مدينة الزبارة مدينة قطرية تاريخية تقع في الشمال الغربي من شبه الجزيرة القطرية سميت بهذا الإسم بسبب أرتفاع ارضها فيقال لها الزبارة أي الأرض المرتفعة
في عام 1732م هاجرت قبيلة بني عتبة وتسمى "العتوب" آل بن علي من بني سليم قادمين من القرين إلى قطر واسسوا مدينتان الزبارة وفريحة فانقسموا قسمين قسم سكن الزبارة وهم آل طريف و آل لحدان وآل غنام وآل ترايمة وآل درباس وآل بوطامي وقسم سكن فريحة وهم آل سلامة وآل مقبل وآل عمرو وآل خنفر وآل جديع وآل حمد وتقع بلدة فريحة جنوب شرق الزبارة . و في الزبارة اقاموا العتوب آل بن علي في الجزء الشمالي من البلدة وأحاطتها بسور به أبراج نصف دائرية وذلك سنة 1768م كما شيدوا في السنة ذاتها قلعة على المرتفع يشرف على البلدة عرفت بقلعة مرير والاسم مرير ماخوذ من اسم ينبوع في ديارهم الاصلية في حرة بني سليم قرب المدينة المنورة حيث قبل وصولهم إلى قطر والبحرين والكويت استقروا آل بن علي العتوب في عمان وبنو حصن في عمان سموه مرير . انظر إلى هذه الخريطة الذى رسمها ابراهام اورتيلوس عام 1570م وسترون قرية آل بن علي بالقرب من حصن مرير في عمان.
الخريطة موجودة في هذا الرابط:
http://www.members.lycos.co.uk/alsahirr/up/pic/aalbin6.gif
وبعد استقرار آل بن علي العتوب في الزبارة بنو قلعة هناك وسموها مرير واسسوا العتوب الزبارة وعمروها وجعلوها ميناء تجارى لحركة السفن خاصة ان الـــزبـــــــاره لم تكن تفرض ضرائب باهظة على البضائع والسفن التجارية .
عندما جاء محمد بن خليفة (جد اسرة آل خليفة ) إلى الـــزبـــــــارة قادما من الكويت عام 1766م كان من سكان الزبارة آل بن علي (العتوب) والمعاضيد والنعيم أما الجلاهمة فتختلف المصادر التاريخية بشأنهم إذ تذكر بعضها أنهم سبقوا جد اسرة آل خليفة محمد بن خليفة ، بينما يذكر البعض الاخر أنهم تبعو جد اسرة آل خليفة محمد بن خليفة بعد فترة وجيزة (كتاب لوريمر – دليل الخليج ) إثر وباء الطاعون الذي حلّ بالبصرة سنة 1773م ومحاصرة الفرس لها سنة 1775م وإحتلال القيصر لها ، وفي السنة التالية هاجر العديد من تجار البصرة إلى الـــزبـــــــاره مما ساعد على سرعة نموها فتركزت فيها وحدها تقريباً تجارة اللؤلؤ والتجارة عامة بين شرق الجزيره العربية والهند ومن بينهم التاجر المعروف احمد بن رزق. وقد سكنوا الزبارة بعد تأسيسها من قبل آل بن علي العتوب عدة قبائل مثل المعاودة والنعيم وغيرهم.
خلال هذه الفترة والفترة اللاحقة إمتدت المنازل والفصور إلى خارج الأسواق وبنى سوق آخر حول المدينة الجديده يبلغ طوله حوالي 2 كيلومتر يتخلله عشرون برجاً ( نصف دائري ) كما تم حفر القناة التي كانت تصل بين البحر وأطراف قلعة مرير ، وشيدت عدة قلاع حول الـــزبـــــــاره في الفريحة وليشا وحلوان وعين محمد وركيات وأم الشول والثغب أثر الحرب التي نشبت بين السيد سعيد سلطان عمان والموحدين ( الوهابين ) دمرت المدينة عام 1810 – 1811 م ، وقد كتب الكابتن ج . ب . براكس عام 1824م بأن الـــزبـــــــاره مدينة كبيرة تحولت إلى خرائب وقد سبقة الكابتن روبرت تيلور عام 1818م الذي قدر أنه كان بالمدينة حوالي 400 منزل .
الموقع :
تقع مدينة الـــزبـــــــاره على الشاطيء الشمالي الغربي لقطر ، وتعبد عن مدينة الدوحة بحوالي 105كم ، يحوي الموقع خرائب مدينة الـــزبـــــــاره بقصورها ومنازلها ومخازنها وهي مقامة على أرض سبخة ، وتمتد فوق مساحة تبلغ حوالي 60 هكتاراً داخل الأسوار التي تحيط بالمدينة من جهاتها الثلاث ( الجهة الرابعة مفتوحة على البحر ) ، يتخللها ( 20 برجاً ) أقيمت على مسافات غير متساوية تتراوح ما بين 90 و 115 متر .
