الرئيسيةبحث

القرحة الهضمية

قرحة هضمية حميدة.
قرحة هضمية حميدة.

القرحة الهضمية هي قرحة تتكون في منطقة القناة المعِدّية المعويّة و تكون غالبا حامضية الوسط مما يجعلها مؤلمة. حوالي 80% من القرحات تصاحبها إصابة ببكتريا الهيلكوباكتر بايلوري Helicobacter pylori وهي بكتريا عصوية الشكل تعيش في بيئة المعدة الحامضية. ما يقارب 20% فقط من الحالات المصابة بالقرحة تقصد الطبيب (ليست بالحالة الخطيرة إذا تم اكتشافها في وقت مبكر و ممكن علاجها جراحيا). بعض الأدوية قد تسبب ظهور القرحة أو تزيدها سوءاً مثل الأسبرين و مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية Non-Steroidal Anti-Inflammatory Drugs (NSAIDs). خلافا للاعتقاد السائد فإن القرحات التي تظهر في الاثنى عشر تفوق عدداً تلك التي تظهر في المعدة. حوالي 4% من قرحات المعدة تسببها أورام سرطانية لذا فإنه من الأفضل أخذ عدة عينات من المعدة للتأكد من خلوها من أي أورام سرطانية. أما قرحات الاثنى عشر فهي بشكل عام حميدة.

فهرس

تصنيف القرحة الهضمية

من الممكن أن تحدث القرحة في أعضاء مختلفة من أعضاء الجسم، منها:

الأعراض والعلامات

وجود تاريخ لألم في رأس المعد ه أو مرض الارتجاع المريئي (gastroesophgaeal reflux disease) واستخدام أدوية معينة قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة الإصابة بقرحة هضمية، هذه الأدوية تتضمن مضادات الالتهاب الغير ستيرويديه ،التي تعمل عن طريق منع انزيم السايكلوأوكسيجينيز cyclooxygenase، وكذلك معظم السكريات. المرضى فوق سن ال45 وفي فتره أكثر من أسبوعين من ظهور الأعراض السابق ذكرها، تكون احتمالات القرحة الهضمية لديهم عالية وكافية لخضوعهم للفحص السريع والمؤكد عن طريق استخدام المنظار المعدي المريئي. الأعراض المرتبطة بوقت تناول الطعام قد تكون مختلفه بين القرحة المعدية وقرحة الاثنى عشر، القرحة المعدية قد تسبب ألم في فم المعدة خلال تناول الوجبة بسبب إفراز حمض المعدة أو بعد الوجبة بسبب قاعدية الاثنى عشر التي تصعد إلى المعدة. أما أعراض قرحة الاثنى عشر، فتظهر قبل تناول الوجبة عندما يعبر الحمض المنبه للجوع الاثنى عشر. على أية حال، هذه الأعراض ليست علامات واقعية أو حقيقية خلال الفحص السريري.

