الرئيسيةبحث

حركات اجتماعية

الحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان في التعاريف والمصطلحات

في الإعاقة والقضية

للإعاقة بشكل عام تعريف وصفي يفيد بـأنها عبارة عن "فقدان أو تقصير وظيفي، بدني أو حسي أو ذهني، كلي أو جزئي، دائم أو مؤقت، ناتج عن اعتلال بالولادة أو عن حادث ما، أو مكتسب عن حالة مرضية دامت أكثر مما ينبغي لها أن تدوم؛ ويؤدي إلى تدني أو انعدام قدرة الشخص على ممارسة نشاط حياتي هام واحد أو أكثر، أو على تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده. أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، أو ضمان حياة شخصية أو إجتماعية طبيعية بحسب معايير مجتمعه السائدة".

وهذا التعريف كما هو واضح يحتاج إلى عمل كثير لتحديد التوصيفات بشكل أدق، ولم يتوصل الخبراء إلى تعريف موحد يمكن اعتماده، والبناء على أساسه، إذ أن التعاريف الموسعة التي تأخذ بها البلدان المتطورة يمكن الباحثين والخبراء من تقسيم الإعاقة إلى درجات، وبالتالي يتم التوجه إلى الأشخاص المعوقين من خلال درجة إعاقتهم، أما التعاريف الضيقة التي تأخذ بها البلدان العربية فتستثني كثيرين من الأشخاص المعوقين، وخاصة ذوي الإعاقات غير الظاهرة. ويعرف الشخص المعوق في مجال العمل، وفقاً لمنظمة العمل الدولية, بأنه الشخص الذي تنخفض بشكل حاسم فرص حصوله على عمل أو العودة إلى عمله السابق أو فرص تدريبه وترقيته في عمله الحالي نتيجة خلل أو صعوبة واضحة في قدراته العقلية أو الحركية أو الحسية.


أولاً: في أنواع الإعاقة

يقال إن الإعاقات هي أربع: حركية، حسية، ذهنية، عقلية. ويوجد تقسيم آخر يضم الذهنية والعقلية معاً.

1. الإعاقة الحركية: هي فقدان, جزئي أو كلي, لقدرة الشخص على القيام بالمهارات الحركية (كالمشي, الوقوف, حمل الأشياء, صعود ونزول الدرج, استخدام الأصابع للكتابة...), وتنتج عن تقصير أو خلل وظيفي بدني معين كالشلل السفلي أو الرباعي، بتر الأطراف، شلل الاطفال، الحروق, الضمور العضلي, الروماتيزم, خلع الورك... وقد يضطر الشخص الذي لديه حاجة إضافية حركية إلى استخدام معينات طبية كالعصا, الكرسي المتحرك, العكاز, طرف إصطناعي أو وسائل مساعدة كالأدوات المساعدة للكتابة أو الطباعة...

2. الإعاقة الحسية: وتشمل الإعاقة السمعية و البصرية والنطقية. الإعاقة السمعية: هي فقدان القدرة على السمع (بشكل جزئي أو كلي) مع أو بدون مشاكل في النطق, بسبب خلل في الجهاز السمعي, بحيث لا يتمكن الفرد من فهم الكلام أو الأصوات إلا عن طريق استعمال أجهزة سمعية معينة, قراءة الشفاه أو لغة الإشارة. الإعاقة البصرية: هي فقدان البصر (بشكل جزئي أو كلي) أو ضعف بصر شديد. قد يضطر الشخص إلى استعمال معينات مثل العصا البيضاء أو نظارات خاصة أو أجهزة مساعدة مثل برامج الكمبيوترالناطقة, أو الأحرف النافرة (برايل). الإعاقة النطقية: هي فقدان القدرة على النطق بشكل جزئي أو كلي, أو وجود مشاكل في النطق, قد تضطر الشخص إلى استعمال لغة الإشارة للتواصل.

