الرئيسيةبحث

جامعة أم القرى

بسم الله الرحمن الرحيم

وآ أَسفاه أَ في كلية الشريعة في جامعة أطهر البقاع ؟

فَُجِعَ المحبُّون لهذه البلاد المباركة ، و الحريصون على نهضتها بخبرٍ عزَّ عليهم مسمعه ، وأثَّر في قلوبهم وقعه هو( جامعات المملكة في ذيل قائمة جامعات العالم ) ، ومعلوم أنَّ التعليم الجامعي هو الصورة الصادقة للأمم الناهضة ، وحظها من التقدم والرفاهية . ومن أعماق تلك الفاجعة تعالت صيحات النخب ، وتباينت آراؤهم :

فمنهم المحلِّق في الأبراج العاجية ، والهائم في العروش الواهية ، يرى هؤلاء مثالية ما نحن فيه ، وأنَّه ليس بالإمكان أفضل مما كان ، وأرباب هذا الرأي هم ممن يسرقون الحياة ، و يزوِّرون التأريخ .

وذهب آخرون إلى أنَّ هذه الواقعة فرصة للمراجعة و المحاسبة ، و السعي الصادق – من قبل مخلصين مؤهلين – لوضع آليات التخطيط الشامل للإصلاح التعليمي ؛ لكي تتبوأ مملكتنا الحبيبة مجداً يشير إليه النجم الثاقب ، وشرفاً تحفظ طرفيه المناقب . ومن باب المساهمة في التقويم ، فإنِّي سأُحلِّل عينة من العينات ، لها نظائر في أكثر الجامعات ، قصدت بهذا التصحيح لا التجريح ، و سلكت سبيل التلميح لا التصريح ، لعل من يلهث وراء السراب يخرج من أقبية الماضي ،ومتاهات الحاضر . مَنْ منكم – أيها السادة – يُنكر أن كلية الشريعة في جامعة أم القرى هي ذروة سنام الكليات في جامعات المملكة ؟ كانت هذه الكلية فريدةً في بابها ، ولباباً بين أترابها ، يؤمها طلاب العلم الشرعي من كل الأصقاع ؛ لينهلوا من معينها الصافي . تولَّى قيادتها منذ نشأتها رجال أفذاذ ، أرباب همم سامقة ، ومبادئ سامية ، يأبى أحدهم إلا أن يكون أمة ، كتب التأريخ سير أولئك العظماء بمدادٍ من فخر ، وأحرفٍ من نور ، من أمثال الحكيم اللوْذَعي الحكمي ، و ذَوَيْ العقل الراجح والفهم الصافي ابْنَي حميد الخالدي ، والحصيف المبدع السفياني .

وإليك أيها الحادي أهم أسباب نجاح تلك القيادات الرائدة :

1) جمَّلهم الله بخلق كالماء صفاء ، والمسك ذكاء ، جمعوا – بحسن خلقهم – الأهواء المتفرقة على محبتهم ، وتألفت القلوب المتنافرة في مودتهم . 2) كان أحدهم لإخوانه عدة يشدهم ويقويهم ، ونوراً يسعى بين أيديهم ، وإذا أخطأ من لهم يد عليه قالوا : إن إقالة العثرة من مواجب الكرم ، وقبول المعذرة من محاسن الشيم ، فأسروا بهذا المبدأ العقول والقلوب ، وانصهر الجميع في بوتقة الحب و الولاء . 3) خطَّ كل منهم ـ لإدارته ـ سياسةً سار على وفقها ، ورسالةً بذل وسعه في تحقيقها ، ورؤيةً إصلاحيةً اجتهد في تنفيذها . و لا زالت الكلية تتغنى بمثالية تلك الحقبة ، وتترنم بذكرياتها ، والذكريات صدى السنين الحاكي . وبعدما طوت يد الحدثان تلك الصفحات المشرقة ، تسنَّم ريادة الكلية قاضٍ سابق ، فاضل في ذاته – هكذا يُحسب والله حسيبه – علَّق عليه الرجال – بعد الله – الآمال ، إلا أن الظن لم يدم طويلاً ، فبعد أيام قلائل حكم حذَّاق الإدارة وفرسان القيادة على الفكر الإداري بالخلل ، والسياسة القيادية بالفشل ، وعالم الإدارة النزيه لا يقبل المصانعة ، ولا يؤمن بالمجاملة. وستجد – أيها المنصف – في عِطف هذه الأسطر غيضاً من فيض ما يجري في هذه الكلية من الغريب والعجيب ، أما رصد و إحصاء ذلك فيعجز عنه المغرمون بالأرقام .

