داحس والغبراء :هي حرب من حروب الجاهلية كانت بين قبيلتي بين عبس وذبيان.
و داحس والغبراء: هما اسما فرسين و قد كان " داحس" حصانا لـ قيس ابن زهير ، و " الغبراء" فرسا لـ حمل ابن بدر .
اتفق قيس و حمل على رهان قدره مائة من الإبل لمن يسبق من الفرسين .
كانت المسافة كبيرة تستغرق عدة ايام تقطع خلالها شعب صحراوية وغابات, أوعز حمل ابن بدر نفر من أتباعه يختبئوا في تلك الشعاب قائلا لهم : إذا وجدتم داحس متقدما على الغبراء في السباق فردوا وجهه كي تسبقه الغبراء ... فلما فعلوا تقدمت ( الغبراء ).
حينما تكشف الأمر بعد ذلك اشتعلت الحرب بين عبس وذبيان التي عرفت باسم ( داحس و الغبراء ) .
حرب داحس والغبراء من أشهر الحروب أوسعها في العصر الجاهلي وقد أستمرت تلك الحرب قرابة الأربعين سنة، بين عبس وفزارة وهم أبناء عمومة فقد أمتدت الحرب حتى شملت غطفان وغيرها وهم الآن أي عبس وفزارة إحدى بطون قبيلة بني رشيد اليوم التي أنضوي بها معظم القبائل الغطفانية. وقد كان لبني رشيد غير ذلك من أيام في الجاهلية وهي:
حرب داحس والغبراء: كانت لعبس على فزارة وذبيان
يوم ذي قار: كان بين عبس وذبيان ابني بغيض وهو غير ذي قار المشهور بين بكر بن وائل والعجم
يوم الهباءة: كان لعبس على فزارة
يوم جبلة: بين عبس وذبيان
يوم السوبان: كان بين بني عبس وحنظلة من تميم
يوم يسيان: كان لبني عبس وحنظلة بن تميم
يوم النتأه: كان لعبس على بني عامر هوازن
يوم ذات الرموم: كان لبني عامر هوازن على بني عبس
يوم عراعر: كان لعبس على كلب بن وبرة
يوم أقرن: كان بين عبس وتميم
يوم الأثل والأرطى: كان بين عبس وبين جشم من هوازن
يوم الفروق: كان بين عبس وبين سعد بن زيد مناة من بني تميم
يوم السليل: كان بين عبس وبين أسد
قبيلة الرشايدة ص305 حاشية
أسباب معركة داحس والغبراء
ذكر ابن الأثير أن قيس بن زهير بن جذيمة العبسي سار إلى المدينة ليتجهز لقتال عامر والأخذ بثأر أبيه فأتى أحيحة بن الحلاج يشتري منه درعاً موصوفة فقال له لاأبيعها ولولا أن تذمني بنو عامر لوهبتها منك ولكن اشترها بابن لبون ففعل ذلك وأخذ الدرع وتسمى ذات الحواشي ووهبت أحيحة أيضاً أدراعاً وعاد إلى قومه وقد فزع من جهازه فاجتاز بالربيع بن زياد العبسي فدعا إلى مساعدته على الأخذ بثأر فأجابه إلى ذلك فلما أراد فراقه نظر الربيع إلى عيبته، فقال: مافي حقيبتك فقال متاع عجيب لو أبصرته لراعك فأناخ راحلته وأخرج الدرع من الحقيبة فأبصرها الربيع فأعجبته ولبسها فكانت في طوله فمنعها من قيس ولم يعطه إياها فترددت الرسل بينهما في ذلك، ولج قيس في طلبها ولج الربيع في منعها، فلما طالت الأيام على ذلك سيُر قيس أهله إلى مكة وأقام ينتظر غرة الربيع، ثم إن الربيع سير إبله وأمواله إلى مرعى كثير الكلأ، وأمر أهله فظعنوا وركب فرسه وسار إلى المنزل، فبلغ الخبر قيساً فسار في أهله وأخوته فعارض ظعائن الربيع وأخذ زمام أمه فاطمة بنت الخرشب وزمام زوجته، فقالت فاطمة أم الربيع ماتريد يا قيس؟
قال أذهب بكن إلى مكة فأبيعكن بها بسبب درعي قالت: وهي في ضماني وخل عنا ففعل فلما جاءت إلى ابنها قالت له في معنى الدرع فحلف أنه لايرد الدرع، فأرسلت إلى قيس أعلمته بما قال الربيع فأغار على نعم الربيع فاستاق منها أربعمائة بعير وسار بها إلى مكة فباعها واشترى بها خيلاً، وتبعه الربيع فلم يلحقه فكان فيما أشترى من الخيل داحس والغبراء.
