الامبراطور جستنيان الأول (فلافبوس بتروس يوستيانوس) (483 - 565) كان إمبراطوراً رومانياً شرقياً (بيزنطياً) حكم منذ أغسطس عام 527 حتى وفاته في نوفمبر 565. يشتهر بإصلاحه الرمز القانوني خلال لجنة تريبونيان، والتوسع العسكري للأرض الإمبراطورية أثناء عهده، وزواجه وشراكته مع الإمبراطورة ثيودورا. يعرف أيضاً باسم "الإمبراطور الروماني الأخير". يعتبر قديساً في الكنيسة الأرثذوكسية، ويحيى في الرابع عشر من نوفمبر. وقد تولي الحكم بعد وفاة عمه الامبراطور جستن الأول.
فهرس |
عندما تولي جستنيان مقاليد الحكم لم تكن الامبراطورية قد تغلبت علي الأزمات الكبري الي تعرضت لها منذ آواخر القرن الخامس، ففي الأشهر الأخيرة من حكم جستن جدد الفرس الحرب ضد الامبراطورية، وهكذا أصبح الجزء الاكبر من الجيش البيزنطي منشغلا في الشرق، وفي الداخل كانت الفوضي تعم القسطنطينية بسب الاضطراب في الاداء الحكومي وعدم الرضا عن الحكومة،وزاد في الخطر وجود حزبي الزرق والخضر وكانا في الاصل فرقتين رياضيتين تطورتا إلي حزيبن سياسيين في القسطنطينية.
وقد بلغ خطر هذين الحزبين أشده في ثورة نيكا سنة 532م،وهكذا لم يكن جستنيان في مركز يمكنه من الالتفات لمشاريعه الكبري قبل سنة 532 أي قبل القضاء علي الخطر الداخلي وتلافي خطر الفرس.
بالرغم من التنافس السابق بين الحزبين (الخضر والزرق) فقد وحدا صفوفهما ضد جستنيان واخذ أنصارهما يعيثون في القسطنطينية فساد،بل و تمكنوا من التغلب علي بعض القوات الحكومية،وقد تحرج مركز جستنيان لدرجة أنه فكر في الفرار من القسطنطينية لولا موقف زوجته تيودورا وجرأتاها وتشجيعها لجستنيان ورجاله لكي يصمدوا ضد الثوار، وقد انتهي الامر بتغلب الامبراطور علي خوفه،فأرسل قائده الشهير بليزاريوس ورجاله لمواجهة الجمهور الثائر،وتمكن هذا القائد من إخماد الثورة بعد مقتل 30 ألف نفس.
وهكذا نجا جستنيان من هذا الخطر الداخلي الكبير،بل تمكن في نفس الوقت من القضاء علي الكثير من القوي السياسية التي كانت الأحزاب تمارسها في القسطنطينية ،واستتب الأمر لجستنيان في عاصمته.
وفي نفس العام الذي قضي فيه علي ثورة نيكا عقد جستنيان معاهدة مع ملك فارس تعهد الول بمقتضاها بدفع جزية كبيرة مقابل إيقاف الحروب علي الحدود، وهكذا تمكن جستنيان من أن يأمن جانب الفرس لفترة من الزمن وأصبحت له حرية كبيرة لكي يمارس مشاريعه لإعادة بناء الامبراطورية.
كان جل اهتمام جستنيان هو إعادة بناء الامبراطورية الرومانية في الغرب،،فقد كانت كل الولايات الرومانية في الغرب تحت سيطرة حكام من الجرمان،فإن القوط لشرقيين كانوا يحكمون إيطاليا، والوندال في شمال افريقيا،والقوط الغربيين في اسبانيا، والفرنج في غاله،والانجلوساكسونيين في إنجلترا.
بلغت الإمبراطورية البيزنطية أقصى اتساعها في عهد جستنيان الذي حكم ما بين عامي 527م و565م.تم استرداد إيطاليا بما فيها روما على يد قائده بليزاريوس.كما اتسعت الإمبراطورية بضم آسيا الصغرى (تركيا الحالية) و سورية وشبه جزيرة البلقان وشمالي إفريقيا وفلسطين والساحل الجنوبي لأسبانيا . وقد ساعدت بطوله بليزاريوس وبسالته في ميدان القتال على رسم صورة لعهد جستنيان كعصر ذهبي في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية.[1].
وقد بدأ جستنيان بالوندال وممتلكاتهم في شمال افريقيا، وكان الوندال وهم عنصر جرماني قد فقدوا الكثي من نشاطهم وقوتهم بسبب نزوعهم إلي حياة الترف والخمول وكره السكان المحليين لهم،وهكذا لم يجد بليزاريوس مقاومة كبيرة، ولم تستمر مقاومة الوندال سوي بضعة أشهر، وأختفت دولة الوندال سنة 532، واستعادت الامبراطورية اقليما من الاقاليم التي ضاعت علي الدولة منذ أوئل القرن الخامس.