المضاعفات

الفيزيولوجيا المرضية

حتى نهاية القرن العشرين كان يشتبه في عوامل كتدخين التبغ، فئات دم معينة و التوابل كمسبب للقرحة، بينما ظهر أنها في الحقيقة ذات تأثير و أهمية ضئيلة في حدوث القرحة المعدية. المسبب الرئيسي في حدوث القرحة (%90 من حالات قرحة الاثنى عشر و %60 من قرحة المعدة) هو الالتهاب المزمن الناتج عن بكتريا الهيلكوباكتر بايلوري و التي تستعمر( أي تستقر في ذلك المكان بعد دخولها الجسم) جيب الغشاء المخاطي.و بالرغم من تولد الأجسام المناعية ضد البكتريا فإن الجهاز المناعي لا يستطيع طردها من الجسم .لذا فقد تسبب البكتريا التهاب معدي مزمن (التهاب معدي النوع B) مما ينتج عنه خلل في إنتاج هرمون الغاسترين من المكان المصاب بالالتهاب في المعدة يظهر كزيادة في إفرازه. بالمقابل، يقوم هرمون المعدة - الغاسترين بتحفيز إنتاج الحمض المعدي بواسطة الخلايا الجدارية، فيتآكل الغشاء المخاطي بفعل الحمض مما ينتج عنه تكون القرحة. أحد الأسباب المهمة الأخرى هو استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية. يقوم الغشاء المخاطي المعدي بحماية نفسه من تأثير حمض المعدة عن طريق إفراز طبقة من المخاط و التي تقوم بروستاغلاندينات معينة Prostaglandins باستحثاث إفرازه. تقوم مضادات الالتهاب الغير ستيروئيدية NSAIDs بتثبيط عمل أنزيم الأكسجة الحلقية 1(سيكلو أكسجيناز) Cyclooxygenase 1 (cox-1)، و الذي يقوم بدور مهم في عمل هذه البروستاغلاندينات. يقوم نوع جديد من مضادات الالتهاب الغير ستيروئيدية (celecoxib، rofecoxib) بتثبيط النوع 2 فقط من الإنزيم (cox-2) ذي الأهمية الأقل في عمل الغشاء المخاطي المعدي و تنخفض نسبة حدوث القرحة المعدية المصاحبة لاستخدام مضادات الالتهاب الغير ستيروئيدية إلى النصف مع استخدامه. تؤدي هرمونات الغلوكوكورتيكويد Glucocorticoids إلى ضمور الأنسجة الطلائية Epithelial Tissues. و دورهم في عملية تكون القرحة المعدية صغير إلى حد ما. هناك جدال حول دور التوتر النفسي في نشوء القرحة. لكن المؤكد أن الحروق و إصابات الرأس تؤدي إلى نشوئها (قرحة الشدة stress ulcer)، وقد تم تسجيلها لدى حالات على جهاز التنفس الاصطناعي. يؤدي التدخين إلى تصلب الشرايين و تشنج الأوعية الدموية مما يؤدي إلى نقص في التروية الدموية ينتج عنه قرحة نتيجة قصور دموي ischemia. كما يعرف عن الإفراط في استخدام المسهلات أنه يؤدي إلى نشوء القرحة الهضمية. يلعب التاريخ العائلي دورا في ظهور قرحة الاثني عشر، خصوصا إذا ترافق مع فصيلة الدم O. بينما لا تلعب الوراثة عاملا مهما في قرحة المعدة. يسبب ورم الغاسترينوما Gastrinomas أو متلازمة زولنجر إلسون (Zollinger Ellison syndrome)، وهو ورم نادر يسبب إفرازه لهرمون الغاسترين، ظهور القرحة بأعداد كبيرة و بصورة يصعب علاجها.


الضغط النفسي والقرحة

بالرغم من أن الاكتشاف الذي يقرر أن 80% من حالات الإصابة بالقرحة سببها الإصابة بالبكتيريا، فإن هذه العدوى البكتيرية لا توضح كل أنواع القرحة، كماأن الأبحاث مستمرة النظر إلى الإجهاد أو الضغط النفسي كسبب ممكن.حيث قام الباحثون بالتحقيق في الطريقة التي يمكن بها للضغط النفسي أن يزيد من الإصابة ببكتيريا Helicobacter pylori (هذه البكتيريا هي سبب الإصابة بالقرحة) .فعلى سبيل المثال فإن البكتيريا ، Helicobacter pyloriتعيش في بيئية حامضية،وكما هو مثبت بأن الضغط النفسي يزيد من إنتاج حامض المعدة.ولذلك فإن معرفة سبب القرحة الهضمية سوف يقدم مساهمة مهمّة للمثال النفسي الحيوي للأمراض (biopsychosocial model of disease)

التشخيص التفريقي للقرحة

التشخيص

يتم التأكد من وجود القرحة الهضمية فعلا في الأشخاص المتوقع إصابتهم بها عن طريق استخدام المنظار المريئي المعدي الاثنى عشري (EGD)، أحد أنواع المناظير(المجاويف) الذي يعرف أيضا بالمنظار المعدي، من خلاله يتم تحديد موقع القرحة ودرجة خطورتها ، كما أنه يرشد إلى التشخيص البديل في حال عدم وجودها. ويتم تشخيص الإصابة ببكتيريا الهيلكوباكتر بايلوري بالطرق التالية:

يجب ألا تغفل احتمالية وجود أحد المسببات الأخرى للقرحة، كالسرطانات الخبيثة ( السرطان المعدِي)، وتحديدا في حالات تقرح الانحناء الأكبر للمعدة. كما أن السرطان نفسه غالبا يكون نتيجة تابعة للإصابة المزمنة بالهيلكوباكتر بايلوري.

