الرينة قرية واقعة في الجليل الأسفل شمال شرقي الناصرة وتقع على سفح جبل سيخ الشرقي البالغ ارتفاعه 574 م عن سطح البحر, عدد سكان القرية بالغ 15900 نسمة، ويعتقد انه كانت موجودة في عهد الرومان وكانت تدعى بـ"راني".
قرية الرّينة ... نُبذة تاريخيّة
قرية عربيّة محاذية لمدينة النّاصرة في الجليل الأدنى ، بُنيت الرّينة على سفح تلّ كان يسمّى تلّ آبل وهو كنعانيّ عربي لا تزال آثار ساكنيه القُدماء موجودة إلى اليوم ، وبهذا تكون الرّينة من أعرق القرى العربيّة القديمة الّتي تأسَّست قبل الميلاد بكثير ، تتكوّن فئة السّكان فيه من طائفتين ، الإسلاميّة والمسيحيّة تربط بينهم أواصر المحبّة والأخوّة والتواصل ، وفيها مجلس محلّي يُنتخب مرّة كل خمس سنوات ويرأسه السيّد جمال زيدان - طاطور . تقع قرية الرّينة على خطّ سيسموغرافي خطير ، ممّا جعلها عرضةً لهزّات أرضيّة عنيفة . ففي سنة 1837 حدثت زلزلة شديدة تسبّبت بانشقاق الأرض وابتلاع بعض النّاس والماشية ، وبعد 90 سنة من هذه الزّلزلة وبالتحديد في 11/7/ 1927 حدث زلزال هائل في فلسطين ، كان أثره مدمّرًا على الرّينة حيث تهدّمت معظم منازلها ، مما اضطرَ قسمًا من الأهالي إلى الإنتقال إلى الحيّ الجديد ، بعد أن قامت حكومة الإنتداب البريطاني بتقسيم الأرض إلى قسائم ، فأقاموا بيوتهم عليها . أسم الرّينة ومصدره : إختلف المؤرّخون في سبب تسمية الرّينة بهذا الأسم ، فمنهم من اعتقد أنه محرّف من راني Rani وهي قرية رومانيّة كانت مبنية على سفح جبل سيخ ، وآثارها موجودة حتى اليوم ، واعتقد آخرون أن التّسمية نسبة لقائد عسكري اسمه رينيه كان موجودا فيها ، وهناك فئه حاولت أن ترجع الأسم إلى الكلمات العربيّة مثل رنا أو ران ورناء وغيرها. لقد قلنا في المقدّمة أن الرّينة مبنيّة على أنقاض بلدة كنعانيّة عربيّة قديمة ، وكما هو معروف فإنّ الكنعانيّين هم من أقدم الشعوب التي هاجرت إلى أرض فلسطين ، وذلك في النّصف الأوّل من الألف الثّالثة قبل الميلاد ، وهم قبائل عربيّة ساميّة ، وقد شيّد الكنعانيّون الكثير من المدن والبلدات وأشهرها "بيبلوس" وهي جُبيل حاليًا و "صيدون" بيروت و "أريحا" و "مجيدو" و "بيسان" و "عين شمس" . ويعتبر الكنعانيّون أقدم الأقوام التي سكنت في فلسطين ، وإليهم يرجع الفضل في تأسيس حضارة فلسطينيّة قديمة ، كما تعتبر لغتهم أقرب اللّغات إلى اللّغة الساميّة ، أي العربيّة القديمة وقد سمَّى اليونان كنعانيّي الشمال بالفينيقيّين ، وعندما سيطر هؤلاء على الحياة السياسيّة والاقتصاديّة لكنعانيّي الجنوب ، طَغَى أسم الفينيقيّين على الجميع إلى أن جاء الفتح الإسلامي سنة 635 م ، فانخرط هؤلاء مع الوافد الجديد. وقد أقام الكنعانيّون حضارة عظيمة ما زالت آثارها منتشرة في فلسطين ولبنان وسوريا ومصر ، ويظهر من هذه الآثار اهْتِمامهم الكبير بالتّجارة والملاحة البحريّة . كما اشتهروا بهندستهم المعماريّة ، وإنشائهم السّدود المائيّة وقنوات جرّ المياه ، وبرعوا في صناعة الخزف والأصباغ ، وكانوا أوّل من اخترع الكتابة ، إذ اكتشف الباحثون في رأس شمرا أقدم أبجديّة في التّاريخ . إن من يتجوّل في جبال الرّينة يشاهد آثار هؤلاء الجدود ، ويلفت نظره كثرة معاصر العنب فيها ، ممّا يدل على وجود الكرمة في أراضي الرّينة بشكل كبير ، وذلك يعني أن السكّان آنذاك تعاطوا الخمرة إلى أن جاء الإسلام وحرّم شربها . لذلك فإنّ البعض يعتقد أنّ الرّينة كلمة عربيّة ، فمعنى