استغل جستنيان قتل زعماء القوط للأميرة امالاسونثا ابنه الملك ثيودريك العظيم والوصية علي أبنها القاصر وكانت هذه الأميرة موالية للرومان بسبب اعجابها بالحضارة الرومانية،استغلها ذريعة لغزو ممتلكات القوط الشرقيين في إيطاليا ، وسارت جيوش الامبراطورية البيزنطية وعلي رأسها بليزاريوس إلي إيطاليا، ولم يكن القوط الشرقيين قد اضمحلوا أو حل بهم ما حل بالوندال في الاراضي الافريقية، ولذا وجدت الجيوش الامبراطورية من القوط مقاومة طويلة في إيطاليا،غير أن تلك المقاومة كان لابد وأن تنتهي وذلك لأنها لا تستند إلي قوة ومساعدة من ناحية السكان الذين كانوا يمقتون المذهب القوطي الأريوسي، وأخيرا سقطت رافينا عاصمة القوط الشرقيين سنة 540.
وقد توجهت مجهودات الامبراطور كذلك إلي اسبانيا حيث كان القوط الغربيون، وأحرز هناك نجاحات واستطاعت جيوش الامبراطورية أن تستعيد الجزء الجنوبي الشرقي لاسبانيا حتي قرطبة سنة 554م. ولم تتمكن الامبراطورية من كمال السيطرة علي كامل شبه الجزيرة الآيبيرية بسبب لانها كانت تواجه صعوبات كبيرة في إرسال مزيد من القوات إلي نلك البلاد البعيدة.
وبذلك استطاع جستنيان أن يعيد للدولة الرومانية عزها الأول باستعادته جزئا كبيرا من مساحتها الأولي،فإنه قد أعاد إخضاع دلماشيا وإيطاليا وكل شمال أفريقيا وجزر البحر الأبيض في الغرب وهي جزر صقلية وكورسيكا وسردينيا وجزر البليار.
استغل الفرس انشغال الامبراطورية بحروبها ضد الوندال والقوط،وقاموا بمهاجمة الدولة الرومانية بكل قواهم، واستوا علي مدينة لزقا علي سواحل البحر الأسود وتقدمت جيوشهم نحو الشام حتي انطاكية،واستمرت الحرب سجالا لمدة من الزمان وقد انتهت الحرب سنة 562.
إلب جانب ذلك تعرضت حدود الامبراطورية عند جبهة نهر الدانوب لغارات قبائل الهون،وفي سنة 540 عاثوا فسادا في تراقيا واليريا وبلاد الأغريق حتي خليج كورنثه،وتمكنوا من شق طريقهم عنوة حتي القسطنطينية.
كما تعرضت الإمبراطورية لغارات العناصر السلافية،وتمكن البيزنطيون من دفعهم بمشقة كبري وبفضل شجاعة بليزاريوس،وإلي جانب ذلك كله ظهر الآفار علي مسرح الحوادث مكونين خطرا آخر يعمل حسابه.
حقيقة أن غارات الهون والسلاف لم تسفر عن تأسيس هذه العناصر وإقامتها في أراضي الإمبراطورية، لكن نتيجة لغارتها وأعمالها التخريبية أصاب شبه جزية البلقان تخريب شامل،وهكذا دفعت الإمبراطورية في الشرق ثمنا غاليا لانتصارتها في الغرب.
ويضاف إلي تلك الحروب إلي تلك الحروب في سياسة جستنيان الخاريجة أنه في سبيل تحقيقه لمشروع إعادة مجد الامبراطورية القديمة، لجأ الي نشاط آخر إلي جانب النشاط الحربي،فقد عمل كل ما في وسعه علي أن يحقق ذلك بالطريقة الدبلوماسية ونشر سيادة الامبراطورية بتوزيع الهبات المالة وإثارة أعدائه بعضهم ضد بعض،وقد أدخل بذلك تحت سيادة الامراطورية عددا من القبائل المتبربرة التي أقامت علي حدود الامبراطورية وأزال خطرها هناك، كما أنه استعمل الدعاية الدينية، فخلق بذلك بذلك مناطق نفوذ للامبراطورية، وأعد السبعثات والارساليات التي نشرت المسيحية في الحبشة وسواحل البحر الأسود.
وبذلك الكل تمكنت الامبراطورية من تكون لنفسها عدة دويلات تابعة من العرب في الشام واليمن،والبربر في شمال افريقيا ، واللمبارديين والهون.
سبقه جستن الأول |
الأباطرة البيزنطيون 527 - 565 |
تبعه جستن الثاني |