إذا ثُقبت القرحة الهضمية، فإن الهواء يتسرب من داخل الجهاز الهضمي - الذي يحتوي على كمية من الهواء دائما- إلى التجويف الصفاقي الذي لا يحتوي على الهواء عادة مما يؤدي إلى وجود غازات حرة في التجويف. فإذا ما وقف المريض منتصبا - كما في وضعية تصوير الصدر بالأشعة السينية- فإن الغاز يصعد إلى الأعلى ويشغل موقعا تحت الحجاب الحاجز. تبعا لذلك، فإن رؤية الغازات في التجويف الصفاقي في صور الأشعة السينية المأخوذة للصدر لشخص منتصب أو المأخوذة للبطن في حال الاستلقاء على الجنب دليل على وجود قرحة هضمية مثقوبة.

المظهر كما يرى بالعين المجردة

ينحصر وجود القرحة المعدية غالبا على الانحناء الأصغر فيها وترى كعيب " ثقب" دائري أو بيضاوي الشكل يتراوح قطره من 2 إلى 4 سنتيمترات في جدار المعدة متميز بقاعدة مصقولة وملساء وحواف قائمة الانحدار، لكن هذه الحواف لا تكون مرتفعة أو غير متناسقة كما تكون حواف الثقوب في سرطانات المعدة المتقرحة. يظهر على الغشاء المخاطي المحيط أيضا طيات شعاعية بسبب الندوب الموجودة في الجدار.

المظهر كما يرى تحت المجهر

القرحة المعدية خلل في الطبقة المخاطية من أنسجة المعدة يخترق النسيج العضلي في الطبقة المخاطية كما يخترق الطبقة العضلية الأصلية ينتج بسبب هجوم إنزيم الببسين الحمضي acid-pepsin على الأنسجة. تظهر حواف القرحة قائمة الانحدار يتجلى فيها مظهر التهاب المعدة المزمن. في المرحلة النشطة للإصابة بالقرحة تبدي قاعدتها أربعة أطواق كما يلي : طوق مكون من المادة المفرزة الالتهابية، ثم طوق من التنكرز الشبيه بالتليف، ثم النسيج المتحبب، ثم نسيج ليفي. وقد يظهر ضمن النسيج الليفي أوعية دموية سميكة الجدار أو تحتوي على تخثرات دموية.

العلاج

يعالج المرضى الأصغر سنا ممن يعانون من أعراض مشابهة لأعراض القرحة غالبا بمضادات الحموضة antacids أو مضادات إفراز الهستامين 2 H2 antagonists قبل استخدام المنظار المريئي المعدي الاثنى عشري EGD. تقوم مركبات بزموت المتنوعة Bismuth compounds بتقليل العضيات أو حتى القضاء عليها نهائيا. قد يُصرف للمرضى المعالَجين بمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية أدوية بروستاغلاندين انالوغ prostaglandin analogue (Misoprostol) لكي تمنع حدوث القرحة و التي تعتبر من العوارض الجانبية لاستخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية. إذا وجدت عدوى بكتريا الهيلكوباكتر بايلوري فان العلاج الأمثل هو أخذ نوعين من المضادات الحيوية (مثلا: Erythromycin، Ampicillin، Amoxicillin، Tetracycline، Metronidazole) و مثبّط لمضخّات البروتونات المعويّة 1 proton pump inhibitor (PPI). التركيبة الأكثر كفاءة هي باستخدام Amoxicillin + Metronidazole + Pantoprazole. يتم استخدام جرعة عالية و لمدة طويلة من مثبّط لمضخّات البروتونات في حالة عدم وجود البكتريا. علاج الهيلكوباكتر بايلوري يؤدي عادة إلى الشفاء من العدوى، شفاء القرحة و إزالة الأعراض. في حال معاودة العدوى، يمكن معاودة العلاج بأنواع أخرى من المضادات الحيوية، مثبطات مضخات البروتونات، التدخل الجراحي ( قطع العصب المبهم) في الحالات الغير مصحوبة بمضاعفات. في حال حدوث ثقب في الجدار المعدي، يتوجب التدخل الجراحي الفوري لإيقاف النزيف عن طريق الكي أو الحقن.