تشرف على المدينة قلعة حديثة شيدت عام 1938 م تقريباً لتحل مكان القلعة السابقة التي كانت قد أقيمت بالقرب منها ، وهي تتصل بالمدينة بسورين تتخللهما أبراج ، ويشكل السوران ممراً عرضة حوالي 400م من جهة السور الخارجي للمدينة يضيق عند التقائه بالقلعة القديمة ، كما شق عند الطرف الجنوبي للمدينة قناة يبلغ طولها حوالي 2 كيلو ، كانت ترسو فيها السفن لتفريغ حمولاتها أو تجنباً للأعاصير في الأيام العاصفة .
كما تم تقسيم التنقيب في الـــزبـــــــاره إلى 3 مواسم :
الموسم الأول للتنقيب 22 فبراير – 22 أبريل 1983م
بدء بكشف الإطلال عن هذه المدينة الهامة والمرتبطة إرتباطاً عضوياً بتاريخ قطر والمنطقة المحيطة وحضارتها ن وقد تم اختيار ثلاثة مواقع رئيسية لمباشرة التنقيب فيها للتعرف على مختلف مظاهر العمران في المدينة .
تم كشف ما مساحتة 1900م مربع تقريباً من سور المدينة حيث ظهرت أبراجة الدائرية التي تمتاز بوجود سلم حلزوني داخل كل منها على مسافات متباعدة تتراوح ما بين 90 و 155 م من السور البالغ طوله حوالي كيلومترين كما أظهرت اعمال التنقيب أن السور قد جرى تدعيمة في أماكن ومراحل مختلفة .
أختير هذا الموقع لإرتفاع أطلالة مما أوحى بامكانية إحتفاظ هذا البيت بمعالمة الهندسية والزخرفية ، أو إمكانية وجود أكثر من طبقة سكنية ، وقد أمكننا خلال الموسم الأول الكشف عن قسم منه برز بكامل دقائقه وتفاصيله والتحويرات التي أدخلت عليه مما يدل على أن البيت ظل قائماً ومأهولاً لفترة طويلة ، أما مخططه فهو على نمط البيوت الشرقية ، يتألف من حوش مربع تحيط به الغرف من جهاته الأربع .
كان لبروز الأطراف العلوية للأقبية التي غطت أجزاء من هذا البيت الذي تبلغ مساحته الإجمالية حوالي 2000م مربع تم كشف 1200 م منها في الموسم الأول ، دلالة واضحة على أهميته وقد أكدتها أعمال التنقيب فيما بعد حيث أظهرت أن البناء هو عبارة عن قصر صغير يضم ثلاثة أحواش تحيط بها الغرف المختلفة الإستعمال ، فالمخزن حوى كافة جرار التخزين الطينية والفخارية والخزفية التي إستعملها ساكنوه ، إضافة إلى العديد من المواقد والأفران التي إستعملت للطهي أو للأغرض الأخرى وكذلك العديد من الأحواض التي ربما كانت تستخدم لسقاية الماشية .
عند كشف الجدران بقصد الوصول إلى الأسس تبين وجود طبقتين سكنيتين ، حيث أقيم بيت أحدث عهداً على أنقاض بيت قديم باستعمال بعض حجارة أنقاضة ، ويستدل على ذلك من إختلاف مستوى أرضية البيتين وإختلاف تصميمها ، حيث تتطابق الجدران في بعض الأماكن وتتداخل في أماكن أخرى ، ومن الواضح أيضاً أن البيت المتأخر هو أقل انقاضاً من البيت القديم الذي غطيت أرضيته وجدرانه بطبقة من الجص .
الموسم الثاني للتنقيب 1 ديسمبر 1983 إلى فبراير 1984م :
إشتمل الموسم الثاني على تكملة الجزء المتبقي من البيت الشمالي من الجهة الشرقية والجهة الغربية من مساحته الكلية ، أما المنطقة الوسطى منه تم كشفها خلال الموسم الأول 1983 م .
بعد انتهاء من كشف جميع أجزاء البيت الشمالي ، إنتقل العمل إلى البيت الشمالي الشرقي وإستغرق شهرين تم خلالها رفع كمية من الأتربة والحجارة التي كانت تغطي معظم أجزاء البيت ، وقد ظهرت بوضوح التوزيع العام لهذا لبيت حيث إحتوى على أحواش مربعة ومستطيلة تحيط بها حجرات مستطيلة مختلفة الأحجام ، والجديد في هذا البيت هو وجود برج ناصية مربع الشكل في الزاوية الجنوبية الشرقية وكذلك وجود العامود الدائري ذي القاعدة المربعة خلف الجدار الحاجب للمدخل الجنوبي ، وقد تركت مساحة بقياس 15 في 20م من البيت الشمالي الشرقي من الجهة الشمالية دون تنقيب ، وذلك لإنتهاء الموسم .
