القولون العصبي هو خلل في وظيفية القولون مما يؤدي لأعراض في الجهاز الهضمي مثل الانتفاخ وسوء الهضم والإخراج. ومع أن هذه الأعراض ليست خطيرة في حد ذاته ، ولا تؤدي لمرض خطير مستقبلاً ، إلا أنها مزعجة جداً للمريض.
القولون هو ما يسمى بالأمعاء الغليظة وهو الجزء من الأمعاء الذي يصل بين الأمعاء الدقيقة و المستقيم ثم الشرج. ويبلغ طول القولون حوالي 5 أقدام ، ووظيفته الأساسية هي امتصاص الماء والغذاء المفيد والأملاح من الطعام المهضوم جزئياً القادم من الأمعاء الدقيقة.
يقوم القولون بأداء وظيفته التي ذكرنا ، ودفع بقايا الطعام إلى الخارج للتخلص منها ، من خلال تقلصات عضلات جداره الرقيقة ، التي تتحكم بها الأعصاب ، والهرمونات ، واستجابة القولون نفسه لمحتوياته. وهذه العملية البسيطة تحتاج إلى تناغم بين تقلصات عضلات القولون والمخارج وعضلات الحوض لتتم بسلاسة و نجاح. عندما تكون هذه التقلصات قوية أو ضعيفة مما يسبب سرعة أو تأخراً في حركة محتوياته ، مسبباً الأعراض التي يشكو منها غالبية المرضى.
وتزيد هذه الأعراض في حالة الضغوط النفسية أو السفر أو حضور المناسبات العامة أو تغير نمط الحياة اليومي.
لم يتوصل الطب لمعرفة أسباب القولون العصبي على وجه التحديد. ولكن النظرية الأرجح تقول أن القولون عندما يكون حساساً للضغط النفسي وبعض أنواع الأطعمة يختلّ عمله مسبباً ما يسمى بالقولون العصبي. وتقول بعض النظريات الأخرى أن الجهاز المناعي الذي يقوم بحماية الجسم من الجراثيم ربما يكون له تأثير في حالات القولون العصبي. أما ما يحدث فهو:
قد لا توجد حركة القولون الطبيعية السلسة عند من يعانون من القولون العصبي. وقد تكون الحركة على شكل تقلصات متشنجة تدفع الطعام بسرعة وتسبب الألم ، أو سكون تام يتيح فرصة لتخمر الطعام والانتفاخ ، وكثرة الغازات. يتحكم الغشاء المخاطي المبطن للقولون في كمية السوائل التي يمتصها إلى الجسم. فعندما تكون حركة الطعام سريعة في حالات القولون العصبي ، فإنها تمنع امتصاص السوائل بشكل جيد ، مما يسبب الإسهال. بينما تكون هذه الحركة بطيئة في أحيان أخرى ، أو عند بعض الناس ، مما يؤدي إلى امتصاص كمية أكبر من السوائل من القولون وحدوث الإمساك.
وجدت بعض الدراسات الحديثة أن مادة سيروتونين (Serotonin) - وهي إحدى السيالات العصبية التي تفرز في المشابك العصبية وتجعل خلايا الدماغ والجهاز العصبي تتفاهم فيما بينها- يساهم كثيراً في وظيفة القولون الطبيعية. وبالرغم من أن اضطراب إفراز هذه السيالة العصبية يسبب مشكلات نفسية كثيرة مثل الاكتئاب والقلق والوسواس القهري والفزع ، إلا أن 5% فقط منها موجود في الدماغ بينما توجد النسبة الباقية (95%) في الأمعاء.
تعمل الخلايا المبطنة للقولون كناقلات للسيروتونين إلى خارج الأمعاء ، لكن ذلك لا يحدث بشكل جيد في حالات القولون العصبي ، مما يؤدي لتراكم كميات كبيرة من السيروتونين في الأمعاء. وبسبب هذه العلاقة بين الأمعاء والدماغ ، فإن اضطراب معدلات السيروتونين تؤدي في كثير من مرضى القولون العصبي للاكتئاب والقلق الذي يزيد من تدهور في وظيفة القولون نفسه. ومن ناحية أخرى فقد وجدت أبحاث أخرى أن بعض البكتيريا التي تصيب الجهاز الهضمي تسبب النزلات المعوية التي يتلوها القولون العصبي أحياناً. كما وجد أن بعض من يعانون من القولون العصبي لديهم مشكلة مناعية تجاه القمح ومشتقاته (مرض سيلياك) ، ويمكن بفحص الدم التعرف على هذا الاحتمال.
نسبة انتشار اضطراب القولون العصبي هي 5% تقريباً في عامة الناس. ولا أحد يملك مناعة ضد الإصابة به ، فالكل معرض لذلك. لكن سنّ بداية ظهور الأعراض يكون غالباً في مرحلة المراهقة أو سن الشباب. ولأسباب غير معروفة فالنساء أكثر احتمالاً (خاصة قبل الدورة الشهرية) للإصابة باضطراب القولون العصبي من الرجال بمقدار ثلاثة أضعاف.
ليس هناك مثير واحد لكل الناس ، إذ تختلف المثيرات من شخص لآخر ، ولكن القائمة التالية تحتوي أكثر ما يشكو منه الذين يعانون من القولون العصبي:
يتم التشخيص من خلال مقابلة الطبيب وأخذ تاريخ مرضي كامل وفحص سريري. وليس هناك فحص أو تحليل مخبري أو إشعاعي يمكن من خلاله التشخيص ، لكن الفحوصات التي تشمل فحصاً للدم والبراز ومنظاراً للقولون من خلال فتحة الشرج ، مهمة لاستبعاد الأمراض العضوية التي يمكن أن تشبه القولون العصبي. ومن المعايير التشخيصية التي ينبني عليها التشخيص فهي كالتالي:
هناك بعض الأمراض العضوية التي تشبه اضطراب القولون العصبي مثل:
الإجهاد النفسي في حد ذاته لا يسبب اضطراب القولون العصبي ، لكن تراكم مشاعر التوتر والضيق والغضب وعدم القدرة على التحمل ، تخفض عتبة التحمل ، وتستثير تقلصات شديدة في القولون عند من يعانون من القولون العصبي أصلاً. وقد أوضحت إحدى الدراسات أن 70% من عامة الناس قد عانوا من تغيرات هضمية بسبب الضغوط النفسية ، وأن 45% من مستخدمي الملينات يعانون من ضغوط نفسية.
قد يكفي البعض أن يعرف أن أعراضه ليست شيئاً خطيراً ، فيرتاح لكون ما يعاني منه هو اضطراب القولون العصبي فقط. ومن هنا تنبع أهمية التوعية وطمأنة المريض بعد الكشف عليه والتأكد من التشخيص. إذا لم يكن ذلك كافياً ، واستمرت الأعراض بشكل مزعج فيمكن عمل ما يلي:
نعم. ومن هذه المفاهيم أن:
لا. قد تمر أيام أسوء من أيام ، ولكن المآل المعتاد أن الحالة تستقر بين حالات التأرجح هذه. ومع أن المريض قد يتغيب عن عمله أو عن بعض الأنشطة الاجتماعية أحياناً بسبب اضطرابات القولون ، إلا أن الاضطراب لا يشكل خطراً على حياة المريض.
من المهم أن تعرف أن اضطراب القولون العصبي من الأمراض المزمنة التي يتوجب عليك التعايش معها بدلاً من إضاعة وقتك في البحث عن الشفاء منها. ومن أمثلة أساليب التعايش ما يلي: