الرئيسيةبحث

الزيدية في اليمن

الزيدية

عاش العالم الإسلامي عقب سقوط الخلافة الإسلامية تحت ظلال الدول القومية والوطنية (المشكلة وفق رسم قوى الاستعمار في حينه)! ولم يكن من الممكن تفتيته في ذلك العهد إلى أجزاء أصغر نظرا لوجود شعور لدى عامة المسلمين (أو العرب) بضرورة الوحدة، ذلك المعنى الذي غرسه الإسلام في قلوبهم منذ 14 قرنا! إلا أن العمل ظل جاريا على أساس تفكيك البنية الداخلية لكل دولة من هذه الدول، تارة على أساس ديني أو مذهبي وتارة على أساس عرقي وتارة على أساس حزبي أو مصلحي! وقد أظهرت "الديمقراطية" العالم العربي والإسلامي على أنه لوحة من الفسيفساء المجزأة إلى وحدات صغيرة جدا! ففي دولة كاليمن مثلا، وعقب التحول إلى الوحدة، تم الإعلان عن أكثر من 60 حزبا وتنظيما سياسيا! الأمر الذي يعني غياب منطق الوحدة والاجتماع وقيام المجتمع على أساس الفرقة والتصارع والشقاق!

إن هذه الحال التي وصل إليها عالمنا العربي والإسلامي دفعت به مع ظروف الأطماع الخارجية إلى حالة مخاض صعبة، ليست في حقيقتها إلا نتائج طبيعية لسير حركة التاريخ المعاصر، وقد تتولد عن هذا المخاض –الذي تتعجله قوى الاستعمار- دول مفروزة بحسب الانتماءات الطائفية أو العرقية أو العشائرية! لأن المزيد من تمزيق المنطقة يسهل قدوم المستعمر الذي سيدافع عن هذه "المحميات"! ويراعي ترتيب العلاقات فيما بينها! فالمرحلة باختصار مرحلة "ملوك الطوائف".. ولعل هذا ما يراد باليمن.. كما سيأتي معنا!

الزيدية.. وإقامة دولة الإمام:

نشأت "الزيدية" كفرقة مستقلة عن الشيعة باتخاذها زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي إماما لها، بعد أن تخلى مجموع الشيعة الآخرين عنه لترضيه عن الشيخين (أبي بكر وعمر ) فأطلق عليهم الإمام زيد مسمى "الرافضة".

وقد خالف "الزيدية" "الرافضة" في اشتراطهم الخروج لصحة الإمامة، وهي من المسائل التي تلقفها الإمام زيد عن المعتزلة، الذين يرون بوجوب الخروج بالسيف على الحاكم الظالم، وترفض "الزيدية" مبدأ "التقية" الذي يأخذ به "الرافضة". بل يذكر أبو الحسن الأشعري –رحمه الله تعالى-: "أن الزيدية بأجمعها ترى السيف والعرض على أئمة الجور وإزالة الظلم وإقامة الحق".

ومن هذا المنطلق قامت للزيدية عدة ثورات، لكنها أخفقت جميعا، ولم ينجح منها غير اثنتين فقط: إحداهما في بلاد الديلم، والأخرى في اليمن، حيث أسس يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي، والمعروف بالإمام الهادي، في القرن الثالث الهجري أول دولة لـ"الزيدية" في اليمن. ومن هنا عرفت دولة "الزيدية" في اليمن بـ"الهادوية" نسبة إلى الإمام الهادي.

"ويفيدنا العلامة الهَادي بن إبراهيم الوزير (ت822هـ) في كتابه المخطوط "هداية الراغبين" أن انتساب الزيدية إلى زيد بن علي؛ "لقولهم بإمامته واعتقادهم فضله وزعامته؛ ولأن مذهبهم أن الإمامة فيمن قال بإمامة زيد بن علي، واعتقد فضله فهو (زيدي)، وإن لم يلتزم مَذْهَبه في الفروع، فإنَّ كثيراً من الزَّيْديَّة على رأي غيره في المسائل الاجتهادية والمسائل النظرية. وكان من تقدم من الأئمة ينتسبون إلى زيد بن علي مع أنهم كانوا في العلم مثله في الاجتهاد، ويُخَالفُونَه في كثير من المسائل كالقاسم (بن إبراهيم وحفيده)، الهادي (يحيى بن الحسين وابنه)، الناصر وأمثالهم من الأئمة الكبار السابقين"، ويضيف مؤكداً: "وإنما انتسبوا إليه لأنهم قالوا بصحة إمَامته".

وقد أخذت "الزيدية" عن "المعتزلة" -أو اتفقت- معها في بعض الأصول، وكان الإمام الهادي فيها وفي علم الكلام يوافق الكثير من آراء شيخه أبي القاسم البلخي الكعبي (المعتزلي)، أمَّا في الفروع فقد استقل باجتهاداته التي وردت في مجموع رسائله وإجاباته الفقهية القليلة بما فيها كتابه "النخب"، وكتابه "جوامع الأحكام" الذي لم يكمله.

إذن فقد تأثر المذهب الزيدي في فكره السياسي بفرقتين هما: المعتزلة الداعية إلى الخروج على أئمة الجور والظلم بالسيف، والشيعة التي تشترط الفاطمية للإمامة (بغض النظر عن الخلاف فيما بين فرقها). ولأن أئمة آل البيت تميزوا بالعلم والفقه فقد التصق إلى جانب القاعدتين السابقتين مذهبا فقهيا داخليا لأتباع هذا المذهب.. وبذلك برزت "الزيدية" كفرقة مستقلة فكريا وسياسيا.

أصول الإمامة عند الزيدية:

تنبني الإمامة عند الزيدية على خمسة قواعد هي:

1- جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل: وهذا القول لدى الزيدية ليس قاعدة عامة، وإلا سقط مبرر الخروج لديهم، وإنما قال به الإمام زيد لتبرير شرعية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان (رضي الله عن الجميع)، ولإسقاط دعوى الطاعنين فيهم؛ لذا فأئمة الزيدية -بعد الإمام زيد- يقولون بوجوب إمامة الفاضل.

2- أن يكون الإمام من أولاد فاطمة، أي دون من هو علوي! أو قرشي!

3- القول بعدم عصمة الأئمة، وهذا على خلاف الشيعة الإثنى عشرية.

