تصنيف ديوي العشري هو أول نظام تصنيف من نظم تصنيف المكتبات بالمعنى الحديث وأكثرها شهرة في نفس الوقت، وقد صدرت الطبعة الأولى منه عام 1876 م، ويقوم هذا النظام على تقسيم المعرفة البشرية إلى عشرة أقسام رئيسية ويتفرع كل واحد من الأقسام الرئيسية إلى عشرة شعب تمثل التفريعات الرئيسية للموضوع. كما أن كل شعبة تتفرع بدورها إلى عشرة فروع حسب طبيعة الموضوع، وهكذا ينقسم كل فرع إلى عشرة وبذلك يمكن أن يستمر التقسيم العشري إلى ما لا نهاية.
فهرس |
نظام التصنيف العشري لديوي هو من أوسع نظم تصنيف المكتبات استخداما في العالم. فهو مستخدم في ما يزيد على 135 بلدا، وقد ترجم إلى ما يزيد على 30 لغة. وتشمل الترجمات الحديثة الجارية أو المستكملة اللغات العربية والصينية والفرنسية واليونانية والعبرية والايطالية والفارسية والروسية والاسبانية والتركية. وفى الولايات المتحدة يستخدم 95 في المائة من المكتبات العامة ومكتبات المدارس و25 في المائة من مكتبات الكليات والجامعات و20 في المائة من المكتبات المتخصصة نظام التصنيف العشري الذي وضعه ديوي.وتشمل التطبيقات الحديثة لنظام ديوي استخدام عناوين موضوعاته كوسيلة لتنظيم المعلومات وهيكلتها واسترجاعها على شبكة الانترنت. وهذا الاستخدام الواسع للنظام يمنحه وضعا عالميا بما يجعله أداة ملائمة لتبادل المعلومات على صعيد عالمى.
صدر نظام ديوي للتصنيف العشري عام 1876 ميلادي، وجرى تنقيحه باستمرار حتى يستجيب للاحتياجات المتطورة للحصول على المعلومات في المكتبات التقليدية وفى الأوساط الالكترونية. وقد صدر في طبعتين كاملا ومختصرا. وصدرت طبعته الحادية والعشرين بنسختين احداهما تقليدية والأخرى الكترونية. وتتضمن الطبعة الالكترونية من Dewey for Windows، ومن قرص مضغوط CD-ROM يجرى تحديثه سنويا ويصدر في شهر يناير/كانون الثانى من كل عام ومن WebDewey for CORC، وهو موقع يجرى تحديث بياناته مرة كل ثلاثة أشهر.
وأدخلت على أحدث طبعة لنظام ديوي عدة تحسينات جعلته أكثر ملاءمة من الطبعات السابقة للبحث في مصادر الانترنت. كما جرى توسيع القاعدة المعرفية لهذا النظام باضافة العديد من الفئات الجديدة وتوسيع الفئات التى يحتويها. وجرى أيضا تحديث المصطلحات ووصف الفئات على نطاق النظام بكامله بحيث تعكس رواجه واستخداماته الدولية ودرجة حساسيته للاستخدامات المفضلة للمجموعات الاجتماعية والقطرية. وشملت التغييرات الهيكلية تحسين العناوين وتوسيع الفهرس النسبى. وللبحث المتواصل بشأن نظام ديوي للتصنيف العشرى هدف يتمثل في انتاج نسخة متعددة الاستخدامات قادرة على تنظيم مجموعات كبيرة من الوثائق الالكترونية ولاسيما على شبكة الانترنت وعلى المواقع العالمية.
والرموز المستخدمة بالنسبة لجميع الفئات محددة على نحو واضح، وهى طريقة سهلة في الاستخدام. كما أنها تسمح بالتسلسل الهرمى لعملية الترميز، بما يسهل عملية استرجاع المعلومات من خلال التصفح الهيكلى. وهذه الرموز (أى الأعداد التى تميز الفئات) مشتقة من العدد المحدد للفئة المواضيعية ويتسق مع تفرعاتها ضمن الاطار العام للتصنيف.