الرّينة بالعربيّة الخمرة وجمعها رينات ، خصوصًا إذا أخذنا بعين الإعتبار أن أول من أسّس هذه البلدة هم الكنعانيون العرب . وعليه تكون كل الأسماء الأخرى مثل راني وغيرها مشتقّة من الكلمة العربيّة . مَساحة الرّينة : بلغت مساحة المنطقة المبنيّة في الحيّ القديم من الرّينة 139 دونمًا ، لتكون بذلك ثاني أكبر قرية عربيّة في منطقة النّاصرة بعد يافة ، أمّا مساحة المنطقة المبنيّة في الحيّ الجديد بعد الزّلزال المدمّر سنة 1927 فكانت حوالي 120 دونمًا ، أمّا اليوم فمساحة المنطقة المبنيّة في الحيّ القديم والجديد معًا أكثر من الضّعفين . أمّا مساحة أراضي الرّينة فبلغت 16029 دونمًا . إهتمّ سكّان الرّينة منذ القدم بالأشجار المثمرة ، وكانت البساتين تحيطها من كل جانب كذلك كان الزّيتون يغطّي حوالي 1250 دونمًا ، وكان فيها ثلاث معاصر للزّيت ، أمّا اليوم فقد اقتلعت غالبيّة الأشجار بهدف بناء المساكن مكانها ، وذلك بسبب سياسة التّضييق المجحفة التي اتّبعتها حكومات إسرائيل . سكّان الرّينة : من المعلوم أنه لم تجر إحصائيّات سكانيّة دقيقة في العهد العثماني ، ولكن بعض المصادر تشير إلى أنه كان يسكن الرّينة سنة 1859 حوالي 500 نسمة ، وفي سنة 1912 كان عددهم 1093, نسمة منهم 612 و 472 مسلمًا ، وقد انخفض العدد إلى 787 نسمة سنة 1922, والسّبب الأساسي نزوح قسم كبير من الأهالي إلى المدن المجاورة مثل النّاصرة ، حيفا وغيرها ، أو الهجرة إلى الخارج خصوصًا إلىأوروبّا وأمريكا وكندا . عند احتلال الرّينة في عام النّكبة وبالتحديد في 15/7/1948 كان عدد السكّان فيها 2077 نسمة ، وارتفع العدد إلى 2197 نسمة سنة 1948, وفي سنة 1961 كان العدد 2740 نسمة ، وسنة 1982 حوالي 5000 نسمة ، واليوم إذا أضفنا حيّ بلال المتلاصق تمامًا مع مدينة النّاصرة ، فإنّ عددهم يربو إلى 14000نسمة . عُيون الماء في الرّينة : إشتهرت الرّينة منذ القدم بكثرة عيون الماء فيها ، وبجودة مياهها وعذوبتها ، وميزة بعضها من النّاحية الطبيّة ، وقد جرت مياه هذه العيون منذ العهد الرّوماني القديم إلى قرية صفّورية بواسطة القنوات المبنيّة من الحجارة ، وهذه القنوات تخصّص بها الرّومان الذين اشتهروا بها ، ومنها يستنتج الباحثون أنها رومانيّة الأصل ، وقد استعمل الرّومان في حينه قوانين الفيزياء التي أساسها أن المياه تسير من المرتفع إلى المنخفض ، وعليه فقد جمعوا مياه الرّينة في عدّة مواقع منها ، مثل موقع عيون الجنان في جبل سيخ الذي أقيمت على أنقاض أراضيه المصادرة مستوطنة هار يونا اليهوديّة ، كما جمعت المياه أيضًا في البير الشّمالي وعين البيضا في قنوات اخترقت السّهل المؤدي إلى صفّورية ، وصعدت إلى خزّان مياه فيها بسبب اختِلاف الإرتفاعات ، ذلك أن الرّينة ترتفع عن سطح البحر 320 مترًا بينما قرية صفّورية "القرية العربيّة المهجّرة في عام النّكبة 48" ترتفع عن سطح البحر 275 مترًا فقط . أمّا عيون الماء في الرّينة فهي : القناة : من أهم العيون في الرّينة وأغزرها ماءً ، ولم تكن تنقطع مياهها عن الجريان طيلة أيّام السّنة ، وهي في الجهة الشّرقيّة للرّينة في موقع الوادي الشّرقي ، وقد سارت مياهها في مجرى روماني قديم ، تدلّ آثار الخرب حولها أن المنطقة كانت مسكونة في العصور القديمة . في سنوات الثّلاثين في عهد الإنتداب البريطاني بُنِيَ حاووز ماء في الحيّ الجديد من الرّينة وهو لا يزال موجودًا حتّى اليوم . وحوّلت إليه مياه القناة بواسطة