4- شروط الخروج في صحة الإمامة: كما ذهب إليه الإمام زيد، فلم يقل بالتقية. لذلك ترى الزيدية أن الإمام من ولد الحسن والحسين من قام منهم شاهرا سيفه ناصبا دابته وداعيا إلى كتاب ربه وسنة نبيه وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، حينها تجب على الأمة طاعته؛ وتذكر المصادر مناظرة طريفة جرت بين زيد بن علي وأخيه محمد الباقر حول مبدأ الخروج الذي يراه زيد شرطا لصحة الإمامة، ولا يرى به الباقر، فقال الباقر لأخيه زيد: "على قضية مذهبك والدك ليس بإمام فإنه لم يخرج قط ولا تعرض للخروج"!!

5- جواز خروج إمامين في وقت واحد ووجوب طاعتهما: جوزت الزيدية خروج إمامين في وقت واحد في قطرين مختلفين، وذهبت إلى أن طاعة كل منهما واجبة على قومه، ولو أفتى أحدهما بخلاف ما يفتي الآخر كان كل واحد منهما مصيباً.. وإن أفتى باستحلال دم الآخر، وقد تهكم الشهرستاني على هذا الرأي بقوله: "وهذا خبط عظيم".

ورفض بعض الزيدية القول بقيام إمامين في وقت واحد، وذهبوا إلى ضرورة أن يكون الإمام واحداً في كل زمان.

سقوط دولة "الزيدية" في اليمن:

استمر بقاء دولة "الزيدية" في اليمن قرابة 11 قرنا، عاشت خلالها فترات اتساع شملت مناطق عديدة من اليمن، وفترات انكماش تضيق فيه الدولة إلى حدود انطلاقتها في صعدة. كما أنها شهدت صراعا داخليا بين الأئمة، وصراعا خارجيا مع دولة الخلافة أو دويلات أخرى مجاورة! ولم تنعم دولة الأئمة بفترة استقرار طويلة بل كانت منهكة بالحروب الداخلية والخارجية!

وقد كان لطبيعة نشأة دولة الزيدية في اليمن وطبيعة ظروف الصراعات والحروب التي خاضتها أثر سلبي على المذهب الزيدي، الذي انغلق على اجتهادات أئمة المذهب وكرس وفق رؤيته السياسية عزلته عن العالم المحيط به، وظل الفكر السياسي للزيدية حجر عثرة إزاء الإصلاح السياسي والتلاحم الاجتماعي والتوحد مع الخلافة، مما أثار عليه موجات الانتقاد الداخلية والخارجية!

وفي حين اجتاحت العالم رؤى سياسية مختلفة ومتعددة (في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين) لم يكن اليمنيون، وبالأخص منهم من عاش خارج اليمن أو زار دولا أجنبية، بمعزل عن تلقف هذه الرؤى والاطلاع عليها والتأثر بها؛ وبالتالي تشكل جيل مطالب بالإصلاح وناقد للأوضاع السياسية بالدرجة الأولى، وقوبلت المطالبة بالعناد والتعنت والبطش أحيانا كثيرة، ومثل ذلك منعطفا باتجاه المحاولات الجادة للتغيير عبر محاولات للانقلاب والاغتيال.

وبرغم تباين التيارات الداعية للإصلاح والتغيير، والتي أسقطت حكم الأئمة الزيدية -عقب عدة محاولات- في عام 1962م، إلا أنها اتفقت على قضية واحدة هي إسقاط "الحكم الإمامي"؛ وبالفعل استطاعت تحقيق هدفها بفعل دعم خارجي ومساندة داخلية، وأعلن عن قيام نظام جمهوري في 26 من سبتمبر 1962م، وفقدت "الزيدية" كمذهب دولة "الإمام" بل أصبحت مصنفة ضمن تيارات "الرجعية" الممتهنة وقوى "الملكية" المتهمة!!

ورغم محاولات الإمام محمد البدر استعادة ملكه ووقوف عدد من القبائل في صفه، ووقوع مواجهات دامية مع الجمهوريين؛ إلا أنه لم يقع على أتباع المذهب الزيدي بعد غلبة الجمهوريين أي اضطهاد ديني أو طائفي يذكر، بل إن عددا كبيرا من قيادات النظام الجمهوري -لاحقا- هم بالأساس من المنتسبين أو المحسوبين على المذهب "الزيدي"!

لكن الثوار استعاضوا في مناهج التعليم الدينية بكتب وأراء الأئمة المجتهدين (من المذهب الزيدي) كالشوكاني والصنعاني إضافة إلى مناهج استقدمت من مصر والسعودية باعتبارهما مركز إشعاع علمي، وهي في عمومها خالية من مبادئ الإمامة المنصوص عليها لدى (الشيعة والزيدية)! وكان لوجود حركة "الإخوان المسلمون" المحسوبة على السنة أثر في تشكيل هذه المناهج ووضع مقرراتها، وبالتالي كان لها الفضل في نشر السنة في عموم اليمن.

ومع هذا ظل المذهب الزيدي مذهبا فكريا وفقهيا لقطاع عريض من الناس، ولم تشهد الفترة التالية للثورة (وعقب فشل حصار صنعاء عام 1967م) أي محاولة عسكرية لإعادة الإمامة إلى الحكم، وظل نشاط الزيدية مقتصرا على التعليم والدعوة في إطار ضيق نتيجة الانفتاح الذي حدث والانتكاسة التي وقعت للمذهب.

إلا أن البعض يتحدث خلال فترة الثمانينات عن تواصل بين إيران ومرجعيات زيدية في اليمن، وأن هذا التواصل أخذ بعدا فكريا وتنظيميا وتمويليا، وقد ساعد عامل النقمة لدى أتباع المذهب الزيدي على المذهب "الوهابي" الذي اخترق اليمن! (وهو أمر لا تزال تكرسه صحف الأحزاب الشيعية كالأمة والبلاغ والشورى، ويغذى به أتباع المذهب!) إضافة إلى نجاح الثورة الإيرانية ومحاولاتها الجادة في تصدير الثورة إلى المنطقة.

