الرئيسيةبحث

ذوقان الهنداوي

ولد معالي الأستاذ ذوقان الهنداوي بتاريخ 23/6/1927 في منزل والده الشيخ سالم باشا الهنداوي الكائن في مضافة آل الهنداوي .

وقد درس في الكلية العربية في القدس وحصل على الثانوية الانجليزية من جامعة لندن ودرجة البكالوريوس من جامعة القاهرة في التاريخ والماجستير من جامعة ميريلاند الأمريكية في التعليم المتطور.

تولى مناصب وزارية عديدة على مدار ثلاثين عام من 1965 إلى 1995 ومنها نائب لرئيس الوزراء ووزير دولة ووزير للتربية والتعليم ورئيس الديوان الملكي الهاشمي والإعلام وسفير فوق العادة للأردن في الخارج ونائب منتخب من الشعب، كما عين عضو مجلس أعيان ونائب أول للرئيس ورئيس عدد من لجانها ومنها الخارجية والتربية عدة مرات إلى عام 2004.

من أهم وابرز مؤلفاته كتاب القضية الفلسطينية والذي تم يدرس في الصف الثالث الثانوي في الأردن إلي عام 1996 وقد كتب مذكراته والتي تحتوي، كما صرح بعض المؤرخين الذين اطلعوا على بعض أجزائها، على الكثير من المواقف التاريخية والإسرار الحساسة ولكن لم يتم نشرها لليوم لأسباب سياسية.

يحمل الهنداوي العديد من الأوسمة العالمية رفيعة المستوى من عدد كبير من الدول والمؤسسات الدولية.

توفي المرحوم ذوقان الهنداوي في 2/7/2005 ودفن في المقابر الملكية الهاشمية تكريما له قرب ضريح الملك حسين بن طلال وزملائة الامير زيد بن شاكر والشريف عبد الحميد شرف.

وهو ذوقان بن سالم بن هنداوي بن محمد بن عبد الرحمن بن حسين بن علي بن إبراهيم بن حمد بن عيسى بن صالح بن موسى بن حمد بن عبد الله بن علي بن محمد أبو الفيض بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب.


_______________________________________________________________________________________


جريدة الدستور الاردنية

التاريخ : 26/07/2007

رقم العدد :15528 اوراق اردنية * من الرعيل الاول * معالي الأستاذ ذوقان الهنداوي


إن الحديث عن ذوقان الهنداوي هو حديث عن شخصية أردنية وطنية وقومية مرموقة من الرعيل الأول ، ساهمت في بناء الدولة الأردنية ، فهناك محطات بارزة في حياة ذوقان الهنداوي فهو رمز من الرموز الوطنية ، ورجل من رجاله المخلصين ، وفارس من فرسانه الأوفياء الذين قدموا للوطن خلاصة فكرهم وجهدهم وسخي عطائهم. ونحن في الأردن أبناء مدرسة الملك عبدالله الثاني المعظم ، تعلمنا منه دروس الوفاء والتقدير والإعزاز ، لأصحاب العطاء والوفاء ، من صفوف أبناء شعبه ورجال جيشه ، وتخليداً لذكرى المرحوم معالي الأستاذ ذوقان الهنداوي ، رجل الدولة الفذ ، والسياسي المتميز ، والمفكر الذي اتخذ العلم والثقافة والمعرفة سلاحه ، نستذكره هذا اليوم.

لقد نهل ذوقان الهنداوي من ينابيع الفكر القومي ، في بواكير شبابه ، وكانت حياته ترجمة عملية لعقيدته القومية ، وللتاريخ. فهو صاحب الرأي الحر الجرئ والفكر السياسي المستنير والموقف الواضح الصريح.

ولد المرحوم ذوقان الهنداوي في منزل والده سالم باشا الهنداوي الكائن في مضافة آل الهنداوي في قرية النعيمة في عام م1927 فقد بنى جده الهنداوي مضافة آل الهنداوي ، لتشكل الأراضي الزراعية التي حولها مع مضافة أبو جابر في ذلك الوقت في منطقة الوسط الإقطاعيتين الزراعتين الأوائل في المملكة ، قرية النعيمة جغرافياً تعد حلقة الوصل مابين سلسلة جبال عجلون وسهول حوران ولذلك فقد عرف عن أهلها أنهم جمعوا بين صفات أهل الجبل من الشجاعة والجسارة والجرأة والإقدام والثبات على المبدأ وقول الحق مهما كان مع صفات أهل السهل من البساطة والطيبة والانفتاح وتقبل الرأي الآخر.