مضخّة ومنه سارت المياه في أنابيب معدنيّة وضعت في أماكن رئيسيّة من القرية حيث كان السكّان يتزوّدون منه . كانت مياه القناة تروي بستان القناة الذي زرع بكافّة أنواع الفاكهة ، وكانت بقربها بركة لتجميع مياه الريّ ، وتعلّم معظم شباب القرية السّباحة فيها ، ومياه القناة كانت المصدر الرّئيسي لعين الرّينة والتي كانت موجودة في موقع "المَراح" بجانب العين التّاريخيّة والقديمة والتي لا يزال بناؤها قائمًا حتّى اليوم ولكنّها مهملة ، مع أن أهميّتها التاريخيّة لا تقدّر ، وهي موجودة بمحاذاة شارع النّاصرة-طبريّا في مدخل الحيّ القديم ، كما أنّ الحاووز الذي كانت تتجمّع فيه مياه القناة أزيل من الوجود لتبنى مكانه بناية المجلس المحلّي . عُيون الجِنان أو عين المَرْجَة : تقع هذه العيون على سفح جبل سيخ ، في الجهة الشرقيّة من الرّينة وهي ترتفع عن سطح البحر حوالي 450 مترًا ، ومياهها كما ذكرنا في السّابق كانت تصل إلى صفّورية عن طريق وادي سالم الذي يمرّ إلى جانبها . يوجد حولها أنقاض أبنية قديمة يُعتقد أنّها بلدة راني المذكورة سابقًا والّتي أخِذَ أسم الرّينة منها كما اعتقد البعض ، لقد صادرت حكومات إسرائيل معظم الأراضي العربيّة في هذه المنطقة ، وأقاموا عليها المستوطنات المُعَدَّة لإستقبال القادمين الجدد من اليهود ، وبذلك يكونون قد حرموا الرّينة وسكّانها من مناطق حيويّة جدًا لتطوّر القرية ، بهدف خنقها والتَّضييق على سكّانها تطبيقًا لسياسات حكومات إسرائيل المُجحفة . عين جِكْلة : تقع في الجهة الجنوبيّة من الرّينة ، بجانب شارع النّاصرة-طبريّا وقريبة من مدخل الحيّ الجديد من الرّينة . مياهها معدنيّة وكانت من أعذب مياه الشّرب في هذه البلاد ، حتّى أنّ الشّاعر الفرنسي "لامرتين" ذكرها في مذكّراته عندما قدم إلى هذه البلاد في حملة نابليون ، حيث قال عنها أنّها أعذب المياه التي شربها في حياته ، وأنّ شربها يُثيرُ الشّاعريّة ، كذلك استعملت مياهها لشفاء بعض أمراض الجلد مثل "الحرارة" فقد كان المُصاب يغتسل بمياهها فيُشفى وهي اليوم شبه مُهملة . عين القطعة : وهي موجودة إلى الشّرق من عين جِكْلة وربّما سُمِّيَت بذلك لأنّ مياهها كانت تنقطع في الصّيف . البير التحتاني : وهو موجود إلى الجنوب من الحيّ القديم للرّينة في موقع "السّدر" ، كانت مياهه متفجّرة وغزيرة ، وكانت تروي مدينة النّاصرة ، حيث نقلت بواسطة المضخّات إلى الحاووز القديم في النّاصرة . إستولت شركة "مكوروت" الإسرائيليّة على هذا المصدر الهامّ للمياه ، وحفرت بجانبه بئرًا مهمًّا للماء تروي بواسطته المنطقة كلّها بما فيها مستوطنتيّ "نتسيرت عيليت"- النّاصرة العليا و"هار يونا" . البير الشّمالي : وهو في الجهة الشّماليّة الشرقيّة للرّينة على الطّريق الرّئيسي من النّاصرة إل طبريّا ، وبسبب قربه من قرية المشهد المحاذية للرّينة ، كان سكّان المشهد يضمنون هذا البير لإستسقاء الماء منه ، وذلك لعدم وجود مصادر مياه فيها . البَصَّة : كانت تقع على الشّارع الرّئيسي النّاصرة-طبريّا إلى الشّرق من البير التّحتاني ، وقد كانت نبعًا صغيرًا يروي بستانًا إلى جانبه ، وقد ردمت بالكامل وأقيمت مكانها بنايات للسّكن . عين الفار : تقع إلى الشّرق من القَناة وتجري مياهها في الشّتاء فقط. عين الخِرْبَة أو عين راني : تقع في الجهة الشرقيّة للرّينة ، وكانت سابقًا غنيّة بالمياه ، ويوجد حولها آثار قناة رومانيّة قديمة ومكانها قريب من ملعب