الرئيسيةبحث

حصار السبعين

منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م وحتى 1968م ظل الملكيون يحاربون لإسقاط النظام الجمهوري وإعادة حكم الإمامة من جديد ومنذ منتصف عام 1967م واتتهم الفرصة لشن أقوى هجوم كانوا يحاولون من خلاله إسقاط النظام الجمهوري، لكن ذلك الهجوم الكبير انتهى بهزيمة ماحقة بالنسبة لهم، وانتهى أمرهم منذ ذلك الحين تقريبا، أي منذ فك الحصار عن العاصمة صنعاء في فبراير 1968م المعروف بحصار السبعين. بعد هزيمة مصر أمام إسرائيل في الحرب الخاطفة في يونيو 1967م ظهر ما يسمى باتفاق الخرطوم وكانت له مقدمات كثيرة أدت بالقيادة المصرية إلى اتخاذ قرار بسحب قواتها من اليمن، ونص اتفاق الخرطوم بين الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل في نهاية أغسطس 1967م على أن تكف كل من السعودية ومصر عن التدخل في شئون اليمن وترك مسألة حل الصراعات الداخلية إلى اليمنيين أنفسهم، وترتب على ذلك أن تسحب مصر قواتها من اليمن وأن توقف السعودية دعمها للملكيين الذين يحاولون استعادة الحكم. وبانسحاب القوات المصرية إضافة إلى أخطاء وصراعات كانت تجري في الصف الجمهوري وجد الملكيون أن الفرصة باتت مؤاتية لهم لشن هجوم عسكري لاحتلال صنعاء وإسقاط النظام الجمهوري، غير أن ذلك لم يكن وحده مصدر القوة لديهم، فقد كان خروج القوات المصرية من اليمن لا يعني الكثير لو أن هذا الانسحاب شمل الجنود والضباط فقط، إذ شمل أيضاً سحب العتاد الحربي. طائرات، أسلحة ثقيلة، ذخيرة، معدات اتصال ما يعني أن القوات الجمهورية النظامية التي هي قليلة العدد باتت ضعيفة بالتسليح أيضاً، بينما كان لدى الملكيون تسليح جيد وخبراء أجانب وأعداد كبيرة من المقاتلين النظاميين وغير النظاميين. فرغم أن عبدالناصر التزم باتفاق الخرطوم إلا أن الأطراف الأخرى أبقت على دعمها للملكيين وضاعفت من دعمهم أيضاً؛ حيث كان لديهم نحو 500 جندي ونحو 50 ألف مسلح من رجال القبائل ونحو 300 ضابط وخبير ومرتزق أجنبي من السعودية وإيران وبريطانيا والأردن يتولون تدريب تلك القوات والتخطيط وإدارة العمليات الاتصالية وبعض أولئك الضباط والخبراء الأجانب كانت لديهم خبرات سابقة في مجال محاربة الثورات التحررية، وحتى ذلك الوقت كان وجود الاستعمار البريطاني في عدن مصدر دعم لهم. بدأ الملكيون هجومهم الكبير- نهاية عام 1967م_ من صعدة التي سهل عليهم إسقاطها لأنها لم تكن في ذلك الوقت دُعمتْ عسكريا من قبل النظام الجمهوري. وبسقوط صعدة في أيدي الملكيين شعروا بأنهم حققوا نصراً عسكرياً وسياسياً مما أدى إلى مواصلة الهجوم بقوة حتى تمكنوا بداية شهر فبراير 1968 من الوصول إلى مشارف العاصمة صنعاء وضرب مراكزها الحساسة. في تلك الأثناء كانت الصحف ووكالات الأنباء التي تنقل أخبار المعارك تُسوّق للهجوم الملكي القاسم وتبشر بقرب سقوط العاصمة صنعاء بأيدي الملكيين، ولَعِبَ خروج القيادات الرئيسية في النظام الجمهوري عن العاصمة إلى الحديدة وبعض المدن أو إلى الخارج وخروج الموظفين الدبلوماسيين فيها وإغلاق معظم السفارات أبوابها إلى إعطاء انطباع لدى وسائل الإعلام بأن سقوط صنعاء بات وشيكاً. لقد واصلت القوات الملكية زحفها إلى مناطق حول العاصمة في بداية ديسمبر 1967م وتمكنت من إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة وقطعت صلتها مع المناطق الأخرى، وشرعت في ضرب كل مراكز النظام الجمهوري: القصر الجمهوري، الإذاعة، المطارات، المواقع العسكرية في نقم وبراش وقصر غمدان وغيرها ومنعت الإمدادات عن صنعاء وبذلك أمكن لها الزحف نحو العاصمة واحتلال المواقع الحساسة في محيطها، حتى وصلت إلى مناطق قريبة ومنها الساحة المعروفة اليوم بميدان السبعين. وفي هذه الأثناء كان الإطباق عن العاصمة قريباً في نظر الملكيين الذين حاربوا أهلها كما حاربوا الجمهوريين حرباً نفسية قاسية، بالضرب المباشر على المناطق السكنية، وإعلانهم إباحة صنعاء للمسلحين القبليين الذين لم يكن ينقصهم المال والذهب الذين حصلوا عليها من الملكيين لدفعهم للوقوف إلى جانبهم والتمرد على النظام الجمهوري.

- لعب السودان دورا كبيرا في تلك القمة والتي سميت بمؤتمر اللاءات الثلاث حيث "لا صلح - لا تفاوض - لا إعتراف بإسرائيل" ولقد كان لرئيس الوزراء السوداني محمد أحمد المحجوب دورا كبيرا في إدارة الحوار بين المتخاصمين نجحت القمة في وقف الاقتتال بين الملكيين والجمهوريين في اليمن وتعويض المتضررين من الحرب (مصر - اليمن) وكذلك المتضررين من مواجهة العدو الاسرائيلي حيث تم تعويض كل من الأردن وسوريا ودعم فلسطين وكانت من أنجح القمم - ونزل عبد الله خلال وزير الخارجية السوداني في العاصمة صنعاء منهيا الإقتتال بين الأخوة اليمنيين.

- ولقد أستقبل الشعب السوداني الرئيس جمال عبد الناصر في الخرطوم استقبال المنتصرين مع العلم أنه خارج من حرب مهزوم فيها ولقد تعجبت بريطانيا من ذلك الاستقبال (استقبال المهزوم منتصراً) ...

- يمكن الرجوع لكتاب الديمقراطية في الميزان لمؤلفه(محمد أحمد المحجوب) - عليه رحمة الله - رئيس وزراء السودان الأسبقى - الناطق الرسمي بإسم العرب بالإنجليزية في المحافل الدولية حينها - له الرحمة فلقد كان عبقرية فذة.