الموسم الثالث للتنقيب 1 نوفمبر – 31ديسمبر 1984م :
بعد أن تأكد نجاح الأسلوب الذي سبق وأعتمد في ترميم قبوي البيت الشمالي مع جزء من السور الخارجي للبلدة بطول حوالي 200 م والذي سبق وأن أبتدأ العمل به خلال الموسم الثاني ، كما تم ترميم ما سبق أن كشف من البيت الجنوبي خلال الموسم الأول .
بدأ العمل بحفرية جديدة عند نقطة المساحة جي فايف ضمن أسوار المدينة القديمة في محاولة للوصول على أقدم الطبقات السكنية التي قد تساعد على معرفة تاريخ تأسيس المدينة ، وبالفعل تم التأكد من وجود طبقتين مع أن التنقيب لا يزال على إرتفاع عدة أمتار فوق مستوى سطح البحر مما يزيد من إحتمال وجود طبقات أخرى .
نظراً لأهمية هذا الموقع الذي يعود إلى العصر العباسي ، ونظراً لأن أعمال التنقيب السابقة التي قامت بها كل من البعثة الدنماركية والفرنسية والتي لم تشمل على أن تدعيم أو ترميم فيه مما جعل جدران الموقع تأخذ بالإنهيار فقد إقتضى الأمر ترميم القلعتين المشيدتين الواحدة فوق الأخرى مع كشف أقسام القلعتين التي لم يسبق التنقيب فيها .
المكتشفات الأثرية :
- خاتمان من الفضة - ثلاث عملات فضية عثمانية من عهد السلطان سليم الثالث - قطعة نقد نحاسية تعود لفترة الأمبراطورية البريطانية لشرق أفريقيا - قطعة نحاسية عثمانية مكتوب على أحد الوجهين ضرب في بغداد - عملتان نحاسيتان من فئة ملوية الحسا - العديد من العملات النحاسية الهندية ، جزء منها واضح المعالم - قطعة نحاسية منقوش على وجهها نجمية سداسية يتوسطها كلمة يا رب والوجة الاخر توقيع بخط الطغراء ( عثمانية ) . - جرة كاملة من الفخار لها 3 مقابض عند الفوهه بيضاوية الشكل ذات قاعدة على شكل زر . - طبق متوسط الحجم مصنوع من الفخار المزجج ، به زخارف نباتية على صزرة زهره تتوسط قاع الطبق تخرج منه خطوط تلتقي مع حافة الطبق بخطين دائريين ، وتحصر الخطوط الخارجة من قاع الطبق بينها أشكال مثلثات. - العديد من غلايين التدخيين المزخرفة بعضها بطريقة الحز أو الحفر . - إناء من الفخار صغير الحجم يكاد يكون كاملاً - قنديل صغير من الفخار مطلي بطلاء أخضر . - عدد من الطلقات ( البندق ) مستديرة الشكل مصنوعة من مادة الرصاص . - ملقط من النحاس . - مشط شعر خشبي . - قدور فخارية ببعضها خطوط ملونه . - أغطية من الفخار . - طشت صغير الحجم من الفخار . - مئات من القطع الخزفية ( البورسلين ) بعضها ملاعق والبعض الآخر فناجين صغيرة وأخرى أطباق . - سلاسل صغيرة من النحاس . - أدوات من الحجر ( حجر مسن ومدقة صغيرة لطحن المواد) ملتقطات سطحية . - أوزان حجرية مختلفة. - مدقان من الحجر ( هارون ) . - جرة من الفخار المزجج بيضاوية الشكل . - العديد من المواقد في أرضيات المطابخ .
الترميم
بعد انتهاء أعمال التنقيب في الموسم الأول تبين أن العوامل الطبيعية من حرارة ورطوبة ورياح وأمطار وبناء المدينة بمجملها على أرض سبخة ، إضافة إلى حركة المد والجزر ، كان لها تأثير مدمر على الآثار غير المنقولة حيث بدأت الحجارة الهشة في التنقيب كما تلفت أرضيات الغرف ، وأخذت الطبقة الجبسية التي تغطي الجدران تتهاوى لأن الأمطار غسلت الطبقة الطينية التي تحتها والتي تفصل بينها وبين حجارة البناء . إزاء هذا الوضع عدلت خطة التنقيب للموسم الثاني لتشمل ترميم الأبنية مع أعمال الحفر بإستعمال نفس الحجارة والمواد الطينية التقليدية في الأماكن الظاهرة بينما إستعمل الأسمنت المقاوم للأملاح داخل الجدران والأماكن المخفية لتوقيتها . أما الآثار المنقولة فقد كان يتم ترميمها أولاً بأول حال إكتشافها ، في المختبر الميداني الذي أقيم لهذه الغاية مما مكن فريق التنقيب ليس فقط بالحصول على آوان كاملة أو شبه كامله وانما من التعرف على أشكال الآواني وساعد على تحديد الإستعمالاات المختلفة للغرف التي وجدت بها .