وقد بدأت جهود التواصل الإثنى عشري مع الزيدية في اليمن تؤتي ثمارها المرة في التسعينيات، حيث شهدت اليمن أنشطة ملموسة للرافضة؛ منها:

- وجود بعض المنتسبين لحزب الدعوة الشيعي في المستشفيات والمدراس والجامعات والحوزات التابعة للشيعة وبعض المشاريع والأعمال الوظيفية.

- المكتبات التي تبيع كتب الرافضة بأثمان رخيصة، أو توزعها مجاناً، وكذلك التسجيلات!

- نشر نكاح المتعة في أوساط المدارس والجامعات بين الشباب والشابات.

- نشر أفكار التشيع في صعدة وصنعاء وعمران وذمار وحجة والمحويت والجوف.

- إقامة المجالس الحسينية ومجالس العزاء، وإحياء شعائر الشيعة!

- المنح الدراسية التي تستقطب أبناء المذهب الزيدي –زغيرهم- من الجنسين إلى إيران ولبنان!

- مشاركة مكاتب إيرانية ولبنانية شيعية في معارض الكتاب السنوية، لكنها منعت بعد وقوع تمرد الحوثي في 2004م من الدخول مرة أخرى!

- نشاطات السفارة الإيرانية الثقافية والاجتماعية في أوساط المجتمع وبين الأسر "الهاشمية"! تحديدا!

"أحزاب الله".. في اليمن:

يتوزع اليمنيون على عدة طوائف وفرق أهمها وأكبرها "الشافعية" وتشمل الغالبية العظمى من اليمنيين السنة، و"الزيدية" وتشمل معظم سكان المحافظات الشمالية من اليمن الشمالي سابقا. وفي دراسة عن (النخبة السياسية الحاكمة في اليمن: 1978-1990م) ظهر أن مشاركة "السادة" -أو ما يعرف بـ"الهاشميين"- في السلطة بلغ نسبة 11%!! على الرغم من "عهد طويل من حكم السادة عانى فيها اليمن من ويلات الظلم والتفرقة والاستبداد والعنصرية والفقر"، إلا "أن بعض الأسر من هذه الفئة شاركت في التحضير لقيام الثورة اليمنية والحفاظ عليها، مما منحها فرص المشاركة في قيادة البلاد وبتلك النسبة".

ومع قيام الوحدة وإعلان الديمقراطية عام 1990م أعلن عن أكثر من 60 حزبا سياسيا، كان منها: حزب الثورة الإسلامية، حزب الحق، حزب الله، اتحاد القوى الشعبية اليمنية؛ وهي جميعا أحزاب شيعية توارت عن الساحة ولم يبق منها غير اثنان هما: حزب الحق، واتحاد القوى الشعبية اليمنية.

و"حزب الحق" حزب زيدي مذهبي، يصنف ضمن الأحزاب الطائفية ذات الصبغة الإسلامية، وينضوي تحته أفراد من التيار الشيعي والزيدي معاً، يتزعمه القاضي أحمد الشامي. وقد أعلن الحزب عن برامجه وأهدافه باعتبارها منبثقة من الإسلام؛ ومع ذلك فهو من التنظيمات السياسية الهامشية غير المؤثرة في الساحة، فلا وزن له في العملية الانتخابية وليس له قبول في الأوساط الشعبية.

فقد حصل الحزب على (18.659) صوتا أي (0.8%) من إجمالي الأصوات في انتخابات 1993م، وفاز اثنان فقط (من 65 مرشحا للحزب) بعضوية مجلس النواب عن محافظة صعدة. أما في انتخابات 1997م فقد تدنت حصيلة الأصوات التي حصل عليها مرشحو الحزب الـ(26) حيث بلغت 5.587 صوتا أي ما نسبته (0.21%)!! في حين لم يصل أي واحد منهم إلى قبة البرلمان! وفي 2003م رشح الحزب 11 عضوا للانتخابات لم يفز منهم أحد!

ويلاحظ على الحزب أن مواقفه في كثير من القضايا لا تتفق مع الرأي العام في الساحة اليمنية، وأقرب مثال على ذلك مساندته للحزب الاشتراكي في أزمة 1993م!

أما "اتحاد القوى الشعبية" فهو تنظيم قديم ظهر في بداية قيام الجمهورية العربية اليمنية، بهدف الدفاع عنها، ورغم قيادته الزيدية والمنتسبة لآل البيت إلا أنه حزب تقدمي، يجمع بين الشعارات الإسلامية والأطروحات التحررية؛ ويرأسه إبراهيم بن علي الوزير وأمينه العام محمد عبد الرحمن الرباعي.

وهو كسابقه حزب فاقد للشعبية، فقد حصل الحزب على (2.727) صوتا أي (0.2%) من إجمالي الأصوات في انتخابات 1993م، ولم يفز أي من مرشحيه الـ26 بعضوية مجلس النواب. وفي عام 1997م قاطع الانتخابات. أما في عام 2003م رشح الحزب 15 عضوا للانتخابات لم يفز منهم أحد!

يصدر عن حزب "الحق" صحيفة "الأمة" الأسبوعية، وهي صحيفة تتغطى بالمذهب الزيدي في حين أن أغلب الكتابات مشبعة بعقائد الرافضة (الإثنى عشرية)، كما أنها تثني على إيران والثورة الإيرانية وزعامات ومرجعيات الشيعة في قم والنجف! وكثيرا من الكتاب الذين يتناولون القضايا الشرعية -بزعمهم- هم من الدارسين في الحوزات العلمية بتلك البلدان!

ومن الصحف المعبرة عن الحزب وإن كانت ليست باسمه، صحيفة "البلاغ" الأسبوعية، وهي كسابقتها في الشأن وإن كانت تضيف إلى ذلك توجهها البارز في مهاجمة التيار "السلفي" "الوهابي" "التكفيري"...إلى آخر ما هنالك من الألقاب، وتتبع بؤر المشاكل بين اليمن والسعودية لتضفي على الخلافات السياسية نوعا من البعد والتأثير المذهبي!!

وتصنف الصحيفتان بأنهما معارضتان وناقمتان في الوقت ذاته على الحكم القائم، في حين أنهما يبديان تعاطفا غير مبرر تجاه "الحزب الاشتراكي اليمني" رغم بعده عن مبادئ وفكر المذهب الزيدي!

