل الإثارة : من تبرج في البيوت أو الشوارع ، ومن مواد إعلامية على الفضائيات أو قنوات أو مواقع إباحية تثير الغرائز وتخفض حاجز الحياء وتغتال حدود التحريم .
العلاج
الإفصاح : إن أول وأهم خطوة في علاج زنا المحارم هى تشجيع الضحية على الإفصاح وذلك من خلال علاقة علاجية مطمئنة ومدعمة من طبيب نفسى أو أخصائى نفسى أو اجتماعى . وقد وجد أن الإفصاح عن تلك تالعلاقة يؤدى في أغلب الحالات إلى توقفها تماما لأن الشخص المعتدى يرتدع خوفا من الفضيحة أو العقاب ، إضافة إلى ما يتيحه الإفصاح من إجراءات حماية للضحية على مستويات أسرية ومهنية وقانونية . وعلى الرغم من أهمية الإفصاح إلا أن هناك صعوبات تحول دون حدوثه أو تؤخره ومنها الخوف من العقاب أو الفضيحة ، أو الإنكار على مستوى أفراد الأسرة ، ولذلك يجب على المعالج أن يفتح الطريق وأن يساعد على هذه الخطوة دون أن يوحى للضحية بأشياء من تخيلاته أو توقعاته الشخصية ، وربما يستدعى الأمر ( بل غالبا ما يستدعى ) تقديم اسئلة مباشرة ومتدرجة تكشف مدى العلاقة بين الضحية والمعتدى في حالة وجود شبهات أو قرائن على ذلك . وتتفاقم المشاكل النفسية التى تصيب الضحية بسبب عدم قدرتها على البوح بهذا الأمر ، فتكتم كل الأفكار والمشاعر بداخلها وتنكمش على نفسها ، ومن هنا يكون العلاج بإعطاء الفرصة لها للحديث عن كل ما بداخلها مع تدعيمها ومساندتها وطمأنتها أثناء استعادة تلك الخبرات الصادمة ثم محاولة إعادة البناء النفسى من جديد بعد تجاوز هذه الأزمة . الحماية للضحية : بمجرد إفصاح الضحية بموضوع زنا المحارم أو انتهاك العرض يصبح على المعالج تهيئة جو آمن لها لحمايتها من تكرار الإعتداءات الجنسية أو الجسدية أو النفسية ، ويمكن أن يتم هذا بالتعاون مع بعض أفراد الأسرة الأسوياء ، وإن لم يكن هذا متاحا فيكون من خلال الجهات الحكومية المتاحة . وقد يستدعى الأمر عزل الضحية في مكان آمن ( دار رعاية أو مؤسسة صحية أو اجتماعية ) لحين بحث أحوال الأسرة ومعالجة ما بها من خلل ومراجعة قدرة الوالدين على حماية أبنائهما ، وفى حالة استحالة تحقيق هذه الأهداف يحتاج الضحية لتهيئة مكان إقامة آمن لدى أحد الأقارب أو لدى أى مؤسسة حكومية أوخيرية . وفى حالات أخرى يعزل الجانى بعيدا عن الأسرة خاصة عند الخوف من تكرار اعتداءاته على أفراد آخرين داخل الأسرة ، أو إذا كان مصابا بمرض يستدعى العلاج . وبعد الإطمئنان على سلامة وأمن الضحية علينا بذل الجهد في محاولة معرفة ما إذا كان بعض أفراد الأسرة الآخرين قد تعرضوا لأى تحرشات أو ممارسات جنسية . العلاج النفسى الفردى : ويقدم للضحية لمداواة المشاكل والجراح التى لحقت بها من جراء الإعتداءات الجنسية التى حدثت . ويبدأ العلاج بالتنفيس ثم الإستبصار ثم القرار بالتغيير ثم التنفيذ ، وكل هذا يحدث في وجود دعم من المعالج وفى وجود علاقة صحية تعيد فيها الضحية رؤيتها لنفسها ثم للآخرين ( خاصة الكبار ) من منظور أكثر صحة تعدل من خلاله رؤيتها المشوهة التى تشكلت إبان علاقتها بالمعتدى . والمعالج يحتاج لأن