التنافس في النفوذ بين إنجلترا وفرنسا على مصر في 1877.
لما جاءت بعثة كيف إلي مصر، لحظت فرنسا من إيفاد الحكومة الإنجليزية إياها أنها تريد الاستئثار بالنفوذ لدى إسماعيل ، ولم تكن إنجلترا ترمى إلي النفوذ المالي فقط, بل كانت تقصد إلى ما هو ابعد من ذلك, وهو التدخل السياسي, فنشط التنافس بين النفوذ الإنجليزي والنفوذ الفرنسي, ووصل هذا التنافس إلى حاشية إسماعيل وبلاطه, ففريق كان ينقاد إلى نفوز الإنجليز, وفريق أخر كان يميل إلى النفوذ الفرنسي, وهذا يدلك على مبلغ الضعف السياسي الذي تغلغل في كيان الحكومة بسبب الارتباك المالي ، ولا غرو فالمال هو عصب النفوذ السياسي.
وقد اعتزمت الحكومة الفرنسية أن تعارض مسعى الحكومة الإنجليزية بمسعى مثله, فأوفدت هي أيضا أحد موظفيها, وهو المسيو فييه villet ليعاون إسماعيل على تنظيم ماليته, فكانت ترمي بذلك إلى أن لا تنفرد الحكومة الإنجليزي بالتدخل في شئون مصر ،فقدم مشروعا أبدى إسماعيل ميله إلى الأخذ به, فاستاءت الحكومة الإنجليزية من رجحان كفة النفوذ الفرنسي، وعارضت عمل إسماعيل بضربه آلمته كانت على اتفاق معه أن لا تذيع تقرير لجنة كيف حتى لا يسوء مركزه المالي فلما رأت منه ميلاً إلي أتباع المشورة الفرنسية لوحت بأنها ستنشر التقرير فلما أحتج إسماعيل على إذاعته أوعزت إلي أحد نواب البرلمان البريطاني أن يسأل متى ينشر التقرير؟ فكان جواب دسرائيلي رئيس الوزارة أنه لا يعارض في نشره وأن الخديوي هو الذي يمانع في ذلك، فكان هذا الجواب أشد وطائة من نشر التقرير، لأنه ترك الأذهان تعتقد سوء حالة المالية المصرية، وأدى ذلك إلي نزول أسعار السندات المصرية نزولاً هائلاً.