نشأة تنظيم "الشباب المؤمن":

لقد دفع التنافس بين شركاء تأسيس الوحدة "المؤتمر الشعبي العام" و"الحزب الاشتراكي اليمني" خلال المرحلة الانتقالية للوحدة (1990م – 1993م) إلى بحث كل منهما عن حلفاء لصالح كسب العملية الانتخابية وإضعاف قدرات الآخر، وفيما رأى المؤتمر في الحركة الإسلامية حليفا قديما وعريضا يمكن توظيف خطابه الديني وخبرته في مواجهة الاشتراكية فكريا وعسكريا وتنظيميا، رأى الحزب الاشتراكي في أتباع المذهب الزيدي، الناقمين على النظام الجمهوري وسيطرة ما يصفه أتباع المذهب بـ"الوهابية" على التعليم واكتساحهم للساحة، حليفا ناقما على الأوضاع وراغبا في إعادة مجد الإمامة!

وبالفعل توجه كل من الحزبين لمساندة ودعم حليفه الآخر في سبيل إضعاف خصمه، ومن هنا وجد الشيعة أنفسهم في حلف مصيري مع الاشتراكيين الذين لم يبخلوا عليهم في تلك الفترة بالدعم؛ لذلك وقف حزب "الحق" و"اتحاد القوى الشعبية"، (والحوثي باعتباره من حزب الحق ومن رجالات المذهب الزيدي)، مع الاشتراكي في انتخابات عام 1993م وحرب 1994م.

ويعود إنشاء تنظيم "الشباب المؤمن" إلى عام 1991م، بإيعاز من العلامة بدرالدين الحوثي بهدف جمع علماء المذهب الزيدي في صعدة وغيرها من مناطق اليمن تحت لوائه! وبالتالي دعم حزب "الحق" باعتباره يمثل المذهب الزيدي!

و"بدرالدين بن أميرالدين الحوثي، من كبار علماء الشيعة، جارودي المذهب، يرفض الترضية على الشيخين أبي بكر وعمر ، وكذلك لا يترضى على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق. هاجم الصحيحين والسنن في كثير من مؤلفاته، واتهم الإمام البخاري ومسلم بالتقول والكذب على رسول الله إرضاءً للسلاطين؛ ومنه ورث ابنه حسين هذا المذهب، وسار عليه أنصارهم وأتباعهم"!

وتشير المعلومات إلى أن بدرالدين الحوثي تقدم في عام 1996م باستقالة جماعية مع أبنائه، معلناً انتهاء أي علاقة له بحزب الحق، على خلفية خلاف بينه وبين العلامة والمرجع المذهبي مجدالدين المؤيدي! وقد كان للمؤتمر الشعبي العام دور مهم في هذه الاستقالة بغية تجريد الاشتراكي من حلفائه!

ويبدو أن الخلاف استند إلى بعدين:

الأول: منهجي، يتمثل في القضايا الفكرية والمذهبية، التي عبرت عنها دروس ومحاضرات حسين الحوثي المكتوبة والمتداولة، والتي يعترض فيها على المذهب الزيدي وعلمائه المعاصرين، معلنا عن ميوله لأقوال الشيعة الرافضة من سب الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وأمهات المؤمنين - رضي الله عن الجميع، والقول بعصمة الأئمة وعودة المهدي! والضحك من كتب السنة ورجالها وعلماء الحديث!

الثاني: تنظيمي، يتمثل في سيطرة قيادة حزب "الحق" على الأنشطة والأعمال بصورة تقليدية كما يراها حسين بدرالدين الحوثي و"الشباب المؤمن".

وتفرغ بدرالدين الحوثي وأبنائه للقيام على تنظيم "الشباب المؤمن"، الذي استمر في ممارسة نشاطه وتمكن من استقطاب الشباب (وغالبيتهم ينتمون للأسر الهاشمية وللمذهب الزيدي)، والقبائل والوجاهات الاجتماعية في صعدة. وقد تلقى حسين بدرالدين الحوثي مخصصات مالية شهرية حكومية بعد استقالته بالتنظيم استقلالاً كاملاً عام 2000م هدفاً ومنهجاً وفكراً. وفي مقابلة للرئيس اليمني (في 3/7/2004م) أشار إلى أنه قدم دعما مالياً للشباب المؤمن بحجة حمايتهم من الارتباط بدعم خارجي بناء على "طلب من بعض الإخوان"، دون أن يذكر أسماءهم. وكان دعم تنظيم "الشباب المؤمن" محاولة لإضعاف الخصم السياسي للمؤتمر الشعبي العام، ألا وهو التجمع اليمني للإصلاح!

وبدأ حسين الحوثي بتوسيع نشاطه خارج منطقة صعدة، ليؤسس مراكز مماثلة لمركزه في عدة محافظات، وأرسل إليها بعض طلبته المقربين مع مجموعة من الأساتذة العراقيين الذي توافدوا على اليمن بعد حرب الخليج الثانية والحصار الجائر الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق.

وقد شملت أنشطة "الشباب المؤمن" التنظيمية عددا من المحافظات منها صنعاء وصعدة وعمران وحجة وذمار والمحويت، وتمت عبر المساجد والمراكز الخاصة التي أنشئت لتدريس المذهب الزيدي وفق رؤية الحوثي!

وعمل تنظيم "الشباب المؤمن" على إحياء مناسبة "يوم الغدير" في محافظة صعدة، بمظاهر تحولت إلى تجمع للقبائل الموالية للحوثي واستعراض للقوة وعرض لأنواع وفيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وإطلاق النار بكثافة في نبرة تحد واضحة، كما أن إحياء المناسبة في محافظات أخرى لم يكن بمعزل عن الحوثي وفكره ودعوته.

كما عمل تنظيم "الشباب المؤمن" على إقامة المنتديات الصيفية في أكثر من منطقة، وكان بدرالدين يضفي عليها الشرعية المذهبية، ويبارك جهودها، ويحث القبائل على تسجيل أبنائهم فيها. وكان الشباب وأغلبهم من صغار السن يشاهدون في هذه المنتديات أفلام الفيديو التي تحكي كيف تم سقوط نظام الشاه في إيران، وكيف قامت ثورة الخميني، وتظهر صور الممثلين وهم يواجهون زحف الدبابات، ولا ينحنون برؤوسهم أمام كثافة النيران، وتصيب أحدهم الرصاصة فينزف دماً وهو يهتف: "الله أكبر، الموت لأمريكا"، وتظهر بعض الصور وشباب الثورة قد ربطوا أرجلهم لكي لا يفروا أمام زحف جيوش الشاة! وكان عبد الكريم جدبان -أو غيره- يقوم بالتعليق أحياناً على هذه الأشرطة، ويحث الشباب في المنتديات على التشبه بإخوانهم شباب الثورة الخمينية، والوقوف في وجوه الطغاة!

