حرب المائة عام عبارة عن نزاع بين فرنسا وإنجلترا، التي دامتْ 116 سنةَ مِنْ 1337 إلى 1453. إدّعى الملوكُ الإنجليزُ العرشُ الفرنسيُ وكافحوا من أجله. هذه المعركةِ قوطعتْ بعِدّة فترات طويلة مِنْ السلامِ قَبْلَ أَنْ تنتهي بطردِ الإنجليزِ مِنْ فرنسا، بإستثناء كاليه.وكانت الحرب سلسلة من النزاعاتِ ومقسمةُ إلى ثلاثة مراحلِ:
والهبوط البطيئ للثرواتِ الإنجليزيةِ بعد ظهورِ جوان .امابنسبة للتعبير " حرب المائة عام" كَانت تعبير تأريخي لاحقاً إخترعَ مِن قِبل المؤرخين لوَصْف سلسلةِ الأحداثِ. تَستمد الحربُ أهميتُها التأريخيةُ إلى عدد مِنْ العواملِ. مع ذلك كانت اساساً نزاع سلالي،ولقد ساعدتْ الحربَ على تَطوير الجنسيةِ الفرنسيةِ والإنجليزيةِ. وكانت مقدمةَ للأسلحةِ والوسائلِ الجديدةِ، الذي غيّرا النظامَ الأقدمَ للجيوشِ الإقطاعيةِ والذي كان يسيطرَ عليه سلاحِ الفرسان الثقيلِ. والذي كان يعتبر الجيوش الدائمية الأولى في أوربا الغربية منذ زمن الإمبراطورية الرومانية ، لذاتغير دور طبقةِ الفلاحين. كُلّ هذا ، بالإضافة إلى المدّة الطويلةِ،جعل المؤرخين يعتبرونها في أغلب الأحيان كأحد النزاعاتَ الأهمَّ في تأريخِ الحروبِ في القرون الوسطى.
تعدى تأثير هذه الحرب إلي ممالك ودوقيات مجاورة ، وتعتبر تلك الحرب أطول الحروب الأوروبية وتعتبر تلك الفترة <فترة الحرب> نهاية للعصور الوسطى وبداية للعصور الحديثة. حيث كانت إنجلترا وفرنسا تحت حكم أنظمة ملكية تقلبت بين القوةوالضعف ففى فرنسا كانت الملكية تعانى من قلة الموارد والصراع بين النبلاء والإقطاعيين ورجال الدين وعامة الشعب ويتفاوت هذا الصراع ويتباين بالنظر إلي حال الجالس على العرش ، وقد حكم فرنسا خلال حرب المائة عامخمسة ملوك أهمهم فيليب السادسوشارل الخامس حتى شارل السابع وأعتمدت فرنسا على الضرائب المختلفة وفى الحكم على مجلس الدولةوأعوانه ومجلس طبقات الأمة. ولمتختلف أنجلترا عن ذلك كثيرا فقد أعتمدت علي الزراعة وتربية الأغنام وتجارة الصوفوكانت إنجلترا تابعة لملك فرنسا,وحكم أنجلترا من الملوك أثناء الحرب خمسة هم إدوارد الثالث وريتشارد الثاني وهنري الرابع حتى هنري السادس وعانى ملوكأنجلترا من كثير من المشاكل الداخلية في العلاقات مع أسكتلندا وأيرلندا وتنظيم الدخل والعلاقات مع النبلاء والأقطاعيينورجال الدين.
تعود الأسباب إلي تعقد العلاقات بين البلدين منذ منتصف القرن الثالث عشر 1250م تقريبا وترتب علي جذور تلك العلاقات أن أصبحت أنجلترا تابعة لملك فرنسا الذي أستغل تلك التبعية في الحصول على كثير من المكاسب المادية في شكل ضرائب وحقوق سيادةوالكثير من السلع التجارية هذا بالإضافة للضغوط السياسية والمعنوية وكان لذلك الأثر الكبير في رغبة إنجلترا للتخلص من تلك التبعية حتى وإنكان ذلك بالحرب المدمرة.
