تعريف التوحد:
التوحد: اضطراب نمائي شامل يصيب الأطفال في الثلاث سنوات الأولى من العمر مؤدياً لمشاكل وصعوبات واضحة في ثلاثة مجالات أساسية: التفاعل الاجتماعي ، التواصل اللفظي وغير اللفظي ، سلوك الطفل واهتماماته
تقدر نسبة انتشار الإصابة بالتوحد مع الأعراض السلوكية المصاحبة له عالمياً ما بين 15 – 20 لكل عشرة ألاف شخص ، ( 1 لكل 500 شخص ) ، تزداد نسبة الإصابة بين الذكور عن الإناث بنسبة 4 : 1
وتضم الاضطرابات النمائية الشاملة أو ما يسمى بطيف التوحد خمس أنواع: متلازمة اسبرجر ، متلازمة ريت ، التوحد النمطي ، تفكك وانحلال الطفولة ، التوحد غير النمطي ( صفات توحد )
خصائص التوحد:
يختلف الأطفال التوحديون فيما بينهم في الخصائص التي يظهرونها ، وهذه الخصائص متباينة بشكل كبير بين طفل وآخر ، ويمكن تلخيص هذه الخصائص بما يلي:
1. الخصائص الاجتماعية:
لا يطورون العلاقات الاجتماعية التي تتناسب مع أعمارهم ، عدم القدرة على التفاعل الاجتماعي ، عدم القدرة على فهم مشاعر الآخرين ولديهم صعوبة في التعبير عن مشاعرهم ، عدم التواصل البصري مع الآخرين ، تفضيل البقاء والانعزال لوحده ، عدم الاهتمام بالنشاطات والمواقف الاجتماعية السارة ، لديهم مشاكل في اللعب التخيلي ، ويفتقر لعبهم إلى الابتكار والتجديد ، يفضلون اللعب وحدهم ( ألعابهم واحدة ولفترة قصيرة ) ، التفاعل مع الغير بطرق غريبة ( كالشم أو اللمس ) ، ليس لديهم أصدقاء إذ لا يملكون القدرة على تكوين صداقات أو احتفاظ بها ، بعض الأطفال لديهم نوبات من الضحك والبكاء من دون سبب ، يهتمون بالأشياء ولا يهتمون بالأشخاص ، البعض يستجيب للتفاعلات الاجتماعية إذا طلب منه ذلك ولكن غالباً لا يكون المبادر إليها
2_الخصائص التواصلية:
الأطفال التوحديون لديهم مشاكل في التواصل سواء أكان لفظياً أم غير لفظي ، نسبة كبيرة من الأطفال التوحديون لا يكتسبون كلاماً ويظهرون الصمم والبكم لبعض الكلمات ، لديهم تأخر أو قصور كلي في تطوير اللغة المنطوقة ، لا يستجيبون بالنظر عند المناداة بالاسم ، لديهم مشاكل بالتنغيم وطبقة الصوت ونبرة الصوت والإيقاع ، استخدام كلمات خاصة بهم لا يفهمها إلا المقربين منهم ، صعوبة في استخدام الضمائر ، صعوبة في المبادرة بالحديث والاستمرار فيه ، صعوبة في ربط الكلمات التي يتعلمها بمعناها ، ترديد لكلمات أو عبارات بشكل غير وظيفي والتي تسمى بالمصاداة بأنواعها الثلاثة: الفورية والمتأخرة والمعدلة
3. الخصائص السلوكية:
التمسك الشديد بالروتين الزماني أو المكاني في سلوك معين ( الطعام والشراب ، اللعب ، ارتداء الملابس نفسها كل يوم ، مقاومة التغيير في البيئة المحيطة بهم ) ، السلوك النمطي مثل ( الاهتزاز ، رفرفة اليدين ، الدوران ، لف الأشياء بشكل دائري ، الهمهمة ، فرك اليدين وطقطقة الأصابع ، وضع الأصابع أمام العينين ، تمزيق الورق ، لمس الأشياء بشكل متكرر ) ، الاهتمام بأشياء محددة دون سواها: ( قد يظهر الطفل التوحدي اهتمامه بعلبة أو خيط ولا يلفت اهتمامه كرة مثلاً ، قد يرتب الطفل التوحدي أدواته في وضع معين ويحافظ على هذا الوضع ويضطرب حين يتغير ، قد ينشغل الطفل التوحدي باللعب بالرمل أو النقر على الأشياء لفترة طويلة ) ، سلوك إيذاء الذات ، الانتقائية الزائدة لبعض الأطعمة دون سواها
