يقع مسجد الغبش غرب مدينة بربر، وقد تأسس منذ حوالي خمسة قرون من الزمان.
أسس المسجد والخلاوي التابعة له شيخ المجوِّدين والحفظة المتقنين الشيخ عبدالله ابن محمد عبدالماجد المدفون والده محمد في جزيرة تنقسي والشهير بكندِمَر، أى السكين القاطع بلغة أهل دنقلا.
هاجر الشيخ عبدالله إلى بلاد الشايقية حيث قرأ القران وجوّده على أولاد جابر وقرأ مختصر خليل في دنقلا العجوز على يد الشيخ محمد عيسى سوار الدهب ابن خالته ونال حظاً وافراً من علوم الفقه المالكي. عُرف الشيخ عبدالله منذ صغره بالصلاح والورع والزهد والتقوى حتى أنه لُقّب بالاغبش لاكثاره من الوضوء، وقد أطلق عليه هذه الصفة والي الأرباب إدريس زعيم المنطقة عندما رآه يصلّي صلاة الكسوف. وقد أسس مسجده العتيق وخلوتيه (الحلنقيه والعربية) في القرن العاشر الهجرى وأوقد نار القران كبداية وإعلام بتدريس القرآن الكريم وتحفيظه وتجويده. أصبح المسجد بعد ذلك من المساجد العتيقة والعريقة وخلواتُه قبلةً لطلاب العلم والقرآن الكريم من مناطق (دولة سنار) المختلفة وبلاد الأرتريا، حتّى بلغ عدد طلبة القرآن الكريم في تلك الخلاوي ألف طالب. وقد أسس الشيخ عبدالله الأغبش الداخليات لاستيعاب ذلك الكم الهائل، ومزروب الحفظة خير شاهد على كثرة حفظة القرآن الذين تخرجوا من هذا المكان العريق، حيث كان يتعيّن على كل دارس أن يضع حجراً في دائرة المزروب بباحة المسجد عند حفظه للقرآن.
عمّر الشيخ عبدالله ما يقرب من المائة والثلاثين عاماً وتوفى عام 1070 هـ. وخلفه من الأبناء أحمد والذي تحرّف أسمه إلى حمد ثم عبدالجبار والشكاك وموسى المدفون بجواره في مقابر الغبش. إمتدت تُقّابة الغبش (نار القرآن) إلى مناطق كثيرة في مديرية بربر ومناطق الدامر والكبوشاب، وبرز عدد كبير من تلاميذ الغبش في الحقب التاريخية المختلفة من أمثال الشيخ فحل و الدنفاسي ومحمد عبدالرحمن الأغبش وغيرهم وفيما بعد الأستاذ الشيخ محمد الخير وتلاميذه وعلى رأسهم السيد محمد أحمد المهدي قائد ثورة المهدية بالسودان والشيخ النذير خالد والشيخ أبو القاسم أحمد هاشم وبرز الفكي (الفقيه) الأمين محمد خوجلي الخليفة التاسع حامل القرآن الكريم.
وقد ألف عددٌ من أبناء الغبش وتلاميذُهم عدداً من المؤلفات في علم التجويد وشرحه مثل (سلم المريد في علم التجويد) و (منظومة الدنفاسي) و(مصباح الدجى) و(عمدة البيان) الموجودة صورة منه بدار الوثائق القومية.
نال الشيخ محمد الخير عالم الغبش إبان الثورة المهديّة حظوة من تلميذه السابق الإمام محمد أحمد المهدي إذ تولى الشيخ محمد الخير قيادة معركة بربر وعرقل سير الحملة التى أُرسلت لإنقاذ غردون المحاصر في الخرطوم. وبعد انتصار الثورة المهدية أصبح الشيخ محمد الخير عاملاً على مديريتي بربر ودنقلا، وتوفي في دنقلا عام 1307.
الخليفة الحالي الشيخ محمد التجاني عبدالماجد تولى الخلافة يوم الأثنين 13 رجب 1406 هـ الموافق 24 مارس 1986م. هذا ويتم إختيار خليفة الغبش باستشارة الأهل وموافقتهم.