ويدندن أتباع "الشباب المؤمن" عموما حول:

- الشعارات المعادية -بزعمهم- لأمريكا و إسرائيل! وذلك عقب صلوات الجمعة، بما في ذلك ترديد الشعار في الجامع الكبير بصنعاء.

- الحديث حول فلسطين وجرائم اليهود!

- إثارة ما يؤلب الناس على الدولة بالحديث عن الأسعار والغلاء المعيشي والفساد المالي وفساد بعض المسئولين وأكل حقوق الضعفاء والمساكين!

- إحياء الأوجاع التي وقعت في التاريخ الإسلامي وطوتها الأيام، لإثارة النعرات الطائفية تحت شعار "آل البيت" ونصرتهم!

- إبراز مظاهر القوة والتحدي في مناسباتهم واحتفالاتهم المذهبية، كعيد الغدير ويوم عاشوراء!

- إثارة المخاوف الطائفية ممن يصفونهم بـ"الوهابية" و"السلفية"..!


 يسود اعتقاد خاطئ عند عامة المسلمين بأن الزيدية هم أتباع مذهب الإمام زيد بن علي -رحمه الله تعالى- الملتزمون بفقهه واجتهاداته، كما هو الحال مع أتباع المذاهب السنية الأربعة، والصحيح أنهم ليسوا على مذهبه في الفقه وإنما انتسبوا إليه لقولهم جميعا بإمامته، ومفارقتهم الشيعة معه في وجوب خروج الإمام والدعوة لنفسه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر! انظر كتاب: الزيدية نشأتها ومعتقداتها، للقاضي إسماعيل بن علي الأكوع، ط3-2000م.

 يمكن الرجوع إلى: "الموسوعة السياسية" (3/216)؛ المؤلف الرئيسي رئيس التحرير د. عبد الوهاب الكيَّالي؛ إصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، الطبعة الثانية 1993م.

 (وبقيت الزيدية في تلك البلاد ظاهرين؛ لكنها مالت بعد ذلك عن القول بإمامة المفضول وطعنت في الصحابة طعن الإمامية، وذلك بعد ظهور الدولة البويهية، 320-447هـ، التي كانت زيدية ثم تحولت إلى شيعة غلاة)، نقلا عن: الزيدية نشأتها ومعتقداتها.

 ولد الإمام يحيى بن الحسين بالمدينة المنور عام (245هـ) وتوفي بصعدة عام (298هـ)، وعقدت له البيعة بإمامة الزيدية عام (280هـ)، أثناء خلافة الخليفة العباسي المعتضد.

دخل إلى صعدة عام (284هـ)، وفتح صنعاء والكثير من البلاد، وحارب القرامطة والباطنية في أكثر من 73 معركة.

كان رحمه الله تعالى عالما فقيها زاهدا مهابا شجاعا؛ يقوم بالتفتيش على الجيش بنفسه، ويأمر القارئ من المحبوسين أن يعلم من لا يقرأ، ويتفقد الأسواق، ويقوم بأعمال الحسبة بنفسه، ويشدد في تطبيق الحدود، ويصلي بالناس الجماعة، ويجلس ما بين الصلوات ليعظهم ويعلمهم أصول دينهم، وكانوا يتحاكمون إليه في منازعتهم.

ويعتبر الإمام الهادي يحيى بن الحسين أهم شخصية في المذهب الزيدي، بعد مؤسسه الإمام زيد بن علي.