والده سالم باشا الهنداوي عرف عنه حبه لوطنه وعروبته الأصيلة ، كان أحد زعماء الشمال المعروفين ، ومن أقرانه سليمان باشا السودي ، وراشد باشا الخزاعي ، كان عضواً في المؤتمر الوطني الأول والمجلس التشريعي الأول في المملكة ، قاوم الانتداب البريطاني بشدة سجن على أثرها هو وأقرانه الزعماء ونفوا لفترة من الزمن ، بعد عودته استمر في مقارعة الانتداب وفي دعم الثورة الفلسطينية بإمدادها بالسلاح والمؤن والرجال في الأربعينيات ، بالإضافة إلى بعده القومي والوطني والعروبي فقد عرف سالم الهنداوي بتواضعه الجّم ومساعدته المتواصلة للمحتاجين فقد قام بفتح مضافة الهنداوي لكل سائل وعابر سبيل ومحتاج فكان يأوي المحتاجين ويطعمهم ويلبسهم ويقضي حوائجهم كافة قبل أن يتركهم يعودوا إلى مقاصدهم. في هذه البيئة بحب الوطن والأمة والمشبعة بالخير وحب الناس ، ولد ذوقان الهنداوي ، أكمل سنواته الابتدائي الثلاث الأولى في مدارس النعيمة ، انتقل بعدها إلى مدينة اربد لينهي دراسته حتى الصف الثامن ، وتحدث معالي الدكتور أحمد الهنداوي قائلاً وكان يروي لنا المرحوم كيف أنه كان يمشي يومياً بالسير على أقدامه مسافة عشرين كيلومتر ما بين النعيمة واربد صباح مساءاً يحمل معه كتبه وغموسه ، كان يستغل فترة السير ليذاكر دروسه التي لا تحتاج إلى كتابة مثل اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والدين ، ويؤجل الدروس التي تحتاج إلى حل ليدرسها على ضوء القناديل في المساء في المضافة ، وبعد أن أنهى الصف الثامن كان في المملكة في ذلك الوقت تختار اثنين من أوائل لكل منطقة في المملكة لابتعاثهم إلى الكلية العربية في القدس.

فكانت تختار اثنين من اربد واثنين من عمان واثنين من السلط واثنين من الكرك ليتم امتحانهم شفهياً وتحريرياً ومقابلتهم لابتعاثهم فقد ذكر ذوقان الهنداوي عن تلك الفترة قصة أن وزير المعارف في تلك الفترة هو المرحوم سمير الرفاعي ، ووالده سالم باشا كان منفياً في ذلك الوقت ، فنصحه أهله وعائلته بان لا يذهب للمقابلة بحكم الوضع السياسي لوالده في ذلك الوقت ولكنه صمم على أن يذهب وكان يقول إذا كان لي نصيب في هذه البعثة فإن شاء الله فستكتب لي ، وبالفعل تتم المقابلة الأولى مع المرحوم سمير الرفاعي ، وسأله عن نفسه ودراسته وطموحاته المستقبلية ، ومن ثم اجر الامتحانات الكتابية والشفهية ، ثم قابله المرحوم سمير الرفاعي بعدها ليخبره أنه بالرغم أن والده في ذلك الوقت في الأربعينيات كان من المعارضين السياسيين وبالرغم من أنه منفي في ذلك الوقت إلا أن ذوقان الهنداوي الطالب في الصف الثامن بتفوقه استحق الابتعاث إلى القدس ، وبالتالي تم ابتعاثه إلى الكلية العربية التي كانت تعتبر المدرسة الاميز في ذلك الوقت ، أنهى دراسته في الكلية العربية بتفوق ليتم ابتعاثه إلى جامعة لندن في بريطانيا ليحصل على شهادة الثانوية (الماتريك) الفلسطينية بتفوق.

ابتعث مرَّة أخرى إلى جامعة فؤاد الأول بما يعرف الآن بجامعة القاهرة وحصل على البكالوريوس في التاريخ بامتياز في عام 1950 بدأ حياته المهنية بعدها معلماً في وزارة المعارف حيث بدأ التدريس في مدرسة الكرك في 1951 وكان له أجمل الذكريات حول تلك الفترة ، والكرك في الخمسينات كانت تنبض بالبعد العروبي والبعد القومي وكان ذوقان الهنداوي في ذلك الوقت شاباً قيادياً مؤمناً بهذا التوجه وقد تتلمذ في تلك الفترة على يديه العديد من رجالات الأردن الحبيب الذين تبوأوا مواقع قيادية في مراحل لاحقة ومنهم دولة الأستاذ مضر بدران ودولة الدكتور عدنان بدران ومعالي الدكتور سعيد التل والمهندس علي السحيمات بعدها عمل المرحوم في مدرسة اربد الثانوية ليتم ابتعاثه في أواخر الخمسينيات إلى جامعة ميرلاند في الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على رسالة الماجستير.