القرحة وبائياً

نسبة تفشي بكتريا الهيلكوباكتر بايلوري في البلاد الغربية تطابق الفئة العمرية المُتفَشى فيها (بمعنى 20% في عمر العشرين و 30% في عمر الثلاثين، 80% في عمر الثمانين و هكذا). أعلى نسبة تفش موجودة في دول العالم الثالث. انتقالها يتم عن طريق الطعام الملوث، المياه الجوفية الملوثة، و عن طريق لعاب الإنسان (كالتقبيل أو مشاركة أدوات الطعام). لكن وفقاَ ً لعيادة مايو Mayo Clinic فانه لا يوجد دليل على انتقال البكتريا عن طريق التقبيل. يؤدي عدد ضئيل من الحالات المصابة بعدوى بكتريا الهيلكوباكتر بايلوري إلى تكون قرحة و عدد كبير من الحالات سيصاب بألم ، عدم ارتياح أو التهاب في المعدة.

القرحة تاريخياً

في العام 1997، قام مركز التحكم و الوقاية من الأمراض the Centers for Disease Control and Prevention بالتعاون مع منظمات حكومية و منشآت أكاديمية و صناعية بإطلاق حملة تثقيفية وطنية لتوعية العاملين بالقطاع الصحي و المستهلكين بالعلاقة بين بكتريا الهيلكوباكتر بايلوري و القرحة المعدية. عززت هذه الحملة من المعلومات المنتشرة عن القرحة كونها عدوى قابلة للعلاج و أن صحة المريض قبالة للتحسن بشكل كبير و الحد من صرف الأموال على علاج القرحة عن طريق نشر معلومات حول البكتريا المتسببة بالقرحة الهيلكوباكتر بايلوري H. pylori.

تم إعادة اكتشاف بكتريا Helicobacter pylori في العام 1982 على يد العالمين الاستراليين روبن و باري Robin Warren and Barry Marshall. أكد العالمان في ورقة بحثهم أن سبب معظم حالات قرحة و التهاب المعدة هو مستعمرات البكتريا و ليس التوتر أو الطعام ذي البهارات كما أعتقد سابقا. قوبلت فرضية علاقة بكتريا الهيلكوباكتر بايلوري بفتور، لذا و لكي يثبت صحة فرضيته، قام Marshall بشرب صحن بتري petri-dish محتويا على مزرعة من العضيات الحية المستخرجة من معدة مريض، و سرعان ما أصيب بالتهاب في المعدة. اختفت أعراض الالتهاب في غضون أسبوعين ولكنه تناول مضادات حيوية للقضاء على ما تبقى من البكتريا تحت إلحاح زوجته، حيث أن رائحة الفم الكريهة هي إحدى أعراض الالتهاب. نشرت هذه الدراسة في عام 1984 في الدورية الطبية الاسترالية و تعتبر إحدى أكثر المقالات التي شيد بها في الدورية. في العام 2005، قام معهد كارولينسكاthe Karolinska Institute في ستوكهولم بتقديم جائزة نوبل في الطب و علم وظائف الأعضاء للدكتور مارشال و الدكتور وارن لاكتشافهم دور بكتريا الهيلكوباكتر بايلوري في حدوث التهاب المعدة و القرحة الهضمية. استمر الدكتور مارشال في القيام بأبحاث تتعلق ببكتريا الهيلكوباكتر بايلوري و يدير معمل بيولوجيا حيوية بجامعة غرب أستراليا في بيرث UWA in Perth، Western Australia. John Lykoudis وهو طبيب عام من اليونان ، كان يعالج مرضاه من قرحة المعدة باستخدام المضادات الحيوية زمنا قبل أن يُعرف أن البكتريا هي المسبب الرئيسي لها.

وصلات خارجية

ْْ