إن الزيدية على مافيها من ضلال وانحراف تعتبر من أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة، حيث يتصف بالابتعاد عن الغلو الذي وقعت فيه باقي فرق الشيعة. إذا أريد بلقب "أهل السنة" مدلوله العام، وهو الذي يدخل فيه كل من أثبت الخلافة للخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضوان الله عليهم جميعاً، ويثبت أكثر الزيدية الخلافة وفق هذا الترتيب. فهم يرضون على الشيخين أبا بكر وعمر إلا أن علياً - وفقاً لمعتقدهم - كان أولى بالخلافة، من غير أن يبطلوا ولايتهما، فمذهبهم أجاز ولاية المفضول - المستجمع شرائط الإمامة - مع وجود الفاضل. وهذا الموقف من الشيخين أبي بكر وعمر - - هو الذي شكل نقطة الافتراق بينهم وبين الرافضة. حيث يذكر الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" عن عيسى بن يونس أنه قال: " جاءت الرافضة زيداً، فقالوا: تبرأ من "أبي بكر وعمر حتى ننصرك، قال: بل أتولاهما، قالوا: إذا نرفضك، فمن ثم قيل لهم: الرافضة. وأما الزيدية، فقالوا بقوله، وحاربوا معه "، وانتسبوا إليه." مؤسس الزيدية ترجع الزيدية إلى زيد(السجّاد) بن علي (زين العابدين) بن الحسين بن علي بن أبي طالب - - ولد عام 80هـ، وتتلمذ على أخيه الأكبر أبي جعفر محمد الباقر، وعلى يد واصل بن عطاء رأس المعتزلةفي زمانه، ومنه أخذ الإعتزال، تنقل في البلاد الشامية والعراقية باحثاً عن العلم أولاً، وعن حق أهل البيت في الإمامة ثانيـاً، فقـد كان تقياً ورعاً عالماً فاضلاً مخلصاً شجاعاً وسيماً مهيباً ملماً بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبد الملك، فقد دفعه أهل الكوفة لهـذا الخروج ثم مـا لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهمـا، بل يترضى عنهما رحمه الله، فتخلوا عنه، واضطر لمقـابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فـارس حيث أصيب بسهم في جبهته أدى إلى وفاته ليلة الجمعة لخمس بقين من محرم سنة اثنتين وعشرين ومائة من الهجرة النبوية - رحمة الله عليه. وقد تنقل في البلاد الشامية والعراقية باحثا عن العلم اولا، وعن حق آل البيت في الإمامة ثانيا. فقد كان عالما ورعا تقيا مخلصا فاضلا شجاعا وسيما مهيبا عالما بشرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وكذلك اتصل ريد بن علي بواصل بن عطاء وتدارس معه وتأثر بافكاره التي انتقلت إلى المذهب الزيدي، وان كان هناك من ينكر هذا الاتصال، وهناك من قال انه التقاه دون ان يتأثر بأفكاره، والله اعلم بالصواب. وقد قيل انه جرت بينه وبين أخيه الباقر مناظرات ينكر عليه قوله بالخروج على أئمة الجور،وأنها شرط في صحة الامامة، حيث قال له يوماً على مقتضى مذهبك فإن والدك ( علي زين العابدين ) ليس بإمام، فإنه لم يخرج قط، ولا تعرّض للخروج. " وكان ذا علم وجلالة وصلاح .. وفد على متولي العراق يوسف بن عمر، فأحسن جائزته، ثم رُدَّ، فأتاه قوم من الكوفة، فقالوا: ارجع نبايعك، فما يوسف بشيء، فأصغى إليهم وعسكر، فبرز لحربه عسكر يوسف، فقُتل في المعركة، ثم صُلب أربع سنين " كما قال الذهبي. ويُنسب إلى زيد كتب، أشهرها كتاب المجموع في الحديث، وكتاب المجموع في الفقه، وهما كتاب واحد اسمه المجموع الكبير، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة . خلفاء زيد وقد خلف زيداً من بعد ابنه يحيى المولود سنة سبع وتسعين، حيث سار على درب والده في قتال الأمويين، وتمكن من الفرار إلى خراسان، واجتمعت عليه جماعة كثيرة، قاتل بهم حتى قتله أميرها. وذلك سنة ست وعشرين ومائة في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك. وفُوِّض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن علي حيث خرج محمد النفس الزكية في المدينة، فقتله عاملها عيسى بن ماهان ، وخرج إبراهيم من بعده بالبصرة، فكان مقتله فيها بأمر من المنصورعام 125هـ. خرج بعد ذلك محمد بن عبدالله بن الحسين بن علي المعروف بالنفس الزكية بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان. وخرج من بعده اخوه إبراهيم في البصرة فقتل بامر من الخليفة المنصور. اما احمد بن عيسى بن زيد حفيد مؤسس الزيدية فقد اقام بالعراق واخذ عن تلاميذ اباحنيفة. ثم القاسم بن إبراهيم المرسي بن عبدالله بن الحسين بن علي بن ابي طالب - - والذي تشكلت طائفة باسمه القاسمية. ثم جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحق يحي بن الحسين بن القاسم - الذي عقدت له الإمامة باليمن - الذي قام بقتال الشيعة الاسماعيلية - القرامطة فيها، كما تشكلت له فرقة زيدية عرفت باسم الهادوية منتشرة في اليمن والحجاز وما حولها. كما ظهر أمر الزيدية بعد ذلك في بلاد الديلم وجيلان على يد صاحبهم ابومحمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر بن الحسين بن علي بن ابي طالب - - والذي كام يلقب بالناصر الكبير كذلك من أئمتهم محمد بن إبراهيم بن طباطبا ، الذي بعث بدعاته إلى الحجـاز ومصـر واليمن والبصرة، ومن شخصياتهم البارزة كذلك مقاتل بن سليمان، ومحمد بن نصر، ومنهم أبو الفضـل بن العميد والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بويه. وفي عام 1322هـ قام الإمام يحيى بن منصور بن حميد الدين بقتال الأتراك العثمانين، وأسس دولة استمرت حتى عام 1382هـ حيث انتهى بذلك حكم دولته على يد الخارجين عليه، ولم تنتهي الزيدية بذلك، فلا تزال دولة اليمن معقل الشيعة الزيود وفيها مركزهم وثقلهم. موقفهم من الإمامة يعتقد الزيدية بوجوب أن يكون الإمام عدلا مصلحاً مجتهدا يساوي الرعية بنفسه، ويقوم على مصالحهم، ويرعى شأنهم، ويرون أن لا ولاية لظالم، بل يجب الخروج عليه، ومنازعته سلطانه. وعلى هذا الأساس خرج زيد بن علي، ويرون - أي الزيدية - أن أهل البيت النبوي أحق بالخلافة من غيرهم، وأن الخلافة هي في علي ومن بعده الحسن، ومن بعده الحسين، ثم في أولاد الحسن والحسين ممن توفرت فيه الشروط المعتبرة، من الشجاعة والعلم والاجتهاد، فمن حاز الإمامة بالسيف منهم فقد وجبت بيعته، وعظمت على الناس طاعته. ولايزال قسم من الزيدية على ماكان عليه زيد والبعض الاخر انحرف ومنهم فرق الزيدية وافترقت الزيدية - كغيرها من الفرق - إلى مذاهب متعددة، فمن فرقها 1. الجارودية أتباع أبي الجارود زياد بن المنذر الكوفي المتوفى عام 150هـ وقيل 160هـ وقد وصف المحدثون أبا الجارود بأنه كذاب وليس بثقة وانه كان رافضيا يضع الاحاديث في مثالب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عن اصحاب رسول الله،وقال عنه الامام ابن حجر رافضي، كذلك كذبه الامام يحي بن معين - رحم الله اهل الحديث، وغلت جماعات من الجارودية فقالت بغيبة الأئمة ونادت برجعتهم، وزعمت طائفة ان علم الحسن والحسين - - كعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ردد بعضهم عبارات شبيهة بالاثناعشرية فقالوا الحلال حلال ال محمد صلى الله عليه وسلم والحرام حرامهم والاحكام احكامهم وعندهم جميع ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم عند صغيرهم وكبيرهم لايفضل الكبير على الصغير. 2. السليمانية او الجريرية أتباع سليمان بن جرير، وهم يثبتون امامة الشيخين أبا بكر وعمر - ، غير ان بن جرير هذا ذهب إلى تكفير عثمان - - وكفر عائشة وطلحة والزبير - أجمعين، {لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم مافي قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا}، كما انه رفض اراء الاثناعشرية في التقية والبداء. 3. الصالحية أتباع الحسن بن صالح،وهو كوفي ولد عام 100هـ وتوفي عام 160هـ، وقد خرج له البخاري ومسلم في باب الادب وقد وثقه الجمهور وقيل انه ثقة فقيه عابد لكنه رمي بالتشيع وقد ذهبت فرقة الصالحية مذهب ومعتقد السليمانية في الإمامة، إلا أنهم توقفوا في أمر عثمان - - وفي الحكم عليه بالإيمان أو الكفر - عياذا بالله تعالى من هذا الضلال. هذه الفرق بجملتها لم يعد لها وجود عند الزيدية اليوم. فالزيدية اليوم يرون ويدينون ويعتقدون نفس العقائد والاصول الخمسة عند المعتزلة. الاصل الاول التوحيد ومعناه عندهم نفي صفات الله تعالى، الاصل الثاني العدل ومعناه نفي القدر، الاصل الثالث المنزلة بين المنزلتين ومعناه ان مرتكب الكبيرة ليس مسلما ولاكافرا، {ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما} الاصل الرابع انفاذ الوعيد ومعناه ان صاحب الكبيرة مخلد في نار جهنم، واهل السنة لايقولون هذا ابدا فمرتكب الكبيرة من غير استحلال، لها امره إلى الله ان شاء عفا عنه لاصل الايمان المستقر في قلبه وادخله الجنة، وان شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم ادخله الجنة. الاصل الخامس الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا يرون الخروج عل ولي الامر اذا ظلم ولو لم يأت بكفر صريح. يرون جواز الإمـامة في كل أولاد فاطمة، سواء أكانوا من نسل الإمـام الحسن أم من نسل الإمام الحسين أجميعين. كما أن بعض الزيدية يرون العصمة لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلي وولديهما الحسن والحسين اجمعين. ويرون ان رسول الله لايشفع لعصاة الامة وان الانسان لايدخل الجنة الا بعمله. كما ان كثر الزيدية يطعنون في الصحابة طعن الامامية كما قال الشهرستاني في كتابه الملل والنحل. كما يقول صالح بن مهدي المقبلي يقول في كتابه دليل العلم الشامخ ان الزيدية ليس لهم اساس واضح وقاعدة محددة فهم احيانا يطعنون في بعض خيار الصحابة مثل ابي هريرة وجرير البجلي وام المؤمنين حبيبة لانهم رووا احاديث لاتوافق هواهم، وان جاءهم حديث يوافق هواهم قبلوه من ذلك الصحابي ولو كان اقل رتبة وفضلا ممن طعنوا فيه. ويرون قول عليه السلام لعلي والحسن والحسين وغيرهم من كبراء الزيدية. الإمـامة لديهم ليست بالنص، إذ لا يشترط فيها أن ينص الإمـام السابق على الإمام اللاحق، بمعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة، فمن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإمامة كان أهلاً لها. يجوز لديهم وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفين. تقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل إذ لا يشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعـاً بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التي يدلي برأيه فيها. معظم الزيدية المعاصرين يُقرون خـلافة أبي بكر وعمر، ولا يلعنونهمـا كما تفعل فرق الرافضة، بل يترضون عنهما، ويقرون بصحة خلافة عثمان مع مؤاخذته على بعض الأمور. يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله، والاختيار في الأعمال، ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منـزلة بين المنـزلتين كما تقول المعتزلة، يرفضون التصوف رفضاً قاطعاً. يخالفون الرافضة في زواج المتعة ويستنكرونه أشد الاستنكار. يتفقون مع باقي الرافضة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر. هم متفقون مع أهل السنة بشكل كامل في العبادات والفرائض سوى اختلافات قليلة في الفروع مثل قولهم حي على خير العمل في الأذان على طريقة الرافضة. يرسلون أيديهم في الصلاة. صلاة العيد تصح فرادى وجماعة. صلاة الجنازة عندهم خمس تكبيرات. يعدون صلاة التراويح جماعة بدعة. يرفضون الصلاة خلف الفاجر. فروض الوضوء عشرة. قالوا بخلق القرآن، ونفوا علو الله على خلقه، واستواءه على عرشه، وأوّلوا الصفات الخبرية كالمجيء والنزول والعينين، ونفوا أن يكون الله خالقاً لأفعال العباد، وقالوا بأن العباد خالقون لأفعالهم، خيراً كانت أم شراً، وأوجبوا اتباع آل البيت النبوي، وقالوا أن من خرج عن دائرتهم فدينه مرذول، وإسلامه مدخول، وحكموا بكفر أصحاب الكبائر في الآخرة وخلودهم في النار، وقالوا إن صاحب الكبيرة في الدنيا في منزلة بين المنزلتين، لا يقال مؤمن، ولا يقال كافر، بل هو فاسق عاص، ونفوا الشفاعة لأهل الكبائر، وأنكروا رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة. قالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حراً مختاراً في طاعة الله أو عصيانه، ففصـلوا بذلك بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا وهو رأي أهل البيت من الأئمة. مصادر الاستدلال عنـدهم كتاب الله، ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلـم، ثم القيـاس ومنه الاستحسان والمصالح المرسلة ثم يجيء بعد ذلك العقل فما يقر العقل صحته وحسنه يكون مطلوباً وما يقر قبحه يكون منهياً عنه. ولا يؤمن الزيدية بالرجعة، ولا بالمهدي المنتظر، ولا يرى عامتهم عصمة أئمة أهل البيت، ويستنكرون القول بأن الله تظهر له أمور كانت