أولاً: منهج تعامل العميد مع أعضاء هيئة التدريس . 1) التنكُّر لفضل مشايخه الفضلاء ، وزملائه النبلاء الذين كانوا سبباً – بعد توفيق الله – في مواصلة دراساته العليا ، حتى ثبتت قدمه في المحل المنيف ، وتمكَّن من جوامع التشريف. 2) المشكلات المتتالية ، والأزمات المتوالية مع أكثر رؤساء وأعضاء الأقسام ، ممن يصونون النفس عن معرَّة الامتهان ، ويتجافون بها عن مطارح الهوان ، و إن مما سارت به الركبان ، وتحدثت بذكره السُّمار ، النزال بين العمادة وقسم الدراسات العليا التاريخية ، عندما طالبوا بحق من حقوقهم . 3) اعتدى فضيلة العميد على أحد زملائه في الجامعة ـ أمام الملأ ـ عندما وصفه بأنَّه ( حمار ) ، ورفع الأخير الشكوى إلى القضاء ، وطُلب المدعى عليه مرةً بعد أخرى ، ولكن ... ، وفي هذا المقام يسأل المدعي سدنة الشريعة وحرَّاس الملة ، هل يجوز لذوي الامتياز البشري التعالي على القضاء الشرعي ؟

وعند الله تلتقي الخصوم .

4) أوصت العمادة مدير الجامعة الراحل بإعفاء فضيلة رئيس قسم الشريعة - السابق- ذي الأخبار الذكية ، والآثار الزكية . وعندما سُئل العميد عن مبررات ذلك ، تبرأ منه براءة الشمس من اللمس ، وادَّعى أنه لا يملك صرفاً ولا تحويلاً ، مع أن الخطاب شاع و ذاع ، وأُخرج من حيز الخفاء إلى عالم الجلاء . وللعلم فإنًّ الكلية بهذا تسجِّل قَصَب السبق في أول رئيس قسم يُعفى ، وتلاه الإعفاء الثاني ، والليالي حُبلى . 5) رفعت العمادة – بعد المفاهمة مع الوزير – خطابًا سريًا إلى مدير الجامعة الحالي توصيه بإعفاء سعادة رئيس قسم المحاسبة من منصبه ، ولا عيب في هذا الرجل إلا أن المداهنة لا تدور في عَرَصَات قلبه ، ولا تحوم المواربة على جَنَبَات صدره . وهذا الرئيس رشحه فضيلة العميد بإلحاح ؛ ليتخلَّص من سلفه ، فبان أنَّهما حران في زمن الذلة والانكسار .

وفيما يلي سرد موجز لقصة قسم المحاسبة مع العمادة :