بعد حصوله على رسالة الماجستير من جامعة ميرلاند ، عمل مدير لدار المعلمين في القدس في بيت حنينا لمدة خمسة سنوات ، ومدير لدائرة الشؤون الاجتماعية في وكالة الغوث عام م1962 ، مما ساهم في توحيد علاقاتهم مع الأهل في فلسطين وتشبعه بقضيتهم العادلة ، فسنوات الدراسة وسنوات العمل في فلسطين كلها ، بالإضافة إلى الخلفية العائلية القومية والعروبية ساهمت في صقل شخصية ذوقان الهنداوي وتكوين منظومة من المبادئ والأخلاقيات التي التزم بها طوال حياته.

وأضافت على البعد القومي والعروبي والتشبع بالقضية الفلسطينية التي تجلت في بعض أوجهها في مؤلفاته ومن أبرزها كتاب القضية الفلسطينية الذي كان يدرس في المرحلة الثانوية لسنوات طويلة ، تلاها عمله كملحق ثقافي في القاهرة عام 1964 ومن ثم وكيل وزارة الإعلام ، إلا أن طلب المرحوم وصفي التل عام 1965 لينضم إلى وزارته وزيراً للإعلام ويقول معالي الدكتور أحمد الهنداوي واذكر أن المرحوم قد قص علينا الطريقة التي دعاه فيها وصفي التل للانضمام إلى الحكومة بالرغم من المعرفة العامة لوصفي التل إلا أنه لم يكن هناك معرفة شخصية بينهما بشكل مباشر فعندما دعاه وصفي التل قال له بالحرف أنا لا أعرفك أبا محمد ولكن اعرف عنك الشيء الكثير وأنا كرئيس للحكومة قمت بوضع الأسس التي أريد أن اختار وزارتي في الحكومة على أساسها فالمعيار الأول هو حب هذا الوطن والانتماء إليه والتفاني في خدمته ، والمعيار الثاني هو الاستقامة والنزاهة والبعد الثالث هو العمل الصادق والدؤوب في خدمة الناس دون مطمع أو مطمح فكان المرحوم وصفي التل قد اعد هذه الأسس واحضر من عرف عنهم الكثير واستمر في الحكومات التي بعدها لمدة ثلاثين عام إلى أن استقال من حكومة عبد السلام المجالي عام 1994.

تحدث دولة طاهر المصري عن البدايات الأولى لمعرفة ذوقان الهنداوي قائلاً :"أول مرة تعرفت فيها على المرحوم ذوقان الهنداوي كان عام م1973 كنا زملاء في حكومة السيد زيد الرفاعي أنا كنت وزير دولة لشؤون الأراضي المحتلة وهو كان وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء ومنذ ذلك التاريخ بدأت مسيرتنا السياسية والعامة مع بعضنا إلى أن توفاه الله - الحقيقة هذه الخلفية كانت واضحة في شخصيته وفي تعامله المتنوع لأنه هو كان شخصية عامة في مناصب حكومية ثم تولى مناصب نيابية متعددة ، سواء كان في مجلس النواب أو مجلس الأعيان ، بهذا الارتباط الفلسطيني وخسارة القدس كلها كانت تنعكس على آرائه وتصرفاته وسياساته وكان من أحسن ميزاته أنه كان لديه موقف ورأي ، وأنا شخصياً أعجب بالناس أصحاب الشخصية والرأي والمواقف. ومنذ حرب 1973 كان علينا أن نقرر بان نبقى في الوزارة ، أعجبتنا السياسة في بعض الأحيان ، كان أكبر مني سناً وأسبق مني في الوزارة كنت اذهب إليه واشكوا أستشيره كانت هذه هي العلاقة بيننا ومضت الأيام واعترف بان هذا الإطار العريض لشخصيته بقيت معه إلى أن توفاه الله ، كان قد بدأ بالابتعاد عن السياسة في السنين الأخيرة من حياته لكن كنت أزوره رغم بعض اختلاف الرأي بالرغم من التغيير في الساحة السياسية في المنطقة في الأردن بقي على فكره القومي والعروبي الذي جعلني أتجاوب معه باستمرار ".