3. الإعاقة الذهنية: هي الإعاقة الناتجة عن خلل في الوظائف العليا للدماغ كالتركيز والعدّ والذاكرة والإتصال مع الآخرين... ينتج عنها صعوبة تعلم أو خلل في التصرفات والسلوك العام للشخص.

4. الإعاقة العقلية: هي الإعاقة الناتجة عن انخفاض في درجة الذكاء عند الشخص أو عن أمراض نفسية, تكون عادة مصحوبة بصعوبة في التوافق النفسي والاجتماعي والسلوكي. تعود إلى أسباب وراثية أو بيئية – مكتسبة أو الاثنين معا.. وهي على مستويات مختلفة فمنها البسيطة، والمتوسطة، والشديدة.

ثانياً: في المصطلحات

تعكس اللغة التي نستخدمها مدى احترامنا وتقبلنا للآخر. فاستخدام لغة مناسبة عند التحدث والتخاطب مع، وعن الأشخاص المعوقين، يعتبر خطوة أساسية نحو بناء مجتمع دامج متنوع يتقبل أفراده كافة، وفق سياسة اتحاد المقعدين اللبنانيين التي تعمل على تكافؤ الفرص للأشخاص المعوقين وغير المعوقين، بناء على تعريفها للدمج على أنه "إيمان تام بحق كل فرد في المشاركة الكاملة في المجتمع، وقبول تام بالاختلاف والتنوع". في سبيل تحقيق ذلك, يجب الإشارة دائماً إلى كلمة "شخص" عند التحدث عن الأشخاص المعوقين انطلاقاً من اعتبار أن الأشخاص المعوقين هم أشخاص بالدرجة الأولى ومن ثم تأتي الحاجة الإضافية أو الإعاقة. وقد عمل الاتحاديون بقوة على تطوير المصطلحات بما يلائم الأشخاص المعوقين ويحفظ كرامتهم. ومن ذلك التعابير المبينة في الجدول أدناه، :

تعابير سلبية:معاق, يعاني من إعاقة, مصاب بإعاقة, مشوه, ذو عاهة, معطوب. تعابير إيجابية :شخص معوق بالعامية المحكية: شخص معوق تعابير سلبية:أعمى، ضرير، كفيف تعابير إيجابية :شخص مكفوف،بالعامية المحكية:ما بيشوف

تعابير سلبية:أطرش, أطرش - أبكم, أخرس, يعاني من فقدان السمع. تعابير إيجابية: شخص أصم،بالعامية المحكية:ما بيسمع

تعابير سلبية:مجنون, مختل, معتوه, متخلف, متأخر عقلياً تعابير إيجابية : شخص لديه إعاقة ذهنية أوعقلية بالعامية المحكية:عنده إعاقة ذهنية تعابير سلبية: منغول، داون سيندروم تعابير إيجابية : لديه تثلث صبغية 21 بالعامية المحكية:عنده تثلث صبغي تعابير سلبية: مقعد, مقيد, مكبل, محكوم, محبوس, محصور بالكرسي المتحرك، كسيح، مكرسح، أعرج, مشلول شخص معوق حركياً تعابير إيجابية : شخص لديه حاجة إضافية حركية، بالعامية المحكية:ما بيمشي، بيستعمل عكاز، بيستعمل كرسي متحرك...