• أوصى مجلس قسم المحاسبة – بالإجماع – عدم تجديد التعاقد مع أحد الأساتذة للعام الدراسي 1429هـ ، وذلك لسببين هما : 1) عدم التزام المذكور بالأمانة في أداء العملية التعليمية ، وتواتر وقوعه فيما هو مخل بشرف الوظيفة . 2) عملاً بقرار مجلس الوزراء القاضي بعدم تجديد التعاقد مع من تجاوزت خدمته عشر سنوات ، و الأستاذ – سالف الذكر – درَّس في الجامعة أربعة عشر عاماً . ثم رفع رئيس القسم النموذج إلى العميد ، و الذي قام بإتلافه ، وملأَ نموذجاً آخر وقَّع فيه عن رئيس القسم بما يفيد التوصية بتجديد العقد ، كل ذلك إكراماً للمتعاقد ذي الفضل على فضيلته ، و نكاية بالقسم و أعضائه . ولعل خرِّيتاً في طرائق التزوير يُفيد القرَّاء ، هل يُعد هذا منها أو لا ؟ وأحاط القسم - يومئذ - مدير الجامعة - السابق - بما جرى ، ولكنهم فوجئوا - تارةً - بالصد والرد ، وأخرى بمواعيد-من معاليه - مقرمطة ، وبعد كثرة الممطالة ، تبيَّن أن الخطَّ في صفحة الماء أقوى من عهده ، ومواعيد عرقوب أقرب إلى الإنجاز من وعده ، حينها أُكره الطلاب المتضررون على اللجوء إلى المنابر الحرة ، والخيارات المرة. أصرَّ العميد الشكوى في نفسه ، فعزم على فرض عقوبات صارمة ، وقرارات حازمة منها : • سَحَبَ الموظف الوحيد من القسم الذي يدرس فيه قرابة سبعمائة طالب لمدة تجاوزت ستة أشهر . • حَجَبَ وظائف المعيدين و الأساتذة المصروفة من الجامعة للقسم ، وحوَّلها إلى قسم لا يدرِّس بعض أعضائه ، مع أن قسم المحاسبة من أشد أقسام الجامعة حاجة ؛ لأن عدد طلابه ما ذُكر، و يدرِّس فيه سبعة أساتذة ومحاضر ومعيد ، وجميع السعوديين مكلفون بأعمال إدارية . • بعد كتابة دائمة ، ومتابعة دائبة - من قبل رئيس القسم - للجهات ذات العلاقة أعاد العميد بعض الوظائف الخاصة بالقسم ، وحدَّد زمن الاختبار ، ومكانه ، وكوَّن لجانه ، كل ذلك بلا علم ومشاركة رئيس القسم . • رفع مجلس قسم المحاسبة جدوله الدراسي المجمع عليه من الأعضاء إلى عمادة القبول والتسجيل لاعتماده ، فأعاده العميد وكلَّف المتعاقد المذكور بإعداد جدول آخر مغاير لما أقره القسم صاحب الصلاحية . • عمَّمت عمادة الكلية – قبل أسابيع - نماذج التعاقد للعام الدراسي 1430 هـ على جميع الأقسام ، عدا قسم المحاسبة . • تعمَّد العميد عدم عرض أي محضر من محاضر القسم على مجلس الكلية منذ بداية الفصل الثاني من العام الحالي ، وعددها أربعة محاضر ؛ مما نتج عنه الإضرار الشديد بأعضاء القسم وطلابه ، وعندما ناصحه رئيس القسم ، وذكَّره بأهمية الأمانة ، قال العميد أمام أعضاء مجلس الكلية ( لن أعرض أي محضر من محاضر قسم المحاسبة ) ، وهذا القرار يعني فصل قسم المحاسبة عن كلية الشريعة ، ولا يملك هذا إلا الرئيس الأعلى للتعليم العالي الرجل المصلح خادم الحرمين الشريفين أمدَّ الله عمره ، و أصلح عمله . • أمْلَت الحمية والولاء على رئيس القسم الإنكار ـ كتابةً ـ على العميد ، حينما قال في مجلس الكلية عن كتاب اللوائح والأنظمة – وهو يضحك – الكتاب الأخضر ، والضحك قرينة حالية تدل على إرادة الكتاب الأسود الليبي ، وهذا التشبيه ضربٌ من الاستهزاء غير الجائز في العلَن والخفاء ، سواء قصد المشبِّه ذلك أم لم يقصده . وللتخلُّص من هذا الخطأ ، كتب وكيل الكلية ـ وهو خادم العميد وعطسته ـ محضراً يتمشى الزور في مناكبه ، ويتردد البهتان في مذاهبه ، كتب فيه أنَّ العميد قال ( الكتاب ذو اللون الأخضر ) وهو تكلُّف مستهجن ، ومن العجيب أن الأعضاء صادقوا عليه كتابةً ، ونفوه واقعاً. • همَّش عميد الكلية رئيس القسم و أقصاه ، خيفة مخالفته إياه ، فأضحى لا يُدعى لمجلس الكلية ، ومن غريب ما يطرق الأسماع ، وتمجُّه حر الطباع ، أنَّ فضيلة العميد قال في مجلسٍ من مجالس الكلية لرئيس القسم ( أنا الرئيس و آمرك بالخروج ) ، إلاَّ أن المأمور الأشم نبذ الأمر وراء ظهره ، وبيَّن لفضيلته أنَّ الكلية ليست له عُرشت ، ولا بِاسمه سجِّلت ، بل وصل الأمر في نهايته إلى عدم مصافحته لرئيس القسم ، ولعل هذا من باب الهجر الشرعي !! وبعد تراكم المظالم والظُلَم ، و تتابع الغمائم والغُمَم ، كتب رئيس القسم خطاباً إلى معالي المدير يجلِّي فيه سياسة العميد التعسفية ضد قسم المحاسبة ، و أنَّ ما يجري ظلم صريح ، وجور فسيح ، واعتداء قبيح ، فلا بد من الأخذ على اليد ، وأطر المعتدي على الحق أطرا . • وعند تبييت نية الإطاحة بمنْ أقدم على العُظمى ، أخذ العميد يستجدي موافقة زملائه لرئاسة القسم ، فأبى الأباة ، وتطامن أحدهم من قسمٍ آخر ، ولن يستبين الحقيقة إلا ضحى الغد . وهكذا كانت نتيجة النصيحة و الإخلاص هي إعفاء رئيس القسم الذي لم يخلَّ - يوماً - بواجبه تجاه قسمه ، بل الأدهى والأمرّ هو إحالته إلى التحقيق . وأما من ركب أضاليل العناد ، و نكب عن وجه الرشاد ، فإن النظام يلين له ، واليد تقصر عنه ، فله أن يركب رأسه ، ويطيع وسواسه . وهنا يقف القسم مع صنَّاع القرار عدة وقفات : الوقفة الأولى : ما هي جريرة رئيس القسم التي بها استحق الإعفاء ؟ الوقفة الثانية : نصت اللوائح على أنَّ المستحِق للعزل هو من أخلَّ بالعمل ، وأعضاء القسم وطلابه يطالبون الجامعة بإثبات ذلك على رئيسهم . الوقفة الثالثة : أفادت الأنظمة أنَّ الإعفاء - إذا وُجد سببه السابق – يُسبَق بسلسلة من التحقيقات و اللقاءات ، وهنا جاء التحقيق مجهول السبب لاحقاً لا سابقاً. الوقفة الرابعة : بالنظر و التأمل فيما مرَّ ، وما سيأتي ، نستحلف العقلاء أي الرجلين أولى بالإعفاء ، وأحق بالتحقيق ؟ ومع تواتر تضجر الجامعة من المعارك الطاحنة في الكلية ، إلا أنَّ المؤسف ـ حقاً ـ هو أنَّ موقف أصحاب القرار فيها هو إيثار الصمت ، وكم في مجتمعنا من أُصيب بعقدة الدونية أمام استعلاء ذوي الوجاهة ، وحال أحد أولئك مع هؤلاء كالنعامة يكون جملاً إذا قيل طيري ، وطائراً إذا قيل سيري.