4. الخصائص المعرفية:
مشاكل في الانتباه ( الحساسية للمثيرات أي التفاته إلى مثير وعدم التفاته إلى مثير آخر ، صعوبة في نقل الانتباه ، الانتباه المبالغ به ، مشاكل بالانتباه الانتقائي ، الانتقائية الزائدة ) ، 70 – 75 % من الأطفال التوحديين لديهم تأخر عقلي ، بعض الأطفال لديهم تميز بمجال معين ، يعانون من مشكلات في الذاكرة ، مشاكل في التنبؤ
5. الخصائص الحسية:
حواس الطفل التوحدي سليمة ، لديه مشكلة في تفسير الاحساسات حيث الكثير من هذه الاحساسات يفسرها بشكل خاطىء ، صعوبات في توحيد المعلومات الواردة من الحواس المختلفة ، لديه حساسية سمعية لبعض الأصوات ( مكنسة كهربائية ، خلاط ) ، قد يسمع أصواتاً حقيقية موجودة في محيطة لا يسمعها الآخرون ، قد يخاف من رؤية بعض الألوان ، قد يرى أشياء حقيقية لا يراها الآخرون ، قد يبتعد عند محاولة لمسه أو حضنة أو وضع اليد على كتفه ، الإحساس بالألم عند البعض بطريقة شاذة إما عدم الإحساس أو إحساس مبالغ به .
أسباب التوحد: التوحد اضطراب غير تقليدي وأسبابه ما زالت مجهولة وغير معروفة على الرغم من الدراسات والأبحاث الكثيرة التي أجريت في هذا المجال ، حيث لا يعتمد في تحديد التوحد على تحاليل معينة أو دلالات بيولوجية وإنما على مجموعة من الأعراض السلوكية لذلك يطلق على اضطراب التوحد الاضطراب المعلوم المجهول معلوم بأعراضه ومجهول بأسبابه
وجميع ما قدم إلى الوقت الحالي في مجال الأسباب عبارة عن فرضيات ولا يوجد أي نظرية مثبتة علمياً تعزى التوحد إلى سبب دون سواه ، ومن أبرز هذه الفرضيات التي تفسر أسباب التوحد:
1. الفرضية البيولوجية:
وترجع هذه الفرضية التوحد إلى وجود تلف في الدماغ سواءً كان معروفاً أو فرضياً ودليل ذلك مرافقة التوحد للعديد من الأمراض العصبية والصحية والإعاقات المختلفة ، أشارت بعض الدراسات التي تدعم الفرضية البيولوجية إلى وجود اختلاف في تشكيل أدمغة بعض الأفراد التوحديين
2. الفرضية الوراثية والفرضية الجينية:
بعض الباحثين أشاروا إلى دور للوراثة ، زيادة احتمالية إصابة التوائم المتطابقة وانخفاض احتمالية التوائم غير المتطابقة ، فرصة انجاب الأم لطفل ثان مصاب بالتوحد ولديه أخ توحد بين ( 3 – 6 ) % وهذه النسب تعتبر قليلة من أجل القول بأن التوحد ينتقل عن طريق الوراثة
أما بالنسبة للفرضية الجينية:
فترى بأن التوحد يعود إلى حدوث خلل في الجينات أو الكروموسومات في مرحلة مبكرة من عمر الجنين بدليل مرافقة التوحد للعديد من الاضطرابات الجينية. وعلى الرغم من الدراسات التي أجريت في هذا المجال ورجحت الأساس الجيني للتوحد ، هذه الدراسات نفسها لم تستطيع تحديد صيغة الانتقال الجيني وما هو الجين المورث
3. الفرضية البيوكيميائية:
