في "الشيطان والآنسة بريم" يسرد باولو كويلو الوقائع المتخيَّلة لصراعٍ معتاد جدّاً، لكنه، في الوقت نفسه، فلسفيّ وأخلاقي وميتافيزيقي جداً. وبما أنه كذلك، فلن تكون الإجابة عنه يسيرة. وفي معرض السعي وراء الإجابات الممكنة، وهي لا تُحصى، يلجأ كويلو إلى ما يجيدُ صنعه بحذق ودراية، وهو سردُ حكاية.
يحلّ غريبٌ بين أهل "بسكوس" القرية المقيمة على استقامة أهلها وطيبتهم، وعلى ميراث من الخرافات الهجينة، القديمة. وبصحبة الغريب شيطان وسبائكُ ذهباً، ورغبةٌ في امتحان طبيعة البشر: هل ينزع الإنسانُ إلى الخير، أم ينزع، فطرياً، إلى الشرّ؟ وهل يُمكنُ أن يكون الخير والشرّ، في طبعه، خالصين؟
الآنسة شانتال بريم، نادلة الحانة، والعجوز برتا تشتركان في فعل الفداء الذي منه يأتي الخلاص. وبين شانتال التي هي الوجه الأنثوي ليَهوذا، وبرتا الرائية التي تقيم على عتبة حياة متصلة بالموت، والغريب الذي أوقعته المأساة في التجربة لكي يهتدي إلى ذاته، يُنسج سياق أمثولة ممتعة، وإن كانت شاقة، تسرد حكاية الصراع الأزلي بين النور والظلمات. هل يمكن للجريمة أن تؤسِّس لوعدٍ بالخلاص؟ هل المأساة قدرٌ أم خيار؟ في هذه الرواية لا يبتكر باولو كويلو أجوبة عن ألف سؤال، لكنّه يجعلُ من التأمّل في شرط الحرية مدخلاً للإجابة. كأنه يقول: ليس مهمّاً أن تفضي بك الدرب إلى اليقين، بل المهمّ أن تسلك الدرب.