خافية فيغير قدره، وهي نظرية البداء التي قال بها المختار الثقفي، حيث إن الزيدية تقرر أن علم الله قديم غير متغير، وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ. كما أنهم في الفروع على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان إلا في اليسير من الفروع وافقوا فيه الشافعية والشيعة الجعفرية، وجوزوا خروج إمامين في قطرين، يستجمعان خصال الإمامة، ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة. باب الاجتهاد مفتوح لكل من يريد الاجتهاد ومن عجز عن ذلك قلد، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم. يقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم والجائر ولا تجب طاعته. يتمسكون بأحقية أهل البيت في الخلافة. يشابهون الرافضة في تفضيل الأحاديث الورادة عنهم عن غيرها، وتقليدهم وزكاة الخمس. تأثر الزيدية بالمعتـزلة فانعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جلياً في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية كبرى في الاستدلال، إذ يجعلون له نصيباً وافراً في فهم العقائد وفي تطبيق أحكـام الشريعة وفي الحكم بحسن الأشياء وقبحها فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والاختيار ومرتكب الكبيرة والخلود في النار. وقد تحول كثير من الشيعة الزيدية إلى المعتقد الشيعي الاثناعشري اثر نشوء الثورة الفارسية الخمينية الشيطانية في ايران. أخذ أبو حنيفة عن زيد، كما أن حفيداً لزيد هو أحمد بن عيسى بن زيد قد أخذ عن تلاميذ أبي حنيفة في العراق، قد تلاقى المذهبان الحنفي السُّني والزيدي الشيعي في العراق أولاً، وفي ما بلاد ما وراء النهر ثانياً مما جعل التأثير والتأثر متبادلاً بين الطرفين. وقد ظهر من بينهم علماء فطاحل أصبحوا من أهل السنة والجماعة، سلفيو المنهج والعقيدة أمثال ابن الوزير محمد بن إبراهيم الذي تتلمذ على يد الزيدية والذي رفض عصبية المتكلمين في زعمهم ان آيات الصفات وامثالها من الايات التي تتناول قضايا العقيدة من الامور المتشابهة، {وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ماكانوا يعملون}، حيث دافع دفاعا قويا عن اهل الحديث ورجح اقوال اهل السنة ورجال الحديث في مسائل العقيدة على اقوال المعتزلة، ودعى إلى نصر منهج السلف واهل السنة والجماعة كما هو واضح في كتابي ايثار الحق على الخلق وترجيح اساليب القرآن على اساليب اليونان، وابن الأمير الصنعاني الذي تبحر في مختلف العلوم واخذ من مختلف المذاهب كما رجح الفقه والحديث على علم الكلام له كتابي سبل السلام وارشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد والذي تصدى للبدع والخرافات في العقائد وهاجم انواع الشرك والضلال في كتابه العظيم تطهير الاعتقاد عن ادران الالحاد والشوكاني حيث ذم علم الكلام وحذر من الاشتغال به والخوض فيه كما حارب البدع في العقائد والعباداتوالذي بلغت مؤلفاته أكثر من 100مؤلف في الفقه واصوله والحديث والتفسير والتاريخ والتراجم، ومن اشهرها فتح القدير في التفسير، ونيل الاوطار بشرح منقهى الاخبار في علم الحديث او في فقه الحديث، وارشاد الفحول في علم الاصول، والقول المفيد في ادلة الاجتهاد والتقليد، وارشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعالي والنبوات، وقد اشتهر بذم التقليد والقائلين به ودعى إلى الاجتهاد. رحمة الله على أبا عبدالله الامام مالك حيث قال ماارى لصاحب الكلام او من دخل في علم الكلام الا ان يضرب بالنعال والجريد ويقال له هذا جزاء من ترك حديث رسول الله واشتغل بعلم الكلام, فرحمة الله على الامام مالك ورحمة الله على علماء اهل الحديث. ان الملامح الشيعية واضحة في الزيدية على الرغم من اعتدالهم عن بقية فرق الشيعة. على الرغم ان الزيدية اليوم، والموجودة في اليمن هي الجارودية في صنعاء وصعدة ومايليها وهم بذلك يشابهون الاثناعشرية. ان المتأمل في حالهم يراهم يمجدون في ادعيائهم من علمائهم وينسبون اليهم قصصا مكذوبة لمناظرات يدعون انتصار علمائهم فيها على كبار علماء اهل السنة والجماعة كـ بن باز و بن عثيمين والمحدث الالباني رحمهم الله جميعا وبن جبرين حفظه الله. وهذا ان دل على شيء فهو يدل على افلاسهم وخوائهم. ان الزيدية اليوم خصوصا في صعدة تعيش تخبطا فعلمائها ليسوا زيدية بل رافضة بثياب الزيدية ينشرون ويعلمون الفكر الاثناعشري بكل ضلالاته. فالكتب لديهم كتب الاثناعشرية، والفكر فكر الاثناعشرية، والاحاديث والاطروحات والنقاشات كلها اثناعشرية، ولا حول ولاقوة الا بالله،، حتى انه نشأ نشء لايرى الاخذ بالبخاري ومسلم، ويكأنه الا عالما بالحديث، وهو اجهل من ان يعرف الحسن من الصحيح، ولو سألته في ابسط علم الحديث لفتح ثغره مشدوها، لا يحير على جواب. رحم الله الشيخ مقبل الوادعي حيث كان في صعدة منارة علم وغصة للرافضة هناك. ولم يتبق من الزيدية الا القليل ممن بقي ولم يبدل وهم منتشرون في جبال اليمن، ويميل كثير من ناشئتهم وشبابهم إلى الاسلام الصحيح، وفق الدليل الصحيح من اهل العلم الثقات. ان في صنعاء اليوم منارة علم اضاءت للدنيا، انها جامعة الايمان تنشر الاسلام الصحيح وفق منهاج اهل السنة والجماعة على ماكان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. إن الزيدية من أكثر فرق الشيعة اعتدالاً بالنسبة لغيرهم من فرق الشيعة، حيث أن المذهب الزيدي في الفروع لا يخرج عن إطار مدارس الفقه الإسلامي ومذاهبه، إلا أنه و لصلاتهم القديمة بالمعتزلة تأثروا بكثير من افكارهم ومعتقداتهم الضالة - والتي لو سلم منها لكان مذهبا خامسا من مذاهب الاسلام. ان العيب في الزيدية ليست امورا فرعية كما يظن البعض بل امور اساسية، امور عقدية لابد من تركها والاخذ بالعقيدة الصحيحة، بالرجوع إلى اهل العلم من ذوي العقيدة الصحيحة وقراءة الكتب العلمية وفهمها كـ كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب، وكتاب التوحيد للشيخ عبد المجيد الزنداني والذي يدرس في مدارس اليمن ومعاهدها. لابأس ان تكون لنا خصوصيتنا،، لكن لابد من تصحيح عقيدتنا وفق اهل السنة والجماعة وفق الفهم الصحيح لما قاله الله تعالى وفق الدليل الصحيح لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اننا ندعو إلى تصحيح الزيدية إلى زيدية سمحة،، وليس إلى زيدية رافضية،،