يساعد الضحية في التعبير عن مشاعرها السلبية مثل الغضب وكراهية الذات والإكتئاب والشعور بالذنب وغيرها من المشاعر المتراكمة كخطوة للتخلص منها أو إعادة النظر فيها برؤية أكثر إيجابية . وكثير من الضحايا يصبحن غير قادرين على إقامة علاقات عاطفية أو جنسية سوية فيما بعد نظرا لإحاطة تلك الموضوعات بذكريات أليمة أو مشاعر متناقضة أو محرمة فيصلون في النهاية إلى حالة من كراهية العلاقات الجنسية مما يؤدى إلى فشلهن المتكرر في الزواج ، وهذا كله يحتاج للمناقشة والتعامل معه أثناء الجلسات العلاجية . وربما يحتاج المعتدى أيضا إلى مثل هذا العلاج خاصة إذا كان لديه اضطراب نفسى أو اضطراب في الشخصية أو احتياجات غير مشبعة أو كان ضحية للإغواء من جانب الضحية الوالدين : يتم تقييم حالة الوالدين نفسيا واجتماعيا بواسطة فريق متخصص وذلك للوقوف على مدى قدرتهم على القيام بمهامهم الوالدية ، وفى حالة وجود خلل في هذا الأمر يتم إخضاعهم لبرنامج تأهيلى حتى يكونوا قادرين على القيام بواجباتهم نحو أطفالهم ، وفى حالة تعذر الوصول إلى هذا الهدف يقوم طرف ثالث بدور الرعاية للأطفال حتى لا يكونوا ضحايا لاضطرابات والديهم . العلاج الأسرى : بما أن زنا المحارم يؤدى إلى اضطراب الأدوار والعلاقات داخل الأسرة لذلك يستوجب الأمر إعادة جو الأمان والطمأنينة وإعادة ترسيم الحدود وترتيب الأدوار والعلاقات مع مداواة الجراح التى نشأت جراء تلك العلاقة المحرمة ، وهذا يستدعى جلسات علاج عائلى متكررة يساعد فيها المعالج أفراد الأسرة على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وصراعاتهم وصعوباتهم ، ثم يساعدهم على محاولة إعادة التكيف مرة أخرى على مستويات أفضل . وربما يحتاج المعالج لأن يقوم بدور الأنا الأعلى (الضمير ) لهذه الأسرة خاصة إذا كانت القيم مهتزة أو غامضة أو ضعيفة لدى هذه الأسرة ، ويستمر هذا الدور إلى أن ينمو الجهاز القيمى داخل الأسرة من خلال توحدهم مع المعالج وقيمه ، ويكون المعالج هنا رمزا للأبوة الصالحة أو الأمومة الرشيدة إلى أن يتعافى أحد أفراد الأسرة ويأخذ هذا الدور من المعالج ليحمى بقية الأسرة من السقوط .
العلاج الدوائى : ويقدم للحالات المصابة باضطرابات نفسية كالقلق أو الإكتئاب أو الإدمان أو الفصام أو الهوس . وهذا العلاج يمكن أن يوجه نحو الضحية أو نحو المعتدى حسب حاجة كل منهما . النظر في احتياجات أفراد الأسرة وكيفية إشباعها بطرق صحيحة : فوجود أفراد في الأسرة يعانون من حرمان جنسى لفترات طويلة وليست لديهم علاقات أو نشاطات كافية تستوعب طاقتهم يعتبر عامل خطورة يمكن أن يؤدى إلى مشكلات جنسية داخل الأسرة ، ومن هنا يأتى التشجيع على الزواج لأفراد الأسرة غير المتزوجين ، أو إصلاح العلاقة بين الزوجين المبتعدين عن بعضهما لسنوات ( حيث لوحظ زيادة احتامالات تورط الزوج المحروم جنسيا من زوجته في علاقات زنا المحارم ) ، أو فتح آفاق لعلاقات اجتماعية ناجحة وممتدة خارج نطاق الأسرة ، أو توجيه الطاقة نحو نجاحات عملية أو هوايات مشبعة.
المراجع
[1] [2]