الحَمْن أو الحمض المُزَدْأَن الرَّيْبِيّ النّوويّ أو الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (بالإنجليزية: DNA دي إن إيه، Deoxyribonucleic acid) هو حمض نووي يحتوي على التعليمات الوراثية التي تصف التطور الأحيائي للكائنات الحية ومعظم الحُمَات virus كما انه يحوي التعليمات الوراثية اللازمة لأداء الوظائف الحيوية لكل الكائنات الحية. يعتبر التخزين الطويل الأجل للمعلومات الوراثية هو الوظيفة الأساسية لجزيئات الحمن بالإضافة إلى أنه يمكن من خلال هذه الجزيئات الحصول على المعلومات اللازمة لبناء الهَيُولِينَات proteins و جزيئات الحَرْن (الحمض الرَّيْبِيّ النّووي) RNA. وتسمى قطع الحمن التي تحمل معلومات وراثية يمكن ترجمتها لهيولينات بالإِرْثَات Genes كما أن للبعض الآخر أغراض تركيبية وتنظيمية. كيميائياً؛ يعتبر الحمن بوليمر (عديد جزيئات) يتكون من وحدات بناء تسمى النَّوَوِيدَات nucleotides وكل نوويد يتكون من ثلاثة جزيئات هي :سكر ريبي مزأكج (سكر ريبي 'منقوص الأكسجين') deoxyribose، مجموعة أَلْقَدِيّ ('الفوسفات') phosphate و قاعدة نَشْيَنِيَّة (من النَّشْيَن nitrogen) (احدى قواعد البيورين او البريميدين) ويتم اتصال جزيئات السكر والأَلْقَدِيّ بشكل متتابع لتكوين ما يعرف بهيكل سكر الألقديّ بحيث تتصل مجموعة الألقدي بذرّة الخَصْفَن ('الكربون')carbone 5َ لسكر النوويد التي تتبع لهاعن طريق رابطة تساهمية وبذرة الخصفن 3َ لسكر النوويد التالي عن طريق رابطة استيرية ويتم ارتباط القواعد النَّشْيَنِيّة علي هيكل سكر الألقديّ عن طريق ارتباطها بذرة الخصفن 1َ على جزئ السكر المقابل. ويعطي تتابع القواعد النشينية على طول هيكل سكر الألقديّ في جزئ الحمن شفرات يمكن من خلالها تحديد تتابع الأحماض النشادرية aminoacids للهيولين المقابل وتم ذلك كما يلي :يتم نسخ جزيء حرن مقابل لجزيء الحمن المحتوي علي شفرة الهيولين في عملية تسمى بعملية النسخ transcription ويتم ترجمة الشفرات إلى أحماض نشادريّة مقابلة خلال عملية الترجمة translation لتعطي الهيولين المقابل.وليس بالضرورة ان يتم ترجمة الشفرات إلى هيولين اذ ان بعض جزيئات الحرن تدخل في تركيبات مثل الريبوسومات ribosomes والاسبليسوسومات spliceosomes. ينتظم الحمن داخل الخلية في تركيبات تسمى الصِّبْغِيَّات chromosomes والصبغيات في مجموعها تكون ما يعرف بالجينوم Genome (المحتوي الجيني او الصبغي للخلية). قبل انقسام الخلية تتضاعف الصبغيات فيما يعرف بتضاعف الحمن Replication ويتم ذلك في كل من بدائيات النوى prokaryotes وفي حقيقيات النوى eukaryotes
فهرس |
تعود أول ملاحظة للحمن في العلم الحديث للطبيب السويسري فريدريك ميسشر في عام 1869 عندما استطاع استخلاص مادة مجهرية من القيح و أسمها نووين nuclein بسبب و جودها داخل النواة. و في عام 1929 استطاع فيبي ليفني من اكتشاف مكونات الوحدة الأساسية للحمن و هي النوويدات و بين أن الحمن ما هو إلا تكرار لهذه الوحدة.
