الداروينية الاجتماعية نظرية اجتماعية تقوم على أفكار تشارلز داروين في تحقيق التطور عن طريق الاصطفاء الطبيعي وتطبقها على حقل علم الاجتماع. فحسب هذه النظرية الاصطفاء الطبيعي لا يفسر تطور الأحياء البيولوجي فقط، بل يمكن تطبيقه لفهم تطورات وتغيرات التجمعات الاجتماعية البشرية.
رغم أن المصطلح ااكتسب اسنه من داروين إلا أن الأفكار التي يشير إليها سابقة لصدور مؤلف داروين أصل الأنواع. يتم وصف أعمال العديدين بالداروينية الاجتماعية مثل روبرت مالتوس وفرانسيس غالتوم مؤسس نظرية تحسين النسل في نهاية القرن التاسع عشر.
يدّعي البعض أن هذه النظرية تشجع العنصرية، معتمدة على أفكار أرثور دي غوبينو السابقة لنشر داروين لنظريته والتي تتعارض مع نظرية داروين بشكل مباشر.
ظهر مصطلح "الداروينية الاجتماعية" لأول مرة عام 1879 في مقالة لأوسكار شميدت في مجلة "پوپيولار ساينس" (العلوم الشعبية)، ثم في منشور لاسلطوي في باريس بعنوان Le darwinisme social أي الداروينية الاجتماعية بقلم إميل غوتييه. إلا أن المصطلح لم يكن دارجا - في العالم الناطق بالإنجليزية - على الأقل حتى قام المؤرخ الأمريكي ريتشارد هوفستادر بنشر مؤلفه "الداروينية الاجتماعية في الفكر الأمريكي" (1944) خلال الحرب العالمية الثانية.
إن النظريات حول الارتقاء الاجتماعي والارتقاء الحضاري شائعة في أوروبا. لقد ادعى العديد من مفكري عصر التنوير، الذين سبقوا داروين، مثل هيغل، ان المجتمعات تتقدم من خلال مراحل من التطور. كما أن وصف توماس هوبس في القرن الـ17 للوضع الطبيعي يقابل التنافس على الموارد الطبيعية التي ذكره داروين. تتميّز الداروينية الاجتماعية عن نظريات التغييرات الاجتماعية الأخرى بأنها تستمد أفكار داروين من حقل علم الأحياء وتطبقها على الدراسات الاجتماعية.
بعكس هوبس، اعتقد داروين أن الصراع على الموارد الطبيعية جعل بعض الأفراد ذوي خصائص جسدية وعقلية معينة أن يتكاثروا أكثر من غيرهم مما أدّى بمرور الزمن، تحت ظروف نحددة، إلى نسل مختلف إلى درجة أنه يعتبر جنسا آخر. ادعى داروين أن "الغرائز الاجتماعية" مثل "التعاطف" و"الإحساس الأخلاقي" تطورت أيضا بواسطة الانتخاب الطبيعي وقد أدت هذه القيم إلى تقوية المجتمعات التي ظهرت فيها، وقد قال في أصل الإنسان: "..في مرحلة مستقبلية معينة، ليست ببعيدة إذا ما قيست بالقرون، سوف تقوم الأعراق البشرية المتحضرة على الأغلب بالقضاء على الأعراق الهمجية واستبدالها في شتى أنحاء العالم." [1]
رغم أن الداروينية الاجتماعية استمدت اسمها من داروين إلا أنها تعتمد على مؤلفات العديد من الباحثين الآخرين، مثل هربرت سبنسر، توماس مالتوس وفرنسيس غالتون، مؤسس علم تحسين النسل.
أفكار هربرت سبنسر، مثل فكرة التقدم الارتقائي منبثقة من اطلاعه على مؤلفات توماس مالتوس، وقد تأثرت أفكاره المتأخرة من نظرية داروين. إلا أن مؤلف سبنسر الأهم، التقدم: قوانينه وأسبابه (1857) صدر سنتين قبل نشر مؤلف داروين أصل الأنواع. يمكن تصنيف مؤلفات سبنسر في خانة الداروينية الاجتماعية إذ أنه يعتبر الفرد (وليس الجماعة) وحدة البحث التي ترتقي، أن الارتقاء يحدث من خلال الانتخاب الطبيعي وأنه ظاهرة اجتماعية بالاضافة إلى كونه ظاهرة بيولوجية. في نواح عدة، فإن لنظرية سبنسر في "الارتقاء الكوني" تشابهًا مع مؤلفات لامارك ووضعية أغوست كونت أكثر منه مع داروين.