ثالثاً: في النماذج

من خلال تعريف الإعاقة يتضح أنها ليست مجرد حالة طبية، لكنها حالة تنجم عن تفاعل بين عدم أداء وظيفي بدني أو ذهني أو حسّي وبين الثقافة والمؤسسات الاجتماعية والبيئة المادية. غالباً ما يكون الشخص المحدودة قدراته البدنية أو الذهنية معوقاً، لا بسبب حالة يمكن تشخيصها، بل بسبب حرمانه من التعليم والخدمات العامة، ويؤدي هذا الحرمان إلى الفقر الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الإعاقة نتيجة لتعريض الشخص المعوق إلى مزيد من سوء التغذية والأمراض وظروف غير مأمونة في الحياة والعمل. ويُعرف مفهوم الإعاقة هذا بالنموذج الاجتماعي للإعاقة، أي النظرة إلى الشخص المعوق من تحت مظلة حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق والشرائع، والإيمان بقدراته. ويقارن هذا النموذج بالنموذج الطبي الأقدم للإعاقة الذي يركّز على الحالة الإكلينيكية للشخص المعوق، في حين أن النموذج الاجتماعي يصور الإعاقة على أنها تفاعل بين أوجه العجز والقصور في وظائف الأفراد وبين البيئة.

ينظر المجتمع إلى الأشخاص المعوقين ويتعامل معهم من خلال ثلاثة نماذج، الأول هو النموذج الطبي، باعتبار الشخص المعوق حالة طبية ينبغي التعامل معها في المراكز الطبية، وهذه النظرة ناتجة عن تفكير خاطئ، خارج إطار الحقوق.

أما النموذج الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، فيزيد عن النظرة الاكلينيكية، معاني العطف والشفقة، ويسمى بالنموذج الخيري الرعوي، فينظر إلى الشخص المعوق على انه إنسان ضعيف لا يستطيع أن يصرف أموره لوحده وانه يستحق الشفقة كثيراً، لذا يجب على أي إنسان ألا يجرح مشاعره بكلمة، مثلاً، وأن تتم رعايته في مؤسسات مغلقة، وغالباً ما تستعمل هذه المؤسسات الرعوية الأشخاص المعوقين لاستدرار عطف الجماهير ويكون لها مآرب مادية آنية، كما يحدث في المواسم الدينية والمناسبات...ولكن يتناسى أصحاب هذه المؤسسات الرعوية، والإطار القانوني الذي ما يزال يؤمن استمراريتهم في لبنان، أنهم يزيدونه هماً وأسى ويشعرونه "بحنانهم الزائد" المصطنع المزين بالشفقة، وبالتالي وفق الدراسات يزيدونه تهميشاً وابتعاداً عن المجتمع، وتجهيلاً كذلك.

أما النموذج الثالث، النموذج الاجتماعي، القائم على الحقوق باعتبار الشخص المعوق هو إنسان يتمتع بكامل الحقوق التي تضمنتها شرعة حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية، وآخرها الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص المعوقين الصادرة عام 2006، والتي مرت مرور الكرام في مجلس الوزراء الحالي وتقف على عتبة مجلس النواب للمصادقة عليها.

من نافلة القول إن اتحاد المقعدين اللبنانيين يناضل منذ 25 عاماً وفق النموذج الاجتماعي، لاغياً بذلك النظرة التاريخية الموروثة تجاه الأشخاص المعوقين، حيث كان المجتمع، وما يزال بعضه للأسف، يتعمل معهم تحت سقف الشفقة والعطف، والسخرية أحيانا، حاداً من قدراتهم، مهمشاً إياهم.

وأنه بناء على نضاله الطويل انتقل من مرحلة إلى أخرى، فقد استطاع بالتشارك والتحالف مع الجمعيات الحقوقية الأخرى أن يضع الإطار الأولي لحقوق الأشخاص المعوقين في مسودة قانون يحفظ لهم كرامتهم، وذلك بعد ناضل في فترة الحرب الأهلية من أجل وجود دولة، ومؤسسات عامة يمكن التوجه إليها ومساءلتها، ومطالبتها بالحقوق. وبعد أن أقر القانون انتقل الاتحاد وشركاؤه إلى مرحلة مطالبة الدولة، والحكومات المتعاقبة بإيجاد المراسيم التطبيقية التي تحول كلمات هذا القانون إلى واقع. المصدر: ورقة عمل تحت عنوان قراءة في الحملات المطلبية للأشخاص المعوقين في لبنان (اتحاد المقعدين اللبنانيين نموذجاً).