من اقدم ألواح الطين المكتشفة في المنطقة مرورا بنظام الحساب لدى الفراعنة وأبجدية الحضارة الفينيقية وصولا إلى وضع نظام الفاصلة العشرية عام 1492، مرت تطورات عديدة رسمت طريقا واحدا هو «الطريق نحو الكومبيوتر». لقد كانت كل التطورات العلمية التاريخية تقود نحو جهاز واحد سيختزل ويدمج ويفعل كل ما حققه البشر علميا في اختراع واحد،وعرف هذا الجهاز في أولى مراحل تكوينه محطات تطوير متعاقبة لا تزال مستمرة. وأخرجت لنا هذه التطورات جهازا سريعا جدا في معالجة المعلومات تصل فيه سرعة نقل المعلومات إلى حدود سرعة الضوء (300 ألف كلم/ ثانية)، بينما تنحصر هذه السرعة في أعصاب دماغ الإنسان عند حدود 5 أمتار/ثانية. وعندما نراجع تاريخ تطور الكومبيوتر نلاحظ أن محطات التطور تحدد وفق الأجهزة التي تم اختراعها. وكل جيل من أجيال الكومبيوتر يتميز بتقدم تكنولوجي أساسي أدى إلى تغييرات جدية في الطريقة التي تعمل بها الكومبيوترات مما أتاح التوصل إلى أجهزة أسرع وأصغر واقل تكلفة وأفضل من ناحيتي الفعالية والاعتمادية، فكيف مر هذا الجهاز في مراحل تطوره المختلفة وكيف يمكن قراءة تاريخ الكومبيوتر الحديث؟ الجيل الأول 1940 1956 استخدم العلماء في أول أجهزة الكومبيوتر «الصمامات المفرغة من الهواء» vacuumtubes لنقل المعلومات والمجالات المغناطيسية وسيلة لتخزين المعلومات Memory. وفي نهاية ثلاثينات القرن الماضي حمل العالم هوارد ايكين اقتراحا إلى مدير شركة IBM توماس واطسون في شأن جهاز كومبيوتر فوفر له تمويلا للمشروع بقيمة مليون دولار، وبحلول عام 1943 كان الجهاز قد صنع فعلا واطلق عليه اسم هارفارد (م. ك 1). كان طول هذا الجهاز 8 ،16 مترا وارتفاعه 5 ،2م. وفي الوقت نفسه كانت أسرار صناعة الكومبيوتر تتسلل إلى الصناعة العسكرية في بريطانيا التي كانت على وشك السقوط أمام الآلة العسكرية الألمانية. فقد بنى علماء عسكريون بريطانيون أول كومبيوتر هناك لفك شفرة الاتصالات العسكرية الألمانية. وقد احتوى على 2000 صمام وكان يقرأ 5000 حرف في الثانية. وقد أتاح هذا الكومبيوتر الذي تسربت أسراره من الولايات المتحدة إلى بريطانيا تحقيق تقدم على الألمان. من جهة أخرى يعتبر العالم المجري فون نويمان المرجع الأول في بناء أجهزة الكومبيوتر المعاصرة وتشغيلها لأنه وضع الأبحاث التي شكلت أسس علم الكومبيوترالحديث. وعلى أساس أبحاث نويمان بنيت أهم أجهزة الكومبيوتر الأولى في العالم، لكن الإعلام الأمريكي في تلك المرحلة نسب الفضل في صناعة أجهزة الكومبيوتر إلى علماء آخرين. وفي الاتحاد السوفيتي بنيت أول الأجهزة اعتمادا على الصمامات المفرغة أيضا. وفي 1956 وضعت الأسس التي قامت عليها عشرة أجهزة كومبيوتر من هذا النوع بالحسابات المطلوبة لإطلاق المركبة الفضائية السوفيتية «سبوتنيك». الجيل الثاني 1956 1963 الترانزيستور الذي وضعت أسسه عام 1947 حل محل «الصمام المفرغ من الهواء» وتولى مهمة نقل المعلومات. وقد تأخر بدء استخدامه في الكومبيوتر من 1956 إلى 1963 ظنا من البعض أن كفاءته ليست عالية. وعندما دخل الترانزيستور أول الأجهزة تبين انه ثورة في عالم السرعة، فقد عجل في العمليات الحسابية