ثانياً : منهج التعامل مع طلبة العلم في الكلية. 1) بدأ العميد عمادته بالوقوف شخصياً عند بوابة الكلية ، و لأيام عدة يمنع دخول الطالب إذا لم يكن مرتدياً للثوب و الشماغ ، بل ويُخرج من قاعات الامتحان من لم يكن متقيداً بذلك ؛ مما أثار استياء واستغراب عقلاء الكلية وحكمائها . 2) حمل – حفظه الله – لواء المعارضين قبول الطلاب الحاصلين على تقدير جيد في برنامج الماجستير في التعليم الموازي ، بحجة دلالة معدل الطالب على مستواه العلمي ، وكأنَّه نسي أو تناسى معدله في مرحلة الماجستير ، مع أهليته لمواصلة دراسته . 3) ألغى قبل ثلاثة أعوام نتيجة الاختبارات التحريرية والمقابلات الشخصية للمتقدمين لمرحلة الماجستير في مركز الدراسات المسائية ، بدعوى عدم أخذ إذنه في اللجان المكوَّنة من أعضاء القسم ، وقد حاول مدير المركز – آنذاك – إقناعه ببيان الضرر الواقع على الطلاب الذين أتوا من كل صوب ، وواصلوا ليل المذاكرة بنهاره ، ولكن النتيجة كانت أنَّى للصخرة الخلقاء أن تستجيب للمرتقي .