كرة القدم الحالي . عين البيضا أو عين آبل : وهي في الجهة الشماليّة للرّينة ، وكانت في السّابق من أهمّ مصادر المياه التي حُوِّلَت إلى صفّورية . الخِرَبْ في الرّينة : من المعروف أنّ الإنسان في القدم بنى بيوته بالقرب من مصادر المياه ، وبما أنّ الرّينة غنيّة بهذه المصادر فإنّ آثار الأبنية القديمة مُنتشرة في كلّ مكان فيها . أمّا أهمّ هذه الخِرَبْ : تلّ آبل : ويقع في الجهة الشماليّة الشرقيّة للرّينة ، حيث توجد آثار مدينة آبل العربيّة الكنعانيّة القديمة ، وتحتوي على أساسات بيوت ومدافن منقورة بالصّخر ، كما يوجد بقربها وإلى الجهة الشماليّة منها بقايا جدران القناة التي أوصلت المياه من عين البيضا إلى صفّورية . الرّجم العجمي : تقع هذه الخِرْبَة في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من القرية ، وهي مليئة بالآثار التي تدلّ على أنّها كانت مسكونة في العصور القديمة ، وقد حوّلها المستوطنون اليهود إلى مقبرة لمستوطنة "نتسيرت عيليت" والتي بُنِيَت بيوتها على الأراضي العربيّة المُصادَرَة . خِرْبَة المَرْجَة : وهي أنقاض بلدة راني الرّومانيّة التي يظنّ البعض أنّ أسم الرّينة مُشْتَقٌ منها ، وهي موجودة في الجهة الشرقيّة للقرية ، على سفح جبل سيخ المُصادَر بالقرب من عيون الجِنان التي ذكرت سابقًا . خِرْبَة أبو مدوَّر : وهي إلى الجهة الشماليّة الغربيّة للرّينة ، وموجودة على تلّ أبو مدوَّر الذي يرتفع عن سطح البحر حوالي 300 مترًا ، وفيها قطع فخاريّة قديمة ، ومُغور منقورة بالصّخر ممّا يدلّ على أنّ الإنسان سكنها منذ القدم . خِرْبَة القناة : وهي بجانب عين القناة التّي ورد ذكرها سابقًا وفيها آثار أبنية قديمة . إنّ ما يميّز هذه الخِرَب وغيرها أنّها جميعًا وبدون استثناء مهملة ، ولم تجد حتّى الآن من يعرّف النّاس بمجرّد وجودها وأهميّتها ودلالتها ، والّتي تعني قبل كلّ شيء أنّ قرية الرّينة عريقة وأنّ أصلها عربيّ بدون أدنى شكّ ، لأنّ الإنسان الواعي هو ذلك المُدرك لأهميّة التّراث الذي يكوّن حلقة الوصل والإمتداد بين الماضي والحاضِر ، والتّراث هو الجذور العميقة لهذا الشّعب في هذه البلاد وهذه حقيقة ، وإثباتها هو المِحَكّ لكلّ وطني مخلص يعتزّ بإنتمائه لهذا الشّعب في هذا الوطن .
في تموز 1927 السّاعة الثالثة من بعد الظهر، إذ ضربت البلاد هزة أرضية قوية راح ضحيتها أكثر من 500 قتيل وخلفت دمارا كبيرا خصوصا في طبريا ونابلس واللد . أما نصيب الرينة فكان ثلاثة قتلى وعدد غير قليل من الجرحى، هذا عدا الدمار الكبير الذي لحق بالممتلكات والأموال . بعد تلك الحادثة شرع الكثيرون ببناء منازلهم على الجهة اليسرى من الطريق المؤدي إلى الناصرة وأخذت تظهر تدريجيا ما يعرف اليوم باسم " الرينة الجديدة " .وقد تميزت تلك الفترة بهجرة العديد من أبناء الرينة إلى مدينة حيفا.
حتى سنة 1970 كانت في الرينه مدرسه ابتدائيه واحده وكانت غرف مستأجره .وبعد نضال مرير مع السلطات من قبل سكان القريه استطاع الأهل ببناء مدرستين ابتدائيتين وذلك سنة 1970 .وكانت معظم تكاليف البناء من قبل سكان القريه الذين تطوعوا وتبرعوا لبناء المدرستين . وفي سنة 1978 بدأ بناء المدرسه الثانويه وبدأ العمل بها في نفس السنه وكان المبادر لاقامة المدرسه الثانويه الاستاذ علي قاسم حمدان عثامنه وكانت غرف التدريس غرف متنقله ، وخلال 5 سنوات اصبحت هذه المدرسه من أفضل المدارس الثانويه العربيه في إسرائيل .