في عام 1943 أجرى أوزوالد أفري تجربة بمزج جرثومة الكرويّة الرّئويّة (الاسم العلمي: Pneumococcus ) ميتة و تحمل خاصية السطح الناعم مع جرثومة حية من نفس النوع و لكن ذو سطح خشن. نتائج التجربة كانت انتقال خاصية السطح الخشن إلى البكتيريا ذات السطح الناعم. و سمى الحمن بالعامل الناقل.
و في عام 1953 و بالإعتماد على الصور السينية المأخوذة بواسطة روزاليند فرانكلين و المعلومات المتوفرة عن القواعد و طريقة ارتباطها ببعضها، طرح كل من جيمس واتسون و فرانسيس كريك نموذجهما (اللولبي المزدوج)و نشروا تجاربهم في مجلة الطبيعة. و في عام 1957 وضح كريك العقيدة الأساسية لعلم الأحياء الجزيئي و وضح العلاقة ما بين الحمن و الحرن و الهيولينات. وبين كريك لاحقا أن الكودونات تتكون من 3 قواعد مما ساعد علماء آخرون بفك الشفرة الوراثية و تحديد الكودونات المشفرة للأحماض النشادرية. و في عام 1958 أوضح العالمان ميليسون و ستال طريقة تناسخ الحمن و وصفها بالشبه محافظة. حصل واتسون و كريك و موريس على جائزة نوبل في الطب لاكتشافاتهم في هذا الحقل في عام 1962.
يعتبر الحمن عديد جزيئات (بوليمر) طويل مكون من وحدات متكررة تعرف بالنوويدات حيث يبلغ عرض سلسلة الحمن من 22 الي 26 انغشتروم وطول النيوكليوتيدة الواحدة 3.3 انغشتروم. ولكن بالرغم من ان كل نوويد صغير جداً في الحجم إلا ان بوليمرات الحمن يمكنها تشكيل جزيئات ضخمة تحتوي علي ملايين النوويدات فمثلاً : يبلغ طول الصبغي رقم 1 (اكبر صبغي بشري) حوالي 220 مليون قاعدة مزدوجة.
يتكون الحمض المزأكج الريبي النووي من سلسلتين متوازيتين تنتظمان على هيئة سلم ملتف لولبيا (Double Helix). يتكون جانبا السلم اللولبي من تعاقب السكر خماسي وقاعدة الفوسفات بينما تتصل القواعد النَّشْيَنِيَّة من الداخل. تتكون الوحدة الأساسية لبناء جزيئة الحمن، والتي تسمى بالنوويد من ثلاثة أجزاء، وهم:
|
ترتبط جزيئات السكر في الحمن برابطة ألقديّة (Phosphodiester Bond) في كل من ذرات الخصفن الثالثة و الخامسة، بينما ترتبط القاعدة النيتروجينية بذرة الخصفن الأولى للسكر الخماسي. ترتبط القواعد ببعضها برابطة مَوْهِنِيَّة (Hydrogen Bond). ترتبط القواعد مع بعضها بشكل منظم بحيث ترتبط القاعدة أدينين مع القاعدة ثايمين في السلسلة المقابلة برابطة هيدروجينية ثنائية، بينما يرتبط الكوانين مع السايتوسين برابطة هيدروجينية ثلاثية.
تسمى أحد سلسلتي الحمن بالنهاية الخامسة (و يرمز لها ’5)وذلك لعدم ارتباط ذرة الخصفن الخامسة بسكر خماسي بينما السلسلة الأخرى تسمى بالنهاية الثالثة (’3) ولنفس السبب السابق. وتلتقي السلسلتين بشكل متوازي و عكسي (Antiparallel)، بحيث أن ’5 يقابلها على السلسلة المتوازية ’3.
يلتف الحمن حول نفسه بشكل لولبي و هو ما يعرف باسم الالتفاف المفرط و قد يكون هذا الالتفاف بنفس اتجاه التفاف سلسلتي الحمن مما يجعل القواعد قريبة من بعضها بشكل كبير و يسمى التفاف مفرط إيجابي. و قد يكون هذا الالتفاف عكس اتجاه التفاف سلسلتي الحمن و يسمى التفاف مفرط سلبي و تكون القواعد متباعدة عن بعضها و معظم الخلايا تظهر هذا النوع من الالتفاف المفرط.