وأضاف دولة طاهر المصري عن الحس العروبي عند ذوقان الهنداوي قائلاً :"كان واضح هذا الشعور لكن في بعض الأحيان لأنه كان وزير في وزارات متعددة كان هناك ظروف معينة في تركيبة سياسية معينة فقد كان نائباً وظروف معينة للنيابة تتعلق بمنطقته النيابية وتكتلات نيابية كان ربما يضطر في بعض الأحيان إلى المسايرة لكن الخط العريض لفكر ذوقان بتصرفاته وسياسته فكر عروبي بالدرجة الأولى لا يتنازل عنه إطلاقاً.

يقول الدكتور الأسد كانت بداية علاقتي بالمرحوم ذوقان الهنداوي منذ عام 1965 واستمرت بعد ذلك إلى وفاته رحمه الله دون انقطاع سواء كان ذلك في عمان وتوليه للعديد من المناصب أو في القاهرة حينما أصبح سفيراً في مصر ربما كانت صفاته الواضحة لكل ذي عينين الشهامة والمروءة وهاتان كلمتان قد تكونان أحياناً مفرغتان من مضمونهما عند كثير من الناس تطلقان حروفاً وأصواتاً دون معنى عند كثير من الناس لكنهما عند ذوقان هنداوي رحمه الله ممتلئتان بالدلالة والمعنى الحقيقي.

اضرب من أمثلة على ذلك ما كان يلجأ إليه شخص يحتاج إلى معونته إلا بادر في معونته وتقديم المساعدة له لكنه أحياناً كان يدرس حالة الذي يتقدم إليه هل كان حقاً يستحق هذه المعونة أو أنه يتجاوز حقوق غيره من الناس حيث كان يراعي حقوق الآخرين فإذا ثبت له أنه صاحب حق فعلاً يتصدى للدفاع عن حق هذا الرجل ويبذل جهده ليعيد له حقه تفضل دولة أبو نشأت ذكر بعض الظروف التي قد تحيط بالمسؤول فتجعله غير قادر على الوفاء بعهده بسبب الظروف أحياناً ، تقس على ذوقان هنداوي رحمه الله فلا يستطيع أن يقوم بما يجب أن يقوم به من واجب نحو الذين يلجأون إليه كثيراً ما نجح في ذلك فشهامته ومروءته واضحتان أضف إليهما صفة الوفاء عند ذوقان الهنداوي رحمه الله كان من الأصدقاء في غاية الوفاء ولم يكن أصدقائه بنفس وفائه لهم والحوادث التي نتحدث بها في مجالس عن وفائه وعن عدم وفاء غيره حوادث كثيرة نفسية وخلقية ترفع من شأن صاحبها ، أيضاً صفات ذهنية وصفات فكرية وعقلية متميزة والذي تابع أحاديثه في مجلس الأعيان يشعر أنه لم يكن يرتجل الكلام ارتجالاً ، وإنما كان يعد لكل قضية إعداداً كاملاً حتى القضايا القانونية والقضايا الاقتصادية التي كانت الدراسات المنهجية لذلك كان له في كل موقف من المواقف حضور فكري وذهني يثير الإعجاب وكثيراً ما كنا نحب أن نستمع إليه وهو يتلو مدخلاته ومراجعاته في المجالس المختلفة. وأضاف الأسد قائلاً: صفاته النفسية والخلقية والفكرية التي كانت تجعل له حضوراً متميزاً في كل زمان وكل مكان ومن هنا كان له هذا الحضور المتميز بين السفراء العرب وفي جامعة الدول العربية حيث كان كثيراً من الأوقات السفير في جامعة الدول العربية يكون السفير في القاهرة سفيراً في جامعة الدول العربية في مدة قصيرة جداً كان هناك سيفران سفير للجامعة العربية وسفير للقاهرة لكنه كان يجمع الصفتين معاً.

وأضاف معالي الدكتور أحمد الهنداوي قائلاً :"بأنه لا فرق بين الهوى العروبي القومي وبين الانتماء لهذا الوطن ولا تعارض ، والانتماء للعرش الهاشمي المفدى كان ينظر لها كمنظومة واحدة مكملة لبعضها البعض كان العروبي الحق والمسلم الحق والمنتمي للعرش الهاشمي المفدى".

