بقلم قصي مبيضين ، مقالة منشورة في جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 11 تشرين الثاني 2005
سأصف لك إحدى أشكال العلاج الطبيعي لتحس بالراحة ، لتسترخي ولتشكل لك تجربة جديدة رائعة .... إليك بالحجارة ! قد يكون مضحكاً للبعض القول أن الحجارة ( الصخور ) صارت في إستخدامنا كإحدى أنواع العلاج الطبيعي ، وخاصة عندما نصف تلك المعالجة للإسترخاء ، فمن المؤكد أنكم سمعتم أو تعالجتم بالوخز " الإبر " ، ومن الممكن أن البعض تعالج بالمغناطيس أو البذور وفقاً لأسلوب ال Su-Jok ، إلا أن فكرة إستعمالنا الحجارة للعلاج ما زالت أبعد ما يتصوره غير العارفين بالعلاج الطبيعي ، وخاصة عندما توضح طريقة المعالجة بوضع أنواع من الحجارة على مناطق محددة على الجسم لفترة قصيرة وهذا كل ما في الأمر، ولا نزال نؤكد أنك ستسرخي فعلاً.
في الحقيقة إن استعمال الحجارة للمعالجة تحت تسمية Stone Therapy ليس بحديث ، ولم ينطلق من أميركا الشمالية كما يدعي البعض ، فكل ما في الأمر أن أحد المعالجين الطبيعيين من توكسان " أعاد " استخدام هذا الأسلوب في العام 1994 لينتشر بعدها بسرعة في أميركا الشمالية وليصبح واحداً من أكثر الأساليب إستخداماً في المنتجعات هناك ، والأمر برمته يرجع إلى أكثر من 5000 سنة إلى الوراء حين دمج الطب الصيني التقليدي بين الحجارة والكريستال لإعتقاده بإحتوائهم خصائص تحسن الصحة و توازن الطاقة في الجسم ، وقد كان من المعروف مثلاً في الإمبراطورية الصينية استخدام الحجارة بالتعاون مع الوخز بالإبر لتحسين التنفس و زيادة القوة، كذلك إستعملت قبائل هندية تتحدث الألجونكيانية هذا الأسلوب أيضاً.
لا تصلح كل الحجارة للإستعمال العلاجي ، فقد ثبت استخدام عدة أنواع فقط لتميزها في نواح تتعلق بمكوناتها وصيغتها التركيبية الأمر الذي يفسر إستعمالها كإحدى أنواع المعالجة الحرارية Thermotherapy ، ومن هذه نذكر الحجارة الأكثر إنتشاراً وهي البازلت Basalt و المرمر Marble ، أما استخدام أنواعاً مثل النفريت Nephrite و غيرها فيدخل تحت باب المعتقدات القائلة بتأثيرها على طاقة الجسم أساساً .
نستخدم حجارة البازلت الملساء الناعمة لإضافة الحرارة ، فهي تعطي حرارة تؤثر بالعمق ، أما المرمر فيستعمل في المعالجة بالبرودة ، ويكفي هذا التوضيح عن المعالجة للإقناع بفوائدها ، فلا يختلف اثنان على فوائد الحرارة والبرودة أو التغير الحراري على الجسم ، المعالجة بالحجارة وبالإضافة إلى ما سبق ، تؤثر بتشكيلها ضغطاً على الأنسجة والخلايا ولهذا عدة فوائد ، بل أن المعالجة بالحجارة تذهب إلى أبعد من ذلك ، فهي تعطي الطاقة للجسم ، الطاقة التي لم يقتنع الطب الحديث بوجودها بعد ، الطاقة التي تعالج بالوخز بالإبر أو بالرنين الحيوي أو بالألوان وغيرها ، الطاقة التي يؤكد قدامي الهنود والصينيين بوجود قنوات غير مرئية خاصة لها بالجسم . على كل حال ، وإن لم يقتنع الطب الغربي أو الحديث بعد بالطاقة الموجودة في الجسم والملقبة ب Qi أوChi ، فإن الحجارة ما زالت مقنعة للطب الغربي تماماً كمعالجة حرارية .
بتباين الحرارة بين حجارة البازلت المسخنة بإستخدام الماء و المرمر البارد نسبياً ، تؤثر المعالجة الحرارية بالحجارة على الأوعية الدموية مباشرة فتزيد أو تقلل من إتساعها الأمرالذي يعتبر من جهة تماريناً للعضلات الملساء فيها vascular gymnastics ومن جهة أخرى أسلوباً لتعديل التروية الدموية على المنطقة التي تغذيها هذه الأوعية ، كذلك الأمر بالنسبة لتأثير المعالجة بالحجارة على الجهاز اللمفاوي والمناعي وعلى الجهاز العصبي حيث ينشطه بالمرمر البارد و يهدئه بالبازلت الدافئ ، ولما سبق فوائد كبيرة جداً على الصحة . أبعد من ذلك وبغير الإسترخاء المحسوس في الجسم ، فإن تأثير المعالجة الحرارية بالحجارة ينطلق أساساً ليغذي طاقة الجسم – حسب الصينيين والهنود – فيأمن التوازن الطاقي الذي بدوره يدفع الجسم كاملاً على تحسين مناعته وطرد الأمراض غير الظاهرة والتوترات والمشاكل العاطفية والنفسية .