ترجع هذه الفرضية التوحد إلى خلل في النواقل العصبية وإفراز بعض الهرمونات في الجهاز العصبي المركزي ، وقد تناولت الدراسات العديد من هذه النواقل والتي من أهمها: السيروتونين ، الدوبامين ، النورابنفرين ، مستوى الكورتيزول في البلازما ، النيوربيبييد
4. الفرضية الإيضية:
ترجع هذه الفرضية التوحد إلى الاضطرابات في عملية الهدم والبناء التي يقوم بها الجسم ، ويرى أصحاب هذه الفرضية بأن عدم هضم بعض الأطعمة كبروتين الكازين من الحليب و بروتين الجلوتين من القمح من قبل الجسم وعدم الاستفادة من المكونات الأساسية لهذه الأطعمة على المدى الطويل يؤدي إلى الإصابة بالتوحد ، ومن القضايا التي طرحت أيضاً عدم هضم الجسم للأطعمة الناقلة للكبريت ، الخمائر والحساسية الزائدة خصوصاً البكتريا المكونة للحامض اللبني
5. ومن الفرضيات الأخرى:
فرضيات الفيروسات والتطعيم ، فرضيات التلوث البيئي ، إصابات والتهابات الحمل ، تناول الأم للأدوية والعقاقير أثناء الحمل.
تشخيص التوحد: تشخيص التوحد مهم جداً لأنه الخطوة الأولى والأساسية لتحويل الطفل التوحدي للمكان التربوي المناسب وتصميم البرنامج التعليمي الخاص به ، إلا أن تشخيص التوحد يعتبر من الأمور الصعبة لأنه يعتمد بشكل أساسي على السلوكيات التي تظهر على طفل التوحد ، وتعود صعوبة التشخيص أيضاً لعدة أسباب من أهمها:
1. الأطفال التوحديين مختلفين في القدرات والخصائص فهم مجموعة غير متجانسة
2. التوحد قد يترافق مع العديد من الأمراض والإعاقات الأخرى
3. قلة الأدوات والمقاييس المستخدمة في هذا المجال
ومن أفضل المعايير التشخيصية لتشخيص التوحد كأحد الاضطرابات النمائية الشاملة ما ذكر في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الرابع والمنقح عام ( 2000م )
( DSM.IV.T.R ) والصادر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس ، وهذه المعايير هي:
أولاً: يشترط في تحديد اضطراب التوحد أن تتطابق ستة أعراض على الأقل ، بحيث توزع كما يلي: عرضين من المجموعة الأولى ، عرض واحد على الأقل من المجموعة الثانية ، عرض واحد على الأقل من المجموعة الثالثة.
المجموعة الأولى:
وجود قصور نوعي في التفاعل الاجتماعي يظهر على الأقل في اثنتين مما يأتي:
1. قصور واضح في استخدام عدد من السلوكيات غير اللفظية مثل التواصل البصري مع الآخرين ، وتعبيرات الوجه ، الأوضاع الجسمية والإيماءات التي تنظم التفاعل الاجتماعي.
2. الفشل في إقامة علاقات اجتماعية مع الأقران تتناسب ومستوى نموه التطوري.
3. فقدان المقدرة التلقائية ( العفوية ) على محاولة مشاركة الآخرين في الأفراح ، الاهتمامات ، الإنجازات.
4. الافتقار إلى التبادل السلوكيات الاجتماعية والانفعالية.
المجموعة الثانية:
وجود جوانب قصور نوعية في التواصل كما تظهر في واحد على الأقل مما يأتي:
1. تأخر ، أو فقدان كامل في النمو الكلامي اللغوي ( غير مصحوب بمحاولة للتعويض من خلال أنماط بديلة من الاتصال البدني ).
2. عند الأفراد ذوي النطق المقبول ، نجد عدم مقدرة واضحة في القدرة على البدء بالمحادثة مع الآخرين أو الاستمرار فيها.