في صيف 1339 بدأ إدوارد الثالث حربه ضد فرنسا وكانت البداية في شكل تكثيف نشاط ديبلوماسي وكسب علاقات لحصار فرنسا أمام موجات متلاحقة من عداء المحيطين لفرنسا فكان التأييد لأنجلترا من الفلاندر التي أصيبت بضرر أقتصادى جسيم كما ذكرنا في السبب الثاني وحتى على السواحل الفرنسية كسبت إنجلترا التأييد والتشجيع, وبدأ الملك إدوارد حربه بمعركة بحرية على السواحل الفرنسية أنزلت فيها البحرية الأنجليزية ضرر بالغ وخسارة فادحة جعلت فرنسا تخسر أسطولها الذى تكون على مدار سنوات طويلة وواصل إدوارد الثالث أستعدداده ففى شهر يوليو من عام 1346 نزل بقواته البرية في الأراضي الفرنسية وكانت حربا سهلة بدون عقبات فالدفاع ضعيف وأمكانات الجيش الفرنسي أضعف وخرج ملك فرنسا فيليب السادس بفرسانه لملاقاة الزحف إلا أن اللقاء أثبت تفوق الجيش الأنجلزي الذى تمكن بسهامه من قهر الجيش الفرنسي وقتل منه الآلاف ففر ملك فرنسا من المعركة وواصل الجيش الأنجلزي زحفه حتى وصل لمدينه كالييه التي سلمت للأنجليز عام1347 ومع تأكد ملك فرنسا من ضعف أمكانياته عقد هدنة مع ملك إنجلترا ، وفى عام 1350 توفي ملك فرنسا فيليب السادس. جاء بعد فيليب السادس ملكا ضعيفا واصل الحرب ، وجائت المعركة البرية الثانية لتنزل الهزيمة بالجيش الفرنسى وأخذت إنجلترا ملك فرنسا أسيراً في معركة بواتييه 1356 فكانت كارثة سياسية إلى جانب الكارثة العسكرية واضربت أحوال فرنسا بعد الهزيمة وجيء بالأمير شارل وكان شابا صغير السن لا خبرة له لتزداد الأمور سوءاً وتكثر الأضطرابات في كل أنخاء البلاد وما لبث ان عاد ملك فرنسا من أسره ولكن بشروط لمتنفذ حتى التوقيع على معاهدة بين الطرفين تعرف بمعاهدة كالييه عام 1360. من شروط معاهدة كالييه أن تحصل بريطانيا على كل شمال غرب فرنسا مع المناطق التي أحتلتها إنجلترا قبل ذلك علاوة على كالييه في الشمال وأن تدفع فرنسا لأنجلترا ثلاثة ملايين جنيه من الذهب ، والكثر من ذلك أن أنجلترا أذلت فرنسا بأن اتفق على تسليم أثنين من أبناء الملك الفرنسي وأخوالملك وسبعة وثلاثون اميرا مع تسليم ممثلين عن الدول الهامة وسلم هؤلاء كرهائن عند الأنجليز جعلت تلك الشروط ملك فرنسا يحيا حياة مهينةوأثقل كاهل البلاد بالذل والخضوع. جاء بعد ذلك على عرش البلاد شارل الخامس ليواصل الكفاح ضد الأحتلال الأنجليز وكان قد أستفاد من التجارب السابقة فدخل مع إنجلترا في معارك منفصلة وأستدرج إنجلترا في معارك داخلية أثقلت كاهل إنجلترا وأستمرت هذه الحروب لسنواتأفقدت النجليز الكثير من المواراد والإمكانيات,ووقف إلى كانب شارل الخامس الشعب الفرنسى الذي مل من الرضوغ وقلة الموارد ومذلة النفس ومن ثم كان تجاوبه لصالح فرنسا قبل ملكها ، فحدث أن خسرت أنجلترا الكثير من المواقع التي أحتلتها وأضطرت لعقد سلسلة من أتفاقيات الهدنة بداية من عام 1375 ، وانعكست هذه الاوضاع على داخل إنجلترا التى قلت مواردهاوأنقلبت أوذاعها الداخلية وما لبث أن مات إدوارد الثالث عام 1377 ليأتى بعده ريتشارد الثاني ليُحاصر بصراعات داخل أنجلترا وحرب مفتوحة مع فرنسا تحتاج إل حلول حاسمة. وفي فرنسا جائت وفاة الملك شارل الخامس فجأة ويأتي بعده شارل السادس