يعتقد الصينيون والهنود بوجود طاقة بالجسم لها تأثير الأكبر على الصحة ، لهذه الطاقة سبع مراكز و12 قناة أساسية تمتد في جميع أنحاء الجسم ، وتقترب إلى سطح الجسم في بعض النقاط ( أو الفجوات xue كما يسميها الصينيون ) وبالتالي يمكن لنا التأثير في هذه النقاط من خلال عدة أساليب لرفع مستوى الطاقة إذا إنخفضت إليك ، أو خفضها أو تنشيطها أو تبطيئها ، وإرتباط هذه النقاط بالمراكز الرئيسية ينقل تأثيرنا فيها إلى أعضاء معينة ، وحسب الصينيين ، فإن الطاقة الكهرومغناطيسية الكامنة في الحجارة والمعادن الموجودة فيها تتعاون لتضفي قوتها الطبيعية على طاقة الجسم ، فتزيل الطاقات السلبية و تبعد الطاقة عن المناطق المثارة.
ينفذ العلاج بالحجارة الساخنة ذات الأصل البركاني حالياً مع المساج السويدي والعلاج العطري في جلسة واحدة ، وفي ذلك خصائص علاجية لتحسين الجلد والعضلات ، ويذكر أن الحجارة مختلفة الحرارة تمرر على كل الجسم ، ونحذر هنا من مساوئ استخدام الحرارة على قشرة الدماغ حيث شاهدنا البعض يجري مساجاً خفيفاً للرأس بإستعمال الحجارة الدافئة .
إن الإستماع وحده لطريقة تنفيذنا المعالجة بالحجارة يدفعك للإسترخاء ، حجارة ملساء ناعمة بأحجام ودرجات حرارة متباينة تتحرك على جسمك وفقاً لنسق معين لتؤثر على قنوات الطاقة ، الحجارة تتحرك بدءاً من القدمين إرتفاعاً بمحاذات قنوات الطاقة حتى تصل إلى اليدين ، أما على الظهر فتتنقل الحجارة مغلفة بمناشف قطنية أو بدونها لتلامس حرارتها بعض الزيوت العطرية التي مسج بها المعالج قنوات الطاقة والتي أعطت فوائدها الخاصة للجسم ، يتباطئ التنفس ويزيد عمقه ، وتنتقل الآن إلى التركيز بالأحاسيس الموجودة والتغيرات التي أضافتها المعالجة على جسمك ... وقد يكون من المثير القول بوضع حجرين كبيرين على الكفين وبوضع أحجار صغيرة بين أصابع القدمين .
الحجارة مختلفة الحرارة توضع على مناطق خاصة ، سبعة أحجار بقياسات وحرارت مختلفة تساعد على إعادة التوازن إلى مراكز الطاقة المركزية والأساسية في الجسم والتي يطلق عليها الهنود اسم ( شاكرا Chakra ) فكل من البازلت والمرمر تعطي طاقتها الكهرومغناطيسية Electromagnetic Energy للمعالج ، يساعد بذلك التركيبة أو البنية عديدة البلورات للبازلت والتي تمد الجسم بموجات بطيئة من الحرارة ، أما المرمر البارد صاحب التركيبة البلورية البسيطة فيطلق برودة سريعة وعميقة لا شك بأنها تشعر المعالج بالنشاط والحيوية بعد تأثير البازلت الدافئ . يبقى أن نقول أن الجلسة التي تستمر 60 - 75 دقيقة ويستخدم فيها حجارة قد تصل إلى الخمسين ، تؤثر كما هو الحال مع العديد من وسائل العلاج الطبيعي في أكثر من بعد لتشمل الجانب الفسيولوجي الجسماني والسيكيولوجي النفسي والعاطفي للمعالج .
البازلت : أكثر الحجارة ( الصخور ) البركانية وفرة ، تكونها الماغما خلال ساعات أو أيام فقط ، وغالباً ما تكون المواد غير العضوية فيها متجانسة ، بنيتها بلورية متعددة الكريستال وكثافتها أكبر ب 2.5 من كثافة الماء . أغلبها بلون رمادي أو أسود ، وتوجد أيضاً بألوان مثل الأحمر والأرجواني والأزرق .
المرمر : صخر متحول ، ذو اصول من الحجر الكلسي بنسبة تزيد عن 90% لكربون الكالسيوم ، بنيته وحيدة الكريستال .
النفريت : أستخدم منذ القدم في صناعة المجوهرات والتزيين و التماثيل ، وهو ذو بنية متعددة الكريستال وموجود بعدة ألوان منها الأبيض والأحمر والأخضر والبني والأصفر والرمادي تختلف نسبة لوجود الحديد والكروم والمغنيسيوم ، مكون أساساً من سيليكات الكالسيوم والمغنيسيوم بالإضافة إلى الحديد والصوديوم ويسمى عادة بالتريموليت . النفريت معروف بماض شرقي ورومانسي ، إعتبره الصينيون القدماء حجر الجنة أو حتى الجسر إليها ، كذلك قالوا انه حجر الأحلام والحظ ويحمي من الطاقة السلبية