الدرس الثاني كانت خدمة الناس والتواضع أنا وإخواني جميعاً وُلدنا في الستينات من أواسط الستينات ترعر عنا سنوات طفولتنا وشبابنا وعملنا ونحن نرى والدنا وهو يتبوأ أعلى المناصب في الحكومة الأردنية سواء وزير أو نائب لرئيس الوزراء أو رئيس الديوان الملكي ، حياتنا العادية كانت تبدأ من الصبا الباكر بإعداد كبيرة من المواطنين طالبين المساعدة من الوالد نشق طريقنا لتوديع المرحوم للذهاب للمدارس ونعود أيضاً إلى البيت وهو ممتلئ الذي استمر على مر سنوات كثيرة ولم نشعر بأنه أمر غريب بأنه نفيق كل يوم ونجد البيت ممتلئ شعرنا أن هذا جزء من الواجب وأن المسؤول العام مهمته خدمة الناس وخدمة الشعب لذلك لم نكن نشعر بأي تثاقل وحدوث أي أمر غيرب ، فخدمة الناس والتواضع زرعها فينا لم أكن اشعر بأنه له أسلوبين في التعامل كان أسلوبه في التعامل مع الطالب والمعلم والفلاح في البادية والقرى بنفس أسلوب التعامل ، بالابتسامة العريضة التي لم تغادر وجهه ، كما كان يعامل علية القوم والوزراء كان ينظر إلى أن مساعدة الناس وخدمتهم هي أقصى غاية الأمر.

وفي ذكر بعض مناقبه قال معالي الدكتور ناصر الدين الأسد قائلاً :"هو الآن بين يدي رب غفور رحيم نسأله أن يرحم ذوقان هنداوي وأن يدخله فسيح جنانه وأن يجزيه خير جزاء كفاء لما قدمه لإخوانه في الأردن وأبناء أمته وإخوانه وزملائه من الخلق الطيب والوفاء واحب أن أضيف أيضاً إنني على اطلاع على بعض علاقاته بأسرته كان رحمه الله من خير الناس لأهله وأنا اعرف قصص ومواقف له في ذلك وأنا اعلم أننا جميعنا تحدثنا عن هذا الرجل حديثاً عاماً مرتجلاً ولكننا لم نوفه إلا بعض حقه ونترك الباقي للخالق عزّوجل". ويقول دولة طاهر المصري كما بدأنا في هذا الموضوع عن والده سالم باشا الذي توفي منذ سنوات طويلة وما زلنا نذكره ذكراه وأثره في الحياة وبناء الأردن الحديث نحن أيضاً نتحدث عن ابنه ذوقان هنداوي واعتقد بان الأجيال القادمة عندما تدرس تاريخ الأردن سوف تراجع مشاركة ذوقان الهنداوي في صناعة التاريخ الأردني ، الأردن صنعه رجال كثيرون تضامنوا تكاتفوا فيما بينهم لحماية الأردن وبناء استقلال الأردن اعتقد أن ذوقان الهنداوي واحد منهم شارك في بناء الأردن الحديث.

أما معالي الدكتور أحمد الهنداوي يقول:"المرحوم كان لنا بمثابة الأب والأخ والصديق والقدوة والمثل غرس فينا النظافة والنزاهة أوصانا أن لا نغتر بمظاهر الحياة على كثرها ، فهي جميعاً مظاهر خادعة ولو وزنت بحياة الضمير وعلو النفس وطمأنينة الاستقامة لم تساو شيئاً. علمنا حب الناس والتواضع والوطنية الصادقة تعمل بصمت وأمرنا بخدمة الناس وقال لنا بان هذه الخدمة هي واجب على كل من لديه القدرة ". يعتبر ذوقان الهنداوي واحداً من ابرز رجالات الحكم والسياسة الذين عرفهم الأردن ، من حيث النزاهة ، ونظافة اليد ، وعفة اللسان واحترام الذات ، والسمعة الطيبة ، والترفع عن الصغائر ، لقد كان رحمه الله جمهرة من الرجال في رجل واحد ، متعدد المواهب والكفاءات ، متنوع المعارف ، واسع المدارك ، بعيد النظر ، شامل النظرة حتى ليصعب أن تجد علماً أو حقلاً من حقول المعرفة إلا وكان له فيه الباع الطويل والارجحية.