3. فقدان اللعب التخيلي التلقائي ، أو اللعب الاجتماعي المناسب لمستوى النمو.
4. استعمال اللغة استعمالاً نمطياً وتكرارياً.
المجموعة الثالثة:
أنماط سلوك ونشاطات واهتمامات على الشكل نفسه ، وتكرارية محدودة ، تظهر في واحد على الأقل مما يأتي:
1. الانشغال بنمط واحد أو أكثر من أنماط تُمارس بالوتيرة نفسها وبالصورة ذاتها من الاهتمام يكون غير سوي في الشدة والتركيز.
2. إلحاح أو التزام غير مرن في الظاهر بأعمال روتينية غير وظيفية أو طقوسية.
3. سلوكيات حركية متكررة على نمط واحد ( مثل لي أصابع اليد ، التصفيق ، رفرفة اليدين ، أو إجراء حركات معقدة في كامل الجسم ).
4. الانشغال المستمر بأجزاء الأشياء.
ثانياً: تأخر أو وظيفة شاذة غير سوية في واحد على الأقل من المجالات التالية تبدأ قبل بلوغ سن الثالثة:
1. التفاعل الاجتماعي.
2. اللعب الرمزي أو التخيلي.
3. اللغة المستخدمة في التواصل الاجتماعي.
ثالثاً: أن لا تكون الأعراض السابقة عائدة إلى اضطراب ريت أو اضطراب تفكك وانحلال الطفولة.
بالإضافة إلى أنه يتم استخدام التشخيص الفارقي للتوحد من أجل تمييز التوحد عن الإعاقات الأخرى والتي من الممكن أن تشترك مع اضطراب التوحد ببعض الخصائص
علاج التوحد:
هناك عدد كبير من البرامج العلاجية التي ظهرت من مختلف التخصصات ذات الصلة بهذا الاضطراب ، ويمكن عرض أهم هذه البرامج وفق الآتي:
أولاً: برامج التدخل المعتمدة على الاتجاه الفسيولوجي: مثل التدخل العلاجي بالأدوية النفسية ، العلاج بهرمون السيكرتين ، العلاج بالفيتامينات المتعددة ، نظام الحميات الغذائية الخالية من الكازين والجلوتين ، العلاج بالموسيقى
ثانياً: برامج العلاج المعتمدة على المهارات: مثل التواصل المعتمد على تبادل الصور ، التواصل الميسر ، ألواح التواصل ، برنامج السرعة لكلمة ، برامج الكمبيوتر ، برامج القصص الاجتماعية ، برامج التدريب على التواليت
ثالثاً: البرامج التربوية الفردية: ظهر عدد كبير من البرامج التربوية لمعالجة الشخص التوحدي واختلفت هذه البرامج في أسسها النظرية ( عمر الشخص التوحدي ، عدد ساعات التدريس الأسبوعية ، مدة البرنامج ، معامل الذكاء ) ، لكنها اشتركت جميعها في التأثير الإيجابي الكبير على الأفراد التوحديين المشاركين فيها والتي تمثلت في: زيادة درجات الذكاء ، زيادة السلوك الاجتماعي المقبول ، التقليل من أعراض التوحد ، فهم وتقبل الأسرة لطفلها التوحدي )
ومن أبرز هذه البرامج:
1. علاج وتربية الأطفال التوحديين ومشكلات التواصل المشابهة: تيتش.
2. برنامج ( يو. سي . أل . أي ) للدكتور لوفاس : التدريب من خلال المحاولات المنفصلة.
3. مركز دوغلاس للاضطرابات النمائية.
4. تعليم الخبرات من خلال البرنامج البديل للأطفال في سن ما قبل المدرسة: ليب
5. مدرسة هيجاشي: علاج الحياة اليومية.
6. برنامج دينفر للعلوم الصحية.
7. برنامج والدن لمرحلة ما قبل المدرسة.
8. برنامج بيودهن لأطفال ما قبل المدرسة.
9. برنامج ديلور للتوحد ومشروع الأطفال التوحديين وغيرهم العديد من البرامج.