منذ زمن بعيد وهناك جهود واهتمامات وتجارب عربية وإسلامية في مجال الفضاء، لعلّ أقدمها محاولات عباس بن فرناس. إلا أن رحلة الأمير سلطان بن سلمان آل سعود تعتبر، بكل ما فيها من أبعاد خاصة، أول رحلة فضائية يقوم بها رائد مسلم عربي.
في عام 1985 قامت المنظمة العربية للاتصالات الفضائية بترشيح الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز. وهو طيار مدني أصلاً وله خبرة في قيادة بعض الطائرات (1,000 ساعة طيران) ويحمل رخصة طيران تجاري. ويبلغ من العمر وقتها 28 عامًا، وهو من مواليد مدينة الرياض ، وحاصل على البكالوريوس في الآداب ـ في وسائل الإعلام من جامعة دنفر بولاية كولورادو الأمريكية.
وقد خضع الأمير سلطان بن سلمان آل سعود قبل رحلته لمراحل تدريبية عالية المستوى منها: كيفية نشر القمر الصناعي العربي على بعد 320كم من سطح الأرض، وكذلك كيفية التصوير باستخدام آلة تصوير من طراز (هاسلبلاد - 500) لالتقاط صور التضاريس الجيولوجية لشبه الجزيرة العربية.
وفي يوم 29 رمضان 1405هـ الموافق 17 يونيو 1985م جاءت الوفود من جميع أنحاء المعمورة لتأخذ أماكنها المخصصة في المدرجات المطلة على المنصة الحاملة للمكوك الفضائي ديسكفري ، وتمت الانطلاقة التاريخية في موعدها المحدد، وفي هذه اللحظات أخذ العالم ـ ولا سيما العربي والإسلامي ـ يتابع تفاصيل انطلاقة أول رائد فضاء عربي مُسلم في التاريخ، لينتقل بالعرب من مرحلة مراقبة التقدم التقني الحديث في مجال الفضاء إلى المواكبة والمشاركة في هذا المجال. وفي اليوم الأول للرحلة بدأ البث التليفزيوني لنشر الأقمار الصناعية ، وفي اليوم الثاني تم إطلاق القمر الصناعي العربي، وفي اليوم الثالث انصرف رائد الفضاء العربي الأمير سلطان وزميله الفرنسي باتريك بودري إلى إجراء مجموعة من التجارب الخاصة بتجربتهم الطبية المشتركة لرصد سلوك أعضاء الجسم البشري في حالة انعدام الوزن.
وهكذا تواصلت الرحلة الفضائية بنجاح وكانت العودة والاستقبال الشعبي الكبير في العاصمة الرياض يوم الخميس 11 يوليو عام 1985م.
والجدير بالذكر أيضًا أنه تم اختيار الرائد العربي عبدالمحسن البسام التميمي رائدًا احتياطيًا، وهو من مواليد عنيزة ويقيم حاليًا بمدينة الخبر بالمملكة العربية السعودية، ويبلغ من العمر 37 سنة وحاصل على درجة البكالوريوس في علوم الطيران من كلية الملك فيصل الجوية بالرياض، وتبلغ حصيلة البسام كطيار عربي مسلم أكثر من 2,600 ساعة طيران قضاها في قيادة الطائرات المقاتلة والنفاثة.