التي يستطيع الكومبيوتر القيام بها في الثانية الواحدة، وبات الجهاز اصغر واقل استهلاكا للكهرباء وبالتالي انخفضت تكلفته واسعار مبيعاته عن الأجهزة التي صنعت في الجيل الأول. ورغم ان الحرارة الصادرة عن الترانزيستور كانت عالية وأدت إلى أضرار داخلية في الأجهزة إلا أنها كانت اقل من الحرارة التي سببها «الصمام المفرغ من الهواء». وقد استمر هذا الجيل من الأجهزة في الاعتماد على البطاقات المثقوبة التي كانت وسيلة ادخال المعلومات والحصول على النتائج. وقد استخدمت أجهزة هذا الجيل من الكومبيوترات في المفاعلات النووية وحققت نتائج كبيرة. الجيل الثالث 1964 1971 كان تطوير الدوائر الكهربائية ودمجها في الكومبيوتر المنعطف الأساسي للوصول إلى الجيل الثالث من أجهزة الكومبيوتر، وما تم فعله عمليا هو وضع ترانزستورات صغيرة على رقائق سيليكون أطلق عليها اسم «أشباه الموصلات» semiconductors. وقد أدت هذه التغييرات إلى إضافة مزيد من السرعة على نشاط الكومبيوتر وفعاليته في معالجة المعلومات. وبدلا من استخدام البطاقات التي سادت في الجيل الثالث من الكومبيوترات اعتمد المستخدمون في الجيل الثالث على لوحة المفاتيح والشاشات وأنظمة التشغيل التي أتاحت تشغيل أكثر من برنامج تطبيقي واحد applicationsoftware وإدارتها مركزيا بواسطة برنامج واحد مسؤول عن الذاكرة Memory. وبهذا فقد بدأت أجهزة الكومبيوتر بالوصول إلى فئة أكبر من المستخدمين لأنها باتت اقل تكلفة واصغر حجما. الجيل الرابع من1971 إلى اليوم المعالج الصغير» Microprocessor فتح الطريق للجيل الرابع من الكومبيوترات حين اصبح ممكنا وضع آلاف الدوائر الكهربائية المدمجة على رقاقة سيليكون واحدة. والمكونات التي كانت تتطلب مساحة غرفة كبيرة لم تعد تحتاج إلى أكثر من مساحة بطاقة معايدة. وكان معالج شركة إنتل (4004 Chip) الذي تم تطويره عام1971 البداية لأنه استطاع حمل وحدة المعالجة المركزية CPU والذاكرة وإدارةادخال واخراج المعلومات على رقاقة واحدة، وعام 1981 قدمت IBM أول جهاز للمستخدمين المنزليين، وعام 1984 قدمت Apple أول جهاز «ماكنتوش» Macintosh. ومع مزيدمن القوة للكومبيوترات بات ممكنا وصلها ببعضها بواسطة الكابلات مما شكل أولى الخطوات نحو الإنترنت، وفي هذه المرحلة تم تطوير الماوس. الجيل الخامس مستقبل الذكاء الاصطناعي حاليا يتم التركيز في أجهزة الكومبيوتر الجديدة على الذكاء الاصطناعي. أي كيف يمكن ان يتصرف الكومبيوتر من تلقائه ليتخذ قرارات نيابة عن البشر، كأن يصلح أعطاله بنفسه ويراقب الأعمال في الشركات ويخرج بالقرارات المناسبة... ويترافق هذا مع تطوير برمجيات للتعامل مع الكومبيوتر البديل عن الإنسان مثل التعرف على الصوت والتخاطب الطبيعي بين الكومبيوتر والإنسان. وللوصول إلى هذه النتائج وغيرها يتم تطوير تقنيات جديدة حاليا مثل «الحوسبة الكمية» Quantum Computing و«تكنولوجيا النانو» Nanotechnology البالغة الصغر. ويعتبر البعض ان الجيل الخامس من أجهزة الكومبيوتر سيكون هدفه الاستغناء عن البشر في عدد متزايد من المهمات اليومية والقرارات التي تحتاج إلى سرعة في الاستجابة وحكمة ودقة فائقتين .