ويمثل تصنيف ديوي العشرى خطة موحدة ومجربة تتيح مزايا مهمة مقارنة بالعديد من هياكل التصنيف المرتجلة المستخدمة اليوم على شبكة الانترنت. ويذكر أن الجزء الخاص بعنونة الموضوعات من البيانات الوصفية هو من أكثر الأدوات أهمية للقيام ببحوث متقدمة من خلال الاسترجاع البينى للمعلومات. وفى أحدث نسخة صدرت لنظام ديوي أدخلت تنقيحات على طريقة عنونة الموضوعات والمصطلحات التى يمكن أن توفر للمستخدم نطاقا واسعا من الموضوعات المتاحة في مصادر الانترنت.
وتغطى هذه الموضوعات قاعدة واسعة من الموضوعات المندرجة ضمن 10 فروع من فروع المعرفة.
000 معارف عامة
100 الفلسفة وعلم النفس
200 الأديان
300 العلوم الاجتماعية
400 اللغات
500 العلوم الطبيعية والرياضيات
600 التكنولوجيا والعلوم التطبيقية
700 الفنون
800 الأدب والبلاغة
900 الجغرافيا والتاريخ
ولتحديد أفضل نمط للمقارنة بين نظم التصنيف المتبعة في المكتبات مع التصنيف المعتمد على الانترنت من حيث نطاق التغطية للموضعات العامة، أجرى مركز Online Computer Cibreny في الولايات المتحدة دراسات قارن بين الفئات 1-10 من نظام ديوي للتصنيف العشرى مع 45-35 في محرك بحث Yahoo وهى من بين 50 من أكثر الفئات شعبية. وكشفت النتائج أن جميع فئات Yahoo باستثناء 4 منها (7 و36 و41 و45) صممت على نحو يضاهى أرقام أو فئات تصنيف ديوي العشرى. وعلى الرغم من أن التصنيف العشرى يتضمن نصوصا للتقسيم الفرعى للموضوعات بحسب المنطقة الجغرافية إلى جانب توزيع جغرافى للمؤلفات بحسب تاريخ صدورها، الا أن من المتعذر وضع تصميم مباشر للفئات: 36 (الاقليمية: البلدان) و45 (الاقليمية: الولايات المتحدة الأمريكية). وبالنسبة للفئة 7 (المجلات) يتضمن تصنيف كل من Yahoo والتصنيف العشرى تقسيمات بحسب الموضوعات. ووجد أن الفئة 41 (الفكاهة، النكتة، المزاح) هى الأكثر تشتتا لدى ترجمتها إلى نظام ديوي للتصنيف العشرى. ويشير التحليل إلى مدى اتساع خطة ديوي للتصنيف العشرى ومدى تداول فئات موضوعاتها.
والعلاقات الهرمية هى جوهر جميع التصنيفات. وتتيح نظم التصنيف العادى ترتيبا نظاميا للموضوعات وفقا لمجموعة من المبادئ التى تستند إلى فلسفة مقبولة لتنظيم المعارف على نمط يقوم على أساس مبررات موضوعية وتكرار حرفى، و/أو على أساس الجمع بينهما. بيد أن نظام التصنيف ليس جليا بحد ذاته، ولا بد من منهج أو أداة للحفاظ على العلاقة القائمة بينهما.وفى نظام ديوي للتصنيف العشري تتوفر هذه الأداة للحفاظ على العلاقة القائمة بين الطبقات والطبقات الفرعية والموضوعات الفرعية، ومن الممكن التأثير عليها من خلال الترميز الهرمى أو بعنونة الموضوعات. ويعزز الترميز الهرمي هيكلة المعلومات ذات الصلة بغرض تصفحها. وفى AgriFor، ترتبط عناوين الكلمات الرئيسية للمكاتب الزراعية للكومنويلث مع بعضها البعض من خلال عملية التنظيم الهرمي.
تكامل الطبقات سمة مرغوب بها إلى حد كبير لتحديد أساس المعرفة التى يستند اليها أى تصنيف. ويستلزم ذلك أن يكون كل تعريف للموضوع خال من الغموض. بيد أن هذا لا يعنى عدم امكانية مضاعفة استخدامات أى بند بحسب اختصاصات الموضوع، وإنما يشترط وضع تعريف فريد لكل اختصاص مواضيعى.
ويوجد نحو 30.000 تعريفا مرقما في نظام ديوي. وبوجود هذا العدد الكبير من المفاهيم يمكننا أن نتوقع أن يكون بعضها متداخل وغامض أو مكرر. ويذكر أن تصنيف ديوي قسّم المعلومات إلى طبقات منفصلة.