وقيل: أن داحساً كان من خيل بني يربوع وأن أباه كان أخذ فرساً لرجل من بني ضبة يقال له أنيف بن جبلة وكان الفرس يسمى السبط وكانت أم داحس لليربوعي، فطلب اليربوعي من الظبي أن ينزى فرسه على حجره فلم يفعل، فلما كان الليل عمد اليربوعي إلى فرس الضبى فأخذه فأنزاه على فرسه، فاستيقظ الضبى فلم يرى فرسه فنادى في قومه فأجابوه وقد تعلق باليربوعي فأخبرهم الخبر، فغضبت ضبه من ذلك فقال له لا تعجلوا دونكم نطفة فرسكم فخذوها فقال القوم قد أنصف فسقط عليهل رجل من القوم فدس يده في رحمها فأخذ مافيها فلم تزد الفرس إلا لقاحاً فنتجت مهراً فسمى داحساً بهذا السبب، فكان عند اليربوعي ابنان له، وأغار قيس على بني يربوع فنهب وسبى ورأي الغلامين أحدهما على داحس والآخر على الغبراء فطلبهما فلم يلحقهما فرجع وفي السبي أم الغلامين وأختان لهما وقد وقع داحس والغبراء في قلبه، وكان ذلك قبل أن يقع بينه وبين الربيع ماوقع ثم جاء وفد بني يربوع في فداء الأسرى والسبي فأطلق الجميع إلا أم الغلامين وأختيهما وقال: إن أتاني الغلامان بالمهر والفرس والغبراء وإلا فلا، فامتنع الغلامان من ذلك، فقال شيخ من بني يربوع كان أسيراً أبياتاً فبعث فيها إلى الغلامين وهي:
أن مهراً فدا الرباب وحملا * * * وسعاد الخير مهر أناس
ادفعوا داحساً بهن سراعاً * * * إنها من فعالها الأكيـاس
دونـها والذي يحج له * * * سبـايا يبعن بالأفـراس
أن قيس يرى الجواد من الخيل * * *حياة في متلف الانفاس
يشتي الطرف بالجراجرة * * * الجلة يعطي عفواً بغير مكاس
فلما انتهت الأبيات إلى بني اليربوع قادوا الفرسين إلى قيس وأخذوا النساء وقيل أن قيساً أنزى داحساً على فرسه له فجاءت بمهرة فسماها الغبراء ثم إن قيساً أقام بمكة فكان أهله يفاخرونه، وكان فخوراً فقال لهم نحو كعبتكم عنا وحرمكم وهاتوا ماشئتم، فقال له عبدالله بن جدعان: إذا لم نفاخر بالبيت المعمور وبالحرم الآمن فبم نفخارك؟ فمل قيس مفاخرتهم وعزم على الرحله عنهم لأنهم قد كرهوا مفاخرته.
ولعل من أعظم الأسباب والتي سميت بها المعركه على أسماء الخيول التي هي داحس والغبراء هو الرهان الذي جاء على فرسين من خيل قيس وفرسين من خيل حذيفه والرهن عشرة أذواد وقيل أن حذيفة قال على ما أراهنك وقال قيس على خيلك داحس والغبراء وقال قيس داحس أسرع وقال حذيفة الغبراء أسرع وقال لقيس أريد أن أعلمك أن بصري بالخيل أثقب من بصرك والأول أصح فقال له قيس نفس في الغايه وأرفع بالسبق فقال حذيفه الغايه من إبلى إلى ذات الأصاد وهو قدر مائة وعشرين غلوه والسبق مائة بعير فلما فرغوا قادوا الخيل إلى الغايه وحشدوا ولبسوا السلاح وتركوا السبق على يد عقال بن مروان وأعدوا الأمناء وأقام حذيفه رجلا من بني أسد في الطريق وأمره أن يلقي داحساً في وادي ذات الأرصاد إن مر به سابقاً وقد هم السباق وسبقها داحساً سبقاً بينا فعل ذلك الرجل ما أمر به وأنتهى السباق بسبق الغبراء وقال حذيفه سبقتك ياقيس ولقد كانت هذه أول شراره لما علم قيس من الناس فعل حذيفه وغدره وقد نشبت بعد ذلك الحرب على مدى أربعون سنه وهى لها من الأيام والغزوات والقصص ما لايتسع ذكره ولقد كانت تلك الحرب من أكبر المعارك التي عرفها التاريخ.