ثالثاً : منهج التعامل مع موظفي الكلية . حاول عميد الكلية – جاهداً – تربية الموظفين على الخضوع والخنوع ، وذلك بإتباع سياسة اللغة الخشبية ، والعصا الفولاذية ؛ مما ترتب عليه رحلة مؤلمة لأقطاب الكلية الأحرار الذين اتَّخذوا من مقولة ( إلا الدنيَّة ) شعاراً لهم ، وتدَّثرت الكلية – بعد رحيلهم – بلباس الكآبة والرتابة .

وحُمادى القول هو أن الكلية في ظل العمادة الحالية تستحق بامتياز دخول الموسوعة العالمية للأرقام القياسية في مجالات كثرة الصدامات ، وتعطيل المعاملات ، وقلة الانجازات . ولعل باحثاً ألمعياً يرغب في دراسة هذه الحالة ، ومعرفة أسباب الخلل عندها ، و في عينة دراستنا أُجمل له ذلك في النقاط التالية : 1) التكوين الشخصي ، والعامل النفسي – عند هذه الشريحة – أفرزا فكراً بيروقراطياً ، وتعسفاً إدارياً . 2) ثَمَّ تحالف تمليه صحيفة ود وصفاء مع رب السلطة في الوزارة ؛ نتج عنه التعلق به ، واللجوء إليه ؛ لتأديب من خالف وقرع باب البلاء ، ووطئ ذنب الحية الصماء . 3) لا تمتلك إدارة الجامعة الإرادة في معارضة أي قرار يتعلق بهذه النخبة ، بل أسلمت – لفضيلته – قيادتها ، وبذلت له طاعتها . 4) كثرة دعاة التلميع و الترقيع ، وإضفاء الهالة الكاذبة ، و تالله إن هؤلاء بلية كل عصر ومصر ، وكم عانى العقلاء من هذا الغثاء .

ويأبى القلم قبل مفارقة البنان إلا أن يوجِّه أسئلة إلى أصحاب القرار في هذه الوزارة الهرمة ، ممن هم على علمٍ ودرايةٍ بكل ما ذُكر ، و ما لم يُذكر .

• لماذا احمرَّت أنوفكم ، وتعالت هيشاتكم عندما وقعت صاعقة مكانة جامعاتنا في التقويم العالمي؟ • ألا ترون بأنَّ احتقان الصفوة يولِّد نبذاً للعقول المبدعة ، وقسرها على الهجرة إلى مكان تُحفظ فيه قيمة الإنسان؟ • ألم تصل وزارتَكم نداءاتُ الملك المصلح التي ملأت الآذان ، وعقلها كل إنسان ، والتي تدعو إلى العدل بين الرعية ، ومعاقبة من أخلَّ بواجباته المهنية ؟ • ألا يستحق ـ في موازينكم ـ مَنْ لم يحفظ الوديعة ، وأساء إدارة كلية الشريعة ، أن يُعفى منها ، ويُصرف عنها ؛ لأنَّ الخيل أعلم بفرسانها ، ولكل ساحة شجعانها ؟ • هل تعتقدون بأنَّ تلك العقلية تمتلك القدرة والأهلية على النهوض بجامعاتنا علمياً ، وإدارياً ، وتربوياً ؟ إن رمتم تحقيق المأمول بفكر تلك العقول فحالكم كحال المُتلمِّس للنور في ظلمات القبور ، والباحث عن الماء في جلاميد الصخور . وسيبقى التأريخ ـ دون كلل ـ ينتظر منكم أجوبة صادقة ، بعيداً عن المعتاد من التعلُّق بالعبارات المنمقة ، والأعذار الملفقة . وقبل الوداع ـ أيها السادة ـ فهذه شمعة أشعلتها لتضيء ـ لحداة الإصلاح ـ نفق الواقع المؤلم ، وبعد ذكر بعض الأدلة الناصعة ، والبراهين الساطعة ، فلا يهولنَّكم تعقيب مَنْ يفكر بأصابع قدميه من مقدِّسي الأشخاص ، ومدَّعي العصمة لهم ، فإنَّ هؤلاء ممن يحاول حجب ضوء الشمس بيديه الصغيرتين ، ويتعلق بأذناب المعاذير المتعثرة في أذيالها ، والناكصة على أعقابها .

والله من وراء القصد .