بوتليليس بن الحبيب حمو كان قائد المنظمة الخاصة في شمال غرب الجزائر. ولد في وهران في 5 سبتمبر 1920 من أسرة نزحت إليها من ناحية طفراوي· وسمي كذلك تبركا بولي قبيلة مليتة الذي يحمل نفس الاسم·
نتيجة هذه المواقف المبدئية الصلبة والسلوكات النضالية العنيدة، اعتبره جيش الاحتلال عدوا لدودا ميؤوسا من كسبه حسب لغة زبانية الحرب النفسية، وبناء على ذلك اختطف في 21 أكتوبر 1957 عشية الإفراج عنه· ومنذ ذلك الحين لم يظهر له أثر· وكانت زوجته المناضلة عندما تسأل عنه المصالح المعنية، ترد عليها بكل صلف: اسألي عنه عبد الحفيظ بوصوف.
بوتليليس حمو هو قائد المنظمة الخاصة بشمال غرب الجزائر،
نشأ نشأة رياضية جمعت بين كرة القدم والعدْو والسباحة· ومارس النشاط الكروي لاعبا (الاتحاد الرياضي الإسلامي) ومدربا (الأمل الرياضي- المدنية الجديدة)· كان من رواد النشاط الكشفي بوهران من خلال فوج النجاح، واستكمل تكوينه شبه العسكري بأداء الخدمة الإجبارية في أواخر الحرب العالمية الثانية· اكتسب تجربة نضالية صلبة، بفضل التحاقه بحزب الشعب الجزائري في سنوات الحظر والنشاط السري الخطير، إبان الحرب العالمية الثانية· ويتجلى ذلك في قدرته الخطابية ومهارته في إدارة الاجتماعات والتوفيق بين مختلف وجهات النظر، كما يشهد بذلك رفاقه في النضال· وكان كاملا أيضا في التزامه؛ فقد حرص على إشراك والدته خيرة وزوجته في معركة الشرف والحرية·
بعد تجربة المجلس الجزائري ـ الغنية بالدروس ـ تفرغ بوتليليس حمو إلى نشاطات المنظمة الخاصة، الجناح شبه العسكري لحزب الشعب الجزائري، إلى جانب الواجهة الشرعية المتمثلة في حركة انتصار الحريات الديمقراطية وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو 1948 هيكلة المنظمة الخاصة على مستوى شمال غرب البلاد، بتعيين بوتليليس قائدا بمساعدة كل من:
وفي إطار البحث عن تمويل نشاطات المنظمة الخاصة المتزايدة، وقع اختيار القيادة على بريد وهران، حيث تجمع أموال العمالة في نهاية كل شهر، ويعفي ذلك تحميل بوتليليس ورفاقه مسؤولية تدبير الهجوم على البريد المركزي، لغنم ما تيسّر من هذه الأموال· تولى الإشراف على العملية مباشرة قائد المنظمة حسين آيت أحمد بمعية أحمد بن بلة، قائد المنظمة بغرب البلاد، وبوتليليس قائد الشمال الوهراني· ساهم هذا الأخير في اختيار العناصر المشاركة في العملية بقيادة أحمد بوشعيب· وكان من المفروض أن تتم في بداية مارس 1949، لكن تأجلت ـ لعارض ميكانيكي ـ إلى 5 أبريل الموالي· وبعد نجاح العملية نسبيا، أشرف بوتليليس شخصيا على ضمان نقل الغنيمة إلى العاصمة، وتهريب بعض المشاركين في نفس الاتجاه مستعينا بأفراد أسرته، وفي مقدمتهم زوجته المناضلة في الحركة النسائية الوطنية بوهران· ولم يكتف بذلك، بل انتقل إلى الجزائر لاستقبالهم وضمان إيوائهم في أماكن آمنة· وقد بقي بالعاصمة بعض الوقت، ثم عاد ليسلم نفسه إلى مصالح الأمن بعذر· ومع ذلك تم حبسه على ذمة التحقيق من مايو الموالي إلى نوفمبر من نفس السنة· وفور الإفراج عنه استأنف مهامه النضالية المتعدد لكن لبضعة أشهر فقط، لاعتقاله من جديد في 29 أبريل 1950 عقب الإعلان عن اكتشاف المنظمة الخاصة وحملة الاعتقالات التي صاحبتها في صفوف المنظمة· وفي 12فبراير 1951 جرت محاكمة بوتليليس في إطار قضية الـ47، بعدد المتهمين، وتم النطق بالحكم في 6 مارس الموالي وكان قاسيا: 6 سنوات سجنا و10 نفيا ومثلها حرمانا من الحقوق المدنية· حاول المحكوم عليهم بوهران استئناف الحكم بالعاصمة، لكن دون نتيجة غير تثبيت الحكم الأول· وصادف نقلهم إلى سركاجي لهذا الغرض، حدوث حركة احتجاجية بقيادة رمضان عبان، المحكوم عليه في قضية 27 ببجاية، واستوجب ذلك تدخل الحرس المتنقل والتصادم مع السجناء· في هذا الجو المتوتر، اصطدم بوتليليس ببعض الحراس يوم 8 مايو مستعملا لكماته القوية، الأمر الذي دفع إدارة السجن إلى نقله في منتصف يوليو الموالي إلى سجن الشلف التأديبي، وقد ساهم هناك في تنظيم إضراب في ربيع 1952 استغرق 37 يوما احتجاجا على سوء المعاملة، ولم يتوقف هذا الإضراب إلا بأمر من قيادة حركة الانتصار، بعد الحصول على بعض الحقوق· ومع تطور التحقيق في قضية بريد وهران، نقل في يونيو من نفس السنة إلى سجن هذه المدينة في انتظار محاكمته التي كانت حصيلتها 8 سنوات سجنا، أعيد إثرها إلى سجن الشلف الرهيب· وبعد زلزال 9 سبتمبر 1954 والأضرار التي لحقت بالسجن، نقل إلى الحراش، حيث كانت زوجته تزوره رفقة ابنتيهما بانتظام، وقد مكث هناك حتى سنة 1956، ليعود من جديد إلى السجن الأول· وفي أواخر أوت 1957 أخبر أسرته بقرب الإفراج عنه، وتلقّت الأسرة فعلا إشعارا من إدارة السجن على أساس أن يتم ذلك في 22 أكتوبر الموالي، لكن المخابرات العسكرية سارعت باختطافه واغتياله قبل يوم من ذلك، مثلما فعلت بالعديد من أمثاله الذين تعتبرهم ميؤوسا منهم، أي مناضلين أشداء صامدين في مقاومتهم للنظام الفرنسي .
بوابة الجزائر تصفح مقالات ويكيبيديا المهتمة بالجزائر. |