وكمثال على ذلك، ضرورة التمييز بين التأثير النفسى لارتداء الملابس وبند آخر يتعلق بمختلف التقاليد المرتبطة بطريقة ارتدائها، وبينها وبين بند آخر يناقش طريقة ارتداء الملابس من منظور تصميم الأزياء. ويحدد نظام ديوي هذه الأبعاد الثلاثة على النحو التالى:
155.95 كجزء من منظور علم النفس
391 كجزء من منظور التقاليد
746.92 كجزء من منظور الفنون
وتعتبر خطط التصنيف في المكتبات ذات طبيعة استرجاعية وهذا يعنى أنها لا تضيف الطبقات أو تنقحها الا اذا ظهرت مبررات كافية. وهذا ما يمنح نظام ديوي للتصنيف العشرى نمطا من التماسك في الترميز وتخصيص عناوين الموضوعات.
على الرغم من الخصائص الايجابية لنظام التصنيف العشري لديوي، الا أن هناك نقاط ضعف فيه بحاجة إلى تحسين، اذا أريد استخدام هذا النظام كأساس لهيكلة المعلومات بغية تسهيل البحث والتصفح وغربلة المعلومات واستعادة التفريغ الانفاذي على الخط. ومن المعوقات الرئيسية عدم ادراك مزودي المعلومات بالخصائص الايجابية لخطة التصنيف هذه، ولاسيما جهلهم بتعريف الموضوعات والترميز والهياكل المنطقية. وأبرز سمة في خطة التصنيف هذه هى رقم الطبقة والتى تعتبر كوسيلة لوضع المعلومات في رفوف أكثر من اعتبارها وسيلة لتنظيمها.
ولم يراع تصنيف ديوى ادخال تغييرات كبرى على طبعاتها المتكررة، الأمر الذى جعلها، على الرغم من نجاحها الكبير، سببا في احداث مشكلات أثناء محاولة ادماج المستجدات في ميادين المعرفة البشرية. وهذه نقطة ضعف، كما يمكننا ملاحظة ذلك في عالم يتسم بسرعة التغيير في المعلومات.
كما اتضح أيضا أن التلفظ المبسط والتوجه الغربى في نظام ديوي يشكل مصدرا للمشكلات. من ذلك، على سبيل المثال، أن المقصود بالدين في العالم يقتصر على العقيدة المسيحية. يضاف إلى ذلك افراطه في التركيز على الولايات المتحدة، وهو ما يتجلى من خلال المصادر الخمسة التى تتناول تاريخ الولايات المتحدة مقارنة بالتاريخ الأوروبى العريق.
تعتمد خطة تصنيف ديوي على استخدام الترميز لتقديم ارشادات بشأن وضع المعلومات على الرفوف. وهذا ما يعنى قلة تركيزها على اختيار عناوين الموضوعات (الفصول أوالمقالات أو الصفحات). ومن الضرورى تقييم هذا الجانب لضمان دقة التعبير والتداول. كما يحتاج نظام الترميز (أرقام الصفحات) إلى التجزئة حتى يتسنى عرض الموضوعات النوعية والجوانب المحددة.
ونظرا للنهج الموسع الذى يعتمد عليه هذا التصنيف يبرز العديد من المشكلات أثناء محاولة تصنيف مجموعات من المواد التى تتسم بدرجة أعلى من الخصوصية. وهذا ما يمثل معوقا أمام تصنيف مثل هذه المواد وتنظيمها نظرا لخصوصيتها.
وثمة مشكلة أخرى ترتبط بهذا المنهج الموسع للتصنيف تتمثل في امكانية أن يظهر أى موضوع محدد في أكثر من اختصاص واحد. من ذلك على سبيل المثال كلمة "الملابس" جوانب ترتبط بعدد من المعارف كما شرحنا ذلك أعلاه.
فالتأثير الـنفسى للأزياء يرتبط بالمدخل 155.95 كجزء من علم النفس، وترمز كلمة الأزياء من حيث علاقتها بالملابس بالمدخل 391. وتقع كلمة الملابس من حيث علاقتها بتصميم الأزياء في إطار المدخل 746.92 كجزء من الفنون. ومن شأن تشتت عناصر مختلفة تتصل بميدان واحد من ميادين المعارف أن يعيق التمثيل الهرمى لذلك الميدان. وتبرز المشكلة في وقوع موضوعات فرعية ببعضها البعض في اطار ميادين معرفية أخرى. والله أعلم