سيرة حياة هذا الرجل الكبير تؤلف صفحة مشرقة من صفات تاريخ الأردن الحديث وأنها لسيرة جديرة بالتسجيل ، لتعطي مثالاً جديراً بالتأمل ، وإنعام النظر بالنسبة لجميع العاملين الناشطين في مجالات الحكم والسياسة في الحاضر والمستقبل ، تغمد الله الفقيد الكبير المرحوم معالي الأستاذ ذوقان الهنداوي بواسع رحمته ورضوانه ، واسكنه فسيح جناته.

- د. محمد العناقرة


___________________________________________________________________________________________


وقد استذكر في حفل تأبينه الكبير في 22/8/2005 رجالات الدولة الأردنية ورؤساء وزراء ومسئولون على امتداد أعوام بناء الأردن الحديث مناقب السياسي المحنك الذي مزج بين الأصالة والمعاصرة وتمسك بالمبادئ الوطنية والقومية ذوقان الهنداوي الذي مر على وفاته 40 يوما بعد عمر ناهز 78 عاما.

وأكدوا في كلمات ألقوها خلال تأبين لذوقان الهنداوي على "الحضور الفاعل الذي تميز به ذوقان في كثير من مجريات الأحداث السياسية والوطنية ودوره في رفع سوية القطاع التربوي وتأسيس نظامه".


وحضر التأبين رئيس الديوان الملكي ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الاعيان ورئيس مجلس النواب ومعظم رؤساء الوزراء والوزراء السابقون والحاليون ودبلوماسيون ومسؤولون ونواب وأعيان استرجعوا فيها مواقف جمعتهم بالفقيد ذوقان الهنداوي, اتفقوا فيها معه واختلفوا دون ان "يفسد ذلك للود قضية".

وقال رئيس مجلس الأعيان زيد الرفاعي إن "صورة ذوقان ما تزال بيننا رغم رحيله لتمسكه رحمه الله بالقيم والعادات والشيم الوطنية الأصيلة وانفتاحه على كل ما هو حديث ما وفر له شخصية مزجت بين الأصالة والمعاصرة". وأضاف أن "ذوقان كان يمحص الأمور بتجرد وحياد وروية موازنا بين سلبياتها وإيجابياتها, منطلقا من المصلحة الوطنية العليا في القضايا السياسية الداخلية والخارجية والعامة"، لافتا إلى "جرأته في طرح آرائه وقناعاته". واستذكر الرفاعي موقفا جمعه بذوقان في أحد المؤتمرات أصيب خلالها ذوقان بوعكة صحية إلا أنه رفض تلقي العلاج ليكون جوابه: "نحن هنا من اجل الأردن وفلسطين ومستقبل قضية العرب الاولى, ولن أغادر قبل انتهاء المؤتمر".

وقال رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري إننا "نفتقد في هذه الأيام للقياديين المُجرِّبين والمُجرَّبين مثل ذوقان الهنداوي, من الذين صلبت الأيام والتجارب عودهم, وسلحتهم بالمعرفة والاستعداد". وأضاف المصري إن "هؤلاء -ومنهم ذوقان الهنداوي- أصبحوا قادة في مجتمعهم, بكدهم وخبرتهم, معتمدين على خلقهم وعلمهم ووطنيتهم". وأشار إلى أن "حزبية ذوقان وعقائديته, توازت مع منهجه المتوزان في الحياة السياسية والإدارية والحزبية الأمر الذي جعله ملما ومدركا لكافة القوى الداخلية والأقليمية والدولية المسهمة في تشكيل الحياة السياسة". وأضاف إلى ذلك، رزانة ذوقان الهنداوي في ترجمة الأفكار ووضعها موضع التنفيذ, كما لم يؤمن بالثورة أو الطفرة, بل بالتطور والتدرج". وشدد المصري على أن "ذوقان كان مدافعا قويا عن الدستور ومعانيه ومفاهيمه السليمة والصحيحة؛ لما أدركه في إدارة الدولة وشؤون الناس من مسؤولية كبرى لا يمكن التهاون بها". وأضاف "كنا متفقين أن الاعتداء على الدستور ومفاهيمه بداية انهيارات متتالية، ووخيمة في الحياة العامة".

رئيس الديوان الملكي الهاشمي فيصل الفايز قال إن "المملكة لم تخل يوما من رجالاتها المخلصين وقياداتها الوطنية مثل ذوقان الهنداوي مما أثر كثيرا في الحياة السياسية والعامة".

كما ألقى وزير التربية والتعليم كلمة وزارة التربية والتعليم في تأبين مؤسسها وصاحب مشروعها التطويري على مر العقود الاربعة الماضية. _____________________________________________________________________________________