عام 1378 وكان صغيراً ومن ثم كانت الوصاية عليه فتحت باب الصراع في داخل فرنسا والمنافسة للوصول إلى المانصب الكبرى والمكاسب المادية دون اعتبار للصراع الخارجى مع إنجلترا والمهدد بالانفجار في أية لحظة, وأنعكس الصراع علي اوضاع العامة التي انتقل إليها الصراع والتفتت وشيوع التمردوالعصابات. وبالرغم من أن الأضرابات كانت في إنجلترا ايضا وتلك نتيجة طبيعية لطول أمد الحروب إلا انها كانت أبشع في فرنسا شجع ذلك هنري الخامس على القيام بغزوة جديدة عام 1413 وطالب هنرى الخامس من ملك فرنسا شارل السادس التنازل عن العرش كما طلب بالزواج من أبنة الملك الفرنسى. وواصل هنري الخامس حروبه وأنتصاراته في فرنسا وسط مقاومة ضعيفة ومقتل آلاف الفرسان بفعل مهارة رماة السهام الأنجليز وكان ذلك عام 1415 ووجد الملك الفرنسى نفسه في موقف الذل والمهانة فأضطر للاعتراف بملك أنجلترا هنرى الخامس ملكا على فرنسا ، وترتب علي ذلك ظهور حالة من اليأس في أوصال الشعب الفرنسي وسط ترتيبات انتشار الدارة الأنجليزية بموظفيها لتدير امور البلاد والمدن الفرنسية وجائت الطامة الكبرى بضياع الهيبة والصولجان وكان ذلك توقيع معاهدة تروا في 12 مايو 1420. وفي اطار وبموجب تلك المعاهدة أعطى ملك أنجلترا يد أبنته لملك فرنسا ليحرم أبنه من وراثة العرش وبذلك تنضم فرنسا للتاج البريطانى, وجائت وفاة هنري الخامس عام 1424 مفاجئة لينتقل العرش إلى خليفته هنري السادس الصغير ويحكم بالوصاية ، جاء حكم الأوصياء ظالما مما أشاع روح الذل والغضب في الشعب الفرنسي. بدأت بوادر المقاومة بأن توج الفرنسيين عليهم شارل السابع سرا كملك لفرنسا عام 1422 ،وما لبث أن شاع الأمر فدخل في معارك مع الجيش الأنجليزي وذاق الهزيمة مرات متتالية بسبب جيش إنجلترا النظامي والقوي وقواته الضعيفة, وبالرغم من ذلك أستمر في الحرب بتاييد من الشعب الفنسي الذي أرتوى بروح المقاومة, ووسط حماس المقاومة ظهرت فتاة ريفية ذكية تدعى جان دارك قالت أنها تأتيها أصوات من السماء تذكر لها أن الله قد اختارها إجلاس الملك شارل السابع على العرش لتواصل معه المقاومة وإجلاء المحتل الأنجليزي وقد نجحت بالفعل في بعض معاركها مع الأنجليز ومنها فك حصارهم عن مدينة أورليان كما نجحت في تنصيب شارل السابع على العرش رسميا في يولو من عام 1429 بمدينة ريمس ،ولكن سوء الطالع أوقعها في الأسر التي أعدمتها بدعوة الهرطقة لتكون بذلك جان دارك رمز للمقاومة والعزة في فرنسا إلى بومنا هذاوجائت ملحمة كفاح جان دارك لتلهب حماس الشعب الفرنسي الذي واصل المقاومةوأرهب المحتل الأنجليزي وطلب الأنجليز عقد الصلح الذي تم في عام 1435 بمعاهدة أراس التي محت كثير من شروط المعاهدة المهينة تروا. وواصل الملك والشعب الفرنسي الكفاح في معاركمريرة تخللها بعض فترات من الهدنة منها عام 1444 والتي تزوجت فيها الأميرة مارجريت أبنه أخو ملك فرنسا من ملك أنجلترا هنري السادسفكان ذلك جانب قضة تحرير فرنسا وعادت الحرب من جديد بين البلدين في عام1449 وكانت تلك خر الحروب حتى تم خروج آخر جندي أنجليزى من أرض فرنسا والجلاء الكامل ماعدا كالييه وكان ذلك في عام 1453.
تاريخ أنجلترا لدكتور نبيل عبد الحميد